أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - باقر الفضلي - ألقضاة لا يكذبون ...! تداعيات استقالة القاضي رزكار محمد أمين















المزيد.....

ألقضاة لا يكذبون ...! تداعيات استقالة القاضي رزكار محمد أمين


باقر الفضلي

الحوار المتمدن-العدد: 1440 - 2006 / 1 / 24 - 08:22
المحور: حقوق الانسان
    


قد يبدو ذلك من نافل القول، فأن القضاة لا يكذبون ..! فأن كذب القضاة زهق الحق، وعلا الباطل..!!؟ وقصة العراق مع القضاء أكبر من أن تتناولها مقالة بهذا الحجم..! ومنذ أن ابتدأت هذه القصة منذ حمورابي ومسلته المشهورة، ومرورا بالتراث القضائي والفقهي الاسلامي، وعمالقته الكبار، مثل قضاء الصحابة- الخلفاء الراشدين- ومن بعد، أعلامه النوابغ، امثال، قاضي القضاة- ابي يوسف- والقاضي التنوخي وأبي حنيفة وغيرهم وغيرهم الكثير من القضاة حتى عصرنا الحديث، فأن النظام القضائي في العراق، العريق- في مسيرة الحضارة- ظل دائما، نبراسا للأخلاص والنزاهة واحقاق الحق، وأزهاق الباطل..!! ولأن اعترى تاريخ مسيرتة المشرفة، بعضاّ من التجاوز عليه وانتهاك قيمه وأعرافه، و تطاول الحكام على مقدساته، وتسخيره لخدمة مآرب السلطان، والنخب الحاكمة، والاعتداء على حرمة استقلاليته ونزاهته، وحتى تلويث صفحته الناصعة، بأغراقه بنكرات مسخ من زبانية لا يسبحون الا بحمد الاسياد ، ولا تربطهم بمهنة القضاء صلة، عدا ما يمليء بطونهم من السحت الحرام ...! فهؤلاء ومهما بلغوا فأنهم لا يشكلون الا نسبة تافهة في عداد هذا الخضم العظيم من ابناءه البررة الافاضل على مر العصور..! رغم كل ذلك بقت مؤسسة القضاء الأمل الكبير لدى المواطن العراقي، ألأمل الذي يجد فيه ضالته في البحث عن العدل بعيدا عن تسلط الحكام...!

لقد كانت سمعة القضاء العراقي دوما من سمعة رجاله، تلك السمعة التي جسدها قضاته بالافعال وبالمواقف المشرفة خلال حياتهم القضائية وعلى مر العصور..! ولعل في المثل الذي أسوقه ما يعبر عن احترام القاضي العراقي لشرف مهنته وقدسيتها ورفضه السماح لاي كان ومهما بلغت مرتبته في السلطة النيل من هذه القدسية بأي شكل كان..! (( لقد حصل يوما ان تم تعيين احد القضاة العراقيين قاضياّ في قضاء "الشطرة" من محافظة الناصرية، وربما كان ذلك في الاربعينات او الخمسينات من القرن الماضي- لا تسعفني الذاكرة في تذكر الاسم- ، وبعد ان أنتقل القاضي المذكور من مكانه الموجود فيه الى مدينة "الشطرة" وطبقا للعرف الاداري القائم آنذاك، قدم قائمة " بالنفقات" وهي عبارة عن تكاليف الانتقال الى موقعه الجديد، وارسل القائمة الى مديرية الحسابات لدى وزارة العدل في بغداد، بهدف صرفها. فما كانت النتيجة..!؟؟ لقد أعادت الوزارة القائمة المذكورة الى القاضي، بعد أن حسمت وغيرت في مفرداتها...! وهذا ما دفع القاضي المذكور الى؛ أستنكار تلك الفعلة من قبل الوزارة، وحزم أمتعته مجددا عائدا الى مكانه الاول، بعد أن أبرق الى وزارة العدل، مبلغا أياها "بألاستقالة"..رادا لها الصاع صاعين.. بقوله في البرقية:
"بأن القضاة لا يكذبون..!! لقد كان لهذه الحادثة وقع مثير في أوساط وزارة العدل، مما اضطر معه الوزير ومجلس القضاء التدخل لعلاج الأزمة، التي أنتهت بألاعتذار للقاضي ومحاسبة المسؤولين عن المساس بصدقيته.

