أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شدن جودي الهلسه - نحتاج ثوره عقليه















المزيد.....

نحتاج ثوره عقليه


شدن جودي الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 5515 - 2017 / 5 / 9 - 09:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قال داروين : الإنسان متكبر لدرجة الإعتقاد بأنه مخلوق بوساطة إله.
نعم كان دارون محقا لأن الكبرياء البشري هو القابع خلف قصة الخلق.. لكن لماذا هذا الكبرياء ؟
...
إن هذا الكبرياء الظاهر في الأساطير البشرية عن آلهة عظيمة تخلق الإنسان يخفي شعور كبير بالدونية و ما قصة الخلق إلا محاولة لإخفاء هذا الشعور بالدونية عن طريق عظمة الآلهة و عظمة الخلق من عدم. بإختصار, البشر واقعين ضحية عملية إلهاء و خداع كبرى للذات ..
....
لا, ليس المقصود هو الأديان .. أو ليس الأديان و الألوهية فقط.. بل و الإلحاد أيضا. في الواقع الإلحاد نفسه هو قضية بلا معنى لأن موضوع الإلحاد هو نفس موضوع الإيمان : الآلهة. و مادامت الآلهة غير موجودة إذن فالتمسك بإنكار وجودها هو بلا معنى بنفس قدر التمسك بإثبات وجودها....
...
صحيح أن الإلحاد هو الإجابة الصحيحة و لكن على السؤال الخطأ : هل الله موجود ؟
فليكن الله موجودا او لا يكون, فلتكن كل الآلهة موجودة أو لا تكون : ما الذي يخصني انا كإنسان في ذلك ؟
....
حتى لو كانت الآلهة موجودة فهي آلهة عاجزة كسيحة أو بعيدة بملايين السنوات الضوئية و ربما تكون ماتت مثل النجوم الميتة.. يعني وجودها مثل عدمه. إن الإلحاد كموقف لا يفيد إلا العلماء على أساس أن كون أنشأه الآلهة يختلف عن كوننا الطبيعي المادي و بالتالي يحتاج العلماء لتحديد ما إذا كانت الآلهة موجودة أم لا قبل أن يشرعوا في بناء تصور عن عالمهم المعرفي. لكن بالنسبة للبشر أجمعين فالموضوع المهم هو الإنسان و حياة الإنسان اليومية و معنى أن يكون المرء إنسانا و ليس الآلهة و أساطير الآلهة....
....
لقد حاول الباحث ان يقوم بتوسيع معنى الإلحاد ليكون رفض الخرافات كلها بدلا من رفض الآلهة فقط.. و لكن تظل نفس المشكلة قائمة فمادامت الخرافات غير موجودة إذن ما اهمية التمركز حولها و صنع هوية من رفضها. بهذة الطريقة فالإلحاد هو عملية إلهاء و خداع بنفس الدرجة و الكيفية التي يكون بها الإيمان عملية إلهاء و خداع....
...
الأجدى هو ترك الموضوع برمته و إهمال سؤال : "هل الله موجود ؟" تماما حتى يسقط لوحده من فرط الإهمال.
لكن إلهاء عن ماذا و لماذا ؟
...
إلهاء عن المشكلة الكبرى : الوجود أو وجودنا .. لماذا نحن موجودين في هذا العالم ؟
الملحد لا يقبل أنه موجود لان الله تحنن عليه و خلقه من عدم و لا يقبل أن تكون رسالته في الحياة هي ملأ فراغ كائن أرستقراطي متكبر هو الله. و لكن الملحد يظل يردد : "الآلهة غير موجودة" و لا يتعرض للسؤال الأهم : "ما هو الهدف من وجودي في العالم مادمت لست أحيا كي أسلي إله يعاني من الوحدة : مادام الإله غير موجود ما هو الهدف من الوجود الإنساني إذن ؟
....
المؤمن أيضا لا يجيب على سؤال : ما هو معنى حياتي او هدف وجودي.
