أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أميلكار كابرال - نحو النصر النهائي















المزيد.....

نحو النصر النهائي


أميلكار كابرال

الحوار المتمدن-العدد: 5514 - 2017 / 5 / 8 - 09:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    




أميلكار كابرال
تعريب: علــي عامــر(*)
تخلّف البرتغال، هو أحد أهم ميّزات هذا الاستعمار في بلادنا وفي باقي البلاد، فاقتصادها واجتماعها وثقافتها رجعية، مما يعني رجعية التطوّر الاقتصادي في بلادنا، رجعية تطوّر الشعب ثقافياً، مما يخلق ظروفاً خاصّة للتطوّر السياسي في بلادنا. لست بصدد ذكر جوانب الاستعمار البرتغالي الأخرى، ولكنّي أريد الإشارة إلى أنّه رغم دور تخلّف البرتغال في السماح للأوروبيين والأفارقة التعايش سوياً (وهذا ما لم يحدث مثلاً في المستعمرات الإنجليزية)، إلّا أنّ المستعمرين البرتغال، في كثير من الأحيان بسبب جهلهم، وأحياناً بسبب معلومات خاطئة، وفي الأغلب بسبب حاجتهم للهيمنة، أظهروا غياباً كاملاً لإحترام وإعتبار الشخصية الأفريقية والثقافة الأفريقية. يكفي على سبيل المثال، النظر إلى امتلاء أوروبا (بشكل رئيسي فرنسا، بلجيكا، انجلترا) بالأعمال الفنيّة الأفريقية، مما فتح الطريق لمعرفة عالمية بإمكانيات الشخصية الأفريقية، ثقافتها بشكل عام، نظراتها الدينية والفلسفية، بكلمات أخرى، الطريقة التي يواجه بها الأفريقي حقيقة عالم ذو واقع كوني. في البرتغال لم يحدث شيء من هذا. إمّا بسبب جهل المستعمرين الذين أُرسلوا لبلادنا، أو بسبب غياب إهتمام المثقفين، فالبرتغاليون لم يعرفوا الأفارقة، حتى لو قَدِموا من الدولة الأوروبية صاحبة أكثر مستعمرات في أفريقيا.
لذا وكنتيجة لنضالنا، ومواجهتنا لهم، أدرك البرتغاليون أننا لسنا كما افترضوا، واكتشفوا أفريقيّ لم يتخيلوه أبداً. تلك كانت إحدى المفاجآت التي صدمت العدو في خضمّ كفاحنا ضده.
قبل إطلاق الكفاح المسلح، قررنا إنشاء منظمة أفريقية. في عام 1954 بدأنا بخلق منظماتٍ ترفيهية، حينها كان من المستحيل اكسابها صفة سياسية. تنبع أهميّة ذلك، ليس من ضرورة إنشاء تلك المنظمات فحسب، بل من عدم سماح المستعمرين بذلك، مما أظهر بوضوح لشبابنا المتحمس للفكرة، أنّ كل شيء محرّم على الأفارقة الخاضعين للبرتغال.
بعد تأسيس الحزب عام 1956، شهد عام 1959 حدثاً مهماً، حيث اقترف البرتغال مجزرة "بيجيغيتي"، التي ألهبت سخط واستياء جميع سكّان غينيا وكابوفيردي. تلك كانت لحظة حاسمة وفارقة، لأنّها كشفت خطأ المسار الذي يتبعه حزبنا، وافتقاره للخبرة.
في تلك الفترة, لم يكن يدرك الحزب أيّ شيء مما يحدث حوله في العالم، وكنّا مجبرين على التقدم على أسس تجريبية. لم أتعرّف على أعمال ماو تسي تونغ حتى عام 1961. افتقارنا للخبرة دفعنا للإعتقاد بإمكانية النضال في المدن من خلال الإضرابات وما إلى ذلك، إلّا أننا كنّا مخطئين، وواقع تلك اللحظة، كشف لنا استحالة ذلك.
