أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عامر صالح - عيد العمال العالمي ودلالته لمحنة العمال العراقيين















المزيد.....

عيد العمال العالمي ودلالته لمحنة العمال العراقيين


عامر صالح
(Amer Salih)


الحوار المتمدن-العدد: 5507 - 2017 / 4 / 30 - 22:43
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


العمل خلق الانسان في افضل صورة ونقله نقلة نوعية في سلم التطور البيولوجي لا ترتقي أليه افضل كل الحيوانات على وجه الخليقة, ومنح الانسان مزايا تشريحية وفسيولوجية ومن ثم سيكولوجية غير متوفرة في القرائن الحيوانية الاخرى, رغم اشتراكه معها ببعض السمات التطورية الاساسية, والعمل ميز الافراد فيما بينهم في الكثير من المواصفات النفسية والسلوكية, والانسان العامل بدوره خلق الحضارة ببعديها المادي والمعنوي والثقافي بشكل أعم. ومهما بلغت درجة تعقيد التقدم التقني والمعرفي والتي تخفف من وطأة العمل اليدوي او العضلي, فأن أسس الحضارة الاولى بنيت من عرق العمال الاوائل والذين قدمو تضحيات من اجل بناء الاسس المادية للحضارة الاولى, والتي افرزت لاحقا كل هذا التراكم المادي والذي شكل قوة دفع للفكر والتفكير نحو ايجاد مخارج افضل للحضارة الانسانية عبر التخفيف المستمر لأعباء الجسد من خلال انطلاقة الفكر الذي جسدته لاحقا كل المبتكرات الانسانية وفي كل الحقول المعرفية.

ومن هنا يمكن القول ان العمل هو محور اعمار الارض ومن فيها, والعمل هو القوة المحركة لركود العقل والسواعد، والعمل هو الحالة الطبيعية التلقائية لوجود الانسان فوق هذا الكوكب. لا تنهض امة الا بالعمل، ولا يتحقق انجاز الا بالعمل، ولا ترتقي الانسانية الا بالعمل، ولما كان العمل يحتاج الى عامل، فان العامل اذن هو صانع كل ما تقدم، وهو الذي يحتفي به العالم من خلال يوم اقرته امم الارض كلها عرف بيوم العمال العالمي، اعترافا لا اقول باهمية العامل، بل بمحورية دوره في اثراء الوجود بكل جديد ومفيد.


وتاريخيا فأن الأول من أيار يشير إلى العديد من الاحتفالات العمالية المختلفة التي أدت إلى الأول من أيار كذكرى لإحياء النضال من أجل ثمان ساعات عمل في اليوم. وفي هذا الصدد يسمى الأول من أيار بالعطلة العالمية لعيد العمال أو عيد العمال العالمي. وقد بدأت فكرة يوم العمال في استراليا عام 1856, ومع انتشار الفكرة في جميع أنحاء العالم تم اختيار الأول من شهر أيار ليصبح ذكرى للاحتفال بحلول الدولية الثانية للأشخاص المشتركين في قضية هايماركت 1886. وأول عيد للعمال في الولايات المتحدة الأمريكية تم الاحتفال به في الخامس من سبتمر عام 1882 في مدينة نيويورك. وفي أعقاب وفاة عدد من العمال على أيدي الجيش الأمريكي ومارشالات الولايات المتحدة خلال إضراب بولمان عام 1894 , وضع الرئيس جروفر كليفلاند تسويات مصالحة مع حزب العمل باعتباره أولوية سياسية عليا. وخوفا من المزيد من الصراعات, تم تشريع عيد العمال وجعله عطلة وطنية من خلال تمريره إلى الكونغرس والموافقة عليه بالإجماع, فقط بعد ستة أيام من انتهاء الإضراب, وكان كليفلاند يشعر بالقلق لتوائم عطلة عيد العمال مع الاحتفالات بيوم أيار الدولي, والذي قد يثير مشاعر سلبية مرتبطة بقضايا هايماركت عام 1886 , عندما أطلق أفراد شرطة شيكاغو النار على عدد من العمال أثناء إضراب عام مطالبين بحد أقصى لعدد ساعات اليوم الواحد لا يزيد عن ثماني ساعات, وقد راح ضحية تلك الحادثة العشرات من أولئك العمال, وقامت الخمسون ولاية أمريكية بالاحتفال بعيد العمال كعطلة رسمية. وكان إصرار الطبقة العاملة الأمريكية على إبقاء الاحتفال في الأول من أيار هو السائد !!!.