هو يحيل السؤال لإرادة كائن أعظم و أكبر من حيث القدرات و المعرفة و يسميه الله, و لكن هذا لا يبرر وجوده منطقيا و لا يبرر وجود الإله نفسه منطقيا, يعني إذا الإنسان موجود لكي يرضي الإله فلماذا يوجد الإله نفسه ؟
....
السؤال قديم و مستهلك و لكن الإجابة ليست هي المشكلة لأن المشكلة الحقيقية هي في طريقة وعينا بالوجود.
في نظام حياتنا اليومي الذي لم يتغير من آلاف السنين :
محاولة تدبير الطعام و الشراب و الجنس .. البحث عن الوفرة و الامان. الحقيقة هي أننا لم نتقدم على بقية الحيوانات أو الكائنات الحية إلا تقدم كمي و ليس نوعي : كمية الطعام أو حتى نوعيته و كمية الجنس و طبيعته و اوقاته, تأمين المكان الذي نعيش فيه و تحقيق الوفرة للنوع الإنساني و التي لم ننجح في تحقيقها حتى الآن.
....
حتى الآن فإن مشاكلنا الوجودية هي نفس مشاكل أي حيوان آخر رغم كل الحضارة و التقدم و الوهم الذي نعيشه فإن الوجود الإنساني لا يعني شيئا بأكثر مما يعني وجود القطط و الكلاب مثلا. نحن لا نعيش المشاكل الوجودية للإنسان بل للحيوانات حين نسعى فقط خلف الماكل و المشرب و الجنس و الأمن فقط. صحيح أن الإنسان أساسا هو نوع من أنواع الحيوانات و لكن الهوية الإنسانية التي نريد صنعها تفرض علينا أن نرتقي فوق تلك المسائل....
...
لا يمكن أن يكون اكل الحيوانات للحم النيء و اكلنا نحن للطعام المطبوخ بالشوكة و السكينة هو ما يميزنا فقط عن بقية الحيوانات و لكن تلك هي الحقيقة للأسف. الفارق ليس كبيرا لأن وعينا بالعالم لم يتغير منذ نشاة الحضارة, فمازلنا لم نجب عن أسئلتنا الوجودية بعد....
...
في الواقع ان إنسان العصر الحديث بكل فلسفاته و اديانه لم يستطع ان يصنع لنفسه هوية و وجود يختلف عن أي حيوان آخر, نحن لا نختلف في مشاكلنا و وعينا عن أي إنسان بدائي من سكان الكهوف أو حتى أي حيوان آخر. نفس مشاكل الحياة بطريقة مملة و مستهلكة. بل على العكس لقد ضاعفنا مشاكل عديدة من خلال نموذج الحياة العصري لانه من الصعب جدا أن يشعر حيوان بالقلق أو الإكتئاب مثلا و لكن الإنسان يقلق و يكتئب بكل سهولة.
...
لقد راكمنا إنجازات على إنجازات و إختراعات على إختراعات و معارف على معارف و مازالت حياتنا صعبة و بها الكثير من الحزن و التعاسة. تكفي معدلات الجريمة .. تكفي معدلات الفقر .. تكفي معدلات الفساد و تكفي الديكتاتورية الظاهرة و الديكتاتورية المقنعة و العنصرية و الأمراض و العلل التي نحياها...
...
أتصور ان أي قطة تحترم نفسها من الممكن ان تشرب اللبن ثم تنظف جسمها بلسانها و تنام مطمئنة بأكثر من أي إنسان. الإنسان فقط هو من يحمل الهموم و الاوجاع معه دائما و حتى في وقت النوم يحلم بها. فقط هو الإنسان من يعمل اعمالا شاقة و مضنية ساعاتا طويلة و بإرادته....
...
كل هذا و نتصور أن النوع الإنساني نوع متفوق على بقية الحيوانات !!!
