|
الغربيون لا يقراوننا وان فعلو لا يفهموننا! -1-
محمد جمال الدين
الحوار المتمدن-العدد: 5493 - 2017 / 4 / 16 - 22:42
المحور:
الادب والفن
الغربيون لا يقراوننا وان فعلو لا يفهموننا! "1"
لدي زعم معضد ببعض الشواهد أن الإنسان الغربي العادي لا يفهم ولا يروقه في العادة ادبنا الغارق في الميتافيزيقي والتجريدي!. فهو يفهم الواقع مباشرة ويتوقع أن تكون العملية الإبداعية إحدى مكوناته "الواقع".
والقضية ربما تكون معقدة أكثر من ذلك، فالمخيال الإبداعي نفسه ينشأ في فضاءات اجتماعية شديدة التمايز (المخيال المشرقي في الاساس عشائري/جسداني*/غيبي/طائفي/كلي/شمولي/جماعي بينما المخيال الغربي في الاساس مدني/لا جسداني/لا عشائري/واقعي/براجماتي/فرداني) .
إذ أن الاختلاف بين الفضائين الاجتماعيين الغربي والشرقي هو اختلاف نوع وليس مقدار فحسب وذلك سببا في تمايز السمت الإبداعي والذائقة التي تصنعه وتلك التي تتلقاه.. وهي علة عضوية وليست عارضة!.
لهذا السبب فالغربي العادي لا يفهمنا في المجمل، ليس فقط ادبنا، بل قد لا يفهم حتى خياراتنا السياسية الخاصة التي بدورها تقوم على دعائم من ذلك الفضاء الاجتماعي المختلف جذريا!.
وكلامي هذا مسنود بتجربة ذاتية حية ان جازت العبارة أو قل ملاحظة عبر المعايشة اليومية بلغة الأنثروبولوجيا.
وعندي كمثال مقالة سابقة تحدثت فيه عن واقعة مشهودة وهي خسارة ناشر هولندي قام بترجمة وطباعة مئات الآلاف من رواية الاديب نجيب محفوظ الفائزة بجائزة نوبل دون أن يحسب حساباته سلفا كون الكاتب فائز بأعظم جائزة عالمية ومصدرها الغرب نفسه وهي طبعا "نوبل".. فما حدث أن لا أحدا في هولندا ابتاع الرواية الفائزة بالجائزة الخطيرة .. وقال بذلك الناشر نفسه!.
وقلت في مقالتي تلك ان الأسباب اثنين أولهما عارضا والثاني عضويا. السبب العارض أن الغربي العادي لا يتوقع في العادة أدبا راقيا مكتوبا باللغة العربية التي عنده تصلح فقط للإرهاب وربما يحفظ منها كلمة "الله اكبر" التي تتردد في القنوات التلفزيونية حين تنفيذ العمليات الحربية/الجهادية/الانتحارية/الانتقامية/الارهابية/الجنونية التي تنجح الكاميرات في تصويرها أثناء التنفيذ.. وهي علة آيديولوجية محضة كما انها قبل الإرهاب ذات علاقة مباشرة بالصراع العربي الاسرائيلي.
والسبب الاخر عضوي يكمن في الاختلاف الجذري بين مكونات المخيال الشرقي والغربي (جاء شرحه اعلاه).. وهي علة جوهرية!.
علتان تقفان حاجزا سميكا حيال نفاذ الأعمال الإبداعية الشرقية/العربية إلى إنسان الغرب وهما من أهم أسباب سوء فهم الإنسان الغربي العادي للشرق وانسانه أو قل جهله المجمل به.. وفق زعمي هنا.. والسؤال هل يمكن تجاوزهما ولا نقل حلهما ان كان مستحيلا بالذات العلة الجوهرية؟. كيف؟. هذا ما ساشرككم اياه في المقالة القادمة تحت ذات العنوان "حلقة 2".
محمد جمال الدين لاهاي/هولندا
* جسداني: أعني بها العلاقات القائمة على وشائج الدم (القبيلة/العشيرة/الاسرة الممتدة) إذ ان هذه البنيات مركزها في الجسد. الجسد "تابو" عظيم منه تخرج العشيرة للوجود وبه تبقى عزيزة أو ذليلة بين العشائر الاخرى وبفنائه أو فساده تفنى العشيرة. ولهذا يكون غسل العار (او عموما علل العلاقة الجنسية بين الذكر والانثى) والثار والوشوم والختان الفرعوني.. وتلك عادات اجتماعية راسخة كلها تدور حول الجسد وغيرها الكثير.
#محمد_جمال_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
-
-يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا
...
-
“أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن
...
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
-
افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|