أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - الورطة اليمنية والاستثمار في الموت!















المزيد.....

الورطة اليمنية والاستثمار في الموت!


منذر علي

الحوار المتمدن-العدد: 5493 - 2017 / 4 / 16 - 21:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    




من الواضح أننا في ورطة كبرى، predicament، لا مثيل لها، ولا فكاك منها في المدى القريب والمتوسط. والورطة ، كما يعرِّفها لسان العرب ، عبارة عن " وحل تقع فيه الغنم فلا تتخلص منه إلاَ بصعوبة" ، والمقابل المجازي ، هنا يتمثل في تلك المجموعة من اليمنيين ، المسكونين بالخرافات والأوهام من كل نوع ، الأكثر غباء من الأغنام ، الذين يُقادون من قبل مجموعة من القوادين المحليين ، خدمة لمصالح النخب الرجعية في المحيط الإقليمي ، الأكثر مكراً من الذئاب ، وتحديداً من قبل إيران والسعودية ، المتنافستان الرئيستان من أجل الهيمنة والنفوذ في إطار الصراع القائم في المنطقة، أما صداً لسطوة النظام الصهيوني والامبريالي المتزايد ، وتعميقاً وتوسيعاً للنفوذ الإسلامي، بصيغته الطائفية ، كما تفعل الدولة الإيرانية ، وأما تناغماً وتوسعاً وتعمقاً للنفوذ الرجعي و الصهيوني والامبريالي المتزايد ، كما تفعل السعودية.
المتخلفون في اليمن ، الذين هم أقرب إلى القطيع ، يتناطحون في الوحل ، غارقون في الدم ، ورعاة الأغنام ، أو بالأحرى القوادين ، وكلاب القوى الإقليمية ، تنبح وتدل الذئاب على مواقع الغنم المتناطح، وتقدم الإحداثيات الدقيقة للذئاب الخارجية لكي تشرع بالقصف الجوي ، والبري والبحري، من بعيد ، ومن بعيد أيضاً تدير الذئاب لعبة الموت بمكرٍ ومهارةٍ ، معتمدة على الأغنام و مستعينة بالقوادين من الكلاب المسعورة المحلية لكي تغنم اليمن، وهي بِمَنْأىً عَنْ كُلِّ سُوءٍ.
وهذه اللعبة الدموية، التي تجري فوق أديم وطننا، برضاء الاغنام وتسهيل القوادين ، تُنفذ بمهارة وإتقان من قبل الذئاب الإقليمية، بموافقة ودعم فعَّال من قبل الأسياد الكبار، وخاصة إسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، تناغماً مع ما يجري في بلدان عربية أخرى ، توطئة للسيطرة على المنطقة العربية وعلى اليمن، في إطار التقسيم الجديد الذي يستهدف العالم العربي.

