أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يونس أعناجي - كرنفال إمعشار تيزنيت : أشكال الفرجة ومضامينها















المزيد.....

كرنفال إمعشار تيزنيت : أشكال الفرجة ومضامينها


يونس أعناجي

الحوار المتمدن-العدد: 5419 - 2017 / 2 / 1 - 21:15
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الحفل التنكري "إمعشار"، من الأشكال الفرجوية العريقة بالمجتمع التزنيتي المستوحاة من العرف اليهودي بمدينة تزنيت (جامع بندير،2007). وهو التظاهرة الشعبية الأكثر ضربا في القدم والراسخة في المنطقة، ويقدم كعرض الشارع/الزنقة (spectacle de rue) في العاشر من محرم (ليلة عاشوراء) من التقويم القمري، إلى السابع عشر منه في كل سنة، ويقدم في الليل بالأماكن الرئيسية بالمدينة في أشكال شخوص (شخصيات) مقنعة يغنون ويرقصون حول نار كبيرة.
ينطلق الموكب، في الساعات الأولى ليلا، في شارع سيدي عبد الرحمن (اكي واسيف) في اتجاه ساحة المدينة القديمة (ساحة المشور). ويرتدي الشباب المشاركون في الموكب الكرنفالي ملابس وأقنعة تنكرية، يرقصون ويغنون ملتفين حول النار، ويضربون الدفوف والناقوس، وينفخون المزامير، ويضربون الأرض بأعمدة خشبية منسجمة مع الإيقاع. ويبدأ هذا العرض الموسيقي (التمهيدي) ب"تحواشت"، ثم "ءيموريك" بأداء أغنية تقول: " باسم الله هيا يا فمي أنشد الأشعار "، (bismi llah a iminu loh imurig) ثم " هيا اجتمعوا كلكم لتقولوا كلمتكم وليشهد الحاضرون أننا جميعا سواسية..." (chahdat a ma ghid illan, is kullu nga yan). ويلي هذا العرض الموسيقي/ التمهيدي، عرض تمثيلي في قالب هزلي ساخر، يروم الإضحاك والنقد للظواهر الاجتماعية. وعرض موازي لعروض المجسمات؛ الجمل والحمار والبغل والضبع والبقرة والبابور... ويتكون الموكب عادة من الحزان (Hezzan)، توايا (Tawayya)، تودايت (Tudayt)، الحاج (رئيس الموكب)، والباقي يحمل أعمدة وعصي خشبية غليظة وطويلة يضرب بها الأرض.
يتأسس الطقس الاحتفالي "ءيمعشار" على ثلاثة مبادئ، وهي: التنكر والتقنع، والتشبه باليهود، ثم تجاوز الطابوهات (المحرمات) والاستخفاف بالمعايير الأخلاقية و الاجتماعية والدينية. في عروض جماعية هزلية تتناول أنشطة معينة ذات ارتباط بحياة ساكنة المنطقة (الدورة الزراعية، العلاقات الاجتماعية) كالحرث والحصاد والدرس، بشكل نقدي وجريء (جامع بندير،2007).
ويعد هذا الحدث فرصة للترفيه بعد عام زراعي شاق، وللاسترخاء الفيزيقي والمعنوي (الروحي)، وهو كذلك لحظة حرية التعبير والهروب من الظلم الذي تمارسه السلطات المحلية، والنقد اللاذع لها. ولتسوية النزاعات بين الأفراد والأسر. وهو كذلك فرصة لتجاوز المحرمات والتحرر من الضوابط الاجتماعية والدينية.
" وهو حفل في حجم المهرجان بما يحتضنه من حفلات وسهرات زاخرة بطقوس تؤدى من خلال أشكال فنية مختلفة كالموسيقى والرقص والغناء ومشاهد تمثيلية وكرنفالية " (جامع بندير،2007).
يندرج مهرجان " كرنفال إمعشار تزنيت "، في إطار المهرجانات العامة (Festivals généraliste)، والذي ينظم سنويا من طرف جمعية إسمون للأعمال الاجتماعية والثقافية والمحافظة على التراث، بشراكة مع المجلس البلدي لمدينة تزنيت، وبدعم من عمالة إقليم تزنيت، والمجلس الإقليمي لتزنيت، ومجلس سوس ماسة درعة، ونيابة وزارة التربية الوطنية ونيابة وزارة الشباب والرياضة، إلى جانب شركاء من القطاع الخاص، والعديد من المنابر الإعلامية. . وهذه الجهات المنظمة هي التي تمول المهرجان، بالاضافة إلى مجموعة من العلامات التجارية؛ أفريقيا غاز، كوكا كولا، رونو، صوريفا، حكونية...
تتوزع فقراته بين تظاهرات فنية وثقافية وسياحية وتجارية بالموازاة مع الكرنفال. ويتابع هذا الحدث ساكنة المدينة والقرى المجاورة بالأساس، والسياح المحليين والأجانب. ويقدم كعرض الشارع (spectacle de rue) بالأماكن الرئيسية بالمدينة. ينطلق الموكب، في الساعات الأولى ليلا، في شارع سيدي عبد الرحمن (اكي واسيف) في اتجاه ساحة المدينة القديمة (ساحة المشور).
تنطلق فعاليات المهرجان ابتداء من العاشر محرم (ليلة عاشوراء) من التقويم القمري، إلى السابع عشر منه من كل عام. وتجدر الإشارة إلى أن الدورة الأولى للمهرجان نظمت سنة 2008.
تروم الجهات المنظمة لهذا المهرجان إلى بلورة إطار تنظيمي لفرجة "ءيمعشار"، وتطويرها وتجديدها، في أفق تصنيفها كتراث إنساني لا مادي من طرف "UNESCO" (وهو شعار الدورة السابعة للمهرجان 2014)، وهذا الأخير هو الرهان الرئيسي للجهات الفاعلة في هذا المجال.

