أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبدو خليل - نعم أنا احب ترامب














المزيد.....

نعم أنا احب ترامب


عبدو خليل

الحوار المتمدن-العدد: 5428 - 2017 / 2 / 10 - 09:41
المحور: كتابات ساخرة
    


نعم أنا احب الرئيس ترامب.
قادتني الظروف للتعرف على أغلب قادة الحركة الكردية و المعارضة السورية، كنت على احتكاك دائم معهم. زيارات. لقاءات. ندوات، والبعض منهم ربطتني بهم علاقات عائلية جميلة. تعرفت عن قرب على بيئاتهم الاجتماعية. أقارب و أصدقاء، لم أقف يوماً سوى باحترام أمام ظروفهم المعاشية القاسية. بدءاً من البيوت المتواضعة الفقيرة و انتهاءاً بفناجين القهوة ذات الحواف المكسورة التي كنت أرشفها بمتعة لم تعوضني عنها أناقة فناجين المقاهي. صحيح أنني لم أكن بأفضل حال، لكن الظروف منحتني كفاف العيش وجنبتني العوز و الضنك، تلك العلاقات كانت جزءاً من ممارستي لتحدي النظام القمعي. شعور بالوجود و بمقارعة الاستبداد، ومع أن تلك العلاقات طالما جلبت لي المتاعب ووجع الراس كما يقال، لكنني لم أتخل عنها، حتى أذكر أنه في إحدى المرات قال لي أحد المسؤولين الأمنيين على خلفية تلك العلاقات. أنت رجل سيد نفسك لديك منشأة خاصة بك و أوضاعك عين الله عليها ما لك وهؤلاء. التفت لحياتك. بعد ساعة من خروجي من الفرع كنت أرشف قهوتي في منزل أحد الأصدقاء. من المغضوب عليهم.
اليوم وبعد خمسة سنوات من الحرب و التشرد لم أعد ألتق بهؤلاء الأصدقاء. أشاهد البعض منهم على شاشات الفضائيات. صادفت آخرين في لقاءات عابرة. ندوات. مؤتمرات صحفية. اعتصامات. أجدهم بربطات عنق أنيقة و معاطف من الجوخ الفاخر. البعض أوقف التصحر الذي كان يغزو فروة رأسه و زرعها بخصلات تبدو لامعة بعدما تسوق أجود أنواع البريانطين . وجوههم باتت حادة و عابسة كوجوه مسؤولي النظام ، الذين كنا نكرههم و هم يمتشقون منصات المراكز الثقافية قبيل أمسيات الشعر والموسيقا ليمتدحوا القائد و معجزاته التاريخية. وجوه لا تضحك حتى للرغيف السخن. كما يقول المثل. نسوا المزاح وبساطة الملامح. باتوا يتحدثون كرجال مصنوعين من معدن ثمين. مضبوطين بعناية فائقة. وقار ما بعده وقار. صوت أجش و خالي من العواطف. حركات اليد مدروسة. و الابتسامة إن وجدت صفراء. لإضفاء غموض على الموقف.
هكذا فهموا القيادة و السياسة. البعض من أصدقاء الأمس، رغم أنهم لم يحققوا أي منجز سياسي للشعب السوري، لم يتنازلوا حتى لزيارة جريح أو لاجئ خشية أن تتلوث أحذيتهم بوحل المخيمات. حتى على مستوى الفيسبوك. رغم بساطة المهمة. تراهم يترفعون عن التعليق على متابعيهم أو مجاملتهم . يعتبرون ذلك ينقض وضوء هيبتهم . هم أكبر من ذلك. خاصة بعدما ذاقوا الوجبات الدسمة في عواصم عربية وأجنبية. البعض منهم كان يحار في كيفية تناولها. ناموا على فراش من ريش النعام في فنادق الخمسة نجوم و ارتاحوا على مراحيض مصنوعة من البورسلان الفاخر. نسوا ( البخشة) في زنازين النظام، وقصعات البرغل المسلوق.
تلك ليست الصورة كلها. هي أقسى من ذلك بكثير. الثروات التي راكمها البعض و الرحلات السياحية و حفلات الميلاد و أشياء أخرى يخجل القلم من سردها. تلك هي الجانب الآخر من المأساة السورية. بعيداً عن ارتطام البراميل و دوي المدافع. تلك مهنة أخرى تخص النظام و زبانيته.
لهذا أجدني اليوم. كأي سوري مثقل بالوجع و الألم. أراقب جنون ترامب. رغم كل القيل والقال. يراقص زوجته بلا حرج و يقبلها على الملأ. يدخل مطاعم البيتزا و يتوقف قرب السلالم الكهربائية يمازح و يضحك. يشد شعره ليثبت لخصومه أنه ليس مستعاراً. يحرك يديه يميناً و شمالاً غير آبه بتحليلات حركات الجسد. يمتعض بكل تقاسيم وجهه. يغمز بعينيه و يحك أنفه. يتباهى بغراميات عفى عليها الزمن. كأي رجل أحمق، ولا يخشى الحديث عن إفلاسه مرات عدة. يكشف عن مشاريعه السياسية بلا تردد. عن حقده وعن إعجابه. يخاطب الخائفين من جنونه، ولم يتردد عن التعبير عن كرهه لقناة سي ن ن. هكذا ببساطة قال للصحافي. أنتم تكذبون. لم يراوغ أو يجامل. لأجل هذا أحب ترامب، مع أنني متخم بأحلام اليسار الذي علمني أن الرأسمالية. كذب ودجل ونفاق واستلاب. لكنني عندما أشاهد أو أصادف البعض من الأصدقاء. المعارضين، ممن ذاقوا طحل السلطة و النفوذ و المال و ظنوا السياسة تصنع بمعطف من الجوخ الانكليزي او بحذاء من جلد التمساح. عندئذ لا أجد غير القول . نعم أنا أحبك سيد ترامب.



#عبدو_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا نحو التخامد
- الحنين الى الاستبداد في سوريا والعراق
- حلب و سقوط المرجعيات الثورية.
- صادق جلال العظم و الثورة السورية.


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبدو خليل - نعم أنا احب ترامب