|
من أخطأ ؟
صيقع سيف الإسلام
الحوار المتمدن-العدد: 5514 - 2017 / 5 / 8 - 19:53
المحور:
الادب والفن
-" من منا المخطئ في نظرك ؟! " -" هل ستصدقني اذا قلت لك .. لا احد " -" لا احد.. هذه اجابة فارغة. لنعد دراسة الوضع جيدا ربما ندرك مكمن الزلل.. كلانا قرأ ما وراء الخير و الشر ؛ لكن انت قلت انه لا ينفي مطلقية القيمة في حين انا قلت بأنه ينفيها.. انه كتاب واحد ؛ بالرب الرحيم قل لي كيف اختلفنا برؤية متناقضة!!! " -" صف لي الحالة التي كنت فيها و انت تتدارس الكتاب " -" هل تسخر مني هاه!!!! .. ما نفع سؤالك ؟ " -" أجبني.. سوف تعلم في النهاية فلست ذاهبا لأي مكان "
-" انت غريب حقا.. على أية حال.. دعني اتذكر فقد قرأت الكتاب على دفعة واحدة. كم اكره المطالعة المقسمة... نعم اذكر اني كنت بجانب النافذة ؛ شيء من اشعة الشمس يصيب شعري ؛ طبق من الارز بجانبي فقد كان وقت غداء ؛ و لا أنسى طبعا القهوة بدون السكر فأنا احبها كذلك... ايضا قطعة موسيقية عبارة عن موجات الفا لتساعدني على التركيز ؛ و لم يتعكر مزاجي الا بدخان حافلة الحي المهترئة التي مرت من امام نافذتي ... اظنني استنشقت شيئا. هذا كل شيء على ما اعتقد "
-" اسمع اذن.. اشعة الشمس حالت دون تدفق الميلاتونين في جسدك مما سبب لك تشوشا قليلا في القراءة فغابت عنك افكار بعض الصفحات حيث فاتك فهمها بعمق ؛ الارز مدك بسكريات النشا جاعلا نصف دماغك الايمن يعمل بفعالية أفضل في التخيل و التصورات العاطفية غير المنطقية مما جعلك تعالج صفحات الكتاب بعاطفتك دون عقلانية تعرف بها مقصود المؤلف... صحيح انك كنت تقرأ صفحات نيتشه لكنك كنت تترجمها لافكارك انت ؛ لتعتقد في الاخير ان مقصود المؤلف هو تلك الافكار التي كانت ملكك اصلا ..كافيين قهوتك اعطاك نشاطا زائدا في دماغك فكنت تسهو مع فكرة في الصفحة 56 ؛ تعالجها باحلام اليقظة حتى تجد نفسك في الصفحة 89 غير عالم بالافكار التي جمعتها الصحائف 33 الوسيطة ؛ بل اسوأ من ذلك فعقلك اللاوعي يربط مباشرة بين فكرة الصفحة 89 و فكرة الصفحة 56 ؛ مما يخلق عندك فكرة مشوهة لم يردها المؤلف بدءا في حين تجزم انت ان ذاك هو مراد الكاتب... القطعة الموسيقية لم تكن اقل تأثيرا على جعل اسقاطاتك لافكار الكتاب خاطئة و مبعثرة ؛ حيث أججت عواطفك بطريقة تغفل عنها مبعدة التصور الموضوعي عنك ؛ فاذا افترضنا ان لوحة لفنسنت فاخ كانت امامك و انت تقرأ لنيتشه ... حينذاك سيتأثر عقلك اللاوعي باللوحة و كون فنسنت فاخ من انصار العدمية و العبثية سيجعل ذلك عقلك الباطني يأخذ افكار المؤلف في اتجاه العدمية و العبثية من غير شعورك بما يحدث ؛ ثم في النهاية تنسب لامطلقية القيمة لصاحب كتاب ما وراء الخير و الشر ... بل ان تاثير لوحة فنسنت فاخ عليك سيكون أقوى مع استنشاقك لدخان الحافلة المملوء بغاز الكربون الذي سيساهم في تقليص حجم وعيك بشكل كبير و معتبر ..."