أشتد ساعد الحركات العمالية في أوربا بنفوذ أفكار الاشتراكية والشيوعية واليسار عموما, وعلى خلفية ذلك افتتح مؤتمر النواب الاشتراكيين الدولي في باريس الفرنسية في العام 1889 والذي حضره أربعمائة مندوب, وقرر المؤتمر تحديد الأول من أيار من كل سنة عيدا مشتركا لجميع العمال في العالم, وكان المندوب الأمريكي في المؤتمر قد أشاد بقرار رفاقه الفرنسيين. وفي هذا اليوم من عام 1890 بادر العمال في أمريكا وأوربا بتسيير مظاهرات كبيرة للاحتفال بنجاح كفاح العمال ليولد عيد العمال العالمي, ليكون بذلك اختيار هذا التاريخ تخليدا لذكرى من استشهد من العمال والقيادات العمالية. وعلى خلفية ذلك فأن القوى الشيوعية والاشتراكية واليسارية عموما اعتبرت نفسها بفعل دورها التاريخي بمثابة الخط الدفاعي الأول عن حقوق العمال ومطالبيهم الأساسية, وكان شعار " يا عمال العالم اتحدوا " ملهما وقوة دفع لكل العمال في العالم من اجل انتزاع حقوقهم المشروعة. ولا غرابة من أن يتجاوز الاحتفال بالأول من أيار حدود جغرافيته في أمريكا وأوربا إلى بقاع العالم كافة, ومن ضمنها العالم العربي والإسلامي !!!.


تجاوز حدث الأول من أيار أهدافه التقليدية في المطالبة بثماني ساعات عمل فقط في اليوم, إلى أهداف إنسانية كبرى وموضوعات أكثر شمولية من خصوصية الذكرى, وقد نتج هذا بفعل الإطار المرجعي الفكري والسياسي والفلسفي الذي ألقى بظلاله على حركة الطبقة العاملة العالمية, وكان أبرزه نفوذ الفكر الاشتراكي العالمي, فكر المساواة بين الجنسيين في كافة الحقوق, بما فيه حق المرأة في المساهمة في الشأن العام, حق العمل والانخراط في كل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية, وحق ايحاد فرص عمل للعاطلين, وحق البحث عن ضمانات افضل للعمال, وحق الحصول على تعويضات اثناء فترات البطالة المؤقتة, وحق اعادة التأهيل بما ينسجم مع احتياجات سوق العمل الى مختلف المهارات الفنية وغيرها !!!.

في العراق اليوم تعاني الطبقة العاملة من شتى صنوف الاضطهاد والحرمان والمعاناة, وان معانتها تختلف نسبيا عن نظيرتها في الدول الاخرى, حيث توقف عمليات التنمية الاقتصادية وتدمير اغلب المشاريع الانتاجية, وما يصاحب ذلك من عزوف وبطالة جماعية دون حقوق تذكر, والحرمان من المخصصات والمكافئات الاولية عند بلوغ سن التقاعد, والتعرض لمخاطر العمليات الانتحارية والتفجيرات العشوائية عند تواجد العمال في الطوابير الصباحية للحصول على فرص للعمل اليومي.

عزوف ابناء العمال عن التعليم وهجر مقاعد الدراسة نظرا لعدم كفاية دخل الاب لتغطية نفقات الدراسة او الحاجة الاسرية لمزيدا من دعم اولادهم المادي مما يسهم في مخاطر جدية على حياة ابناء العمال وتعرضهم لمختلف الضغوطات الخارجية, بل وحتى الاضطرار للتسول.

تعرض العمال الى الابتزاز وسوء المعاملة في مواقع العمل والتميز بين العمال على اساس الولاء العشائري والطائفي والمذهبي, والتهديدات المستمرة في انهاء عقود العمال مقابل الحصول على الرشوة.

كما ان الطائفية المقيتة والمحصصات المذهبية والاثنية ساهمت بتفكيك النسيج الاجتماعي لوحدة الطبقة العاملة من خلال تعزيز الانتماء للمذهب او الطائفة او الحزب واضعاف الاحساس المشترك بوحدة القضايا المصيرية للطبقة العاملة العراقية.

انعدام فرص التاهيل واعادة التاهيل للعمال لكي يستجيبوا لحاجات سوق العمل ومتطلباته, مما جعل من العمال ذوي المهارات القديمة عالة على سوق العمل ومهددين دوما بالاستغناء عن خدماتهام وحرمانهم من خدماتهم واستحقاقتهم المالية.

لقد كان لفتح الاستيراد على مصرعيه دون سياسة تنافسية مع منتوج الداخل أثره السلبي في غلق الكثير من المصانع والمعامل وتسريح العمال منها دون الحصول على حقوقهم او العمل على تهيئتهم لفرص عمل جديدة.

غياب مضلة الدعم المالي والاجتماعي للعمال عند الحوادث كالاعاقات والامراض المزمنة, او فقدان الاسرة لهذا الدعم عند غياب الاب العامل مما يضع اسر عراقية بكاملها في مهب الفقر والجوع والتسول والفاقة.

