أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدو خليل - وطن يفرح كلما قصفته طائرة














المزيد.....

وطن يفرح كلما قصفته طائرة


عبدو خليل

الحوار المتمدن-العدد: 5509 - 2017 / 5 / 2 - 18:50
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


عندما قصفت الطائرات الإسرائيلية مشروع المجمع النووي السوري بالقرب من دير الزور عام 2007 كانت الفرحة. القاتمة، النابعة عن وجع. لسان حال السوريين وهم يتناقلون أخبار الضربة، كان الفرح كوجه للتشفي. سمة شعبية عامة بعد كل ضربة، وكان يمكن ملاحظة ذلك من أحاديث الناس في المقاهي وحافلات النقل العامة المكتظة، الكل كان يستهزئ من النظام ويكرر مقولته الشهيرة. الجوفاء من أي فعل، سنرد بالوقت والزمان المناسبين.
الفرح. كمرادف للانتقام من الظالم بطائرات العدو وهي تدك الوطن ربما تعتبر من الأمور المنافية لقيم الهوية البشرية و علم الأخلاق والاجتماع. هل يعقل أن يفرح شعب ما على وجه البسيطة بطائرات تدمر بناه التحتية.
في سوريا الأسد كل شيء ممكن. ألم تقتل طائرات الوطن ذات نفسها مئات ألوف السوريين من الأطفال والنساء. لم توفر حتى المواشي، ألم تقصف شعبها بالكيماوي و الفوسفور والنابالم و البراميل المحشوة بالمتفجرات وقطع الخردة المعدنية !؟
إذن لم يخطئ السوريون عندما كانوا يفرحون في سرهم كلما دكت اسرائيل معقلاً للنظام، ليسوا كما قد يتوهم البعض. عديمي النخوة والوطنية، لكن من عاش فيها. وحده، يدرك كم الوجع الذي كان يخبئه السوري تحت أظافره نتيجة سطوة الأجهزة الأمنية وعسفها، ناهيكم عن الجوع والحرمان. أذكر كيف أن نادلاً في المقهى السياحي بحلب رد على مجموعة مثقفين أبدوا غضبهم من الضربة وقال: ناقصنا مفاعل نووي، بعدين ليش زعلانين ؟ إذا حق فنجان القهوة ما معكن وأغلبكم ممنوع من العمل. كان النادل يتحدث بلسان وطن بأكمله.
وإذا تركنا الحياة السياسية والثقافية جانباً. الأعراس كانت تحتاج لموافقات أمنية. الترخيص لفتح دكان للسمانة يتطلب مراجعتك لفرع أمني، وما أكثرها، إنجازات الحزب القائد تركت مئات القرى بدون ماء وكهرباء وشبكات صرف صحي لكنها لم تحرمهم من نعيم تواجد هذه الأفرع. ابتسم أنت في دولة الصمود والتصدي التي مازالت تبهر الكثير من المثقفين العرب.
بالعموم تلك الطائرات المغيرة. العدوة، لم تقتل مدنياً ولم تستخدم سلاحاً محرماً دولياً. كانت تصطاد ما تراه يهدد أمنها. لا بل إنها دمرت جزءاً كبيراً من مخزونات النظام الكيماوية التي تخنق بما تبقى منها اليوم أطفال الوطن ذات نفسه.
وسط هذه المفارقة ينقسم اليوم الشعب السوري بموجب الخارطة الجوية لتلك الطائرات. لكل مِلة وطائفة وقومية صارت لها طائراتها الخاصة. تُشعِرُها بالفرح والغبطة كلما غارت على منطقة ما في سوريا. مثلاً، مناطق الساحل السوري تصفق لطائرات النظام وللأزعر بوتين وتطالبها بالمزيد من ممارسة سياسة الحرق، و أهل المنطقة الجنوبية يترقبون بفارغ الصبر تحليق طائرات المملكة الأردنية فوق مناطقهم حتى تستقر أوضاعهم. والمنطقة الشرقية تهلل كلما دكت طائرات التحالف معاقل داعش في مناطقهم وإن أخطأت وأصابت موقعاً للنظام تضاعف هذا الفرح .
و لا ننسى عندما أوعز ترامب لأسطوله القابع في المتوسط بتدمير مطار الشعيرات، بمجرد أن همست ابنته ايفانكا في أذنه وطالبته بالرد السريع بسبب المشاهد المروعة التي جاءت من مدينة خان شيخون وعكرت صفوَ صباحها. الفرحة غمرت السوريين، حتى بعض المؤيدين والصامتين بدت عليهم إمارات السرور.
أما في ريف حلب الشمالي والغربي ينتظر الجميع مزيداً من الطلعات الجوية التركية لتقصير يد حزب العمال الكردستاني. في الوقت الذي كان يعتبر فيه هذا الأخير أن كل الطائرات التي تحوم في سماء سوريا هي ملكاً له. الروس والنظام وأمريكا، كلها تعمل لخدمة مصالحه ضمن دوامة مكافحة الإرهاب. إلى أن جاءت لحظة الفاجعة، وبدت الأمور تسير في اتجاه آخر.
لهذا السبب يعاني الكرد اليوم انقساماً داخلياً حاداً حيال تلك الطائرات التي زلزلت طغيان العمال الكردستاني الذي عاث فساداً في المناطق الكردية. اعتقل وقتل وشرد مئات الألوف من الكرد والعرب نتيجة سياساته المأجورة.
لذا يحاول الكردستاني استيعاب اللعبة. تارة يطالب بالحظر الجوي وتارة أخرى يلوم أصدقاءه من الروس والأمريكان على وقوفهم مكتوفي الأيدي . لكن أكثر ما يغيظه هو شماتة الكرد أنفسهم بهِ. نتيجة أفعاله المشينة، يرمي بالتهم يميناً وشمالاً. يخون ويرغي ويزبد. غير مدرك أن الشعوب عندما تكتشف دجل نظمها وساستها ترفع رأسها وتنظر نحو السماء بحثاً عن الخلاص.



#عبدو_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعم أنا احب ترامب
- سوريا نحو التخامد
- الحنين الى الاستبداد في سوريا والعراق
- حلب و سقوط المرجعيات الثورية.
- صادق جلال العظم و الثورة السورية.


المزيد.....




- مصر.. الحكومة توقف نزيف خسائر البورصة بتأجيل ضريبة الأرباح ا ...
- هل صرخ روبرت دي نيرو على متظاهرين فلسطينيين؟.. فيديو يوضح
- فيديو يظهر الشرطة الأمريكية تطلق الرصاص المطاطي على المتظاهر ...
- رغم تأكيد صحيفتين إسرائيليتين.. دي نيرو ينفي مهاجمة متظاهرين ...
- معهد فرنسي مرموق يرد على طلبات المتظاهرين بشأن إسرائيل
- مؤسس -تويتر- يعرب عن دعمه للمتظاهرين في جامعة كولومبيا
- بالغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه..شرطة جورجيا تفرّق المتظ ...
- تدمير فلسطين هو تدمير كوكب الأرض
- مصير فلسطين في ضوء العدوان على غزة
- بعد تداول فيديو -صراخه على متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين-.. رو ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - عبدو خليل - وطن يفرح كلما قصفته طائرة