أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - عمالة وضلالات محمد بن عبد الوهاب















المزيد.....


عمالة وضلالات محمد بن عبد الوهاب


فاروق عطية

الحوار المتمدن-العدد: 5504 - 2017 / 4 / 27 - 23:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتبت في الشهر الماضي مقالين عن صلة الوهابية بما يتم في مصرنا العزيزة بعنواني (الوهابية والنكسة الأخلاقية)، (الوهابية المغيرة واختنا أميرة)، جاءتني تعليقات من قراء أعزاء يتساءلون عن الوهابية وعن مُنشئها محمد عبد الوهاب ومدي عمالته للإنجليز. من هذه التعليقات اخترت تعليق السيدة الفاضلة سهير علي، علي المقال الأول:(سيدى الفاضل لا اعلم ماذا اقول لك. أولا: انا الى الان لا اعلم ماهى الوهابيه بالظبط الذى أعلمه انهم محرفين الدين الاسلامى فى الصلاة والمصحف الشريف. ثانيا: حضرتك اخذت الحوادث الفرديه وتكلمت عنها، فعلا دول عندهم تخلف عقلى واكيد بيتعاطوا المخدرات. ثالثا: التعليم الفاشل فى مصر مع غياب التربيه فى البيت والمدرسه وعدم التوعيه بالدين والاخلاق فى مجتمعنا يقودنا الى التهلكه والمصيبه الاكبر برامج التوك شو التى تعمل من الحبه قبه وتزيد النار اشتعالا). وكان ردي علي تعليقها: أشكرك سيدتي العزيزة علي هذا التعليق الرائع، وحتي تنمّي معلوماتك عن الوهالبة أرجو أن تقرأئي ( الوهابية صنيعة المخابرات البريطانية علي هذا الرابط:
http://hajrcom.com/hajrvb/showthread.php?t=403015661
ولمعرفة العلاقة بين آل سعود والوهابية أرجو أن تقرأئ مقالي (آل سعود وتخريب الإسلام) علي الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=521816
وبالنسبة للحوادث التي ذُكرت بمقالي في الحقيقة هي ليست حوادث فردية لكنها حوادث متكررة في مناطق كثيرة وأزمنة متعاقبة أخترت أقربها للذاكرة، وهي بالطبع ناتجة عن المد الوهابي المتنامي. والتعليم الفاشل في مصر هو أيضا ناتج عن تغلغل الوهابية وانتشارها بين المدرسين والمعلمين وأيضا بين أولياء الأمور، وأتمني أن تعود مصر لما كانت عليه في الزمن الجميل حيث كان الجيران في كل شارع والطلاب والمعلمون في كل مدرسة يتعاملون مع بعضهم كأسرة واحدة دون النظر للدين أو اللون أو غير ذلك.
وكان تعليقها علي المقال الثاني: (انا عاجزه عن التعليق بجد بالرغم اننى قارئه جيده للجرائد ومتابعه للاحداث فى بلدى اول مره اسمع عن قصة أميرة، هل حدث تعتيم أعلامى للقصه؟ وهذا من المستحيل لان اقل واضعف حادثه تنشر، هل هذه مجرد اشاعات لنشر الفتنه ؟ لا اعلم. ولا اظن ابدا ان رجال الامن والدين تفوت عليهم ان الفتاه قاصر وتحت سن الرشد. كيف تكون الفتاه مختفيه عن أهلها ولا يبلغون عنها الشرطه وخاصة فى جنوب مصر). وكان ردي علي تعليقها: عزيزتي، أحداث أميرة ليست اشاعة وجميع برامج التوك شو تحدثت عنها. الصحف أيضا نشرتها ولا تعتيم فكل العالم يعلم بهذه المشكلة. والكثير من المشكلات المشابهة يتم التبليغ عنها ويتقاعس الأمن عن الحل السريع والناجز مما يعقد الأمور ويزيدها اشتعالا، أما كيف يفوت علي رجال الدين والأمن أن الفتاة قاصر فهذا ما يوحي بل يؤكد أن هناك تدليس وإصرار علي خلق الفتنة. ويبدو انك كنتي مشغولة ولم تتابعي في هذه الفترة. وإليكي رابط برناج الإبراشي علي سبيل المثال:
https://www.youtube.com/watch?v=396k43U0-aE
كان لابد من هذه المقدمة، وكان عليّ أن أُسقط بقعة من الضوء علي شخص محمد بن عبد الوهاب ودور المخابرات البريطانية في تعميق ايمانه بالضلالات التي بثها ومازال أتباعه بالتحالف مع أسرة آل سعود اليهودية ينشرونها في بلاد المسلمين وشتا بقاع العالم.
