أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باسل خليل خضر - قمع العقول أخطر من قمع المظاهرات















المزيد.....

قمع العقول أخطر من قمع المظاهرات


باسل خليل خضر

الحوار المتمدن-العدد: 5461 - 2017 / 3 / 15 - 09:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قمع التظاهرات بالعنف ظاهرة منتشرة في جميع أنحاء العالم، وهي مرفوضة في أغلب الأحيان من قبل المجتمعات والأحزاب والمثقفين، وهي تهدف في النهاية إلى تفريق المتظاهرين، وذلك يرجع لعدة أسباب، ولكن هذا القمع لا يشطب الأفكار والمبادئ من عقول المتظاهرين، بل يزيدهم صلابة وقوة إن كانت قضيتهم عادلة، وفي هذه الحالة فان الخطر لحظي ويقتصر على الضرب بالهراوات، ولكن القمع الأخطر هو تضليل عقول البشر، وتطويع الجماهير لأهداف خاصة، باستخدام الأساطير والروايات الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية لتبرير السلوكيات، ويعد هذا القمع أداة قهرية جبارة تخدع العقل وتملي عليه ما يريد الحاكم او الحزب.
ولمعرفة الفرق بين قمع العقول وقمع المظاهرات علينا معرفة أن القمع الأول هو قمع العقول فهو القمع الأشمل، فالعقل المقموع لا يدرك حقوقه ولا يميز هل هو حاصل على حقوقه أم لا، فلماذا يتظاهر أصلا، فان وصل الفرد إلى مرحلة التظاهر فهذا يعني أن الفرد بدأ يعرف حقوقه وبدأ يعي جيدا كيف يطالب بها، وهذه مرحلة متقدمة جدا في الوعي العقلي للمجتمع، وهنا نؤكد أن المتظاهر ان كان صاحب قضية عادلة فهو إنسان حر.
عادة ما يلجئ الحكام الدكتاتورين إلى أداة القهر الأقوى وهي قمع العقول، وعندما يستخدم هذه الأداة فانه يكون في أحسن حالاته ويسيطر تماما على البلاد، وفي الغالب يستخدم هذه الوسيلة نوعين من الحكام الأول هم الأيديولوجيين أي أصحاب الأحزاب التي لها مرجعية أيديولوجية فكرية تسيطر على جميع مناحي الحياة تقوم هذه الأيديولوجيا بتبرير سياسات الحكومة للناس وإظهار الحكومة في أحسن صورة والدفاع المستميت عنها، مثل الأيديولوجيا الماركسية أو الاشتراكية، وهذا يطبق في كوريا الشمالية بشكل واضح، وهناك بلدان يطبق بها بدرجات أقل مثل روسيا وفنزويلا، ولكن في كوريا الشمالية تستطيع ملامسة القمع العقلي بوضوح.
أما النوع الثاني من الحكام الذين يمارسون القمع العقلي هم الحكام والأحزاب ذو المرجعيات الدينية، بحيث يقومون بتبرير كل سلوك من خلال الدين، ويكون الدين مسخر للدفاع عن الحكومة، وهذا واضح جدا في ايران، وفي بعض البلدان الأخرى بدرجات أقل مثل السعودية ومناطق نفوذ الإخوان المسلمين.
وعندما يتحرر عقل الفرد يبدأ بالتظاهر لتحقيق مطالبة، والحكومات في أغلب الأحيان تتباطأ في تلبية مطالب المتظاهرين تدريجيا، وفي نهاية المطاف يتوج نضالهم بتحقيق مطالبهم، ما أريد قولة أن الحكومة لا تقف ضد المطالب العادلة ولا تقمع المتظاهرين لأنها ضد مطالبهم من الأصل (إلا في حالات الثورات ضد الحاكم) لكن تلجئ الحكومات إلى قمع المتظاهرين لعدة أسباب منها: أن تكون التظاهرة غير مرخصة، أو تكون في أماكن غير مسموح التظاهر فيها، أو يرتكب المتظاهرون أعمال عنف وتخريب في الممتلكات العامة أو الخاصة، ان يكون موضوع التظاهرة غير مقبول اجتماعيا وأخلاقيا، أو يكون موضوع يمس الأمن القومي للبلد، أو يكون ضد الدولة لصالح أطراف خارجية أو معادية بمعنى ان تكون التظاهرات مؤيدة للعدو سواء بشكل علني أو ضمني، أو تكون التظاهرة تمس شخص بعينة وتسيئ له مثل شخص رئيس الدولة، وفي بعض الأحيان الاشتباك مع رجال الأمن خلال التظاهرة يؤدي في النهاية إلى قمعها، ولا يوجد في هذه الأسباب ما يندرج ضمن قمع العقول، فهي أسباب مباشرة للقمع.
وهنا لا أريد التقليل من قيمة قمع التظاهرات أو تشجيع الحكومات عليه، ولكن ما أهدف إليه هو إعطاء كل ذي حق حقه في الاهتمام، فبدلا من ضخ كل طاقات الشباب والأحزاب وغيرهم في محاربة قمع المظاهرات، أريد تحويل انتباههم إلى الأخطر من ذلك، وهنا يكمن الخطر لأن أصحاب نظرية تغيب العقول وتضليلها يلجؤون في بعض الأحيان إلى تركيز اهتمام الناس على القشور والهاء الناس بقضايا ثانوية، بدلا من الغوص في الجوهر.
فمن ملامح تغيب العقل وصف السلطة الفلسطينية بالإرهاب عندما قمعت المظاهرات، فهل هذا مقنع وهل هناك علاقة بين الإرهاب وقمع المظاهرات، يقصد بالإرهاب عموما تلك الأفعال العنيفة التي تهدف إلى خلق أجواء من الخوف وتكون موجهه ضد طائفة أو جماعة أو قومية أو دولة، لا يمكن بهذه السهولة وصف قمع المظاهرات بالإرهاب، لان الهدف من قمع المظاهرات هو إنهاء التظاهرة وليس تخويف الناس وإرعابهم، غير ان مصطلح الإرهاب مصطلح سياسي ومفهوم دوليا بانه أعمال عنف شديدة الخطورة من شأنها تزرع الرعب لدى شعب كامل أو أقلية دينية أو قومية، كمثال تفجير انتحاري، فمن السذاجة وصف قمع مظاهرة أدى في النهاية إلى عدة إصابات بانه إرهاب، فمن الواضح ان هناك عمل دؤوب ومستمر لزعزعة ثقة السلطة بنفسها، وزعزعة ثقة المجتمع الدولي بالسلطة، وهذا واضح من خلال طبيعة الاتهامات.
ويتجلى تغيب العقل بصورته البشعة في موقف الجبهة الشعبية من قمع السلطة للمظاهرات، حيث قامت بوصف السلطة بالخائنة وقامت بإلغاء مشاركتها في الانتخابات المحلية، فمن غير المقبول أن تربط مصير الناخبين جميعا وتقوم بحرمانهم من الانتخابات التي انتظروها بمصير مظاهرة قمعت، وحتى ان كانت المظاهرة من الأهمية التي تجعل الشعبية تقوم بالرد القوي، فلا يكون الرد بمقاطعة الانتخابات فلا يوجد ارتباط بين الفعل والرد، وهذا أغرب رد فعل في السياسة، غالبا يكون رد الفعل من نفس السياق وبنفس القوة، ولكن الواضح أن الجبهة الشعبية كان لديها نية مبيته بإلغاء مشاركتها في الانتخابات، وهي تنتظر أي مبرر لإعلان ذلك فكان قمع التظاهرة فرصة ذهبية، أو ان الجبهة الشعبية انساقت وراء دعوات التشكيك والتخوين للسلطة وهي بذلك أرادت نزع الشرعية عن السلطة.
وجميع الأطراف التي انتقدت قمع المظاهرات ركزت في ردة فعلها على موضوع التنسيق الأمني، وهو موضوع غير متجانس مع موضوع قمع المظاهرات، بمعنى أن منتقدو السلطة يبحثون عن أي فرصة لشن هجوم شامل على السلطة، على رأي المثل (بنقول ثور بيقول احلبوه)، بمعنى لا علاقة بين قمع المظاهرة والتنسيق الأمني، فلماذا يتم طرح الموضوع بقوة، نعم هو قمع العقول من أجل مشاريع وخطط وأهداف خاصة بتلك الأطراف وأطراف خارجية.
ففي النهاية كل طرف فلسطيني يعارض سياسة الرئيس والسلطة شن هجوماً على السلطة ليس بسبب قمع التظاهرة ولكن لأنه هو بالأصل يريد ان يفعل ذلك تماشيا مع أهداف ومخططات غير واضحة المعالم، وهو بذلك يمارس قمع العقول على الناس، من حق كل طرف الاختلاف مع السلطة ومعارضتها، ولكن ليس من حقه إفراغ كل السم في قضية لا تستحق ذلك، فالأصل ان يكون لكل قضية موقف يتناسب معها، وفي النهاية لا نقف هنا مدافعين عن السلطة ولكن من واجبنا إعطاء القيمة الحقيقية لما حدث، وهل يستحق هذا التحريض أم لا.



