أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عيسى مسعود بغني - العقل الجمعي السقيم














المزيد.....

العقل الجمعي السقيم


عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)


الحوار المتمدن-العدد: 5483 - 2017 / 4 / 6 - 13:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


العقل الجمعي أو ما يسمى تقليديا بالرأي العام، على درجة من الأهمية للدول التي إختارت نهج الدولة المدنية كوسيلة لبناء المؤسسات والحكم الرشيد، ومنطلقات العقل الجمعي لهذه الدول، المواثيق والأعراف الأممية التي لا تتعارض مع الثوابت الوطنية العامة مثل إطلاق الحريات العامة، والتداول السلمي للسلطة، وإحترام مؤسسات الدولة، والفصل بين السلطات، فالشعوب في تلك الدول المتحضرة، تعلم جيداً حدود حقوقها وواجباتها وثوابتها الوطنية، وتتحرك في نطاقها لأجل الرقي بمستوى المواطن وبالتالي مستوى الدولة.
الرأي العام السليم يعبر عن رأيه من خلال جموع المواطنين وترفع لوائه الصحافة كسلطة رابعة، ومن خلالهما تُدعم شخصيات وحُكومات نزيهة، وتسقط أخرى فاسدة، وتُلغى برامج لا شعبية لها، وتصدر قوانين صائبة من أجلها. أما الرأي العام في دول القمع بداية من روسيا إلى جل الدول العربية فهو كسيح سقيم مُدجن، ويتم ذلك بوسائل شتى، منها تدجين الشعب بالمهايا والعطايا (في حالة الدول النفطية الغنية) أو تحويل النشطاء إلى عملاء للنظام يقمع الشعب من خلالهم إعلاميا، وقد يصمت الجميع بإستخدام الحديد والنار كما في الدول القابعة تحت نير العسكر، وفي كل حالات العقل الجمعي السقيم يستمر الفساد ونهب الثروات بلا حسيب ولا رقيب، بل ويشارك الشعب في مسلسل الفساد والنهب حتى لا تقوم للدولة قائمة.
العقل الجمعي يحتاج إلى ثوابت إستراتيجية وطنية يتفق عليها جل الشعب الليبي، وهذه لا تتغير بفعل تغير الحكومات، ولقد نوهت إلى ذلك في عدة مقالات سابقة منها http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=530914 وهذه الثوابت تمثل قاعدة الهرم للسلم الأهلي ولكتابة الدستور لاحقاً، بحيث يصونها الجميع ويدافع عنها والخارج عنها خارج عن القانون، فمن هذه الثوابت وحدة الدولة، ومدنية حكمها فلا لحكم العسكر ولا للإمارة ولا للخليفة، بل تداول سلمي للسلطة، والحريات مكفولة للجميع، والتعددية السياسية والثقافية للجميع، ومبداء المواطنة لكل الليبيين، والثروات للجميع بلا تمييز ولا تهميش. أما السياسات المتغيرة فهي تلك التي تتعلق ببرامج الحكومة مثل برامج البنية التحتية أو برامج التشغيل للشباب أو السياسة المالية والنقدية للدولة أو برامج النهوض بالتعليم والصحة.
معظم الدول المتقدمة لها دساتير تم الإستفتاء عليها، وأعراف ومواثيق غير مكتوبة رسخت في ذهنية المواطن عبر ممارسة الحقوق المدنية لسنوات طويلة، ولذا نجد ثوابت و روى متوافقة عند الملايين من مواطني الدولة الواحدة، فمثلا لو أنفقت المليارات للدعاية من أجل تبني تأسيس إمارة دينية أو تمثيل المدن سياسيا أو توزيع الثروة جغرافيا أو تعيين حاكم عسكري لمنطقة أو مدينة لن تجد لذلك صدى في أمريكا أو حتى في بولندا، ناهيك عن الديموقراطيات العريقة مثل بريطانيا وفرنسا، ولن تجد من يتظاهر معك لتأييد رئيس أو تلميع شيخ قبيلة أو قائد عسكري متقاعد جلب شتى أنواع الطيران الأجنبي للمشاركة في ماراتون الدمار والقتل والسحل بمختلف المدن الليبية.
العقل الجمعي الذي أعياه المرض يفعل كل ذلك وأكثر، فبدلا أن يكون منارة يُهتدى بها صانع القرار النزيه المحق، ورادع للمسئ الفاسد، يصبح بضاعة تباع وتشترى بأبخس الأثمان، رغم أن الكثير من التعاليم الدينية الإسلامية تدعم العقل الجمعي السليم الحكيم، فيقول الرسول الكريم " لا تجتمع أمتي على ضلالة" ويقول "من راء منكم المنكر فليغيره ...." وكذلك " خيركم أنفعكم للناس "، و"خيركم خيركم لأهله.. ".
ما يثير الإنتباه أن هذه التعاليم الإسلامية القويمة تترك جانبا ولا يسترشد بها عند الجموع، أما الطقوس التعبدية فهي الأكثر إنتشارا والأعظم تأثيرا على العقل الجمعي لليبيين خاصة، فمثلا قبل سنة 1986م لم يكن في ليبيا مصليا يتبع المذهب الحنبلي (سوى جماعة قندهار) وكان المذهب المالكي هو السائد مع المذهب الإباضي في بعض مدن الساحل وجبل نفوسة، بعد هذا التاريخ وقع النظام السابق تحث قصف وضغوط دولية جعلته يتنازل عن مقارعة نشطاء المذهب الحنبلي الذين قاموا خلال عقدين من الزمان بتحويل جموع الليبيين إلى هذا المذهب لمعظم المدن الكبرى بالساحل الليبي، فأصبح قبض اليدين، والفرجة بين القدمين، ولباس الجلباب، وتشمير الثياب، وصلات النفل عند الغروب، ومنع دعاء القنوت من الثوابت في الكثير من المساجد التي يؤمها المنتمين للمذهب السلفي وهي تصرفات شكلية شخصية، ولكن الأدهى من ذلك نبش القبور وهدم المزارات وتبديع المخالف وتكفير أهل الذمة، والتهرب من تسديد الضرائب بدعوى أن لا نص بشأنها، وتجميد حركة البنوك، ومبايعة الطغاة، وتكفير الإنتخابات ومعارضة قيام الدولة المدنية بل وتكفير من يدعوا إليها، وهذا جميعاً ساعد على شق الصفوف وإشاعة الفرقة بين المواطنين وخلق فوضي في المفاهيم وظهور تيارات مناوئة لقيام الدولة وبسط سيطرتها. والجدير بالذكر أن معرفة هؤلاء للمذهب السلفي الحنبلي الوهابي العلمي أو المدخلي أو حتى الداعشي سطحي إلى حد كبير، فإن الغالبية العظمى من مريديي المذهب السلفي لم يطلع على كتب إبن تيمية ولا محمد إبن عبد الوهاب وبالتأكيد لا يعلمون شئ عن مسند الإمام أحمد، وهذا التناقض مع الدين السمح والفطرة السليمة والمواثيق الدولية من أكثر الأسباب المحبطة والمثبطة لتكوين عقل جمعي فاعل في ليبيا.
قد يفسر هذا التناقض بين سرعة تكوين عقل جمعي طقوسي (وليس ديني) من جهة وفشل تكوين عقل جمعي مدني إلى مقولة إبن رشد الذي قال " إذا أردت أن تمرر شيئا عن جاهل فما عليك إلا أن تغلفه بغلاف ديني"، وهو قول يفسر نضوج العقل الجمعي في الدول المتحضرة المتقدمة، وغفلة العقل الجمعي للشعوب المتأخرة.



