أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد سلامة - الإسلاميون يردون على سامي لبيب















المزيد.....


الإسلاميون يردون على سامي لبيب


خالد سلامة

الحوار المتمدن-العدد: 5479 - 2017 / 4 / 2 - 02:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


49860: يسأل عن إعراب كلمة ( الصابئون ) وكيف نردّ على من يقول إنها خطأ نحوي في القرآن
أريد إعراب كلمة "الصابئون" في سورة المائدة ، ولماذا جاءت بالواو ، مع أنها في آية أخرى جاءت بالياء ، وتشابه الكلام في الآيتين كبير . وقد كان ذلك سببا في خلاف كبير بيني وبين شخص نصراني يقول : إن القرآن فيه أخطاء نحوية ، فقلت له : سأترك الإسلام إن كان هناك خطأ نحوي واحد في القرآن . وقولي هذا عن قوه إيمان ، وعن ثقة بأن القرآن ، كلام الله سبحانه وتعالى ، منزه عن قول المفترين .
تم النشر بتاريخ: 2004-02-12
الحمد لله

وردت كلمة " الصابئين " بياء النصب في سورتي البقرة والحج ؛ في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) البقرة/62 ، وقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17

ووردت نفس الكلمة بواو الرفع في سورة المائدة ؛ في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 أما الآيتان الأوليان فلا إشكال في إعرابهما ؛ لأن الكلمة فيهما وقعت معطوفة بالواو على كلمة محلها النصب ، وهي " الذين " ؛ اسم إن ، فنصبت ، وعلامة نصبها الياء ، لأنها جمع مذكر سالم .

وإنما محل الإشكال هو الآية الثالثة ، آية سورة المائدة ؛ فقد وقعت في نفس موقعها في الآيتين الأوليين ، ومع ذلك جاءت مرفوعة .

وقد ذكر النحاة والمفسرون في توضيح ذلك الإشكال عدة وجوه ، وذكروا نظائرها المعروفة في لغة العرب ، ونكتفي هنا بثلاثة منها ، هي من أشهر ما قيل في ذلك :

الأول : أن الآية فيها تقديم وتأخير ، وعلى ذلك يكون سياق المعنى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى ، من آمن بالله ...فلا خوف عليهم ، ولاهم يحزنون ، والصابئون كذلك ، فتعرب مبتدأً مرفوعا ،وعلامة رفعه الواو ، لأنه جمع مذكر سالم . ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر :

فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وَقَيَّار ٌبها لغريب

وموطن الشاهد قوله "قيار" ، وهو اسم لفرسه ، أو جمله ؛ فقد جاءت هذه الكلمة مرفوعة على أنها مبتدأ ، ولم تجئ منصوبة على أنها معطوفة على اسم إن المنصوب وهو ياء المتكلم في قوله ( فإني )

الثاني : أن " الصابئون " مبتدأ ، والنصارى معطوف عليه ، وجملة من آمن بالله ... خبر "الصابئون" ، وأما خبر "إن" فهو محذوف دل عليه خبر المبتدأ "الصابئون" ، ونظير ذلك من لغة العرب قول الشاعر :

نحن بما عندنا ، وأنت بما عندك راضٍ ، والأمر مختلف

والشاهد فيه أن المبتدأ "نحن" لم يذكر خبره ، اكتفاء بخبر المعطوف "أنت" ؛ فخبره "راض" يدل على خبر المبتدأ الأول ، وتقدير الكلام : نحن بما عندنا راضون ، وأنت بما عندك راض .

الثالث : أن " الصابئون " معطوف على محل اسم " إن " ؛ فالحروف الناسخة ، إن وأخواتها ، تدخل على الجملة الاسمية المكونة من مبتدأ وخبر ، واسم إن محله الأصلي ، قبل دخول إن عليه الرفع لأنه مبتدأ ، ومن هنا رفعت "الصابئون" باعتبار أنها معطوفة على محل اسم إن . [ انظر : أوضح المسالك ، لابن هشام ، مع شرح محيي الدين ، 1/352-366 , تفسير الشوكاني والألوسي ، عند هذه الآية] .