منذ المصادقة على الدستور العراقي الجديد والى اليوم لا توجد تشريعات واضحة تضمن مبدأ العدالة الاجتماعية, وخاصة بالنسبة للطبقة العاملة من حيث اعادة صياغة متكاملة لحمايتها من حيث الضمانات الاجتماعية والحقوق, وخاصة بعد ما حول النظام السابق العمال الى موظفين وحرمانهام من الضمانات الاجتماعية المختلفة. كما تجري محاربة التنظيم النقابي ومنعه في القطاع العام من خلال الإصرار على إبقاء القرار الجائر 150 لسنة 1987 ، وقانون التنظيم النقابي رقم 52 لسنة 1987 وعدم تشريع قانون للتقاعد والضمان الاجتماعي للعمال وفق معايير العمل الدولية يلبي حاجات ومعيشة عمالنا ويضمن حاضرهم ومستقبلهم ، والتدخل في شؤون تنظيمنا النقابي من قبل البعض.

ان اللهاث وراء الخصخصة للمشاريع الحكومية الكبرى وذات التركيز الشديد لتواجد القوى العاملة يهدد مستقبل الالوف من القوى العاملة بمستقبل مجهول من خلال التسريح الاعتباطي والعفوي لهم بما يخدم الثراء الفاحش والفساد المستشري.

النزوح بسبب الحروب الداخلية وما سببته داعش بشكل خاص من دمار للبنية التحتية الاقتصادية ترك اثاره الواضحة في خسارة الكثير لفرص العمل وجعلهم مع عوائلهم في مهب الريح, فقد حول الكثير منهم الى عاطلين وضحايا حروب يستحقون كل الدعم والمساندة.

وفي الختام فان الاحتفال بعيد العمال العالمي يعطي شحنة ايجابية للطبقة العاملة العراقية من مختلف الانتماءات القومية والسياسية والدينية الى توحيد طاقاتهم وجهودهم من جل نبذ الطائفية والمحاصصة المقيتة وبناء العراق الديمقراطي الخالي من العنف والتعسف والاضطهاد, وتسود فيه قيم التسامح والحوار والديمقراطية, وتتوفر فيه فرص العيش الكريم للجميع وللطبقة العاملة العراقية افضل الظروف. وكل عام وانتم بخير !!!.



#عامر_صالح (هاشتاغ)       Amer_Salih#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فصل الطلبة المحتجين يضع الجامعات العراقية بين خيار الأستقلال ...
- سيكولوجيا الأرهاب و التدمير والتخريب في البلاد الاوربية والع ...
- الإسلامويين وحصانة التعليم العالي المفقودة وافتعال الأزمات ! ...
- بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العراقي في 31 آذار عودة لذ ...
- رأي سيكو اجتماعي في مشروع قانون تعدد الزوجات !!!
- اليوم العالمي للمرأة هو مناسبة لتحريض المرأة العربية والأسلا ...
- جذور فالنتين - عيد الحب - بين الحضارة والدين
- جرائم الثامن من شباط ودلالتها في الحفاظ على ما تبقى من الدم ...
- لماذا يتهالك البحث العلمي في بلادنا وما هو المخرج من الأزمة ...
- بين مفهوم - الحرم الجامعي - والحرية الأكاديمية يعيث الإسلامو ...
- حرية الصحافة والتعبير وأغتيال العقل المدني !!!
- إستعادة حلب السورية وسيكولوجيا الخراب والتدمير العربي الشامل ...
- صراعات الإسلام السياسي على السلطة والبقاء هي صراعات نهج وليس ...
- في ضوء القراءة الأولى لقانون مجلس قبائل وعشائر العراق/ ملاحظ ...
- استخدام سيرة نبي الإسلام في الصراعات المذهبية الإسلاموية وسي ...
- الطفولة المنسية في العراق !!!
- في الجذور السيكولوجية والدينية لأقتصاديات الجمعة السوداء وال ...
- تلفيق صحيفة - الشرق الأوسط - السعودية في مخاطر الزيارة الأرب ...
- في سيكولوجيا الإنتخابات الأمريكية وعيوب العقل الجمعي العربي ...
- تداعيات منع الخمور في سيكولوجيا الوعي العراقي


المزيد.....




- الوحدة الشعبية يوجه رسالة للجنة الحقوق والحريات في نقابة الم ...
- Greece: Militant protest cancels US Army Concert in Greece – ...
- WFTU-APRO Circular No 2 dated 28th of March, 202
- EUROF: reiterates its support for Jean-Paul Delescaux, Gener ...
- البطالة بين السعوديين عند أدنى مستوى على الإطلاق
- متقاعدو -الفوسفات- يعتزمون العودة للاعتصامات بنيسان
- على أجندة اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين- أحمد ...
- المعاشات زادت…الان استعلام عن الزيادة الجديدة على رواتب المت ...
- تزايد العنف ضد العمال من آسيا الوسطى بعد هجوم موسكو
- انطلاق جولات الحوار الاجتماعي لسنة 2024


المزيد.....

- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي
- نضالات مناجم جبل عوام في أواخر القرن العشرين / عذري مازغ
- نهاية الطبقة العاملة؟ / دلير زنكنة
- الكلمة الافتتاحية للأمين العام للاتحاد الدولي للنقابات جورج ... / جورج مافريكوس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عامر صالح - عيد العمال العالمي ودلالته لمحنة العمال العراقيين