بعد أن توقفنا عند المعلن في هذا المهرجان من جهات منظمة وجمهور ومضمون وهدف... لا بد من استجلاء الأبعاد المضمرة لهذه التظاهرة الثقافية بمدينة تيزنيت. ما هي الأهداف المضمرة لها ؟ ما هي الرهانات المختلفة ؟ ما هي التبدلات التي طرأت عليها ؟ وما هي الشوائب التي لحقت شكلها ومضمونها ؟
أولا؛ الكرنفال يتم من أجل الفرجة والبهجة وفقط، أي أنه مجرد مادة استهلاكية معدة للفرجة ومسخرة لتسلية الجمهور وإمتاعه. وهنا يمكن أن أتساءل؛ هل سيفقد الكرنفال قيمته الثقافية، إذا كان هاجسه إرضاء الجمهور وفقط ؟
ثانيا؛ نجد أن الهاجس الاقتصادي لم يحضر لا عند الجهات المنظمة ولا عند المشاركون في العرض، أي أن فكرة جعل الكرنفال اقتصاد مربح للمدينة لم تكن حاضرة بقوة. وهذا البعد الاقتصادي يجد حضوره وقوته في الكرنفالات العالمية (ريو البرازيلية، البندقية الايطالية...)، وهذه الفكرة هي الضامنة لاستمرارها.
ثالثا؛ التغيرات التي لحقت الشكل انعكست عن المضمون، مع سعي الجهات المنظمة واللاعبون إلى تكريس النمطية على مستوى المضمون، يتبدد مع اختفاء بعض المجسمات مثلا كالحمار والبغل والبقرة، والتي لها علاقة مباشرة مع الدورة الزراعية كمحور لهذا الطقس، وهذا ما انعكس كذلك على الرصيد الفرجوي للعرض. وفي المقابل إدخال مجسمات جديد غير مألوفة كالزرافة والديناصور والحمار الوحشي... وكلها أشكال منفصلة عن المعيش اليومي، شكلا ومضمونا. فهذه التطورات أو التراجعات على مستوى الشكل، لها تأثيرات على مستوى المضمون. وهنا يمكن أن أتساءل عن الكيفية التي يمكن من خلالها بناء علاقة متوازنة بين شكل العرض ومضمونه ؟
رابعا؛ الثقافة، هي نتاج التفاعلات بين ثلاثة أنساق؛ المجتمع والتاريخ والاقتصاد. وأن الدينامية الثقافية "كرنفال إمشعار"، هي نتاج لتفاعلات المجتمع السوسي مع تاريخه وآليات الإنتاج، وهذه التفاعلات هي التي تجسد الطقوس التعبيرية "لإيمعشار"، من حيث الزمان والمكان والنمط الاقتصادي السائد. إذ نجد هذه الدينامية الثقافية تتأطر زمنيا بالزمن الدائري الفلاحي (الدورة الزراعية)، والزمن الديني (المقدس)، وتتأطر مكانيا بالدرب والزقاق أي في (Médina)، وليس بالشارع (Ville). وهذا كله مرتبط عضويا بالمعيش اليومي (الفلاحة والزراعة)، ولم يرتبط بالحِرف مثلا كنمط مديني (Médina)، التي تعرفها تيزنيت، لأن التجارة والحِرف يهيمن عليها يهود المنطقة، وهذا ما يشكل المفارقة، حيث أن هذا الطقس الاحتفالي، يتأسس على ثلاثة مبادئ؛ التنكر، وتقليد اليهود، وتجاوز الضوابط الاجتماعية والدينية. هذه المبادئ، ما هي إلا تمثلات الساكنة المحلية عن يهود المنطقة . إذن، إذا كانت الحرف والتجارة من سمات يهود المنطقة، فما هي دلالات إدراج الفلاحة والزراعة في الاحتفال ؟