#عيسى_مسعود_بغني (هاشتاغ)       Issa__Baghni#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الترتيبات الأمنية بالعاصمة الليبية
- متلازمة القبلية: المال والرجال والبارود
- ستاتسكو الحالة الليبية
- قراءة لأدوار المجتمع الدولي والنُخب في ليبيا
- دخول الفردوس بقطع الرؤوس
- رخاء الدول (الكافرة) وتأخر المسلمون
- صناعة الخوف
- إجتماع المصالحة بنالوت وأهمية الميثاق الوطني
- بوادر الإنفراج لأزمة الليبية وأهمية المصالحة
- طوبى للجنود الفرنسيين ومن حارب معهم
- المفتي ودار الإفتاء الليبية
- الطريق إلى سرت
- البرلمان الليبي في إنتظار رصاصة الرحمة
- الهجرة: من قوافل إلى قوارب الموت
- للوطن ربا يحميه
- الفيدرالية وأزمة نظام الحكم في ليبيا
- إتفاق الصخيرات تحت الإنعاش
- ظاهرة التكفير والتفجير
- داعش والحكومة الثالثة
- المحاصصة الجهوية والفساد


المزيد.....




- الدوما يصوت لميشوستين رئيسا للوزراء
- تضاعف معدل سرقة الأسلحة من السيارات ثلاث مرات في الولايات ال ...
- حديقة حيوانات صينية تُواجه انتقادات واسعة بعد عرض كلاب مصبوغ ...
- شرق سوريا.. -أيادٍ إيرانية- تحرك -عباءة العشائر- على ضفتي ال ...
- تكالة في بلا قيود: اعتراف عقيلة بحكومة حمّاد مناكفة سياسية
- الجزائر وفرنسا: سيوف الأمير عبد القادر تعيد جدل الذاكرة من ...
- هل يمكن تخيل السكين السويسرية من دون شفرة؟
- هل تتأثر إسرائيل بسبب وقف نقل صواريخ أمريكية؟
- ألمانيا - الشرطة تغلق طريقا رئيسياً مرتين لمرور عائلة إوز
- إثر الخلاف بينه وبين وزير المالية.. وزير الدفاع الإسرائيلي ي ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عيسى مسعود بغني - العقل الجمعي السقيم