في أيلول 1959، بعد شهر ونيّف من مجزرة "بيجيغيتي"، عقدنا مؤتمراً سريّاً في بيساو، مما شكل منحنىً جديداً كلياً لشكل نضالنا. شرعنا في إعداد أنفسنا للكفاح المسلّح وقررنا العمل داخل الريف. رفائيل باربوسا، رئيس الحزب، كان أوّل من غادر إلى الأدغال، لتعبئة الناس، وبناء أعضاء جدد للحزب. أهالي المدن من عمّال وموظفين وغيرهم، تركوا حاجيّاتهم وتوجهوا إلى الأدغال لتعبئة الناس.
لاحقاً, قرر الحزب، استغلال وجود دول مستقلة، على الأقل دولة مستقلة واحدة من دول الجوار. العوامل الداخلية هي الحاسمة، ولكن من الخطأ إغفال العوامل الخارجية. حقيقة أنّ جمهورية غينيا مجاورة لنا, مكنّت حزبنا من زراعة بعض قيادتنا بشكل مؤقت هناك، مما منحنا إمكانيّة تأسيس مدرسة لإعداد الناشطين السياسيين. كان هذا حاسماً في نضالنا. في عام 1960، أسسنا مدرسة سياسية في كوناكري, في ظروف سيئة جداً.
المقاتلين من البلدات من أعضاء الحزب، كانوا أوّل من تلقّى التعليم السياسي وتدرب على كيفية تعبئة طاقات شعبنا للكفاح. بعد تجنيد الرفاق من المدن، قام أعضاء الحزب بتجنيد الفلاحين والشباب (بعضهم جاء مع أسرته كاملة). عشرة أو عشرون أو خمسة وعشرون, التحقوا في التدريب للدورة الواحدة، والتي تمتد لحوالي الشهر أو الشهرين. خلال تلك الفترة، التزموا ببرناج تعليمي مكثّف، كنا نتحدث معهم, حتى يداهمنا المساء وقد بُحّت أصواتنا تماماً. ممكن لبعض كوادر الحزب أنْ يشرحوا لهم الوضع, ولكنّا ذهبنا أبعد من ذلك. كان أداؤنا في تلك المدرسة كما المسرح، تخيّلنا تعبئة الناس إلى تابانكا، آخذين بعين الإعتبار الخصائص الاجتماعية، والتقاليد، والدين، وكل أعراف أهالينا الفلاحين.
في سياقٍ متصلٍ، أرغب بتوضيح نقطة عن وضع ريفنا. نحن نستخدم لفظ فلاحين، ولكن هذا اللفظ إشكاليٌّ بحد ذاته. فالفلاح الذي حارب في الجزائر أو الصين ليس نفس الفلاح في بلادنا.
ففي بلادنا، لم يصادر المستعمر البرتغالي الأرض، بل سمح لنا بزراعتها. لم يؤسّس شركات زراعية على النمط الأوروبي كما فعل المستعمر في أنغولا، عبر تشريد مجموعات الأفارقة من أجل إسكان الأوروبيين. لقد حافظنا على بنية أساسية تحت الإستعمار، الأرض كملكيّة مشتركة للقرية، للمجتمع. هذه ميّزة مهمة لفلاحينا، الذين لم يتعرضوا للإستغلال المباشر من المستعمرين، فقد جرى الإستغلال من خلال التجارة, من خلال الفرق بين الأسعار والقيم الحقيقية للمنتجات. هنا يحدث الإستغلال، وليس في خضم العملية الإنتاجية كما يحدث في أنغولا مع العمّال الأجراء وموظفي الشركات. مما شكّل صعوبة خاصة في نضالنا، صعوبة شرح حقيقة أنّ الإستغلال يحدث من داخل البلاد وتوضيحها للعمّال.