-" هاهاها.. معلوماتك العلمية سخيفة.. الحمد لله نحن وحدنا و الا لكنت اضحكت العالم علينا.. " -" ارى انك دخلت في حالة هستيرية من مصيبة ماذا سمعت.. هاه "
-" برغم اخطائك العلمية لكني فهمتك.. ان ما تقوله مرعب.. هذا يفسر كثيرا من الاشياء.. لماذا ينظر بعضهم للكتاب المقدس على انه عظيم و ملهم ؛ في حين بعضهم يراه غير ذلك.. يفسر كيف اختلف الناس في مكيافللي مثلا ؛قسم جعله شخصية واقعية و اخرون شريرا لئيما.. كيف جعل بعضهم دستويفسكي اديبا عالميا في حين فضل بعضهم عليه احلام مستغانمي.. لم ادري انه بإمكان الأرز ان يملك خطورة بهذا الحجم.. "
-" هناك المزيد... ان الامر ليس منوطا فقط بتلك اللحظات التي تجلس فيها مع كتاب ما وراء الخير و الشر ... ان كل حادثة قبلها كانت مؤثرة ايضا.. " -" يا إلهي!! .. هل تقصد ان مجادلتي مع البواب حول راتبه الذي تأخرت قليلا في سداده إياه ؛ و سرعتي في صعود الدرج لشقتي.. و.. و... و... مستحيل!!! .. ممكن ؟؟؟؟ .."
-" نعم.. كل ذلك أثر في قراءتك لكتاب ما وراء الخير و الشر . ان مجادلتك لتأخير راتب البواب اذا اردنا ان نصنفه لأي الجهتين هو أميل.. هل مطلقية القيمة او لامطلقية القيمة... حتما تأخيرك هو ميل نحو اللامطلقية ؛ فأنت لاشعوريا كنت تتمنى تأخيرك في دفع الراتب ان يكون قيمة نسبية ؛ فلا ريب ان قراءتك للكتاب ستكون مسبوقة باحساس يدعم النسبية ارضاءا لرغبة تأخير سداد الراتب... و حتى صعودك السريع للدرج مؤثر ؛ فارتفاع ضغط الدم ينقص من الوعي و في هذه الحالة هو وقود اضافي لتأخير سداد الراتب و أعمق من ذلك هو وقود اضافي لارضاء رغبتك في نسبية تلك القيمة ... هل رايت!!! "
-" ان هذا يلغي ثقتي بكل قناعاتي. تبا لك.. برغم اخطائك العلمية السخيفة لكن فكرتك مخيفة!!! .. انتظر.. انتظر.. بما انك تفطنت لهذا فلا شك ان بيدك جوابا يحل اللغز ؟؟؟ ..." -" كنت متأبطا وسادتي و انا اقرأ الكتاب.. كان هناك صخب قليل من الجيران أفقدني سكينتي امام صفحات قليلة ؛ عالجته بلحن موسيقي حماسي بعد ان اطفأت الضوء.. نعم.. نعم.. اذكر ذلك بوضوح و قبل ذلك كنت اشاهد تضحية عمر المختار الليبي من اجل قيمة الحرية.. قيمة الحرية المطلقة.. هكذا رددت مع نفسي في هدوء يحمل دموعي النازلة.. " -" اذن انت مثلي.. تأثرت كذلك مما يعني انك تجهل جواب هذا اللغز. .. تبا لك مرة أخرى.. أفقدتني ثقتي في قناعاتي "
-" هل فهمت لماذا قلت لك انه ليس بيننا مخطئ؟!! " -" نعم ادركت ذلك.. و الاسوأ ربما كلنا مخطؤون "
-" على الاقل سنتعلم التواضع و التمهل "
-" نعم هو ذاك .. التواضع "
#صيقع_سيف_الإسلام (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاحتواء
-
حفيد شوبنهاور
-
كيف أصبحت ملحدا ؟
-
المحاكمة
-
الزنزانة
-
المنزل السعيد
-
ولادة إنسان
المزيد.....
-
موت يعقوب ح 163… مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 مترجمة على قنا
...
-
الإعلان 2 حصري ح 163.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 163 على ATV
...
-
لأول مرة تقام في الكويت.. نجوم مصريون يحيون -ليلة النكد-
-
فيديو.. تعرف على المكان الذي شهد إحياء اليعازر بالقدس
-
بعد صمت طويل.. نجمة الأفلام الإباحية تعلق على إدانة ترامب
-
فنجان حبر مع المنصف المرزوقي
-
بموسيقى مرعبة.. ابتسامة بايدن تتحول لحملة دعاية لصالح ترامب
...
-
نجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانييلز -لم تنبس ببنت شفة- بعد
...
-
-يجعلني بأفضل حالاتي-.. شاهد ما قاله الكاتب والكوميدي بيل ما
...
-
ناشطة بيئية تضع ملصقا احتجاجيا على لوحة (حقل الخشخاش) لكلود
...
المزيد.....
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
المزيد.....
|