انعدام الولاء وضيق الأفق

في وطننا الشقي بأبنائه ، تفتقر النخبة النافذة إلى الولاء الوطني. ذلك إنَّ شيوخ القبائل المؤثرين، كانوا وما يرحوا يحصلون على رواتبهم من السعودية، وبعض أحزب المعارضة تحصل ميزانيتها من السعودية ، ومجاميع قبلية ودينية تتلقى رواتبها من السعودية، وبعض شيوخ الدين الفجرة ، يستلمون رواتبهم من السعودية ، وبعض الشخصيات السياسية النافذة، تنال رواتبها من السعودية ،وثمة وزراء يأخذون رواتبهم من السعودية ، والحكومة تتلقى أموالاً طائلة من السعودية، وكذا الأمر ينطبق على ما تتلقاه أطراف كثيرة من الحكومة القطرية والإماراتية والإيرانية من أموال وعطايا سخية ، وإن كانت هذه الأخيرة ، تقدم دعماً مالياً بدرجة أقل ، بفعل وضعها المالي الصعب، الناتج عن الحصار الاقتصادي والسياسي.
لقد جرى ، خلال الفترة الممتدة من عام 1970 وحتى اليوم ، "سعودتْ" و"أيرنتْ" و" قطرنت" "وأمْرَنتْ ، بل و "أمركتْ " قطاع كبير من اليمنيين ، جراء ضيق أفق العيش وطنهم ، واضطرارهم إلى الهجرة بالملايين إلى دول الخليج، وخاصة إلى السعودية ، وبالتالي تعرضهم ، وإن بشكل غير مباشر ، إلى نوع من إعادة التنشئة السياسية Political socialisation ، بما يتوافق مع الميول الوهابية المتطرفة، الحاضنة الأيدلوجية للنظام السعودي ، أو عن طريق الرشوة المالية المباشرة التي كانت ومازالت تُقدَّم إلى قطاع كبير من القوى النافذة في الداخل ، وتوفير السلاح والتدريب والتأهيل العسكريين اللازمين ، فضلاً عن الحقن بالأيدلوجيات الدينية المتطرفة ، بشقيها السني والشيعي.
وهو الأمر الذي نتج وينتج عنه، تبعية قطاع كبير من اليمنيين للخارج الأجنبي، وضعف ولائهم للداخل الوطني. وحينها يكون السؤال المنطقي، هو: كيف يمكن لنا أن نتوقع أن يكون ثمة ولاء وطني لدي النخبة النافذة في اليمن ، وهل يمكن الوثوق بهذه النخبة الفاسدة ، المرتهنة لأعداء الوطن أم إنَّ علينا أن ننفصل عنها وعن مسانديها الأشرار، ونوثق ارتباطنا بوطننا وشعبنا؟
من جانب آخر ، ثمة ضيق أفق واضح لدي القوادين السياسيين من الطرفين: ف" أنصار إيران" ، الملتحفون بالدين والقداسة الزائفة، وأتباعهم من الأغنام ، لا يتسمون بسعة الأفق السياسي ، كما هو حال أقرانهم ،مثلاً ، في حزب الله في لبنان. فحزب الله اللبناني ، وبصرف النظر عن موقفنا من توجهاته السياسية وفلسفته الدينية الطائفية ، لم يستخدم سلاحه من أجل السيطرة على السلطة في لبنان، ولم يوجهه ضد الشعب اللبناني في بيروت والبقاع وجبل لبنان والجنوب والشمال والنبطية وغيرها من المناطق اللبنانية ، ولكنه استخدم سلاحه لطرد الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000 ، حينما كشفتْ الدولة اللبنانية ، المجوفة بالصراعات الطائفية عن فشلها الذريع . وحزب الله ، يعد سلاحه اليوم أداة ردع فعالة ، و وسيلة لتحرير بقية المناطق المحتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ، وقد نجح في تمريغ وجه إسرائيل بالوحل عندما شنت عدوانها على لبنان في عام 2006 . واليوم فإنَّ حزب الله يوجه سلاحه صوب العدو الإسرائيلي والقوى التكفيرية، بغية حماية لبنان ، وصد أي عدوان خارجي عليه. وقد حَظِيَ حزب الله بتقدير قطاعات واسعة من القوى التقدمية في العالم ، وخاصة في أمريكا اللاتينية ، و بدعم عربي شعبي كبير من قبل قطاعٍ واسعٍ من الشعوب العربية ، فضلاً عن دعم جُل الفئات اللبنانية له ، على الرغم من الانقسامات الطائفية التي تعصف بذلك البلد العربي الجميل . وبالمقارنة فإنَّ أنصار إيران في اليمن، استخدموا سلاحهم ، بدوافع دينية وسياسية ضيقة، من أجل السيطرة على السلطة، تحت ذرائع غبية، واعتقال رئيس الدولة المنتخب ، ورئيس