يشكل مهرجان "كرنفال ءيمعشار تيزنيت"، دينامية ثقافية بامتياز. هذه الدينامية يتنازع عليها في ذات الآن نموذجين متقابلين؛ المديني والبدوي، العصري والتقليدي. دون أن تنخرط كليا في نموذج الثقافة الحضرية، ودون أن تتخلص نهائيا من نموذج الثقافة البدوية.
هل للدينامية الثقافية لمدينة تيزنيت القدرة الكافية للإنخراط في العولمة ؟ ما هي حظوظ "كرنفال إمعشار"، في ولوج الثقافة المعولمة ؟ أين تبرز القيمة الثقافية لهذا المهرجان في زمن الصناعة الثقافية ؟



#يونس_أعناجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير ميداني : التغيرات الطبيعية والحضرية والاجتماعية في مجا ...
- في الذكرى السادسة لثورة 25 يناير.. رمزية ميدان التحرير
- المجتمع المغربي: بين سيرورة التحديث واستمرارية التقليد


المزيد.....




- رسالة استعطاف و استرحام لإيران حكومة و شعبًا لإسقاط حكم إعدا ...
- مصممة للشباب.. إليك أبرز مميزات سيارة لينكون نوتيلوس 2024
- سوليفان يزور السعودية وإسرائيل.. وهذا ما سيناقشه في رحلته
- بين تعليق إرسال بعض الأسلحة وإقرار حزمة جديدة منها.. هل عاقب ...
- السجن 45 عاما لطالب لجوء مغربي قتل مسنا بريطانيا -بسبب غزة- ...
- إيطاليا ترفع درجة الخطر للونين الأحمر والبرتقالي بعد أمطار غ ...
- قناة عبرية تنشر تقريرا عن قلق إسرائيلي شديد إزاء تصاعد موقف ...
- محكمة كازاخستانية تصدر أحكاما بالسجن بحق أعضاء خلية إرهابية ...
- ملك البحرين يعرب عن شكره لبوتين لجهوده في تعزيز العلاقات مع ...
- محكمة بلجيكية تصدر قرارا بشأن فضيحة -فايزر- وفون دير لاين


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - يونس أعناجي - كرنفال إمعشار تيزنيت : أشكال الفرجة ومضامينها