وما ذكرته ، من قوة يقينك , وثقتك بكلام الله سبحانه ، هو الواجب على كل مسلم ، قال الله تعالى : ( أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً ) النساء/82 قال الشيخ ابن عاشور ، رحمه الله في تفسيره :

( وبعد فمما يجب أن يوقَن به أن هذا اللفظ كذلك نزل ، وكذلك نطق به النبي صلى الله عليه وسلم ، وكذلك تلقاه المسلمون منه وقرؤوه ، وكتب في المصاحف ، وهم عرب خُلَّص ، فكان لنا أصلا نتعرف منه أسلوبا من أساليب استعمال العرب في العطف ، وإن كان استعمالا غير شائع ، لكنه من الفصاحة والإيجاز بمكان ... ) اهـ

وتلمس ابن عاشور الفائدة البلاغية من الإتيان بلفظ " الصابئون " موفوعاً ، فقال ما معناه :

إن الرفع في هذا السياق غريب ، فيستوقف القارئ عنده : لماذا رفع هذا الاسم بالذات ، مع أن المألوف في مثل هذا أن ينصب ؟

فيقال : إن هذه الغرابة في رفع الصابئون تناسب غرابة دخول الصابئين في الوعد بالمغفرة ، لأنهم يعبدون الكواكب ، فهم أبعد عن الهدى من اليهود والنصارى ، حتى إنهم يكادون ييأسون من الوعد بالمغفرة والنجاة فنبه بذلك على أن عفو الله عظيم . يشمل كل من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً وإن كان من الصابئين . [انظر تفسير آية المائدة من تفسير ابن عاشور ]

لكن يبقى لنا عِبَرٌ لا ينبغي تفويتها في هذا السياق :

أولا : ينبغي علينا الاهتمام بالعلم الشرعي ؛ فلا يكفي فقط أن يعتصم الإنسان بما عنده من يقين سابق ، وإن كان ذلك أعظم ملجأ ومعاذ ، بل إذا ضم إلى ذلك العلم الشرعي كان ، إن شاء الله ، في مأمن من أن تهز إيمانه هذه الشبهات وأمثالها ، مما يثيره أعداء دينه .

ثانيا : ينبهنا مثل هذا الموقف إلى قدر من التفريط في واجب من أعظم واجباتنا نحو كتاب الله تعالى ، ألا وهو واجب التدبر والمدارسة ، وليس مجرد التلاوة ، قال تعالى : ( كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ) ص/29 ، قال الشيخ ابن سعدي ، رحمه الله : " أي هذه الحكمة من إنزاله ، ليتدبر الناس آياته ، فيستخرجوا علمها ، ويتأملوا أسرارها وحكمها ، فإنه بالتدبر فيه والتأمل لمعانيه ، وإعادة الفكر فيها مرة بعد مرة ، تدرك بركته وخيره ، وهذا يدل على الحث على تدبر القرآن ، وأنه من أفضل الأعمال ، وأن القراءة المشتملة على التدبر أفضل من سرعة التلاوة التي لا يحصل بها هذا المقصود " ؛ والدليل من هذا الموقف على ما ذكر هو أننا لو كنا نقوم بهذا الواجب حينا بعد حين لأوشكت مثل هذه الآيات أن تستوقفنا ، لنسأل عنها ، أو نبحثها ، قبل أن نواجه بالإشكال من أعدائنا .

ثالثا : إذا قمنا بالواجبين السابقين كنا مؤهلين لأخذ زمام المبادرة ، لندعو نحن غيرنا ، ونخبرهم بالحق الذي عندنا ، ونكشف لهم ، بالتي هي أحسن ، الباطل الذي عندهم ، بدلا من أن نقف موقف الدفاع ، شأن الضعفة والمنهزمين .