الوزراء المتوافق عليه ، وفتحوا أبواب اليمن على مصراعيها لإيران ولدعمها السياسي و العسكري ، ثم سارعوا إلى إقامة مناورات عسكرية استعراضية كبرى ، دون تدبرُّ لما يمكن أن يسفر عنه مثل هذا الإجراء الأحمق، و شرعوا ، بشكل ، متخبط ، كالسكارى، إلى أتخاذ جملة من القرارات الغبية ، منها ،مثلاً ، تقييد الصحافة ، و تحريم ومنع الموسيقى والغناء في الأعراس والمظاهر الاحتفالية ، الدينية والوطنية ، واتجهوا فوراً إلى قمع واعتقال المعارضين لهم في العاصمة صنعاء، ثم اندفعوا ، و بصلف لا نظير له ، لتحرير المحافظات اليمنية ، مثل تعز وعدن والبيضاء والضالع ومأرب والجوف من أبنائها!
وحينما شَنَّتْ السعودية هجومها الغادر على اليمن وعليهم ، بحجة أنهم أداة سياسية وعسكرية إيرانية ، سعوا ، دون خجل ، إلى طلب يد العون من ضحاياهم ، فلم يجدوا من يساندهم داخلياً ، بل إنَّ كثيراً من ضحاياهم، رحَّبُوا بالعدوان السعودي وساندوه ، فوقع أنصار إيران ، بسبب غبائهم المفرط وتهورهم الأخرق ، وحماقاتهم الهوجاء ،المنفلتة من عَقْلها و عِقَالها ، وموقفهم غير المسئول، وغير الوطني ، فريسة سهلة للمعارضة الداخلية العميلة والماكرة ، وللعدوان السعودي الخليجي الغاشم عليهم وعلى اليمن.
أما الطرف الآخر ، من المعادلة الداخلية ، بقواديه وأغنامه ، فيكمن ضيق أفقه ، في أنه أستغل أخطاء " أنصار إيران" القاتلة بمكر، وسعى للانتقام منهم ، ولكن من خلال الانتقام من الشعب اليمني، من خلال تناغمه مع توجهات العدو السعودي العدوانية ، حيث كان هذا الأخير ، يراقب الأوضاع في اليمن باهتمام شديد ، ويتحيَّن الفرصة للانقضاض على اليمن تحت ذرائع واهية.
لقد عاضد الطرف الداخلي، المناهض لأنصار إيران، العدوان السعودي ، وسوَّغه، بالقول بأنَّ السعودية ودول الخليج الرجعية، إنما تدافع عن المبادرة الخليجية ، وعن السلطة الشرعية المنتخبة من الشعب ، وتدافع عن حدودها ، من خلال كبح التمدد الإيراني ، وصد "العدوان المجوسي الصفوي الغاشم"، الواقع على الشعب اليمني وعلى أهل السنة. غير إنَّ الشعب اليمني ، يعلم يقيناً من تجربته التاريخية الثرية ، إنَّ احتلال جيزان ونجران وعسير والشرورة والوديعة ، والتأمر على الثورة اليمنية ، و تصفية الزعيم الوطني إبراهيم الحمدي ، لم يكن لصد الزحف المجوسي، وكبح النفوذ الفارسي باليمن ، و إنَّ التدخل السعودي في اليمن، قائم ومستمر على قدم وساق ، منذ زمن بعيد ، وسابق لقيام الثورة الإسلامية في إيران ، بقيادة الإمام آية الله الخميني ، بل إنَّ النظام السعودي، ونظام الشاه محمد رضا بهلوي ، الوثيق الصلة بالعدو الصهيوني ، نسَّقا مع سلطات الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن ، وتحالفا ضد ثورة 26 سبتمبر 1962، ودعما الملكيين ، الذين هم آباء وأجداد أنصار إيران الحاليين ، وسعى السعوديون والبريطانيون والأيرانيون ، لتقويض الثورة اليمنية العظيمة ، وحينما انتصرت ثورة 14 أكتوبر المجيدة ، تم طرد المستعمر البريطاني من جنوب اليمن في 30 نوفمبر 1967 ، تحالفا النظام السعودي مع النظام الإيراني وسعيا لإسقاط النظام الوطني التقدمي في جنوب الوطن.
ولئن كانت مثل هذه المبررات المتهافتة والساقطة ، المسوِّغة للعدوان السعودي الغاشم على اليمن ، قد لَقِيتْ بعضِ الْقبول عند قطاع واسع من المتخلفين الأوباش والانتهازيين التافهين في بلادنا ، فأنَّها في مجملها ، لم تنطلِ على القطاع الأكبر من الشعب اليمني، و لم تلقِ ما يكفي من القبول لديه. فالشعب اليمني، يدرك بفطرته البسيطة، وبتجربته التاريخية الغنية، الدور الماكر لنظام آل سعود المتعفن ، كما يدرك دور أولئك القوادين، المحليين، المشبوهين ، المرتبطين بمهلكة آل سعود