|
ما نهاية مائة عام من الاحباط (1 )
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 5429 - 2017 / 2 / 11 - 03:01
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل ان نتوغل في صلب الموضوع، يجب علينا ان نجيب عن السؤال الجوهري حول ما نحن اي الكوردعليه، انحن صاحب هوية خاصة بما نحن نسميها امتنا الكوردية، و هل ما نتصف به يمكن ان نسميه هوية خاصة بنا و انها واضحة و جامعة، او هل نحن امة حقا و لنا امكانية و قدرة على تكوين قوة يمكن ان نقاوم بها الصعوبات التي تفرض نفسها على ما يمكن ان نسمي انفسنا به و نعتقد بانه بلا اسس راسخة، و رغم كل التضحيات و الثورات التي اشعلناها و فشلنا فيها، و في النتيجة احبطنا، و لم نتخطى المراحل السابقة لانبثاق الامة بسلام، و تراوحنا لحقة طويلة الى ان انغمسنا فيما وصلنا اليه في هذه المرحلة من ما نعيشه في عالم فوضوي غير منتظم يسير وفق المصالح التي يجهد كل طرف على تامينها من اجل ما ينتمون اليه من امم و دول و نحن نفتقد اليها، و لنا الحق ان نشك في انفسنا في ان نكون امة متكاملة الاوصاف . تاريخنا معلوم و مليء بالتناقضات و المآسي . يمكن ان نقول لا توجد امة تالمت و ضحت و من ثم احبطت جراء السذاحة التي سارت عليها امتنا ان كنا نفترض نظريا باننا امة، و وفق كل مقومات الامة و اسسها، انا اعتقد باننا لم نصل الى مكانة و تركيبة امة متماسكة بمعنى المفهوم و لها القوة في تحمل ما تتحمله الامم الاخرى، لكوننا على حال لانزال يتمتع عرقنا بالتجمعات و التكتلات الانسانية التي لا يمكن ان نوصفها بالشعب، اي قومية دون ان نصل الى الامة بكل سماتها . و هذا ليس من فعل ايدينا بل نتيجة طبيعية لما فرضته الظروف الذاتية و الموضوعية علينا و ابقتنا على حال لم نتمكن من النمو و الوصول الى حال نعرفها بامة، و اننا حقا تجمعات دون ان نعبر حدود الشعب، و يمكن ان ندعي باننا لم نذق متعة العقلية الانسانية او مميزاتها و سماتها التي تفرضه قمة العقلية الانسانية التي تصل نسبة معينة من ما تصل اليها البشرية . العامل الذاتي لدى الكورد من كافة النواحي الثقافية و الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية لم يكتمل لحد الان، و العامل الموضوعي من الظروف الاقليمية و الداخلية السياسية و الدولية لم تناسب او توافق مع مسار الوصول الى مستوى تساعد على ان نكوّن امة موحدة و لها القدرة القادرة على تحدي الصعوبات و لها امكانية الثبات و الوقوف ضد كل التحديات التي تواجهها . لازالت الاوضاع الاقليمية و الداخلية الذاتية على درجة يمكن ان نوقل اننا بانفسنا نقف حتى ضد سياق عملنا للوصول الى مستوى يمكن ان نسمي انفسنا شعبا ومن ثم امة، هذا عدا ما ينقصنا من اهم عامل رئيسي لتجسيد الامة وهو دولة مستقلة صاحبة السيادة التي تمنع او تصد هبوب الرياح العادية عليها . لولا التغييرات الاقليمية الاخيرة التي فرضتها تدخلات القوى العالمية لكنا الان كما كنا عليه منذ مائة عام اي نشعل الثورات و ننهيها بخيبة امال و نكبد قوميتنا الخسائر تلوة الاخرى، الا ان القفزة التي حصلت في تغيير شؤون المنطقة مستنا و وصلتنا الى ما كنا لم نقدر ان نصل اليه بذاتنا لسنين اخرى و ان دمنا على تقديم التضحيات لك حركة مسلحة، لاسباب و عوامل ذاتية و موضوعية معلومة ايضا . لقد اشعلنا خلال الحقب السابقة مجموعة من الثورات العفوية التي شارك في بعضها االنسان الكوردي الذي يمكن ان نسميه بالشعب مجازيا، و ضحى بكل ما يملك ليس لهدف معين بقدر ما هو كان مؤمنا بانه ينتمي الى مجموعة بشرية تتطلب منه التضحية من اجلها و لضمن مستقبلها و صد الاعتداءات عليها، و آمن نتيحة سذاجته بانه يحقق نصرا