أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد خيري الحيدر - ذكرى مأساة العراق














المزيد.....

ذكرى مأساة العراق


حامد خيري الحيدر

الحوار المتمدن-العدد: 5485 - 2017 / 4 / 8 - 20:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنه التاسع من نيسان عام 2003... لم يكن ذلك التاريخ أحد أيام ربيع العراق بأجوائه الجميلة الصافية، العبقة بنسائمه العليلة التي تزيح الهم من الصدور، ولم يكن يحمل بين جنباته فرحاً أو سروراً، كما أعتاد شعب الرافدين أن يتمنى في هذا الوقت من كل عام مع اخضرار الارض وامتلائها بأزاهير الحياة، بل كان للأسف النقيض من كل ذلك تماما، كان بحق يوم أدهم أسود، أعاد لأذهان العراقيين كل مآسيهم التي مرت عبر تاريخهم الموغل في القدم. حيث دنست في ذلك اليوم المشؤوم أقدام ذئاب أمريكا وعملائها الأقزام باحتلال بغيض ثرى وطننا العزيز، مُهينة كرامته ومُعيثة بين ربوعه الخراب والدمار، جالبة له هول الكوارث وفجيع المصائب لازال شعبنا الصابر المظلوم حتى اليوم يدفع فاتورتها الباهظة القاسية. وأكثر ما يدعو للغرابة في ذلك أن ذلك الغزو الهمجي البربري الذي لم يراعي أبسط قواعد القانون الدولي أو لوائح حقوق الأنسان، والمستند فقط الى مبررات وأسباب مُفبركة أثبتت الأيام زيفها وبطلان حُججها قد تم أمام مرأى ومسمع العالم المتحضر أجمع الذي يدعّي زوراً الانسانية والتمدن، ويرّوج لأكذوبة حقوق الأنسان، بعد أن هَلّل وصفق لهذه الجريمة النكراء بحق وطننا المغدور الانتهازيون والمتلونون، والصعاليك من البلدان اللاعقة لأقدام أمريكا والمتشبثون بذنبها. أما خونة الوطن، فالمتملقون وصفوه تحريراً، والمنتفعون صوروه نصراً، ومنافقو التدّين ومدعّوه جعلوا منه هِبة إلهية جاد بها الله على شعب العراق... فياله من تحرير أنصف المظلومين والمسحوقين، وياله من نصر أبهَج الطفولة وأشبّعها، ويالها من هِبة أحلّت الرخاء والسعادة بين الناس.
أن الواقع الكارثي الأليم الذي يعيش تفاصيله الثقيلة اليوم عراقنا الجريح للأسف، يصرخ بالحقيقة المرّة التي خلّفها ذلك الاحتلال الغاشم، بلد منهوب الثروة مُدمر بكامله، كيانه ممزق بحراب الطائفية البغيضة، آثاره ومواقعه التاريخية ورموزه الحضارية بين مسروقة ومُخربة، ثلث أراضيه تحت سيطرة الارهاب، شعبه جائع مشرذم متناحر، انهيار كامل في بُناه الرسمية والاجتماعية والاقتصادية، آفة الفساد ناخرة لمؤسساته حد النخاع، ملايين العاطلين والنازحين والمُهجّرين، ومثلهم غادر مكرهاً الى بقاع أخرى من هذا العالم بحثاً عن نسمة أمان ونفحة كرامة، ابتلعت البحار العشرات منهم غالبيتهم أطفالاً بعمر الورود.
أن كل تلك النتائج المأساوية تشير بوضح كبير الى حجم المؤامرة الدنيئة التي تعرض لها وطننا ومدى وساختها، والتي ابتدأت منذ وقت ليس بالقصير وتحديداً منذ انقلاب 8 شباط الاسود عام 1963، ليشهد ذلك اليوم المشؤوم انطلاق المرحلة الاولى منها وساعة الصفر في تنفيذها، بعد أن حيكت تفاصيلها الخبيثة بحرفية المجرمين في الاقبية السوداء لدوائر الامبريالية العالمية كرّدة فعل مسعورة لانتصار ثورة العراق الخالدة صبيحة يوم 14 تموز عام 1958،حين خطا شعبنا أولى خطواته بطريق التحرر الكامل من التبعية الغربية والاستعمارية، فكان شعار تلك الدوائر الحاقدة حينها (يجب أن يعود الحصان الجامح الى اصطبله). لتتوالى بعدها المؤامرات القادمة مع عجلات قطار الاستعمار وتزداد شراسة وقبحاً، ابتدأت بجرائم وممارسات شوفينية عرابوها قتلة البعث وحرسه القومي سيء السمعة والصيت، أعقبتها دكتاتورية مسعورة حمقاء مزقت الوطن شر ممزق تلطخت أياديها بدماء خيرة أبناء شعبنا كانت متعتها شن حروباً عبثية طائشة أحرقت الأخضر واليابس، ثم حصار لعين لم يعرف العالم له مثيل، ضحاياه آلاف الأطفال. ليكون الاحتلال البغيض وما خلّفه من كوارث آخر حلقات ذلك المسلسل السمج المُمل المُعتم، الذي ترك شعب العراق يعيش كابوساً مرعباً لا أحد يعلم متى أو كيف سينتهي، وهو يسافر من ظلم لظلم ومن خراب لخراب ومن بؤس لبؤس، ليظل على مدى الأيام تتقاذفه أمواج القدر بعيداً عن بر خلاصه الذي غدا حلماً وردياً بعيد المنال.
لكن رغم فجاعة مأساتنا وشدّة هولها نقول... أن من يقرأ التاريخ وما بين سطوره، ويفهم فلسفته ويدرك عبرته، وما حواه من فواجع وآهات آلمّت بشعبنا الأبي الجريح، لابد أن يستخلص أن العراق بشعبه العظيم الرافض للضيم، وعمقه التاريخي الكبير وأرثه الحضاري الهائل الذي جُعل منه مقياساً لرقي الانسانية وازدهار مَدنيتها، لقادر حتماً أن يلملم نوائبه ومعاناته ويضّمد جراحاته العميقة التي أثخن بها جسده على مدى الزمن، وأن ينهض من جديد صارخاً بوجه الأيام وهو أعظم شأناً وأعلى هامةً، وأكثر شموخاً بين باقي أمم الأرض.