ولد محمد بن عبد الوهاب في العيينة وسط نجد سنة 1115 هـ الموافق من عام 1703م لأسرة ينسب إليها عدد من علماء الدين، كان جدُّه سليمان بن علي بن مشرف من أشهر العلماء في الجزيرة العربية في عصره، وكذلك كان والده عالمًا فقيهًا على مذهب الإمام أحمد بن حنبل وأحد القضاة المعروفين، فقد تولَّى القضاء في عدَّة جهات مثل: العيينة وحريملاء، وكان عمُّه الشيخ إبراهيم بن سليمان من مشاهير العلماء في تلك البلاد. تعلم القرآن الكريم وحفظه عن ظهر قلب وعمره عشر سنين وقرأ على أبيه في الفقه، وتذكر مصادر الترجمة أنه كان مشهوراً حينئذ بحدة ذهنه وسرعة حفظه وحبه للمطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول: لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام. سافر إلى مكة والمدينة في الثالثة عشر من عمره لتحصيل المزيد من العلم عبر منهج التلقي عن مشايخه. والتقى في سفره بالعديد من العلماء، ودرس على يد الشيخ عبد الله بن سيف والشيخ محمد حياة السندي، فأخذ عنهم بقية علومه، ثم توجه إلى الأحساء فأخذ عن شيوخها، وزار البصرة وبغداد؛ حيث اطلّع على علوم التصوف وفلسفة الاستشراق، وأنكر على كثير من العلماء ما سمعه من العلوم التي لا تتفق مع الإسلام - حسب فقهه للإسلام - وشرع في الدعوة إلى العودة إلى الإسلام كما فهمه العرب الأوائل. يعتبره أتباع دعوته من مجددي الدين الإسلامي في شبه الجزيرة العربية حيث شرع في دعوة المسلمين للتخلص من البدع والخرافات وتوحيد الله ونبذ الشرك. توفي في العيينة بسبب مرض ألم به في أول شوال ثم كان وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر في عام 1206 هـ - 1791م.
كان ابتداء ظهور أمره في الشرق سنة 1143 هـ واشتهر أمره بعد 1150 هـ بنجد وقراها، وقد ظهر بدعوة ممزوجة بأفكار منه زعم أنها من الكتاب والسُّنة، أخذ ببعض بدع أحمد بن تيمية فأحياها، وهي: تحريم التوسّل بالنبي، وتحريم السفر لزيارة قبر الرسول وغيره من الأنبياء والصالحين بقصد الدعاء ورجاء الإجابة من الله، وتكفير من ينادي بالاستغاثة برسول الله أو بعليّ أو بأي من أولياء الله الصالحين، وقصر إلاستغاثة بالحيّ الحاضر، وإلغاء الطلاق المحلوف به مع الحنث وجعله كالحلف بالله في إيجاب الكفارة، وعقيدة التجسيم لله والتحيز في جهة. وابتدع من عند نفسه: تحريم تعليق الحروز التي ليس فيها إلا القرآن وذكر الله وتحريم الجهر بالصلاة على النبي عقب الأذان، وأتباعه يحرّمون الاحتفال بالمولد الشريف خلافا لشيخهم ابن تيمية. التقى بمدينة " الدرعية " بالأمير محمد بن سعود وحصلت بينهما البيعة على نشر التوحيد وإقامة حكم الله في الأرض حسب فهمه للإسلام.