والدول الغازيِّة الخليجية ، وأهدافهم البائسة . فالشعب اليمني على بيِّنة من أمره ، فهو يدرك إنَّ الأهداف الطائفية والقبلية والجهوية لهذا الطرف العميل ، المرتبط وظيفياً بأسرة آل سعود، لا تقل خطراً على الوطن ، عن أهداف أوباش إيران الغبية ، الذين يلتحفون بالإسلام ، و يَتَمَضْمَضُونَ بالشعارات المعادية لإسرائيل وأمريكا ، ولكنهم في واقع الأمر، يساهمون في قتل الشعب اليمني وتقويض كيانه الوطني. إذ على الرغم من التباين العميق بين هذه الأطراف ، السادرة في غيِّها ، المتنافرة والمتصارعة بشكلٍ دموي ، فإنَّ هذه الجماعات المحلية المتعارضة ، تتسم بصفة جوهرية مشتركة ، وهي افتقادها للروح الوطنية، وولائها المطلق للذئاب الخارجية، والاستسلام لمطامعها التوسعية، تحت ذرائع زائفة.
وكان لا بد أن يترتب على وجود هذين الطرفين الشائنين المتعارضين ، أي أنصار إيران وأنصار السعودية ، صراع دامٍ بينهما ، وانقسام عميق في المكونات السياسية ، نتج عنه ، بفعلِ مزيجٍ من الإغواء والأغراء والتجويع والترويع ، سقوط وانتحار جزء كبير من القوى السياسية الأخرى ، بما في ذلك قطاع كبير من القوى اليسارية والقومية، وانضوائها تحت لواء الطرفين الرئيسين المتصارعين، أي أنصار إيران وأنصار السعودية . كما ترتب على الانقسام السياسي، شرخ عميق في الكيان الوطني اليمني الواحد. وغدا الوطن مسرحاً للصراع الإقليمي والدولي ، ودخل اليمن في أتون نفق مظلم ، وبقيتْ الكتلة الكبرى من الشعب اليمني مُرتَبكة ومحايدة ، وضحية هذا الصراع الدموي ، الذي لا يبدو أن ثمة أفق مفتوح للخروج منه على المدى القريب. إنها ورطة كبرى!
ولكن أين تكمن الورطة؟
يمكن القول بشكل موجز إنَّ الورطة تكمن في ارتهان المصير الوطني برمته للقوى الخارجية، وبشكل مُفصَّل تكمن الورطة في وجود قوتين متباينتين ، متصارعتين في السياق الوطني اليمني ، تشبهان سلطة العرائس المتحركة ، لأنهما ليستا أكثر من أداتين، بيد القوى الخارجية، السعودية وإيران ، حيث يجري التحكم بهاتين الأداتين، بإتقان مُحكم من الخارج. إنهما أداتان تقفان وجه لوجه في نزالٍ دامٍ لا يتوقف.إذْ يرى كل طرف إنَّ انتصاره الحاسم، مشروط بهزيمة ساحقة للطرف الآخر، تلبية لرغبات القوى الخارجية المساندة له، و تناغماً مع الصراع بين المحورين السعودي والإيراني. ولذلك فإنَّ هاتين القوتين المحليتين اللتين تسيران في مسارين متعارضين ، يترتب على صراعهما الدامي، تدمير اليمن، خدمة لمصالح القوى الخارجية المُتحَّكِمة بمسار الصراع السياسي والاستراتيجي في اليمن ومنطقة الشرق الأوسط ، وبما يخدم مصالح القوى الامبريالية الكبرى في العالم.
وهنا يمكن الإشارة إلى هاتين القوتين بإيجاز شديد على النحو التالي:
القوى الأولى ، كما أشرنا سلفاً ، تتمثل في أنصار إيران، والمخلوع علي عبد الله صالح ، وأتباعهم ، بغنمهم وكلابهم ، الذين يعتقدون إنَّ حكم اليمن، حق حصري لهم وحدهم ، فالله ، وفقاً لأوهامهم الطائفية والقبلية، قد اصطفاهم ، دون غيرهم ، ومنحهم الحق المطلق في حكم غيرهم من الأغنام والأنعام. وتتمثل أيضاً في الذئب الإيراني الشرس ، الداعم لهم ، والمتربص باليمن لاعتبارات استعمارية توسعية. إذ تعتقد إيران ومن خلال دعوتها الدينية الرائجة ، أنها ستحكم اليمن من خلال أنصارها هناك، كما حكمته في الماضي البعيد، في عهد كسرى ، انو شروان الفارسي في 575 م، و بذلك ستتمكن من السيطرة على رقعة جغرافية كبيرة ، لها إرث حضاري عظيم ، غنية بالثروات الطبيعية ، تشغل موقعاً إستراتيجياً هاماً ، و تشرف على البحرين العربي والأحمر ، وعلى خليج عدن ، فضلاً عن باب المندب، الأمر الذي من شأنه أن يتيح لها التحكم بالملاحة الدولية في هذه المنطقة الإستراتيجية الهامة ، ومحاصرة السعودية من الجنوب ، بعد أن نجحت في محاصرتها من الشمال عن طريق سيطرتها شبه الكلية على العراق، وتوسيع و نفوذها في كلٍ من سوريا ولبنان.