#حامد_خيري_الحيدر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بسمات عند شجرة الكستناء ...... حكاية من خيال بلاد ما بين الن ...
- بعيداً عن نينوى ...... حكاية من خيال بلاد ما بين النهرين الق ...
- نبوءة الماضي ...... حكاية من خيال بلاد ما بين النهرين القديم ...
- أمنية لعامٍ جديد
- عام سعيد غربتي
- المهن والحرف في العراق القديم
- الخمور والحانات في العراق القديم
- عند أسوار بابل ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين القديم ...
- حيرة كًلكًامش
- بين المعبد والماخور ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين ا ...
- المرأة في العراق القديم
- ممارسات مجرمي شباط الأسود بحق الآثاريين العراقيين
- مجاديف ضائعة ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين القديمة
- متاعب مهنة
- السِوار ...... قصة من خيال بلاد ما بين النهرين القديمة
- الأسرة في المجتمع العراقي القديم
- طبيعة المجتمع العراقي القديم
- فلسفة الثورة في الفكر العراقي القديم (القسم الثاني)
- فلسفة الثورة في الفكر العراقي القديم (القسم الأول)
- تمنينة من الوكت ... قصيدة شعبية


المزيد.....




- وزير خارجية الإمارات يعلق على فيديو سابق له حذر فيه من الإره ...
- سموتريتش لنتيناهو: إذا قررتم رفع الراية البيضاء والتراجع عن ...
- DW تتحقق - هل خفّف بايدن العقوبات المفروضة على إيران؟
- دعوة الجامعات الألمانية للتدقيق في المشاريع مع الصين بعد مز ...
- الدفاع الروسية تعلن ضرب 3 مطارات عسكرية أوكرانية والقضاء على ...
- -700 متر قماش-.. العراق يدخل موسوعة -غينيس- بأكبر دشداشة في ...
- رئيس الأركان الإسرائيلي يصادق على خطط المراحل القادمة من حرب ...
- زاخاروفا: روسيا لن تساوم على أراضيها الجديدة
- اكتشاف ظاهرة -ثورية- يمكن أن تحل لغزا عمره 80 عاما
- بري عقب لقائه سيجورنيه: متمسكون بتطبيق القرار 1701 وبانتظار ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حامد خيري الحيدر - ذكرى مأساة العراق