https://www.youtube.com/watch?v=qi28lpwmNHg
كان التقاء محمد بن عبد الوهاب بالجاسوس البريطاني همفر في البصرة هو حجر الزاوية لنشر الضلالات في ايمانه بصحيح الإسلام. مذكرات مستر همفر الجاسوس البريطاني في الشرق الأوسط هي وثيقة أُلِفت في القرن الـ 18 بواسطة جاسوس بريطاني يدعي همفر (Hempher), عن دوره في إيجاد وتكوين حركة إسلامية محافظة سميت بالوهابية، وذلك كجزء من المؤامرة لتخريب العالم الإسلامي. ترجمت المذكرات للعديد من اللغات، كما أنها متاحة علي الإنترنت. في عام 2002 اعتبرت القوات العراقية هذه المذكرات بأنها من الوثائق غاية في السرية. يقول همفر في مذكراته التي نشرها بعد عودته لبلاده:
كانت بريطانيا العظمى تفكر منذ وقت طويل في إبقاء الإمبراطورية واسعة كبيرة كما هي عليها الآن، امبراطورية لا تغرب عنها الشمس. وأكثر ما كان يشغل بالنا ويقلقنا هي البلاد الإسلامية، فإننا وإن كنا قد عقدنا مع الرجل المريض (الإمبراطورية العثمانية) عدة من المعاهدات كلها كانت في صالحنا، وكانت تقديرات خبراء وزارة المستعمرات أن الرجل المريض يلفظ نفسه في أقل من قرن. وكان الهدف هو ضرب وحدة المسلمين وتدمير خلافتهم، وضعنا الخطط الطويلة الأمد لأجل سيطرة التفرقة والجهل والفقر وأحيانا المرض على هذه البلاد. أوفدتني وزارة المستعمرات عام (1710) إلى كل من مصر والعراق وطهران والحجاز والآستانة لأجمع المعلومات الكافية التي تعزز سبل تمزيقنا للمسلمين، ونشر السيطرة على بلاد الإسلام. وبعد سفرة مضنية وصلت إلى الأستانة وسميت نفسي (محمدا) وأخذت أحضر المساجد وراقني النظام والنظافة والطاعة التي وجدتها عندهم. بعد إتمام سنتين من مكثي في (الآستانة)، استأذنت العودة إلى لندن لتقديم تقرير مفصل عن الأوضاع في عاصمة الخلافة، ولأتزود بأوامر جديدة حول مهمتي. كنت قد نجحت نجاحا باهرا في تعلم التركية والعربية والقرآن والشريعة، لكني لم أحرز نجاحا في تقديم تقرير يدل الوزارة على مواقع الضعف في الدولة العثمانية. وكانت مهمتي في السفرة القادمة تنحصر في أن أجد نقطة الضعف عند المسلمين والتي نتمكن بها من أن ندخل في جسمهم ونبدد أوصالهم. وبعد ستة أشهر صدرت لي الأوامر بالتوجه إلي إقليم العراق المستعمر من الباب العالي منذ زمن طويل.
وبعدعامين من تواجدي بالعراق وجدت مكانا عند نجّار إسمه عبد الرضا، كان شيعيا فارسيا من أهالى خرسان تصادقت معه، وانتهزت فرصة وجودي عنده أن أتعلم منه اللغة الفارسية، وكانت الشيعة العجم يجتمعون عنده كل عصر ويتكلمون في السياسة والاقتصاد، وكانوا يتهجمون على حكومتهم كثيرا كما يتهجمون على الخليفة في الآستانة، وإذا جاء زبون لا يعرفونه انقطعوا عن الكلام وأخذوا يتكلمون في قضاياهم الشخصية، ولا أعلم كيف وثقوا بي كل هذه الثقة، لكني علمت أخيرا أنهم ظنوا أني من أهالي (أذربيجان) حيث أني أعرف اللغة التركية، وساعدهم على هذا الظن لوني المائل إلى البياض، اللون الغالب على أهالي (أذربيجان)، وهناك تعرفت على شاب كان يتردد على هذا الدكان يعرف اللغات الثلاث التركية والفارسية والعربية، وكان في زى طلبة العلوم الدينية ويسمى (محمد بن عبد الوهاب)، شابا طموحا عصبي المزاج، ناقما على الحكومة العثمانية. وكان سبب صداقته مع صاحب المحل (عبد الرضا) هو أن الاثنين كانا ناقمين على الخليفة، وأنا لا أعلم من أين كان هذا الشاب يعرف اللغة الفارسية مع أنه كان من أهل السنة وكيف صادق (عبد الرضا) الشيعي؟ إن كلا الأمرين لم يكونا غريبين، ففي البصرة يلتقي السني بالشيعي كأنهما أخوة كما يعرف الكثير من القاطنين في البصرة اللغتين الفارسية والعربية، وأن كثيرا منهم يعرف أيضا اللغة التركية.