القوى الثانية ، تتمثل في "أنصار السعودية" ، وهي مجموعة كبيرة ولكنها متنافرة ، وتشمل الرئيس المخلول عبد ربه منصور هادي وجماعته القبلية وأتباعه الجدد الانتهازيين ، الملفلفين من هنا وهناك ، و أطراف متنوعة من الحراك الجنوبي المعطوب بالجهل والحماقة القبلية، و حزب الإصلاح ، و الجماعات الدينية المتطرفة، كالقاعدة وداعش وجماعات أنصار السنة ، مع بعض التجمعات القروية والعصبوية ، من قادة القبائل في أقصى الشمال ، مع بقايا السلاطين في أقصى الجنوب والشرق ، المسكونين بأوهام الماضي ، وبعض الأحزاب الغارقة في توجهاتها الرجعية ، كرابطة أبناء الجنوب العربي ، فضلاً عن بعض الشخصيات والأجنحة "التقدمية" المحسوبة على بعض الأحزاب القومية واليسارية ، التي عارضت في البداية ، و بشرف انقلاب أنصار إيران ، ولكنها ما لبثت أن وقعت في الفخ ، وتخلتْ عن شرفها الوطني ، بسبب تهورها وغبائها وانتهازية بعض قياداتها.
وهذه الجماعات الشائنة المتنافرة بحدة ، تتعايش مع عار العمالة ، وتتعيِّش على حساب الوطن ، ويجمعها خيط رفيع، على الرغم من تباينها ، يتمثل في ولائها المطلق لمهلكة آل سعود المتعفنة ، التي تصرف عليها مالاً ، وهي جماعات مَضحُوك عليها ، لأنها تعتقد إنَّ حكم اليمن ، حق حصري لها ، سواء تم ذلك ، في إطار اليمن ككيان موحد ، أو كيانات متعددة: ، من إقليمين ، أم من ستة أقاليم . وهي تعتقد إنَّ الحكم لا ينبغي أن يكون محصوراً في الجماعات الطائفية، الموالية لإيران وحدها. وبالتالي فإنها تسعى للإحلال محلها في السلطة وفي مفاصل الدولة المختلفة والدخول في مجلس التعاون الخليجي ، وخدمة أسيادها في الرياض والإمارات . وهذه القوى الشائنة، المرتبطة ، بدرجة أساسية ، بالذئب السعودي الجامح، الراعي والداعم لها ، والمتربص باليمن ، منذ عقود كثيرة ، الذي يعتقد إنه من خلال إحيائه و إثارته للنزعات الطائفية البدائية ، tendencies sectarian primitive، و تشجيعه وتمويله للنزاعات السياسية conflicts political، المترتبة على تلك النزعات البدائية ، والسعي لخلق كيانات متصارعة في اليمن ، وتقديم الدعم المالي و العسكري لها ، ومساهمته المباشرة في الصراع المسلح الواسع النطاق ، سيتمكن من السيطرة على رقعة جغرافية كبيرة ، تعرف حتى اليوم بالجمهورية اليمنية ، وتشغل موقعاً إستراتيجياً هاماً ، و تشْرِف على البحرين العربي والأحمر ، وخليج عدن ، فضلاً عن باب المندب، سيفتح له منافذ بحرية جديدة إلى بحر العرب ، وسيمكنه من التحكم في الملاحة الدولية ، ومنع إيران من التمدد ، بل ومحاصرتها ، ومن ثم تلبية تطلعات إسرائيل والقوى الامبريالية الكبرى التي تقف خلف هذا الصراع ، وتمثل الراعي الأكبر للحرب ، والداعم الأوثق للذئاب الإقليمية.
في الأخير ، لا بد من الإشارة إلى إنَّ هاتين القوتين المحليتين المسنودتين من القوى الإقليمية، التي لا تزيد في حجمها ، في أحسن الأحوال، عن بضعة مئات من الآلاف ، تجمعهما صفة مشتركة ، تتمثل في اللعب بالأهمية الإستراتجية لليمن ، والتسول باسمه ، والعبث بجغرافيته ، التي تزيد مساحتها عن 527970 كيلومتر مربع ، وخيانة تاريخه المجيد ، والتفريط بالمصالح الحيوية للشعب اليمني الذي يزيد عدد سكانه عن 26 مليون نسمة وفقاً لآخر التقديرات.
إذ يمكن القول إنَّ الأوضاع القائمة شديدة الخطورة، ومحبطة، ولكن ما هي آفاق الحرب والسلام في اليمن؟ ما المخرج من هذا المأزق؟ كيف يمكن لنا أن نحافظ على وطننا ونصون شعبنا؟ هذا ما آمل أن يكون موضوع بحثنا القادم.