هذا مجرد مثل واحد على نزاهة القاضي العراقي، واعتداده بأخلاصه لشرف هذه المهنة المقدسة، ورفضه ان يطعن بهذا الاخلاص ..! ومثل آخر أسوقه عن نقاء سمعة القضاء العراقي واستقلاليته، جسده أحد قضاة " محكمة التمييز " وهي -اعلى هيئة قضائية-؛ حينما رفض الاستمرار في العمل المنتدب اليه، كمستشار قانوني لرئيس الجمهورية "احمد حسن البكر" بعد عام 1968 بعد ان لاحظ بأن توجهات وأغراض الحاكم تتعارض مع مبادئه كقاض ، فقدم استقالته من المنصب المذكور، ولم يرضخ لأي ضغوط أو أغراءات..!! رافضا المنصب بكل امتيازاته وأغراءاته.

ذلك هو ديدن القضاء العراقي عبر العصور..! كما هو ديدن قضاته..! وفي هذين المثلين فقط، وليس غير، تتجلى تلك الصورة المشرقة لهذه المؤسسة المستقلة..!

وليس غريبا، أن من يكون قد عاش في ظل هذه المؤسسة، واستلهم مبادئها وتنور في ظل تجربتها وتخلق بأخلاقها، وسبر تأريخها الساطع بالعبر والدروس الغنية بالمعرفة والحكمة، والشجاعة..! ليس غريبا على شحص مثل هذا، ان يقف هذا الموقف الشجاع، ويعلن بكل جرأة وأقدام، تقديم أستقالته من منصب رئيس (المحكمة الجنائية الخاصة) بمحاكمة رموز النظام السابق، رموز الديكتاتورية البغيضة، لا لشيء ما، ألا لرفضه تدخل السلطات الحكومية والمؤسسات السياسية- وهذا ما رددته وسائل الاعلام- في شؤون المحاكمة وصلاحياتة كقاض..!؟ وأنه لمن المؤسف ان تتعرض قدسية وطهارة هذه المؤسسة الحيادية، والتي تمثل احدى واجهات السيادة العراقية الى ذلك التدخل الفض الذي لحقها من قبل الحاكم المدني الامريكي سيء الصيت "بريمر"

لقد جسد القاضي (رزكار محمد أمين) بموقفه الجريء هذا، كل ما يعنيه مبدأ أستقلالية القضاء من معنى، غير مبال بكل الضغوط التي مورست ضد ادارته لجلسات المحاكمة، من اي جهة كانت، واثبت أنه لم يخضع لأبتزاز الحملات الاعلامية وتخرصات الفضائيات وأنتقادات المنتقدين...! لقد كان القاضي (رزكار محمد أمين)، مثالاّ للقاضي الذي (لا يحكم بعلمه) ولا يدير اجراءات المحاكمة حسب ( أهوائه..أو أنفعالاته..!) لم يفزعه من وقف امامه قي قاعة المحاكمة، من المتهمين، ولم يهزه زعيق المحتجين..!

لقد وضع موقف القاضي الفاضل (رزكار محمد أمين) في رفضه العدول عن الاستقالة، وضع هذا الموقف، السلطات الحكومية في وضع لا تحسد عليه، حيث لزمت الصمت، ولم تبد اي تعليق على ذلك..! حتى ان السيد رئيس الجمهورية، الاستاذ جلال الطالباني حينما سؤل بتاريخ 18/1/2005 عن اسباب الاستقالة ، اجاب بانه يجهل السبب..؟؟!
أنه ووفقا لنصوص الدستور، فأن القضاء مستقل ولا يحق لأي كان التدخل في شؤونه. وبناء على ذلك فان كانت الاسباب التي تقف وراء استقالة القاضي الفاضل (رزكار محمد أمين) تدخل في معنى ممارسة الضغوط عليه لحرفه عن أداء واجبه الشرعي؛ من خلال توجيهه نحو وجهة معينة، أو حشره في حلبة المماحكات والصراعات السياسية، أو استمالته نحو طرف معين بالذات، وغيرها من أنواع الضغوط الاخرى.. - وهذا ما يشاع في وسائل الاعلام- فأن ذلك يشكل خرقا فضا للدستور يستوجب التوقف عنده، ومسائلة الذين يقفون ورائه، وتلك هي مسؤولية السلطات العليا من برلمان ورئاسة الجمهورية ومجلس القضاء..! ومن غير المناسب أهمال حدث بهذا المستوى، والسكوت عليه، وكأن لم يحدث شيء..!؟؟ وبعيدا عن كل ما يمت بصلة لظروف تشكيل المحكمة الجنائية من حيث شرعيتها أو عدمه، وحتى من حيث طبيعة الظروف التي نسب بسببها القاضي الفاضل لهذه المهمة؛ فليس من باب الكفاية أن يعلن فقط: ( بأن أسباب الاستقالة كانت "شخصية"..!؟) وحتى أن كان الامر كذلك- وهذا موضع شك-، فأنه ولأهمية هذه المحاكمة ولكونها تحضى بأهتمام الشعب باجمعه، فأنه يصبح من البديهيات، أن يعلن القاضي الفاضل (رزكار محمد أمين) شخصيا، موضحا موقفه من كل ما حصل، وعدم الاكتفاء باللقاءات التي تجري فيما وراء الكواليس..! اذا ما اريد بناء الديمقراطية كنقيض للدكتاتورية. تلك الديمقراطية التي في محتواها ما هي الا مبدأ "الفصل بين السلطات"، مع "الاستقلالية" التامة للسلطة القضائية..! فهل هذا حاصل في "العراق الجديد" ..!؟؟ "...ولكن ليطمأن قلبي."