إخبار الشعب، أنّ "الأرض ملكٌ لمن يفلحها"، لم يكن كافياً لتعبئة الشعب, لأننا نمتلك من الأرض أكثر من الحاجة, هناك كل ما نحتاجه من الأراضي. يتوجّب علينا اكتشاف معادلة مناسبة لتعبئة الفلاحين، عوضاً عن استخدام عبارات لا يفهمها شعبنا. لن نتمكن أبداً من تعبئة شعبنا ببساطة على قاعدة الكفاح ضد استعمار الخالي من الأثر. الحديث عن النضال ضد الإمبريالية غير مقنع بما فيه الكفاية. كبديل، قمنا باستخدام لغة مباشرة يفهمها الجميع:
"لماذا تتوجه للنضال؟ ما أنت؟ ما هو والدك؟ ماذا حدث لوالدك حتى الآن؟ ما هو الوضع؟ هل تدفع الضرائب؟ هل دفع والدك الضرائب؟ ماذا رأيت من هذه البضائع؟ كم تحصل مقابل الفول السوداني الذي تنتجه؟ هل تفكّرت بالمقدار الذي ستحصله بدل فولك السوداني؟ كم كلّف عائلتك من العرق؟ من منكم تعرّض للإعتقال؟ ستذهب للعمل في تعمير الطرق: من سيوفر الأدوات لك؟ أنت ستوفرها. من سيوفر وجبات الطعام لك؟ أنت ستوفرها. ولكن من سيسير على الطرق؟ من يملك سيارة؟ وماذا عن أختك التي تعرضت للإغتصاب، هل أنت سعيد بذلك؟"
في تعبئتنا الجديدة, تجنّبنا كل العبارات التعميمية والمقولبة. تعمقنا في التفاصيل، ومن أجل تجهيز شعبنا لهذا العمل, دفعناه لترداد العبارات عدة مرات. هذا جانب بنظرنا على قدر كبير من الأهمية في حالتنا الخاصة، لأننا بدأنا من الواقع الملموس لشعبنا وأهلنا. حاولنا تجنيب الفلاحين الشعور بأننا دخلاء, أتينا لتعليمهم كيف يقوموا بالأشياء، تصرفنا كمن جاء ليتعلم مع الفلاحين، وفي النهاية، يستنتج الفلاحون بأنفسهم لماذا آلت أوضاعهم إلى هذا الدرك. جاءوا ليفهموا حجم الإستغلال الضخم الموجود، وأنّهم هم أنفسهم من يدفع لكل شيء، حتى أرباح سكان المدن. تعلّمنا من خبرتنا ضرورة أنْ يجد كل شعب معادلته الخاصة للتعبئة والتحشيد للكفاح، وعلمتنا التجربة أيضاً، أنّ دمج الفلاحين بالكفاح, بحاجة للصبر وطول النفس.
سياسة حزبنا فيما يتعلق بالمسألة القَبَلِيَّة خرجت بنتائج جيدة جداً. تجنبنا أي عداءٍ للأديان أو لعلاقات شعبنا مع الطبيعة الناتجة عن التخلّف الاقتصادي.
ولكننا عارضنا بكل حزم كل ما يعارض الكرامة الانسانية. نحن فخورون بعدم منع شعبنا من استخدام التمائم والأوثان وأشياء من هذا القبيل، والتي نسميها (ميزينها). فمنع ذلك سيكون سخيفاً وخاطئاً تماماً. أفسحنا المجال لشعبنا ليكتشف بنفسه، من خلال نضاله، أنّ أوثانه لا فائدة منها. بكل سعادة، نقول اليوم، أنّ الأغلبية أدركت ذلك.
إذا احتاج المقاتل بدايةً مساعدة من الميزينها، سيكون لديه واحدة قريبة منه، ولكنّه يفهم تماماً، ويعلّم الآخرين أنّ أفضل ميزينها هي الخندق. نُعلن أنّ هذه المرحلة من النضال، ساهمت في التطوّر السريع لشعبنا، وهذا مهم جداً.