أتساءل : كل تلك الحضارة و كل تلك الإنجازات و مازلنا نحزن و نكد و نتعب بأكثر من أي حيوان بري, إذن ما الهدف من حضارتنا إذن و ما الهدف من كل تلك الإنجازات و النجاحات ؟
...
ربما يكون النوع الإنسان متفوق بوعيه لأنه لا يوجد أي نوع آخر إستطاع أن يعرف عن نفسه و عن العالم مثلما يعرف أي واحد منا. لكن هذا الوعي بدائي لدرجة انه يزيد من همومنا و متاعبنا و يجعل حياتنا تعيسة بأكثر من أي نوع حيواني آخر.
نحن محتاجين لثورة إنسانية ..
...
ثورة معرفية نرفض بها الخرافات و الأساطير و نؤكد على الحقائق الجامدة الثابتة التي يعتمدها العلم مهما كانت مهينة لنا او لا توافق اذهاننا. لنعرف حجمنا الحقيقي في الكون و لا ندعي شيئا أو نستسلم للكبرياء الحيواني الساكن فينا....
...
و ثورة مادية في نظم حياتنا لكي نقضي على الفقر و الجوع و الجريمة و البطالة ..
لكن الأهم من كل ذلك هو ثورة روحية و نفسية و قيمية نعيد بها ترتيب أولوياتنا و قيمنا فنعيد تشكيل المجتمع الإنساني ليكون مكانا أرحب و أكثر إتساعا لنا جميعا....
...
محتاجين لثورة الوعي في داخلنا لنكون اكثر إتساقا و إنسجاما مع أنفسنا و مع الآخرين.
إن حكايات الآلهة و الأساطير و حتى التعقيد الموجود في حياتنا اليومية هو عملية قتل للوعي لأن الوعي بأنفسنا و بالعالم يتعبنا و يؤلمنا. انها أشد أنواع المازوخية قسوة و صرامة. نستمتع بإيلام أنفسنا و زيادة مصاعب الحياة علينا لكي لا نجد أنفسنا وجها لوجه مع عالم غريب علينا لا نعرف عنه شيئا....
...
نحن سجناء لتصواراتنا .. لاوهامنا .. لخيالاتنا.
تكويننا النفسي بدائي و لا يستطيع أن يجاري تطور عقولنا.
العقل البشري يتطور بمعدل أسرع من التكوين النفسي للإنسان و هو ما يتسبب في إزدواج عميق للشخصية. العقل يهتم بمسائل جامدة تكمن في طبيعة الحياة و تفاصيل الحضارة التي نعيشها : من مشاكل في العمل لمشاكل مالية لمشاكل إجتماعية بينما التكوين النفسي مازال بدائيا لا يختلف عن أي حيوان آخر.
مازلنا نشعر بالغيرة و الحقد و الإحباط و الإكتئاب و الحزن و الكبرياء و الطمع و .. و ...
عقول كبيرة بنفسيات معقدة و بدائية....
...
بالعقل تعرفنا على أنفسنا و على العالم و بالعلم تعلمنا الكثير و أبدعنا الكثير و لكن نفوسنا المريضة تأبى أن تصدق حقيقة وجودنا. بالعلم عرفنا أن كل واحد منا هو حيوان فاني آخر, ذرة تراب في كون موحش لا نهائي. عمر حضارتنا و وعينا الجمعي لا يتجاوزان بضعة آلاف من السنين بينما عمر كوننا الحالي 13.7 مليار سنة. و بحسب نظرية الأوتار فهناك إحتمال أن الكون أزلي أبدي و أن الإنفجار الكبير الذي صنع كوننا قد حدث كثيرا قبل ذلك و سيحدث كثيرا بعد ذلك. يعني الكرة الأرضية بما عليها من كائنات حية ذكية و غبية هم حدث طارئ في عمر الكون و صدفة حمقاء بلا معنى....
....
هذا عن الكرة الأرضية و الإنسانية عموما : فما بالنا بقيمة الإنسان الفرد الواحد منا ؟!!!
