حنان الفرجاني
الحوار المتمدن-العدد: 5456 - 2017 / 3 / 10 - 09:49
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
تعاني المرأة وأدا من نوع أخر في عصرنا هذا, فرغم أن الإسلام جاء بتشريعات كثيرة تعطي المرأة حقوقها وتحفظ مكانتها, إلا أن الفهم المغلوط لبعض النصوص, و تحريفها عن معناها, جعل المرأة كائنا مضطهدا وسط مجتمع ذكوري بامتياز, وتعتبر المرأة في المجتمع المغربي كائن رتبة ثانية بعد الرجل, فرغم التطور الكبير الذي عرفه المغرب على مستويات كثيرة, إلا أن نسبة كبيرة من نساء هذا البلد ما زلن يرزحن تحت طائلة التهميش والإقصاء.
عرف المغرب تطورات اقتصادية واجتماعية كبيرة على عدة مستويات, انعكست صورها على نمط عيش المجتمع, إلا أن هذا التطور السريع و التفتح الكبير لم يخترق بشكل كامل وضع المرأة في مجتمعنا المغربي, إذ لا تزال النساء تعرف تمييزا واضحا في عدة مجالات من أهمها التعليم,فرغم كفاءتها وتفوقها على الشاب في التحصيل العلمي وإصرارها على الحصول على درجات أفضل من الشاب, لا تزال الأمية متفشية في صفوف النساء, إذ تبلغ نسبة الأمية في النساء اللاتي تتراوح أعمارهن فوق 10 سنوات إلى 50.8 بالمائة, إن الفكرة المسيطرة على المجتمع ونظرته للمرأة من بين أسباب ارتفاع الأمية في صفوفها, فالفتاة أول ما يعلو صراخها معلنا قدومها, إلا وترى أبويها لا شعوريا يهيئانها لأن تكون زوجة,والزواج ليس قدحا للمرأة بل هو سنة الحياة,لكن بالموازات مع شروط أخرى أهمها التعليم, أضف إلى ذلك الفقر والحاجة, مما يجعل أولوية وأحقية التعليم في الأسر المغربية منصبة نحو الشاب أكثر من الفتاة خصوصا في العالم القروي.
وبعد الكفاح الكبير الذي تخوضه المرأة لتحقيق بعضا من استقلالها المادي والمعنوي داخل الأسرة والمجتمع, تجد نفسها أمام تحديات أكبر فبالإضافة لكونها زوجة و أما,هي أيضا عاملة,لتتراكم المسؤوليات في ظل غياب شبه تام لدور الرجل,ليكون لزاما عليها العمل خارج المنزل وداخله,متحملة وحدها أعباء البيت لتكون أول من يستيقظ وأخر من ينام, ويكفي الرجل في عدم تقديم يد العون لها أنه ذكر, معطيا لنفسه كامل الصلاحية في الأمر والنهي والنهر وأحيانا الشتم متناسيا أنهما تساويا في العمل والإنفاق على منزلهما.
هل الرجل عورة؟ لطالما يخالج هذا السؤال البعض,فكما تملك المرأة جسدا يملكه الرجل,وكما يمكن أن يجذب جسد المرأة الرجل,فالمرأة أيضا يجذبها جسده, إلا أن الفرق في الأمر أن المرأة وبحكم المجتمع المحافظ الذي تعيش فيه, و التربية الأسرية لها يمنعانها من التصريح بإعجابها بجسده أو شكله, خلافا للرجل الذي لا يجد حرجا في إبداء هذا الإعجاب, متفننا في اختيارات عبارات الإعجاب والغزل, ليصل الأمر للتحرش بالنساء في مختلف الأماكن العامة والخاصة بلا استثناء,هل سأل الرجل نفسه يوما إن كان عورة بالنسبة للمرأة, و إن كان كذلك هل لها الحق في التحرش به و مضايقته ومعاكسته إن خرج متزينا أكثر من اللازم, و أن مسؤولية التحرش تقع عليه بما أن من حق النساء أيضا معاكسة الرجال, أم انه المجتمع الذكوري والعقلية المتحجرة التي تعطي الرجل الحق في هذا الأمر وتلقي المسؤولية على المرأة,لتصفها بأشنع وأبشع صفة ألا وهي أنها عورة,وهنا يحضر الخطاب الديني جليا في التأويل الخاطئ لبعض النصوص, وقراءتها قراءات تخدم مصالح الرجل بالدرجة الأولى, و تكريس احتقار المرأة واعتبارها كائنا للمتعة ,لا يملك من أمره سوى الطاعة والخنوع.
تحتل المرأة في مجتمعنا المغربي الرتبة الثانية بعد الرجل,لها نصف الحقوق وعليها ضعفي الواجبات,فرغم الواجهة البراقة التي يحاول المغرب تصديرها للخارج على أننا دولة تساوي بين الجنسين,إلا أن الواقع شيء أخر تماما, إذ أن تمثيل المرأة في البرلمان لم يصل بعد حتى ثلث مقاعده, حيث أن عدد النساء بالبرلمان لا يتجاوز 81 سيدة, كما أن تمثيلها في الحكومة السابقة لا يتجاوز 6 وزيرات مقارنة مع 32 وزيرا, إنها النظرة الدونية للمرأة من قبل الرجل وأنها خلقت لخدمته والسهر على راحته,وأنها لا تملك المقدرة على أن تكون عضوا فاعلا وفعالا في المجتمع, لكن ما هي نظرة المرأة للمرأة؟وهل حقا تغيرت نظرتها لنفسها؟هل تعتقد أن من حقها العيش في مساواة تامة مع الرجل؟
إن فئة كبيرة من النساء وخاصة الشابات يسعين جاهدات لتغيير الفكر النمطي لهذا المجتمع الذكوري الذي يعشن فيه, وقد حققن مكتسبات لا بأس بها إن كان على المستوى الأسري أو المجتمعي,لكن ماذا عن الفئة الأخرى من النساء, الفئة التي تعتبر أن الدور الأساسي للمرأة هو خدمة الرجل,وتلبية جميع متطلباته وأنها تأتي في الرتبة الثانية بعده,ماذا عن تلك التي تعتبر نفسها عورة؟فتبرئ المتحرش و تكيل التهم للضحية, أليس في الأمر بعض الغرابة ؟
إن خلفية هؤلاء النساء الدينية العقدية والأسرية, تلعب دورا هاما في تغليف عقولهن وتحريف نظرتهن الصائبة لبنات جنسهن, فيعتقدن أن كل ما خلقن من أجله هو الطاعة, و الحرص على الرجل من أنفسهن,حتى لا يقع الرجل في الذنب بسببهن,ناسيات أو متناسيات أن الله سبحانه لم يميز أبد بين الرجل و المرأة في العقاب والجزاء.
في الأمثال العربية نجد أن وراء كل رجل عظيم إمرأة,لكن هل يمكن أن نجد وراء كل إمرأة عظيمة رجل؟ أم أن الأمر لن يتجاوز عتبات التمني, ليبقى المجتمع بقشرة خارجية براقة للعالم و مشوها من الداخل, بعاهات فكرية تضرب بجذورها في أعماق المجتمع,وكما نقول في أمثلتنا المغربية أ لمزوق من برا أش خبارك من الداخل.
#حنان_الفرجاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