والله الموفق .

_______

الموضوع: الرد على شبهة و الصابئون


الرد على شبهة و الصابئون
في كل يوم و يوم يثبت لنا النصارى جهلهم بالعربية

فكثيرا ما نسمع عما يسمى بالاخطاء النحوية في القران الكريم و حاسا لله ذلك

و لو انهم كلفو انفسهم عناء البحث قليلا لوجدو ان ما ادعوه انما هو ناتج عن جهلهم و قصر ادراكهم بلغة العرب و علم النحو


الشبهة :
(إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى) المائدة : 69

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى) الحج: 17


يتساءل النصراني لماذا رفع كلمة الصابؤون في المائدة و لم ينصبها بقوله الصابئين

الجواب :

ان هذا ما يسميه العرب قطع النعوت في علم النحو و البلاغة

و قطع النعوت هو باختصار:

قد قرر النحاة انه اذا تعدد المنعوت في الجملة و كانت متبوعة لا مقطوعة فان النعت يكون مماثلا للمنعوت في الرفع و الجزم و النصب
و اما في حالة القطع ياخذ النعت اعرابا اخر فتتحول من حالة النعت التي كانت عليها الى حالة اخرى مغايرة لها فلا يكون اعرابها اعراب النعت و انما يكون ذلك لسبب بلاغي و هو التنويه و ابراز مكانة الكلمة و جعله مميزا

و مما يدل على هذا قول شعراء و فطاحل العرب قبل الاسلام :

ما أنشده الكسائي لبعض فصحاء العرب.

وكل قوم أطاعوا أمر مرشدهم ... إلا نميرا أطاعت أمر غاويها
الظاعنين ولما يظعنوا أحدا ... والقائلون لمن دار نخليها

فذكر الشاعر القائلون مرفوعة مع انها معطوفة على منصوب

و ايضا :

إلى الملك القرم وابن الهمام وليث الكتيبة في المزدحم

و الثاء مفتوحة هنا مع انها جاءت معطوفة على منصوب

و اما قول اهل النحو:

وقال الخليل وسيبويه : الرفع محمول على التقديم والتأخير --- والتقدير : إن الذين آمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والصابئون والنصارى كذلك ، وأنشد سيبويه وهو نظيره :



وإلا فاعلموا أنا وأنتم بغاة ما بقينا في شقاق
وقال ضابئ البرجمي :



فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وقيار بها لغريب



و يكون اعراب الاية هكذا :

مرت هذه الآية في سورة البقرة مع خلاف قليل هو قوله تعالى: فلهم أجرهم عند ربهم (برقم 62) ونصب الصابئين على أنها معطوفة على ما قبلها
أما الرفع فعلى أنها مبتدأ وخبره محذوف
والتقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا..
كلهم كذا والصابئون كذلك... والجملة الاسمية معطوفة على جملة إن الذين آمنوا الاستئنافية.

اعراب القران الكريم

و هذا ما ذكره ايضا النحاس ان الصابؤن مبتدا جملة و خبره محذوف و فيه التقديم في الخبر و ان تقديره هكذا :

ان الذين امنو و الذين هادو من امن بالله منهم و عمل صالحا فلهم اجرهم , و الصابئون و النصارى كذلك

و بعد هذا انشد النحاس مقولة سيبويه الشهيرة :

وإلا فاعلموا أنا وأنتم بغاة ما بقينا في شقاق

و هذا موجود في كتاب اعراب القران للنحاس صفحة 240 في اعراب سورة المائدة الايات 65-69

رابط الكتاب : http://ia700407.us.archive.org/26/it...940/105940.pdf

فعلى هذا تبين ان قطع النعوت في الجملة تبين رفع الصابؤون و اعتماده مبتدا جملة خبره محذوف و الجملة معطوفة على الذين عادوا .