ووجدت في (محمد بن عبد الوهاب) ضالتي المنشودة، فإن تحرره وطموحه من مشايخ عصره، ورأيه المستقل الذي لا يهتم حتى بالخلفاء الأربعة أمام ما يفهمه هو من القرآن و السنة، كان يزدري بأبي حنيفة أيما ازدراء. وكان يقول عن نفسه أني أكثر فهما من أبي حنيفة، وأن نصف كتاب البخاري باطل، وتلك كانت أكبر نقاط الضعف التي كنت أتمكن أن أتسلل منها إلى نفسه. عقدت بيني وبينه أقوى الصلات والروابط، فكنت أنفخ فيه باستمرار وأبين له أنه أكثر موهبة من (عليّ وعُمَر) وأن الرسول لو كان حاضرا لأختارك خليفة له دونهما. وقلت له أن الآمل في تجديد الإسلام معقود على يديك وإنت المنقذ الوحيد لانتشال الإسلام من هذه المسقطة.
تناقشنا لتفسير القرآن على ضوء أفكارنا الخاصة لا على ضوء فهم الصحابة والمذاهب والمشايخ، كنا نقرأ القرآن ونتكلم عن نقاط منها بقصد إيقاعه في الفخ، وكان هو يسترسل في قبول أفكاري ليظهر نفسه بمظهر المتحرر، وليجلب ثقتي أكثر فأكثر. قلت له ذات مرة : الجهاد ليس واجبا، قال : كيف وقد قال الله (جاهد الكفار)؟ قلت له يقول (جاهد الكفار والمنافقين)، فإذا كان الجهاد واجبا فلماذا لم يجاهد الرسول المنافقين؟ قال محمد : جاهدهم الرسول بلسانه. قلت : إذا فجهاد الكفار أيضا واجبا باللسان. قال : لكن الرسول حارب الكفار. قلت : حرب الرسول كان دفاعا عن النفس حيث أن الكفار أرادوا قتله فدفعهم. فهز محمد رأسه علامة الرضا .
وقلت له ذات مرة أن متعة النساء جائزة. قال : كلا. قلت: الله يقول فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن. قال : عُمَر حرم المتعة قائلا : متعتان كانتا على عهد رسول الله و أنا أحرّمهما وأعاقب عليهما. قلت : أنت تقول أنك أعلم من عمر فلماذا تتبع عمر؟ ثم إذا قال عمر أنه حرمها وأن الرسول حللها فلماذا تترك رأي القرآن ورأي الرسول وتأخذ برأي عمر؟ فسكت، وجدت سكوته دليل الاقتناع، وقد أثرت فيه الغريزة الجنسية (ولم يكن متزوجا)، قلت له : ألا نتحرر أنا وأنت ونتخذ (متعة) نستمتع بها؟ فهز رأسه علامة الرضا، وقد اغتنمت أنا هذا الرضا، وقررت موعدا لآتي بامرأة ليتمتع بها، من أجل أن أكسر خوفه من مخالفة الناس. لكنه اشترط أن يكون الأمر سرا بيني وبينه وأن لا أخبر المرأة باسمه. فذهبت فورا إلى بعض النساء اللاتي كن مجندات من قبل وزارة المستعمرات لإفساد الشباب المسلم، ونقلت لها كامل القصة، وجعلت لها اسم (صفيّة) وفي يوم الموعد ذهبت بالشيخ محمد إلى دارها، فقرأنا أنا والشيخ صيغة العقد مدته أسبوع، وأمهرها الشيخ نقدا ذهبا، فأخذت أنا من الخارج وصفية من الداخل نتراوح على توجيه الشيخ محمد عبد الوهاب. وبعدما أخذت صفية من الشيخ كل مأخذ، وتذوق محمد حلاوة مخالفة أوامر الشريعة تحت غطاء الاجتهاد والاستقلال في الرأي والحرية، في اليوم الثالث من المتعة أجريت مع محمد حوارا طويلا عن (عدم تحريم الخمر)، واستدليت بآيات القرآنية وأحاديث زيفتها وقلت له لقد صح أن خلفاء بني أمية وخلفاء بني العباس كانوا يتعاطون الخمر فهل من الممكن أن يكون كل أولئك على ضلال وأنت على صواب؟ أنهم لا شك كانوا أفهم لكتاب الله وسنة الرسول مما يدل على أنهم لم يفهموا التحريم وإنما فهموا الكراهة والإعافة، وفي الأسفار المقدسة لليهود والنصارى إباحة الخمر، فهل يعقل أن يكون الخمر حراما في دين وحلالا في دين؟ والأديان كلها من إله واحد؟ ثم أن الرواة رووا أن عمر شرب الخمر حتى نزلت الآية (فهل أنتم منتهون) ولو كانت الخمرة حراما لعاقبه النبي. فعدم عقاب النبي دليل الحِل. تنهد وقال : بل تثبت في بعض الأخبار أن عمر يكسر الخمر في الماء و يشربها، ويقول أن سكرها حرام، لا إن لم تكن تسكر. ثم أردف قائلا: وكان عمر صحيح الفهم في ذلك لأن القرآن يقول (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة)، فإذا لم تُسكر الخمر لم تفعل هذه الأمور التي ذكرت في الآية وعليه فلا نهى عن الخمر، إذا لم تكن مسكرة. أخبرت (صفية) بالأمر، وأكدت عليها أن تسقيه في هذه المرة الخمرة مغلفة ففعلت وأخبرتني أن الشيخ شرب حتى الثمالة وعربد وجامعها عدة مرات في تلك الليلة، وقد رأيت أنا آثار الضعف والنحول عليه غداة تلك الليلة. وهكذا استوليت أنا وصفية على الشيخ محمد استيلاء كاملا.
