أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمجد آل فخري - جنيف.. لعبة الإسقاط والسقوط















المزيد.....

جنيف.. لعبة الإسقاط والسقوط


أمجد آل فخري

الحوار المتمدن-العدد: 5441 - 2017 / 2 / 23 - 00:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إذا كان ( أوّل آب ) 2016 التركيب المفتاحيّ لمقرّرات "مؤتمر فيينا"، الذي يحدّد موعد مرحلة انتقاليّة نحو حلّ سياسيّ قد سقط، فإنّ ( آخر آب ) قد أتى على موسم التين والعنب، وذهب به أدراج الرياح..
فقد " اتّسع الخرق على الراقع "، إذ تجاوزت المتغيّرات ما كان مقرّراً، ولم يعد بالإمكان إدارة الصراع وتوجيه مساراته على الأرض وفق أجنداتٍ متعدّدة ما إن تتوافق حيناً إلا لتتباعد أحياناً أخرى وفقاً لمخرجاتٍ لم تكن في الحسبان، أو هُيّئ لأن تكون كذلك تمريراً لبعض المواقف هنا أو هناك، أو يكون ملاطاً يجمع المتبعثر، ويؤسّس لخطوةٍ جديدة.
فمنذ جنيف الأوّل المرتكز على نقاط " كوفي أنان " 2012، شهدت الساحة السوريّة تبعاً للساحات الإقليميّة والدوليّة تبدّلاتٍ في المواقع وانزياحاتٍ في المواقف، عمل فيها الجميع ضدّ الجميع لإسقاط ما تقرّر فيه بعد إعلانه وإقراره بسُويعاتٍ إجهاضاً لما يمكن إنجازه من خلاله على المدى البعيد، وكانت التوافقات بين الأطراف المحيطة بالحدث فرسَ الرهان في إدارة الصراعات الثانوية ضمن السياق العام للصراع السوريّ الذي أضحى مجلى للصراعات الإقليميّة والدولية، إذ يدفع به قُدُماً لفقدان التوازن الذي يودي به إلى السقوط الذاتيّ لا محالة، وإصدار نعي أمميّ له، يفتح الطريق إلى أرقام جديدة لمؤتمراتٍ بأسماء جديدة.
إن نقاط " أنان " الستّ في جنيف الأوّل مُسِخت لتكون في جنيف الثالث نقاطاً أكثرَ عدّاً، لكنها أضعف وصفاً وأقتل معنى، وإن كانت أكثر تحديداً ورسماً للمداخل والمخارج معتمدةً على ما تقرّر في " فيينا " وعشرات التفاهمات.
سقطت نقاط "أنان"، أو تفاعل الجميع لإسقاطها في جنيف الثاني الذي أعلن الأخضر الإبراهيميّ فشله؛ كيلا يكون شاهداً أو منسِّقاً لما يُراد لسورية في ظلّ اصطفافاتٍ سياسيّة بلغت أوج تجاذباتها جاعلة من سورية " مكسرَ " خلافاتها وتناقضاتها ومساوماتها وابتزازها بعضها الآخر، حيث حُلحل الملفّ الكيماويّ للنظام، وتسارعت خطوات حلحلة الملفّ النوويّ الإيرانيّ؛ ليظهر واقع جديد سقطت فيه الخطوط الحمْرُ الأمريكيّة، وارتفعت اللاءات الروسيّة داعمةً للنظام تحت مبرّرات واهية، في مقدّمتها المحافظة على الدولة السوريّة ومنع انهيارها، في الوقت الذي كان فيه-ومازال- الملفّ الأوكرانيّ وملفّ العقوبات الاقتصاديّة يوضعان مقابل الملفّ السوريّ في المناورات السياسيّة الروسيّة الأمريكيّة، وما ذلك إلا تراجعاً عن جنيف، وإفقاده التوازن من جديد ليكون السقوط ذاتيّاً لا بفعل فاعلينَ.