أسسنا قواعد عصاباتنا المسلحة قبل بدء الكفاح المسلح. قواعدنا الجنوبية كانت في مناطق كوبوكار، إندجاسّان، كوينيرا، غامبارا، كوتافيني، وسوسوسا. في الشمال، بدايةً، امتلكنا قاعدتين أو ثلاث. في تلك الفترة، كان من الصعب توفير العتاد. داخل المدينة، كانت عصاباتنا المسلّحة تقوم برعاية العتاد في قواعدها.
بدأنا بخلق جماعات مسلحة مستقلة في تلك المناطق التي ذكرناها. كل مجموعة ارتبطت بقيادة الحزب. استمر هذا الوضع حتى نهاية 1963. حيث تطوّر الصراع بسرعة كبيرة فاقت توقعاتنا. استننتجنا من تجربة العصابات المسلحة، أنّه بدمج السكّان الكامل بالعصابات المسلحة، أصبحت الأخيرة تتمتع باستقلال زائد، ليس بالنسبة للقيادة كقيادة (حيث كانت مرتبطة بقيادة حزبية أعلى)، بل بالنسبة لبعض الرؤساء في المنطقة. مما نمّى وعزز الميول الإنعزالية، ميولٌ لإغفال المجموعات الأخرى، وغياب التنسيق المشترك للفعل بينها. نظراً لذلك، قررنا عقد مؤتمرنا عام 1964، مما أسس لنقطة انعطاف مهمّة في نضالنا. في هذا المؤتمر تبنينا سلسلة من السياسات التأديبية، مثل الإعتقال، المحاكمة، وإدانة لقيادات محددة. توجب علينا التوجه نحو قيادة مشتركة للعصابات، تحت إشراف وتوجيه لجنة الحزب.
أسسنا لجنة حزبية لكل منطقة، بحيث تكون قيادة الحزب هي نفسها قيادة العصابة. تطورّت الأوضاع بشكل هائل، لم تكن مثالية، ولكنّها كانت أفضل بكثير. بالإضافة لذلك، قررنا في المؤتمر تعبئة وحشد جزء من قوى العصابات المسلحة، لخلق قوّاتٍ منظّمةٍ، تعمل على توسعة مجال العمل المسلّح إلى مناطق جديدة. برأينا، ليس من الضروري تعبئة كل فرد للكفاح المسلح: حيث يكفي تعبئة جزء معقول من السكّان. بعد ذلك، يمكن المضي قدماً لخلق قوى منظمة وتعبئة البقية.
حين اكتملت إعادة بناء جهازنا السياسي-العسكري, نظّمنا غارات وهجومات صغيرة على البرتغاليين، وأفعال أخرى ساهمت في تطوّر كفاحنا إلى المستوى الحالي. بخلق القوّات المسلحة المنظمة، فتحنا جبهات جديدة، غابو في الشرق، وسان دومنغوز وبو في الغرب. في ذلك الوقت، لم يكن الكلام بعد عن جبهات، بل عن مناطق وأقاليم النضال، المرتبطة بمناطق وأقاليم الحزب.
لاحقاً صار ممكناً تأسيس جبهات حقيقية للقتال. بداية، اقتصر النطاق على الجبهتين الجنوبية والشمالية، ومع تطوّر النضال، طوّرنا الجبهة الشرقية.
قوّاتنا المسلحة تشكّل الآن قطاعاً من الجيش في كل جبهة، كما يمكنهم التحرك لأي مكان في حدود الجبهة. في المرحلة القادمة سنتمكن من نقل الوحدات إلى أيّة جبهة حسب ما تقتضي الحاجة.
أريد أن أؤكد على أنّ قادة النضال هم قادة الحزب. يوجد مجلس الحرب داخل المكتب السياسي للحزب، وأنا رئيس وسكرتير عام الحزب. لا يوجد أي فعل عسكري مهم إلّا ويمر من بين يدي. تتمتع الجبهات والقطاعات والوحدات باستقلالية في نشاطاتها اليومية والعادية، ضمن نطاق محدود، ولكن أي تعديل إضافي, أي فعل إضافي، لا بد أن يمر بين يدي مجلس الحرب.