تكلمت مع الشيخ محمد عن الصوم وقلت له: إن القرآن يقول (وأن تصوموا خير لكم) ولم يقل أنه واجب عليكم، فالصوم بنظر الإسلام: مندوب وليس واجب، لكنه قاوم الفكرة وقال: أتريد أن تخرجني من ديني؟ قلت له: يا وهاب إن الدين هو صفاء القلب و سلامة الروح وعدم الاعتداء على الآخرين، ألم يقل النبي (الدين الحب)؟ وألم يقل الله في القرآن الحكيم (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين)؟ فإذا حصل للإنسان اليقين بالله واليوم الآخر، وكان طيب القلب نظيف العمل كان من أفضل الناس. لكنه هز رأسه علامة النفي وعدم الارتياح. ومرة أخرى قلت له: الصلاة ليست واجبة. قال: كيف؟ قلت: لأن في القرآن يقول الله (وأقِم الصلاة لذكري) فالمقصود من الصلاة ذكر الله تعالى، فلك أن تذكر الله تعالى عوضا عن الصلاة. قال محمد : نعم سمعت أن بعض العلماء كانوا يذكرون الله تعالى في أوقات الصلاة عوضا عن الصلاة. ففرحت لكلامه أيما فرح، وأخذت أنفخ بهذا الرأي حتى ظننت أني استوليت على لبّه، وبعدها وجدته لا يهتم لأمر الصلاة، فأحيانا يصلي وأحيانا لا يصلي خصوصا في الصباح، حيث كان يسهر إلى بعد منتصف الليل، فيكون منهوك القوى عند الصباح فلا يقوم للصلاة.
وهكذا أخذت أسحب رداء الإيمان عن عاتقه شيئا فشيئا. وأردت ذات مرة أن أناقشه حول الرسول لكنه صمد في وجهي صمودا كبيرا، و قال لي: إن تكلمت بعد ذلك حول هذا الموضوع قطعت علاقتي بك. وخشيت أن ينهار كل ما بنيته، من أجل ذلك أحجمت عن الكلام، لكن أخذت في إذكاء روحه في أن يكون لنفسه طريقا ثالثا غير السنة والشيعة، وكان يستجيب لهذا الإيحاء كل استجابة، لأنه يملأ غروره وتحرره. وبفضل (صفية) التي دامت علاقتها معه بعد الأسبوع أيضا في متعات متعددة تمكنا بالأخذ بقيادة الشيخ محمد كاملا. وذات مرة قلت له: هل صحيح أن النبي آخى بين الصحابة؟ قال: نعم. قلت : هل أحكام الإسلام وقتية أم دائمة؟ قال محمد : بل دائمة لأن الرسول يقول (حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة). قلت : إذا فلنواخي أنا وأنت. ومنذ ذلك الحين كنت أتبعه في كل سفر وحضر، وكنت أهتم لأن تأتي الشجرة التي غرستها ثمارها التي صرفت لأجلها أثمن أوقات شبابي. وكنت أكتب بالنتائج إلى وزارة المستعمرات كل شهر مرة. كما كانت عادتي منذ أن خرجت من لندن وكان الجواب يأتي بالتشجيع الكافي، فكنت أنا ومحمد نسير بالطريق الذي رسمناه بخطي سريعة، ولم أكن أفارقه لا في السفر ولا في الحضر، وكانت مهمتي أن أنمي فيه روح الاستقلال والحرية، وحالة التشكيك، وكنت أبشره دائما بمستقبل باهر وأمدح فيه روحه الوقادة ونفسه النفاذة.