#منذر_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليمن في خطر!
- مأزق شالري شابلن و ورطة الرئيس اليمني!
- اليمن من عبور المضيق إلى المتاهة !
- نجاح السفير اليمني في لندن يؤرق القوى المتخلفة!
- اليمن وضرورة فك الارتباط
- الدوافع الحقيقية للمنسحبين من المجلس الوطني في اليمن
- اليمن ومكر السياسة
- تأملات في المشهد اليمني


المزيد.....




- بيسكوف: نرفض أي مفاوضات مشروطة لحل أزمة أوكرانيا
- في حرب غزة .. كلا الطرفين خاسر - التايمز
- ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم -كروكوس- الإرهابي إلى 144
- عالم فلك: مذنب قد تكون به براكين جليدية يتجه نحو الأرض بعد 7 ...
- خبراء البرلمان الألماني: -الناتو- لن يتدخل لحماية قوات فرنسا ...
- وكالة ناسا تعد خريطة تظهر مسار الكسوف الشمسي الكلي في 8 أبري ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 795 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 17 ...
- الأمن الروسي يصطحب الإرهابي فريد شمس الدين إلى شقة سكنها قبل ...
- بروفيسورة هولندية تنظم -وقفة صيام من أجل غزة-
- الخارجية السورية: تزامن العدوان الإسرائيلي وهجوم الإرهابيين ...


المزيد.....

- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد
- تشظي الهوية السورية بين ثالوث الاستبداد والفساد والعنف الهمج ... / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - منذر علي - الورطة اليمنية والاستثمار في الموت!