|
أهمية محاورة كراتيلوس وأثرها في كتاب: أفلاطون في الإسلام.
محمد الورداشي،
الحوار المتمدن-العدد: 5497 - 2017 / 4 / 20 - 05:41
المحور:
الادب والفن
سأتطرق في هذه الورقة إلى نقطتين أساسيتين: 1- عدم عناية الباحثين بمحاورة كراتي لوس. 2- أثر محاورة كراتيلوس في كتاب: أفلاطون في الإسلام.
1- عدم العناية بالمحاورة: أشار عبد الرحمن بدوي في مقدمة المحاورة إلى أنه لن يتحدث عن أهميتها؛ إذ يقول: " لن أتعرض في هذه المقدمة لأهمية المحاورة المترجمة وموضوعاتها الرئيسة فقد تكفلت الدراسة بتوضيح ذلك، وإنما نكتفي بالقول بأن موضوع هذه المحاورة هو فلسفة اللغة، وهو مجال يهم الباحث اللغوي والباحث الفلسفي على حد سواء" ( ص 11). يقول بدوي: " لم تلق هذه المحاورة عناية تذكر من الباحثين ودارسي الفلسفة في اللسان العربي، ولعلها من أقل المحاورات لفتا لاهتمام الباحثين في اللغات الأوربية أيضا، ذلك أن المشتغلين بالفلسفة ينظرون إلى موضوعها، وهو أصل اللغة والأسماء، على أنه ليس موضوعا فلسفيا رئيسا في فلسفة أفلاطون، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المشتغلين باللغة والعلوم اللغوية يرون أن هذا البحث الذي قدمه أفلاطون أقرب إلى الفلسفة منه إلى المباحث اللغوية، وأسلوبه غير مألوف لديهم، فيزهدون فيه ويعزفون عنه، ويكتفون بمعرفة جوهر الرأي الذي عرضه أفلاطون في المحاورة عن أصل اللغة والأسماء". (ص 15). استنادا لما قاله بدوي يبدو جليا أن المحاورة لم تلق عناية من لدن الفلاسفة والباحثين في فلسفة اللسان العربي، حتى الفلسفة الغربية كذلك. ومرد ذلك كون الفلسفة عموما ركزت على الجانب الأخلاقي من فلسفة أفلاطون، لهذا يرى الفلاسفة أن هذه المحاورة لا تصلح لأن تكون موضوعا لدراساتهم. أما اللغويون فهم الآخرون أعرضوا عن دراسة المحاورة والاهتمام بها؛ إذ إنهم يرون أنها لا تنفع الدرس اللغوي بشيء، وربما يعزى ذلك إلى كون الدرس اللغوي الحديث أحدث قطيعة مع الفلسفة خصوصا مع دي سوسير، الذي أبعد الظاهرة اللغوية عن العلوم الأخرى، بما فيها: النحو، والفلسفة، والمنطق، فالدين..إلخ. إلا أن عبد الرحمن بدوي يرى أن هذه المحاورة يمكن أن تثري الدرس اللغوي بالكثير لو تم الاهتمام بها. يقول بهذا الصدد: " مهملين الكثير من الأسئلة العميقة والإجابات المحتملة التي أثارها أفلاطون حول قضايا لغوية مختلفة، والتي نعتقد أن الاطلاع عليها ومحاولة الإجابة عنها تثري البحث اللغوي". ( ص 16). بما أن محاورة كراتيلوس تدرس أصل اللغة والأسماء، فليس بغريب أن يعرض الدرس اللغوي الحديث عن دراستها والاهتمام بها، ونحن نعلم أن البحث في أصل اللغوي قد توقف منذ أن انحرفت التيارات اللغوية القديمة (الفيلولوجيا، فقه اللغة المقارن) عن منحى البحث في أصل اللغة إلى البحث في أصل الإنسان، وهذا البحث- أقصد البحث في أصل اللغة- عرف محدودية في الأدلة التي تثبت أصل اللغة، ما جعل الباحثين يجمعون أن دراسة هذا الموضوع ليست جادة، وفي سنة 1866 حذرت الجمعية الباريسية اللغوية الباحثين من البحث في أصل اللغة؛ لأنه يؤدي بهم إلى البحث في أصل الإنسان، وبالتالي يكون بحثا ميتافيزيقيا.