بالتأكيد قيمة تافهة و من الممكن تقريبها إلي صفر بدون خطأ كبير ..
لكن إذا كان هذا هو منطق العلم الجامد و البارد فما معنى الحياة و لماذا نعيش ؟
و هل الحل هو في الرجوع للخرافات البدائية لكي نريح نفوسنا المتعبة المعقدة و كبريائنا المسفوك على مذبح العلم ؟!!
الإجابة هي لا كبيرة ..
....
لا يمكننا تأجيل الإجابة على تلك الأسئلة إلي الأجيال القادمة ثم التي بعدها فالتي تليها ..
و لا يمكننا أن ننتحر جميعا و نخسر فرصة الحياة و السعادة و المعرفة و التأثير و .. و ..
و من يعلم ماذا أيضا سنخسره بالموت.
على الأقل الموت آت بلا ريب فلماذا نستعجله بدلا من محاولة ان نسعد في حياتنا و نسكتشف تلك الحياة الغريبة التي نحياها. إن فكرة الحياة هي فكرة حمقاء تماما و لكن فكرة الإنتحار ليست أقل حمقا بل على العكس هي تجعل الواحد يخسر فرصة عظيمة لتحقيق أي شيء....
....
إن السؤال عن قيمة الإنسان أو الحياة هي أسئلة كئيبة و السائل قليل الثقة بنفسه او تعيس في حياته أو كليهما معا, و ذلك لأن تلك الأسئلة طريقها مسدود و إجابتها ربما لا تكون موجودة في هذا الزمان أصلا.
ربما نحتاج لفتوحات علمية اخرى لنعرف أكثر و نتعلم أكثر ..
ربما نحتاج لفلسفة جديدة لتعلمنا كيفية التعاطي مع الحياة ..
ربما كانت الإجابات محتاجة لادمغة أذكى من ادمغتنا ..
ربما علينا أن نطور في مستوى الذكاء البشري عن طريق الهندسة الوراثية أو ربط الدماغ بالكمبيوتر أو كليهما معا.
ربما علينا التحول إلي أنصاف بشر و أنصاف آلات أو حتى روبوتات بالكامل لكي نكون أذكى و نعرف اكثر....
....
بل ربما علينا ان نجد طريقة لتطوير قدراتنا النفسية و الروحية لكي نستطيع أن نتقبل الحقائق بل و حتى نستطيع أن نعدل في حقائق الكون من حولنا و بداخلنا.
لكن من المؤكد أن الإعتماد على الآلهة و اللجوء للخرافات البدائية لن يحل شيئا ..
و حتى التمسك بإنكار الآلهة و الخرافات يلهينا عن مشاكل الحياة الحقيقية, المشاكل الإنسانية أو المشاكل الوجودية.....
...
الآلهة و الأديان لا تستحق منا إلا أن نطرحها خارج أذهاننا في أقرب حاوية قمامة او حتى مدفن صحي و لا نعود نعبث في تلك الفضلات مرة أخرى ربما إلا من أجل تحليلها كما نحلل البول مثلا.....
....
لكن الفخر و التمسك بالإلحاد وحده يشبه فخر الطفل بأنه لم يعد يصدق في وجود العفاريت أو سانتاكلوز ..
الإلحاد هو مسألة بديهية لا تستدعي أي فخر او مباهاة و غير الملحدين هم مرضى نفسيين قبل أن يكونوا عقليين....
....
إن رفض الإلحاد راجع لأسباب نفسية منها مشاعر الكبرياء و الإحباط و عدم الشعور بالأمان و المعنى ..
الإيمان لا علاقة له بالعقل و بالتالي أي مجادلة عقلية مع مؤمن هي بلا طائل أساسا, المؤمن واقع في غرام الأساطير الإلهية و يرفض النضوج و مواجهة الواقع المؤلم الموحش و لذلك يتمسك بالبقاء في الحظيرة الإلهية بدلا من الضياع في دنيا الحقيقة. كان فرويد محقا حين قال ان الدين يشبه العصاب الطفولي.....