ولفقت له ذات مرة (حلما) فقلت له أني رأيت البارحة في المنام رسول الله – وصفته بما كنت سمعته من خطباء المنابر – جالسا على كرسي وحوله جماعة من العلماء لم أعرف أحدا منهم وإذا بي أراك قد دخلت ووجهك يشرق نورا فلما وصلت إلى الرسول قام الرسول إجلالا وقبّل بين عينيك وقال لك: يا محمد أنت سمييّ ووارث علمي والقائم مقامي في إدارة شؤون الدين والدنيا (فقلت أنت) يا رسول الله إني أخاف أن أظهر علمي على الناس؟ قال رسول الله لك : لا تخف إنك أنت الأعلى. فلما سمع محمد مني هذا المنام كاد أن يطير فرحا، وسألني مكررا هل أنت صادق في رؤياك؟ أجبته بالإيجاب حتى اطمأن، وأظن أنه صمم من ذلك اليوم على إظهار أمره.
عدت إلي لندن بقيت فيها عدة شهور، تلقيت خلالها الأوامر من الوزارة بأن أتكلم مع الشيخ بصراحة. وعندما عدت إلي العراق، عرضت عليه الأمر، قبل الشيخ العرض على أن نحفظه من الحكومات والعلماء الذين لابد وأن يهاجموه بكافة السبل حينما يبدي آرائه وأفكاره، وأن نزوده بالمال الكافي والسلاح إذا اقتضى الأمر ذلك، وأن نجعل له إمارة ولو صغيرة في أطراف بلاده (نجد) وقد قبلت الوزارة كل ذلك، ووضعت الوزارة خطة دقيقة لأن ينفذها الشيخ وهي: 1ـ تكفير كل المسلمين وإباحة قتلهم وسلب أموالهم وهتك أعراضهم وبيعهم في أسواق النخاسة، رجالهم جعلهم عبيدا ونسائهم جواري. 2ـ هدم الكعبة باسم أنها آثار وثنية إن أمكن ومنع الناس عن الحج وإغراء القبائل بسلب الحجاج. 3ـ السعي لخلع طاعة الخليفة، والإغراء لمحاربته وتجهيز الجيوش لذلك، ومن اللازم أيضا محاربة (أشراف الحجاز) بكل الوسائل الممكنة، والتقليل من نفوذهم. 4ـ هدم القباب والأضرحة والأماكن المقدسة عند المسلمين في مكة والمدينة وسائر البلاد التي يمكنه ذلك فيها باسم أنها وثنية وشرك والاستهانة بشخصية النبي (محمد) وخلفائه ورجال الإسلام بما يتيسّر. 5ـ ونشر الفوضى والإرهاب في البلاد حسب ما يمكنه. 6ـ نشر قرآن فيه التعديل الذي ثبت في الأحاديث من زيادة ونقيصة.



#فاروق_عطية (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطيب الغير طيب والكذب علي العالم
- الوهابية المغيرة واختنا أميرة
- الوهابية والنكسة الأخلاقية
- فقراير بدم الشهداء زاعق وطاير
- التظاهرات بين الشرق والغرب
- الماسونية العالمية والمليار الذهبي
- نحن وكارثة مفاعلات يوكوشيما
- ديمقراطية علي الكيف
- تجاوزات لم نكن نعرفها
- التاريح يعيد نفسه
- تخاريف مرضية
- العلاقة بين جريمتي 2011 و 2016
- كوميديا نتاني الرطاط
- مكائد ودسائس لحرق وهدم الكنائس
- العودة لعبادة البعل:
- الدولة حين تعد ولا تفي بالوعود
- المنافقون ألوان وأشكال
- نا واخويا وابن عمي ع الغريب
- يوم من عمري لا ينسي
- داعّوشي رايح دأعّوشي جاي


المزيد.....




- لوموند تتابع رحلة متطرفين يهود يحلمون بإعادة استيطان غزة
- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاروق عطية - عمالة وضلالات محمد بن عبد الوهاب