#باسل_خليل_خضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ازدواجية العمل: سرقة محرمة شرعاً وقانوناً
- لقرار الاستيطان مخاطر جمه: فما العمل؟
- الرئيس ودحلان: نهاية مرة أم بقاء مشترك
- الانهيار المحتوم: عندما تصبح الصفوة السياسية في تصادم مع الر ...
- مجلس الامن.. وظيفة شاغرة لوفود المصالحة
- حماس الخاسر الوحيد من سقوط المشروع الاسلامي
- ابو مازن يبدع في استغلال تعاطف وتأييد المجتمع الدولي


المزيد.....




- هل تتعاطي هي أيضا؟ زاخاروفا تسخر من -زهوة- نائبة رئيس الوزرا ...
- مصريان يخدعان المواطنين ببيعهم لحوم الخيل
- رئيس مجلس الشورى الإيراني يستقبل هنية في طهران (صور)
- الحكومة الفرنسية تقاضي تلميذة بسبب الحجاب
- -على إسرائيل أن تنصاع لأمريكا.. الآن- - صحيفة هآرتس
- شاهد: تحت وقع الصدمة.. شهادات فرق طبية دولية زارت مستشفى شهد ...
- ساكنو مبنى دمرته غارة روسية في أوديسا يجتمعون لتأبين الضحايا ...
- مصر تجدد تحذيرها لإسرائيل
- مقتل 30 شخصا بقصف إسرائيلي لشرق غزة
- تمهيدا للانتخابات الرئاسية الأمريكية...بايدن في حفل تبرع وتر ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - باسل خليل خضر - قمع العقول أخطر من قمع المظاهرات