للاضافة :

السبب وراء استخدام قطع النعوت هنا هو التنبيه :

فائدتُه التَّنبيه على أنَّ الصَّابئين يتاب عليهم إن صحَّ منهم الإيمان والعمل الصَّالح، فما الظَّنُّ بغيرهم؛ وذلك أنَّ الصَّابئين أبينُ هؤلاء المعدودين ضلالاً وأشدُّهم غيًّا، وما سُمّوا صابئين إلاَّ لأنَّهم صبَؤوا عن الأدْيان كلها؛ أي: خرجوا

هذا ما قاله الزمخشري راجعو تفسير الكشاف، للزمخشري، ص: 302


عندما قال المنصرون / الصابئين ام الصابئون
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله خير خلْق الله أجْمعين، وعلى آلِه وصحْبِه الأخيار الطَّاهرين.

وبعد:
فإنَّك عندما تتعامل مع المنصِّرين، ربَّما تشعر أنَّك أمام أناس يفتقدون لبدهيَّات المعرفة ومبادئ العلوم؛ ولذلك فلا تتعجَّب إنْ نازعك المنصِّرُ في كوْن الشَّمس تشْرِق صباحًا، أو أنَّ الكلَّ أكبر من الجزء، أو أنَّ النَّقيضين لا يَجتمِعان، أو حين يقول المنصِّر: إنَّ في القرآن أخطاءً نحويَّة!

فكلُّ بضاعة المنصِّر هي الإفك والكذب والغشّ، وكل همِّه مآرب دنيويَّة وأرباح ماليَّة، وشهرة زائفة ومنافع زائلة؛ ولذلك فإنَّه لا يستحيي أن يزيِّف الحقائق ويدلِّس ويكذب مهْما كان حجْم الكذب كبيرًا، ومهْما كان قدر الغشِّ واضحًا، فإنَّه كثيرًا ما يراهن على جهْل المستمعين إليه، وربَّما حماقتهم أيضًا، وأحيانًا يُراهن على الكمِّ الكبير من الغلِّ والحقْد والتعصُّب ضدَّ الإسلام في قلوب المستمعين إليْه من بني جلدته وأهل ديانتِه، ممَّا يصدُّهم عن الحق ويُعْمي أبصارهم عنه، ويدْفعُهم لتصديق أيِّ افتراء على الإسلام مهْما كان متهافتًا.

ومن مغالطات المنصِّرين الظَّاهرة ادِّعاء وجود أخطاء نحويَّة في القرآن؛ وجهِلوا أنَّ القرآن أتى على وفق لغات العرب المختلِفة في نثرهم وشعرهم، ومن ثمَّ أصبح القرآن المصدر الرَّئيس لقواعد النَّحو، بلْهَ اللغة العربيَّة كلّها، ولم يؤْثَر عن العرب أنَّهم خطَّؤُوا القرآن أو قالوا: إنَّه يُخالف شيئًا من قواعِد لغتهم؛ بل عجزوا مجتمعين ومنفردين عن الإتيان بمثل هذا القرآن الَّذي لا يأتيه الباطل من بين يديْه ولا من خلفه، وتلك الأخطاء المزْعومة لم يكتشفها أساطين اللغة العربيَّة وعلمائها، كسيبويه والخليل والكسائي والفرَّاء والمبرِّد وأبي عليٍّ الفارسي والزجَّاج وغيرهم، بل تكشَّفت لذاك المنصِّر الجهبذ، الَّذي ربَّما لا يحسن مجرَّد القراءة، فضلاً عن أن يُحسن إعراب كلمة.

فعند قولِه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: 69].

قال المنصِّرون: كيْف جاءت كلِمة (الصابئون) مرفوعة بالواو، وكان من الواجِب نصْبها بالياء؛ لأنها معطوفة على منصوب، وهو اسم إنَّ؟

والمغالطة هنا ظاهرة؛ لأنَّ المنصِّر يفترض إعرابًا من عنده لكلمة {الصابئون} كأنَّه الوجه الأوْحد لإعراب هذه الكلمة، ثمَّ يخلص بناءً على ذلك الإعراب المفترض إلى نسبةِ الخطأ للقرآن الكريم في تحكُّم عجيب ترفضه الأمانة العلميَّة، وأصول البحث العلمي.