قادة الحرب، ينفذوا قرارات مجلس الحرب. على سبيل المثال، نحن من خطط للهجوم على ميناء بيساو، خططنا له بكل تفاصيله. لم يُنَفًّذ الهجوم في الموعد المحدد, بسبب معيقاتٍ ماديّةٍ، ولكنّه نحن من خطط للهجوم في أحد الاجتماعات بوجود كل الرفاق، حتى أننا اخترنا الرجال الذين سينفذون العملية. هذا يعطي فكرة عن مستوى المركزية في عملنا.
نظراً لتطوّر النضال إلى حرب عصابات، نرى أننا تطورنا ككائنٍ حيٍّ على مراحل متعاقبة. أحياناً كان تكتمل المرحلة بسرعة، وأحياناً ببطؤ. لم نتعجّل أيّة مرحلة أبداً: حين تكتمل مرحلة، ننتقل لمابعدها، ما اكسب نضالنا انسجاماً كليّاً. في البداية لم نتحدث عن جيش، كما أننا الآن لا نتحدث عن أمور عامة. أنشأنا عصابات مسلحة صغيرة، وهذه المجموعات تراصّت وتعاضدت إلى أن شكّلت جيشاً: قواتنا المنظمة.
متنقلين بين مرحلة وتاليتها، وصلنا عام 1967 إلى المرحلة الأخيرة: كل العصابات أصبحت قوّات منظمة. قوّاتنا المسلحة الآن، تتكوّن من تلك العصابات، من ميليشيا الشعب المسلحة، متخذة من المناطق المحررة قواعداً لها.
أريد أن أشير إلى أنّه قبل ذلك، كانت القرى هي قواعد عصاباتنا، ولكننا حوّلنا هذا تدريجياً. خفضنا عدد القواعد، حيث جمعناهم في اثنينات وثلاثات, ثم ألغينا هذا النوع من القواعد دفعة واحدة. فهي غير موجودة الآن. هناك أهلنا في القرى، وهناك نقاط دعم لقوّاتنا المسلحة. كان إلغاء القواعد مفيداً كلياً، لأنّ البرتغاليين كانوا قد كشفوا وحددوا مواقعها على الخرائط، وعزموا على قصفها. في الحقيقة، قصفوا بعضها، ولكنّها كانت خالية. حيث كنّا قد أزلنا قواعد العصابات المهمة في الوقت المناسب.
تكتيكات البرتغال، هي التكتيكات المعتادة في مثل هذا النوع من الصراعات. حين أدركوا أننا ألحقنا بهم أضراراً جسيمة, بدأوا بقصف وحرق قرانا، بهدف إرهاب الأهالي، وثنيهم عن دعمنا. اهتمام العدو الأوّل في مثل هذه الصراعات، يَنْصَبّ على حرم العصابات المسلحّة من دعم السكّان. أعتقد أنّه لا يوجد حاجة للوصف التفصيلي لتكتيك واستراتيجيا البرتغال، لأنّهم بشكل أو بآخر نفس النسخة عن أسلوب الولايات المتحدة في فيتنام. الفرق الوحيد هو عدم امتلاك البرتغال نفس عتاد الولايات المتحدة.
بداية، ألحقت بنا الطائرات المروحية الأذى، خاصة بهجماتها المفاجأة على الناس. الآن، نحن ننجح في مقارعة تلك الطائرات، فنسقطها ببنادقنا، لذا خلص البرتغاليون إلى أنّ طائراتهم المروحية لن تحقق لهم النصر.
أحد العوامل المهمة في هذه اللحظة، أنّ البرتغال لا يواجهوا أيّة مشاكل في جزر كابوفيردي. حين نبدأ نشاطنا هناك, فإنّ الصراع في غينيا سينتهي عملياً. بِدْء النشاط في كابوفيردي ليس شرطاً لا غنى عنه لحسم الصراع, حيث يمكن حسم الصراع بدونه. ولكن ذلك اليوم الذي سيشهد امتداد نشاطنا إلى كابوفيردي, سيشهد أيضاً اقتراب نهاية الصراع بالتأكيد.