2- حضور محاورة كراتيلوس في كتاب " أفلاطون في الإسلام" لعبد الرحمن بدوي. - ملاحظات أولية: من خلال قراءة فهرس الكتاب يمكن أن نفترض أن بدوي أشارة إلى موضوع المحاورة في الكتاب: - أشار في القسم الأول من الفهرس إلى: - الفارابي: "فلسفة أفلاطون وأجزاؤها ومراتب أجزائها من أولها إلى آخرها". يمكن أن نفترض أن ذكر كتاب الفارابي احتمال وجود أثر للمحاورة؛ لأن الفارابي تحدث في كتابه هذا عن محاورة كراتيلوس وذكر موضوعها الرئيس. ولا أدل على ذلك من قول بدوي في كتاب محاورة كراتيلوس: " ولكن الوصف الأدق للمحاورة نجده في رسالة الفارابي التي عنوانها: فلسفة أفلاطون وأجزاؤها ومراتب أجزائها من أولها إلى آخرها". ( ص 25). - ذكر في القسم الثاني من الفهرس: - من كتاب "نوادر ألفاظ الفلاسفة القدماء" لحنين بن إسحاق. - إشارة ثانية قد تدل على وجود المحاورة في الكتاب، ما ورد في "أفلاطون في الإسلام"، وهو كالآتي: " ثم بعد ذلك فحص عن هذا العلم ما هو، وأي علم هو، وما صفته، وأنه هو العلم بجوهر موجود من الموجودات كلها". (أفلاطون في الإسلام، ص: 6- 7). من خلال هذا النص يبدو لنا حضور محاورة كراتيلوس في كتاب: أفلاطون في الإسلام؛ فالعلم الذي يحقق السعادة حسب أفلاطون هو العلم بجوهر موجود من الموجودات كلها. وحين نعود إلى المحاورة نجد الإشارة نفسها، ونستدل على ذلك بما قاله بدوي في مقدمة المحاورة: " وفي نهاية المحاورة أعلن أفلاطون عن عدم موافقته على دراسة الوجود والبحث عن حقيقته من خلال الأسماء وتحليلها والتعرف على معانيها الأصلية وتتبع تطورها عبر التاريخ، وأكد أن الطريق الأصوب في البحث عن حقائق الموجودات هو دراسة الموجودات نفسها". (ص 35-36). لنا رأي في هذا الصدد: من خلال مقارنتنا بين ما ورد في محاورة كراتيلوس وكتاب أفلاطون في الإسلام، يمكن أن نقول إن عبد الرحمن بدوي أشار في كتابه "أفلاطون في الإسلام" إلى المحاورة، وقد يكون هذا قصدا منه في تأجيل الحديث عن محاورة كراتيلوس عن طريق ترجمتها، ونظرا لأهميتها، ونستدل عن رأينا هذا، بناء على تاريخ إصدار الكتابين، إذ نجد: - أفلاطون في الإسلام: 1973 م. - محاورة كراتيلوس، أفلاطون: 1995 م.
إذن هناك سبق الإشارة إلى موضوع المحاورة في الكتاب الأول( أفلاطون في الإسلام)، وبعده تم الاهتمام بها تفصيلا من خلال ترجمتها إلى العربية سنة 1995. وربما اعتمد بدوي على مؤلفات نصر الفارابي وشروحاته قبل ترجمة المحاورة.
#محمد_الورداشي، (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-كل ثانية تصنع الفرق-.. فنانون سوريون يطلقون نداءات لتسريع -
...
-
مواقف أبرز الفنانين السوريين بعد سقوط حكم الأسد
-
حين يكون الشاعر مراسلا حربيا والقصيدة لوحة إعلانات.. حديث عن
...
-
الروائي السوري خليل النعيمي: أحب وداع الأمكنة لا الناس
-
RT Arabic تنظم ورشة عمل لطلاب عمانيين
-
-الخنجر- يعزز الصداقة الروسية العمانية
-
قصة تاريخ دمشق... مهد الخلافة الأموية
-
حلقة جامـدة Kurulus Osman مسلسل قيامة عثمان الحلقة 174 مترجم
...
-
الفنانة جاهدة وهبة تُحيي حفلاً في معرض العراق الدولي للكتاب
...
-
وفاة فنان مصري بعد صراع مع المرض
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|