فلماذا ألزَمَنا ذاك المنصِّر بأن تكون الواو هنا للعطف، رغْم احتِمال كونِها للاستئناف مثلاً؟! ولماذا ألْزَمَنا بأن يكون المعطوف عليْه هو اسم إنَّ، رغْم وجود احتِمالات أُخَر؟! ولماذا ألْزمنا أن تكون (إنَّ) هنا هي النَّاسخة لا غير؟!

فهذه جُملة من التحكُّمات التي لا تستند لعلم أو دليل!

فهل عدَم علْمِ المنصِّر بوجود وجوه إعرابيَّة أخرى للكلمة يعدُّ علمًا بعدم وجودها؟!
وهل إذا أعجزتْه معارفه النَّحويَّة عن الوصول لتخريجات نحويَّة صحيحة، فهذا معناه نسبة الخطأ للقرآن؟!
وأيُّ ذنب للقرآن في كوْن مَعارف أولئك المنصِّرين النحويَّة قد توقَّفت بالكاد عند عتبات المرحلة الابتدائِيَّة؟!

فأهْل العلم من أهل الاختِصاص قد ذكروا في إعراب كلمة {الصابئون} وجوهًا إعرابيَّة عدَّة، تكشِف عن عظمة القرآن وبلاغته اللا محدودة في تنويع المعاني في اللَّفظ الواحد، وهذا ضرْب من بيان القُرآن وإعجازه يُدْركه من نال حظًّا من العلم والبصيرة، وتعالَوا الآن نعرِض باختِصار لبعض هذه الوجوه:
1- الوجْه الأوَّل: أنَّ {الصابئون} هنا مبتدأ، وخبرُه محذوف تقديره "كذلك"، والنيَّة به التَّأخير عمَّا في حيِّز "إنَّ" مِن اسمِها وخبرها.

فيكون معنى الكلام على هذا الوجه: إنَّ الذين آمنوا والَّذين هادوا والنَّصارى حكمُهم كذا، والصَّابئون كذلك.

ولهذا الوجْه شاهد ذكرَه سيبويه، هو قول الشَّاعر:

وَإِلاَّ فَاعْلَمُوا أَنَّا وَأَنْتُمْ بُغَاةٌ مَا بَقِينَا فِي شِقَاقِ

أيْ: فاعلموا أنَّا بغاة وأنتم كذلك.

فإن قيل: فما فائدةُ هذا التقديم والتَّأخير؟
فالإجابة كما قال الزمخشري: "فائدتُه التَّنبيه على أنَّ الصَّابئين يتاب عليهم إن صحَّ منهم الإيمان والعمل الصَّالح، فما الظَّنُّ بغيرهم؛ وذلك أنَّ الصَّابئين أبينُ هؤلاء المعدودين ضلالاً وأشدُّهم غيًّا، وما سُمّوا صابئين إلاَّ لأنَّهم صبَؤوا عن الأدْيان كلها؛ أي: خرجوا".

فالواو هنا استِئْنافية، والعطف عطف جُمل، لا عطف مُفردات، فالجملة الاسميَّة المكوَّنة من {الصَّابئون} والخبر المحذوف - وتقديره: كذلك - معطوفة على جُملة: {إنّ الَّذين آمنوا}.

وبالمناسبة: هذا رأي سيبويه ؛ الَّذي ربَّما يظن ذاك المنصِّر المتعالم في نفسه أنَّه أعْلم منه في علوم النحو واللغة.