أما أجهزة الاعلام الموقرة، وخصوصا الصحافة المقرؤة والمرئية ومنها الفضائيات، فتبدو الصورة أكتر عتامة مما يعتقد، ويبدو أن الامر يحتاج الى الكثير من الوقت حتى يصبح بالامكان التمييز بين ما هو جائز قانونا وبين مالا يجوز..! للاعلام ان يقول ما يشاء فتلك هي حرية ابداء الرأي.. ولكن أن يذهب الامر حد تجريح القضاة او السماح بالتدخل في طرق ادائهم وادارتهم للمرافعات، أو حد ممارسة الضغط عليهم في استعجال اصدار الاحكام والايحاء بطبيعتها..! فلا أظن ان في ذلك ما يتوائم مع حرفية مهنة الصحافة ولا يستقيم مع أحترام مبدأ أستقلالية القضاء.. ...!! مثله مثل القول؛ بمشروعية ألأخذ "بصناديق الاستفتاء" في اصدار الأحكام وتنفيذها، فهو الآخر شيء لا يستقيم مع مباديء العدالة.؟؟ وغني عن البيان، القضاء الذي حكم به الأمام علي بن ابي طالب (ع)، في حق غادره "ابن ملجم" ، حين حال بين الحسن والحسين (ع) من ان يقتصا من "غادره"، دون مقاضاة، فيما اذا وافته المنية..! نعم فأن للجمهورالحق، في ان يعبر عن غضبه واستيائه، ولكنه سبق وقد أناب عنه (العدالة) المتمثلة (بالقضاء) ، في الاقتصاص من ظالميه، وللعدالة أحكامها..!
أن القضاء المستقل المحايد، وجه من أوجه السيادة، ومظهر من مظاهر الرقي والتمدن، وصورة من صور الديمقراطية، اذا ما ظل في منجى من التدخل في سلطته التي لاسلطة فوقها غير سلطة الشعب، واذا ما احترمت ولايته العامة في المنازعات..!
لذلك تبقى مسألة استقالة القاضي الفاضل (رزكار محمد أمين) وأسبابها، من المسائل ذات الاهمية البالغة، ومن الاحداث البارزة في تأريخ القضاء العراقي في العصر الحديث..! وأن التوقف أمامها، أمر ذو ابعاد دستورية قانونية، وسياسية..؟!



#باقر_الفضلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رباعية الثوابت.. والمخاض المرتقب
- الجيش العراقي...بين احتلالين..!!
- ليتوقف قتل الابرياء


المزيد.....




- غواتيمالا.. مداهمة مكاتب منظمة خيرية بدعوى انتهاكها حقوق الأ ...
- شاهد.. لحظة اعتقال الشرطة رئيسة قسم الفلسفة بجامعة إيموري ال ...
- الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
- الرئيس الايراني: ادعياء حقوق الانسان يقمعون المدافعين عن مظل ...
- -التعاون الإسلامي- تدعو جميع الدول لدعم تقرير بشأن -الأونروا ...
- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - باقر الفضلي - ألقضاة لا يكذبون ...! تداعيات استقالة القاضي رزكار محمد أمين