إن اعتماد الروس والإيرانيين والنظام الحلّ العسكريّ على الرغم من كلّ الحراك السياسيّ جعل ديمستورا يرسم حركته على إيقاع البراميل والسوخوي والصواريخ الإستراتيجيّة والخبراء الروس ونظرائهم الإيرانيين والميليشيات الطائفية المجلوبة أو المصنوعة، وتغوّل "داعش" و "جفش" الذي يقابله انحسار واضح للجيش الحرّ وما يسمّى بالقوى المعتدلة عن الساحة، وظهور الدور السعوديّ كداعم للمعارضة وقوى الثورة باحتوائه الهيئة العليا للمفاوضات التي صار الملفّ لها؛ لتدخل جنيف3 2016 مدعومة بدعوة من مجموعة فيينا ومجلس الأمن وديمستورا، هذه النسخة من جنيف بدأت متعثّرة وإن لم تسقط، فإنها راوحت في المكان بفعل استفزاز النظام من جهة، وارتفاع سقف مطالب المعارضة من جهة أخرى، والشغب الروسيّ الذي لم يحقّق مأربه بمشاركة شركائه ممّا يمكن تسميتهم بـ(معارضة المعارضة) من جهة ثالثة، لتستمرّ أعمال القتل والتدمير والتهجير انتظاراً لتغييرات جديدة على الأرض تدفع بعجلته إلى الدوران، على الرغم من أنه عُقِد في ظلّ توافق دوليّ واضح، محمّلاً بخارطة طريق مدعّمة ببرنامج مزمَّن للحلّ المتخيَّل، قبلت به المعارضة وقبِل به النظام، لكنه كان شاهداً على انزياح كبير في المواقف، وعلامة على تغيّر الموازين والمقايضات في سوق التداول السياسيّ، فمن دعم ثورة الشعب السوريّ إلى مواجهة الإرهاب والتطرّف، ومن استبعاد لإيران إلى بروزها طرفاً مشاركاً مؤثّراً بعد الاتّفاق النوويّ، ولعلّ الأبرز استحضار الأسد فاعلاً في المرحلة الانتقاليّة- وربّما بعدها-بعد تغييبه قبلاً؛ وذلك بفعل الضغط الروسيّ العسكريّ المباشر الذي عوّم النظام من جديد، وأنهى بضربة واحدة احتكار أمريكا وأوروبا إدارة الصراع.
مجريات الأحداث المرسوم منها والمتصادف أو المتوافق مع المرسوم، لا يمكن أن يخطئه العقل في هدفه. ففي سنة من عمر جنيف الثالث ثبتت أمور عديدة:
أوّلها: انحسار الأساس، وهو قيام سلطة حكم انتقاليّة كاملة الصلاحيّات إلى انتقال سياسيّ هلاميّ، يصل في تفسيره الروسيّ الإيرانيّ إلى قيام حكومة وحدة وطنيّة في ظلّ رأس النظام.
وثانيها: القضاء على (داعش) أولويّة لا سابق عليها، تحتّم على كافّة الأطراف العمل لها ومن خلالها، وتحت غطائها يتمّ تدخُّل الدول، وتُغضّ الأبصار عن الدمار الهائل، ويرين الصمت أمام مناظر القتل اليوميّ، وتسقط القِيَم قبل سقوط جنيف مهما كان رقمه في عدّاد المؤتمرات؛ لاستباحة الإنسانيّة بكل معانيها وتجلّياتها.
وثالثها: خلق معارضات جديدة، وتجديد ما قدم منها عبر مراجعات للمواقف، وانكسارات في المواقع، وتحريك للجغرافيا، وتغييب للسكّان، وتغيير للأسماء بخلق منصّات تعارض المعارض قبل النظام، بل تعمل لإعادة إنتاج نظام يحمل رموزاً لا تخالف أو تختلف، بل تصطفّ انتظاراً لدور تقوم به لاحقاً يخدم معاني يريدها الروس أو غيرهم.
وما انفكّ المجتمع الدوليّ يسارع الخُطا، ويسرّع الفاعلون خريطة التغيير على الأرض وصولاً إلى جنيف في نسخته الرابعة قبل وصول الإدارة الأمريكيّة الجديدة إلى مفاتيح القرار، استدراكاً للفوات الذي خلّفته إدارة أوباما، والشلل الذي أوقعت فيه الدور الأمريكيّ في المنطقة مختارة لا مجبرة، فأصبحت روسيا شريكاً بقوة الفعل لا ببلاغة الخطاب.