مبينا بالكفاح المسلح دون ان يحسب تلك العوامل التي هي فوق الشجاعة و التضحية و الاخلاص، و هي القوة التي تفرضها مجموعة من المصالح المتشابكة مع بعضها للدول العالميةو الاقليمية التي تسير وفق سياسة ضمان المصالح بعيدا عن الاخلاق و السمات الانسانية الحسنة . اننا اخطئنا كثيرا في مسار ثوراتنا المتعاقبة، لم نحسب للعوامل الذاتية و الموضوعية بجدية و تعقل كافيين، ارتبطنا باستمرار باحدى الدول التي قُسم الكورد عليها و ليس لها المصلحة في تحقيق الكورد هدفهم و تقرير مصيرهم باي شكل كان، و لم نتعامل الا بعاطفة و بخطوات بعيدة عن السياسة الواقعية وكنا بعيدين عن دراسة الحال من اقرب ابعادها و سرنا بعفوية و بفوضى عارمة في اكثر الاحيان . لم نهتم باي شكل كان بالوحدة الداخلية و كنا في اغلب الاحيان منقسمين و خلقنا بثوراتنا العداوات و التفرقة العشائرية و القبلية و الحزبية بدلا من بناء اعمدة الوحدة الوطنية، و لم نعتبر او نتعامل مع الحاسة الشعبية للكورد فيما اقمنا عليه من الثورات و الخطوات السياسية و القرارات المصيرية، لذلك كنا بانفسنا سببا في ازدياد الهوة بين فئات الشعب و مكوناته المختلفة . و على الرغم من عدم ايمان الحاسة الشعبية العامة بجدوى التحركات احيانا الا انهم لم يبخلوا بتقديم القرابين و التضحيات التي احتاجتها الحركات المسلحة في كل الثورات . و على الرغم من عدم اقتناعهم بما يمكن ان تصل اليه تلك الحركات و بما امتلكوا من احساسيس في قرارة انفسهم بانهم امام هدر الدم الذي يقدمونهبغير جدوى الا انهم وقفوا و لازالوا مع الثورات دون ان يصيبهم ملل او ما تفرضه تلك الاحساسيس عليهم من اللامبالاة ازاء الحركات الثورية و السياسية التي لم تبرز قيادات حكيمة كان المفروض عليها ان تفكر بعقلانية و تقيم الواقع و ما كانت عليه كوردستان من كافة جوانبها لحد الساعة . و عليه يمكن ان نسال: هل كان لهذه الحركات السياسية و الثورات المسلحة اي تاثيرايجابي على الشعب، ام يمكن ان نعتبر كل ثورة خطوة الى الامام ام يمكن ان لا نرفض توجه البعض بان الثورات المسلحة كانت خطوات للوراء، و هل العواقب الوخيمة التي حصلت جراء فشل الثورات و الانتكاسات كانت سلبية بمطلقها ام لم تخمد الجذوة منذ مئة عام مهما فشلت تلك الحركات و الثورات المسلحة و ابقت على نار من تحت الهشيم و هي تتحين الفرص لتتقد من جديد . ان بعض الافكار و الايديولوجيات الواردة و الغريبة عن محتوى جمع الصفات العامة التي يتميز بها الكورد اضرت بحركته و قضيته في النتجية اكثر مما افادته، و ان كان تاثيراتها الايجابية محددة و مقتصرة على فئات صغيرة و قطاعات ضيقة سواء من المثقفين المنعزلين عن حال الشعب بشكل عام ام في حدود حلقة ضيقة خاصة فقط . ويجب ان نذكر هنا ان الاخطاء الكبيرة في هذا الجانب لم تكن تقتصر على الكورد فقط و انما حصلت في ثورات كبرى في العالم ايضا، الا ان الكورد المتخلف و هو يعيش في كنف دولة اخرى لصق بها قسرا، هذا ما اضر به اكثر من غيره . اي، ان اوهام الافكار البعيدة عن الواقعية كانت من اسباب فشل الثورات الكوردية المتعاقبة ضمنا نتيجة تاثيراتها السلبية عن التوافق بين الثورة و الشعب و احداث ثغرات و ابعاد الراي العام عن مكنون الثورات و التعامل معها بعفوية و حرية من جهة او اتخاذ مواقف مضادة نابعة من مستوى العقلية التي لم تكن تؤمن بمحتوى تلك الافكار و لم تتلائم مع الموجود على ارض الواقع من العقليات الاجتماعية و المستوى الثقافي العام من جهة اخرى . و هذا لا يعني اننا نبعد شراسة و تبجح الاعداء التي تجمعهم نقطة مشتركة واحدة و هي وقوفهم ضد امال الشعب الكوردي فقط كسبب رئيسي لانتكاساته المتكررة في تاريخه .