اكتظّ العام المنصرم بالانتصارات, هذا لا يعني أننا لم نتعرض لنكسات، فتلك من سنن الحرب. هاجمنا كل المراكز الحضرية في بلادنا، باستثناء بيساو، إذا لم نحسب الهجوم على مطار بيساو. مراكز حيوية، مثل بافاتا، جابو، فاريم، مانسوا، كانسومبو، بولاما، كلها تعرضت للهجوم عدة مرات. أخذنا عدد من الأسرى، كان هناك بعض الهاربين، دمّرنا قوارب برتغالية أكثر مما حدث في مرة سابقة.
المجموع الكلّي لعملياتنا العسكرية من 16 أبريل، إلى 15 نوفمبر، 1968، كالتالي: 251 هجوماً على معسكرات البرتغال المحصنة، هجومين على مطارات، هجومين على موانئ، تدمير 94 آلية ومركبة، إغراق 30 سفينة، إسقاط 4 طائرات، قتل 900 من الأعداء على أقل تقدير، واعتقال 12. قوّاتنا المسلحة بذلت جهداً استثناءياً، بإجبارهم البرتغال على إخلاء بعض مواقعهم المحصنة. توجّب عليهم إخلاء بيلي في الشرق، كوكوا وسانتشونها، موقعان مهمان جداً قرب الحدود الجنوبية، وتسعة معسكرات أخرى في جنوب البلاد وشرقها.
كان عام الانتصار في المجالات السياسية والإدارية والإجتماعية والثقافية. عسكرياً، وصل الكفاح إلى مستوى جديد من التطوّر، والآن نحن قادرون على الاستخواذ على المعسكرات البرتغالية. ولكننا لسنا في عجلة, نتحرك بهدوءٍ كبيرٍ. يتوجب علينا توخي الحذر الشديد, يجب أن نقاتل بناءاً على ظروفنا، والتقدم بانتباه. يبدو مهماَ جداً لنا الآن، أنْ نعزز تركيزنا على المراكز الحضرية، لخلق غياب عظيم للأمان، قطعاً سنقوم بذلك. نعرف أنّهم سيستخدمون الغاز ضدنا، ولكنّه سيكون صعباً عليهم، فنحن مستعدون لكل الأوضاع.
2017.04.28
-------------
(*)علي عامر: كاتب وباحث من فلسطين المحتلة.
ملاحظة: هذه نسخة مكثفة من مقابلة مع أميلكار كابرال، سجّلت في مؤتمر الخرطوم في يناير 1969، نشرت في ترايكونتننتال رقم. 12،المصدر: أميلكار كابرال، الثورة في غينيا، المرحلة الأولى، لندن، 1974,. (نقلها للإنجليزية: ريتشارد هانديسايد)



#أميلكار_كابرال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شاهد.. مبادرة طبية لمعالجة الفقراء في جنوب غرب إيران
- بالفيديو.. اتساع نطاق التظاهرات المطالبة بوقف العدوان على غز ...
- الاحتجاجات بالجامعات الأميركية تتوسع ومنظمات تندد بانتهاكات ...
- بعد اعتقال متظاهرين داعمين للفلسطينيين.. شكوى اتحادية ضد جام ...
- كاميرا CNN تُظهر استخدام الشرطة القوة في اعتقال متظاهرين مؤي ...
- “اعرف صلاة الجمعة امتا؟!” أوقات الصلاة اليوم الجمعة بالتوقيت ...
- هدفنا قانون أسرة ديمقراطي ينتصر لحقوق النساء الديمقراطية
- الشرطة الأمريكية تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة ...
- مناضل من مكناس// إما فسادهم والعبودية وإما فسادهم والطرد.
- بلاغ القطاع الطلابي لحزب للتقدم و الاشتراكية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - أميلكار كابرال - نحو النصر النهائي