ولأجل ذلك كان " إعلان موسكو " مُبرِزاً التوافق بين روسيا وإيران وتركيا على صفقة تغيّر الواقع والوقائع بمقايضة مربحة في ظلّ ركود الحراك السياسيّ وارتفاع حمّى الحراك العسكريّ، وهو – الإعلان –خطوة مهمّة لإسقاط جنيف في صيرورة سقوطه الذاتيّ، فقد استبعد أركاناً مهمّة في الصراع الدائر، وبقيت أشباح الغائبين تخيّم على كلّ مُخرجاته، وهو الذي يرمي إلى إحياء العمليّة السياسيّة، و بادّعاء " لافروف " ( التأكيد على سيادة ووحدة سورية كدولة ديمقراطيّة وعلمانيّة )، بينما يتمّ إسقاط شرقيّ حلب لا سقوطه -عبوراً إلى موقف جديد يطوّر سقوط جنيف-، مقابل التغلغل التركيّ في جرابلس والباب، متابعاً انتشاره فيما بعد بتوافق مع أمريكا الإدارة الجديدة، وعلى المقلب الآخر تنتهي ميليشيات إيران والنظام من قضم ما تبقّى حول دمشق.
وهكذا جاءت الخطوة اللاحقة الأهمّ متمثّلة في مؤتمر " أستانا1 " الذي جمع الفصائل العسكريّة "المعتدلة"، وأصبح عرّابو " أستانا1 " ضامنين لوقف الأعمال العدائيّة، لتنتقل بذلك روسيا من قاتل للشعب السوريّ وحائل دون تحقيق حلمه بالحرّية إلى حَكَم مقبول، ممّا دفعها للدعوة إلى " أستانا2 " بزيادة الضامنين زبوناً جديداً هو "الأردن" لتحديد الآليّات على الرغم من هشاشة وقف إطلاق النار وانهياره في أكثر من مكان؛ لينتهي سقوط " وادي بردى " في الفترة الفاصلة بين انعقاد أستانا2 والذي سبقه. ولم يقف الأمر عند إعطاء مزيد من الاعتبار للعسكر الذين طالبوا بأكثريّة وفد التفاوض المزمع انتقاله إلى جنيف4، ليأتي اجتماع موسكو لمنصّات المعارضات السوريّة من حميميم والقاهرة وموسكو والرياض وإستنبول، فيشعل قضيّة التمثيل في وفد مفاوضات جنيف4، ويتحقّق بذلك هدفان أساسيّان: إدخال العسكر ساحة التفاوض وإعدادهم ليكونوا سادة المرحلة القادمة، والإجهاز على هيئة التفاوض بحشد معارضيهم في صفوفها. وهكذا يسقط من أساس جنيف نهائيّاً قيام سلطة حكم انتقاليّ كاملة الصلاحيّات، وهو ما يعني إسقاطاً لجوهر الصراع السوريّ، وكأنّ الدعوة التركيّة لفتح صفحة جديدة للتعاون في حلّ الأزمة السوريّة، وتبعتها مواقف دوليّة عديدة بهذا الاتّجاه تلخيص مجمل موفّق للموقف الذي يريد الخروج من عباءة جنيف من أوّله إلى رابعه فاتحة تمرير الزمن لإعادة تدوير الخلافات حول الأساسيّات حيناً والفروع أحياناً.
فالممثّلون جددٌ، والقضايا المطروحة لا تستدعي صراعاً مسلّحاً، ريثما يتمّ الإجهاز على ما تبقّى من إرهاب يعمل الضامنون على إنجازه قبل أو إبّان انعقاد المؤتمر المنتَظر، ولاسيّما أن إشعال جميع الجبهات من إدلب إلى شمالي حلب إلى درعا إلى الغوطة الشرقيّة مروراً بسرغايا وصولاً إلى القابون وبرزة على مشارف دمشق في تصعيد واضح هدفه جنيف4 ليس غير؛ سيكون له فعل السحر، إذا علمنا أن الحوار سيدور في جنيف 4 حول دستور كتبته موسكو، وانتخابات بطلها رأس النظام، فيكتمل ما بدأ في أستانا، ممّا يعني إسدال الستار في جنيف 4 على فصل جديد من فصول مأساة العصر، وتتويج أعماله بنداءات المنظّمات الإنسانيّة لمزيد من الإغاثة وفتح الممرّات الآمنة؛ استكمالاً لتغيير مطلوب يكرّس واقعاً جديداً، سقط فيه جنيف حقيقةً، وأسقطه المخرجون على خشبة مسرح المؤتمر.
______________
- كاتب سوري



#أمجد_آل_فخري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التربية السوريّة بين الانهيار والاستثمار
- عودة الشاهنشاه بعباءة وليّ الفقيه
- الرجلُ المريضُ.. الجديد


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمجد آل فخري - جنيف.. لعبة الإسقاط والسقوط