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايهما ارهابي ملكك المعظم ام حزب العمال الكوردستاني ؟
-
القادة اجهض حلم الكورد و ليس الشعب الكوردي
-
الحلول الترقيعية باسم التسوية
-
يكفي الكورد مافيه
-
الكورد ما بين الابيض و الاسود في توجهات ترامب
-
ماهو الهدف الاستراتيجي المشترك للقوى الكوردستانية
-
عدم اعتذارهم من الشعب الكوردي
-
موقع الكورد من المخططات المخابراتية الاقليمية و العالمية في
...
-
لما نجعل من استقلال كوردستان بعبعا
-
اثر الاسلام السياسي السلبي على فكر و فلسفة الناس
-
هل سيسجل العبادي تاريخا ناصعا له في حل القضية الكوردية
-
هل نحتاج لمرجع قومي او وطني لاقليم كوردستان ؟
-
الازمات والفساد المستشري و عملية الاصلاح في اقليم كوردستان
-
من تفوز في النهاية روسيا ام تركيا
-
2016 الكورد، هزيمة الارادة امام الظروف الموضوعية
-
اختطاف افراح لخلط الاوراق
-
دراسة السمات الخاصة من اجل تحقيق الهدف الكوردستاني
-
الكورد و مرحلة مابعد تحرير الحلب
-
حركة التغيير و مفتاح الحل للمشاكل العالقة في اقليم كوردستان
-
هل يمكن اعادة تلحيم البنية العراقية ؟
المزيد.....
-
خامنئي يقيم المفاوضات النووية مع أمريكا.. ماذا قال عن وقف تخ
...
-
هروب مترجم الوفد الأوكراني في مفاوضات اسطنبول
-
وزير الدفاع الإسرائيلي: الشاباك أحبط محاولة إيرانية لاستهداف
...
-
إسبانيا تفكك شبكة إجرامية هرّبت 41 ألف طن من البلاستيك غير ا
...
-
المبادرة المصرية تشارك في المؤتمر الإقليمي حول حرية الدين وا
...
-
استعان بشات جي بي تي لتنفيذ خطته.. فتى يطعن 3 طالبات في مدرس
...
-
اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني والدعم السريع في أم درمان
...
-
ألمانيا: ارتفاع عدد الجرائم ذات الدوافع السياسية بنسبة 40 با
...
-
-ناشينال إنتريست-: دعم -الناتو- قيد قدرات أوكرانيا العسكرية
...
-
زاخاروفا: روسيا تشعر بخيبة أمل من قرار تكثيف عمليات إسرائيل
...
المزيد.....
-
الحرب الأهليةحرب على الدولة
/ محمد علي مقلد
-
خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية
/ احمد صالح سلوم
-
دونالد ترامب - النص الكامل
/ جيلاني الهمامي
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4
/ عبد الرحمان النوضة
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
المزيد.....
|