.....
الإلحاد لا يستحق من المرء اكثر من قرار في لحظة .. أكثر من لحظة يعني أن الإنسان متردد و خائف و لا يقوى على مواجهة مشاكل ما بعد الإلحاد. عموما لا عيب في الخوف و التردد و لكن الخوف و التردد يحطمان النفسية البشرية تحطيما. و مشاكل ما بعد الإلحاد تحتاج لنفسية قوية و ثقة عالية بالنفس.....
.....
لكن الإلحاد حين يأخذ وقتا طويلا يجعل الإنسان متدينا مثل أي مؤمن آخر, فالملحد يجب أن يواجه المشاكل الوجودية التي يكشف عنها الإلحاد حتما و إلا صار مدعيا و منافقا.
إن لقب ملحد لا يعني أي شيء ..
.....
الآلهة هي خرافات لدرجة أن الإستغراق في التفكير فيها و في مدى صحتها هي حماقة لا تغتفر. و أن يستمد المرء هويته من إنكارها يعني انه يستمد هويته من الفراغ أو العدم. فالإلحاد موقف وجودي و قرار فردي لا يستحق أكثر من لحظة أما الإكتفاء بالإلحاد فهو حماقة أكبر من حماقة الإيمان بالخرافات.
الإلحاد وحده لا يكفي لأنه ليس شيئا.
.....
يجب أن يطور المرء من عقله و وعيه و نفسيته بطريقة تجعله يتعامل مع مشاكل الحياة اليومية بفكر جديد و بوعي أكبر. على الملحد ان يوقف البحث عن الآلهة و يقتل الشك بداخله ليهتم بالمشاكل الكبرى القابعة في إنتظاره.
الشعور بالإكتئاب و الفراغ العاطفي و النفسي و الروحي بالإضافة للشعور بالتفاهة و العدم و اللامعنى هي أعراض طبيعية لصدمة الوعي بالوجود. و كلما تنامى الوعي كلما أقلق صاحبه و أرقه.....
....
إن الخرافة تعطي للمرء وهم بالهوية و وهم بالمعرفة و وهم بالمعنى لذلك فالتحرر من الخرافة يجعل المرء عريانا كطفل خرج للتو من رحم أمه. فجأة يكتشف المرء أنه بلا هوية و بلا معنى. فجأة يكتشف أن عليه أن يصنع لنفسه هوية و أن يجعل لحياته معنى.
الأسئلة الوجودية تفرض نفسها على كل إنسان واعي :
من انا ؟ لماذا أنا هنا ؟ كيف أجعل لحياتي معنى ؟
.....
أما أساليب التشتيت و الإلهاء فيجب أن نتخطاها حتى نصل لتلك الأسئلة المهمة.
الخرافة توهم المرء بالمعرفة, تجعل الواحد يتصور أنه يعرف من هو حقا و لماذا هو هنا بل و حتى تجعله يتخيل أن لحياته معنى من تلقاء نفسها دون تعب او كد منه.
الأسئلة المهمة التي لا نسألها ليست هي :
ماذا آكل اليوم ؟ او كيف أدبر المال لشراء كذا ؟ أو ما هي الملابس التي تجعلني أبدو وسيما او جميلة ؟ و ليست حتى كيف اطور من عملي لكي أكون أغنى ؟ و هي ليست بالتأكيد هل الله موجود أم لا ؟
......
كل تلك الأسئلة هي بغرض الإلهاء و تشتيت الإنتباه ..
مشاكل الحياة و تعقيداتها يشغلنا عن الأسئلة الأهم :
كيف أحقق ذاتي في الحياة ؟ كيف يمكن أن أحصل على حب حقيقي و أن أحتفظ به أطول فترة ممكنة ؟
.....
كيف أصنع من حياتي قيمة و معنى ؟ ما هو الشخص الذي أريد أن اكونه ؟ ما هي القيم المهمة في حياتي ؟
.....