2- الوجْه الثاني - وهو قريب من الوجْه السَّابق - وهو أن نقول: إنَّ خبر "إنَّ" محذوف، وحذْفُ خبرِ "إنَّ" يردُ في الكلام الفصيح كثيرًا كما ذكر سيبويه في الكتاب، وقد دلَّ على الخبر ما ذُكِر بعده من قوله - عزَّ وجلَّ -: {فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: 69]، ويكون قوله: {وَالَّذِينَ هَادُوا}، عطفَ جملة على جملة، فيكون {الذين} مبتدأ، و{الصابئون} معطوف على المبتدأ، فيكون حقُّه الرفع؛ ولذلك جاء بالواو، وهذا الوجْه رجَّحه الطَّاهر بن عاشور في تفسيره.

3- الوجه الثَّالث: أن تكون الواو هنا لعطف المفردات، و{الصابئون} معطوف، ولكنَّه ليس معطوفًا على اسم "إنَّ"، ولكنَّه معطوف على موضع "إنَّ" واسمها، وهو موضع رفع للابتداء ؛ وهذا رأْي الكسائي والفرَّاء من كبار علماء النَّحو.

4- الوجه الرابع: أن تكون كلمة: {الصابئون} معطوفة على الضَّمير المرفوع في "هادوا"، وبذلك تكون مرفوعة، وهذا القول منقولٌ عن الكسائي أيضًا.

5- الوجه الخامس: أنَّ {الصَّابئون} منصوب، ولكنَّه جاء على لغة بلحارث بن كعب الَّذين يجعلون جمع المذكَّر السَّالم بالواو، والمثنَّى بالألف، رفعًا ونصبًا وجرًّا.

6- الوجه السادس: أنَّ "إنَّ" هنا ليستِ النَّاسخة؛ ولكنَّها بمعنى "نَعَم" الجوابيَّة، ولا يكون لها عمل حينئذٍ، فيكون ما بعدها مرفوعًا على أنَّه مبتدأ، وتكون {الصابئون} معطوفة على المبتدأ، فيكون حقُّها الرفع.

فكأنَّ في السياق سؤالاً مقدَّرًا عند قوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [المائدة: 68]، فيسألُ السَّائل عن حال منِ انقرضوا من أهل الكتاب قبل مجيء الإسلام: هل هُم على شيءٍ؟ وهل نفعَهم اتِّباع دينهم أيَّامئذ؟

فوقع قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى} .. الآية، جوابًا لهذا السؤال المقدَّر ؛فكانتْ "إنَّ" بمعنى: "نعَم".

7- الوجه السَّابع: وهو أن يُجعل النُّون هو حرف الإعراب، وهذا القول ذكره العكْبري وقال: "أجازه بعض النحْويين، والقياس لا يدفعه".

وقد يورد المنصِّرون هنا آية سورة البقرة التي جاءت فيها كلمة {الصابئين} بالياء رغم تشابُه الآيتَين، وهي قولُه تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62].

ثمَّ يتبجَّح المنصِّرون قائلين: أيُّهما الصَّحيح؟ "الصَّابئين" أم "الصَّابئون"؟!

ونحن نقول: تعسًا لِمَن أوردته حماقتُه المهالك، سالكًا في غيِّه كل المسالك! فإنَّه من المعلوم عند كلِّ عارف باللغة أنَّ الكلمة قد يكون لها أكثر من وجه إعرابي صحيح، بحسب المعنى المقصود من السياق، فالإعْراب فرع المعنى، وتغيُّر المعنى قد يؤدِّي إلى تغيُّر في الإعراب.

فمثلاً إن قُلْنا: إنَّ السياق في آية المائِدة يقتضي سؤالاً مقدَّرًا - كما ذكرْنا في الوجْه السَّادس من الوجوه الإعرابيَّة - فهُنا يُمكننا القول بأنَّ: "إنَّ" هنا بمعنى "نعَم" الجوابيَّة، أمَّا في آية سورة البقرة، فإنَّ السياق لا يقتضي ذلك السُّؤال، ومن هنا اختلف الإعْراب رغْم التشابُه الظَّاهري بين الآيتَين.