أما إذا درنا في فلك التفاصيل التافهة و الأمور الصغيرة فمن الطبيعي لو عانينا من الكآبة و الحزن و الفراغ و اللامعنى بدون أن نعرف السبب حقا. لا نعرف السبب لأننا لا نفكر فيه.
إلهاء متواصل عن عيش الحياة الحقيقة .. و عن مواجهة المشاكل الحقيقية.
خلق مشاكل من تفاهات و تضخيم أحقر الأشياء.
....
و نظل ندور و ندور دون أن نصل إلي شيء و حتى يدركنا الموت ليموت الواحد كاي حيوان آخر....
.....
و الوهم الحقير هو اننا نظن أنه لمجرد كوننا بشر فهذا يعني أننا نستحق و سنبعث أحياء بعد الموت و بدون أي مجهود منا و لمجرد كون المرء بشريا....
.....
لمجرد كون المرء بشريا فهذا يعني أنه محور إهتمام الآلهة و المجرات الكونية.
لمجرد كون المرء بشريا يعطيه الحق في الكثير من الكبرياء الزائف و الوهم الباطل.
كل شيء في طبيعة الحياة التي نحياها غرضه الإلهاء, حتى مشاكل الحياة اليومية هي بهدف إلهاءنا و دعم إستمرارية حياتنا. يعني نحن نستطيع القضاء على الفقر و نستطيع ان نصل إلي درجة هائلة من الرفاهية و الرخاء لنا جميعا و لكن كيف ستكون الحياة وقتها ؟
فراغ و ملل و ضياع بلا معنى مثل الكثير من الأغنياء في الدول المتقدمة و الذين يجدون العالم عند اطراف أصابعهم.....
.....
إن المرء لن يفكر في معنى وجوده او حياته إلا لو تعرض لحادثة قارب فيها على الموت مثلا ..
حينها يمر شريط حياته أمامه بسرعة و يقفز لذهنه السؤال : هل عشت حياتي جيدا ؟
هل شبعت من الحياة ؟
هل إستغليتها أفضل إستغلال ؟...
......
ربما على كل واحد منا أن يواجه الموت ليعرف أهمية حياته و أهمية إستغلالها و حسن التصرف فيها. ربما عليه أن يواجه الحقيقة لكي يعرف ذلك أيضا أو ليعرف كيف يكون إنسان حقا أو إنسانا أصيلا.....
......
الإنسان الأصيل هو الذي يحقق ذاته و يعرف هويته و يصنع لحياته معنى ..
أما من يختبئ خلف الخرافات أو يلهي نفسه بمشاكل الحياة اليومية فهو لن يعرف أبدا كيف سيكون شكله و طبيعة حياته لو أصبح إنسانا في يوم من الأيام, سيخسر كثيرا في الحقيقة.
إجابة الأسئلة الوجودية ليست رفاهية و التكبر عليها أو الإختباء منها ليس حلا. ربما علمنا الإلحاد ما هي الإجابات الخاطئة لكنه لم يعلمنا ما هي الإجابات الصحيحة. و لهذا كانت المذاهب الملحدة هي طرق و أساليب للإجابة و لهذا كان على الملحد ان يبدأ بحثه الجاد فيها و في غيرها بل و ربما عليه أن يبدع مذاهب لا خرافية أخرى.
الإلحاد هو بداية البحث و ليس نهايته ..
......
من يتوقف عند الإلحاد يتوقف في اول الطريق لأن رفض الخرافات الدينية و الأساطير الألوهية يحرر المرء فقط من منظومة معرفية قيمية غرضها تشتيت الإنتباه و إلهاء المرء عن حياته و وجوده......
....
الإلحاد يخرج المرء من تلك المنظومة و يتركه عاريا ليبدأ البحث منذ البداية .. من نقطة الصفر.
و من الصفر يجب أن نبدأ.



#شدن_جودي_الهلسه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شدن جودي الهلسه - نحتاج ثوره عقليه