ومِن المناسب أن أنقل هنا كلامًا نفيسًا للكرماني حول تكرُّر هذه الآية في ثلاثةِ مواضع في القرآن، حيث قال: "قولُه: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ} في البقرة، وفي الحج: {وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى}، وقال في المائدة: {وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى}؛ لأنَّ النَّصارى مقدَّمون على الصَّابئين في الرتبة؛ لأنَّهم أهل كتاب، فقدَّمهم في "البقرة"، والصابئون مقدَّمون على النَّصارى في الزَّمان؛ لأنَّهم كانوا قبلهم فقدَّمهم في "الحجِّ"، وراعى في المائدة بين المعنيين فقدَّمهم في اللَّفظ وأخَّرهم في التَّقدير؛ لأنَّ تقديره: والصابئون كذلك".

وبيان ما قاله الكرماني: أنَّ الصَّابئين يُقدَّمون على النَّصارى من الناحية التاريخية الزمانيَّة؛ لأنَّهم كانوا قبلهم، والنَّصارى كأهل كتاب هم أفضل من الصَّابئين في مكانتِهم ورتبتهم؛ لأنَّ الصَّابئين أشدُّ كفرًا من النَّصارى؛ ولذلك فإنَّ النَّصارى يقدَّمون من هذه الناحية.

وآية البقرة راعت المكانة والرُّتبة فقدَّمت النَّصارى في الذِّكْر: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة: 62].

أمَّا سورة الحجّ، فقد راعت النَّاحية الزَّمانيَّة والتَّاريخية، فقدَّمت الصَّابئين على النَّصارى في الذِّكْر: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [الحج: 17].

وفي سورة المائدة جاء قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [المائدة: 69]، فراعى النَّاحيتَين معًا: حيث قدَّم الصابئين من حيث اللفظ فذُكِروا أوَّلاً، وإن كانوا قد أُخِّروا من حيث التَّقدير؛ لأنَّه حين رُفعت (الصَّابئون) صارت مبتدأ خبرُه محذوف تقديره (كذلك)، وكأنَّه قال: إنَّ الذين آمنوا والذين هادوا والنَّصارى حكمهم كذا، والصَّابئون كذلك، كما وضَّحْنا في الوجْه الإعرابي الأوَّل، وبذلك يكون قد راعى النَّاحية الزمانيَّة فقدَّم الصَّابئين في ذكرهم باللَّفظ، وراعى ناحية الرتبة والمكانة فأخَّرهم في تقدير المعنى.

فانظر إلى وجوه البلاغة في القُرآن وانظر إلى عظمة بيانه، ثم انظر إلى ذاك المنصِّر وقد رجع خائبًا وهو حسير، فقد أراد إثباتَ منقصة، فإذا هي منقبة، وادَّعى وجود خطأ، فإذا هو وجهٌ من البيان وضرب من البلاغة التي أعجزت بُلَغَاء العرَب وأمراء اللغة والشعر فيهم، وهكذا في كلِّ مرَّة يُحاول المنصِّرون إثبات عيبٍ أو نقصٍ في الإسلام، يظهر عند البحث والنَّظَر أنَّ ما حاولوا إظْهاره كعيب هو مزيَّة كبيرة ومحْمَدة عظيمة، فسبحان مَن أنزل هذا الكتاب فأعجزَ به الإنس والجن! وتبًّا لمن ألْحد في هذا الكتاب؛ فإنَّ مَن يغالب الله يغلب.



#خالد_سلامة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرِّقُّ والعبوديَّة والأديان السماوية قديما
- الإسكندر الأكبر فتوحاته وخلفاؤه في الكتاب المقدس
- المرأة وفريضة البقرة ونجاسة الإنسان ومدبولي !!


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد سلامة - الإسلاميون يردون على سامي لبيب