أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء عابد محمد - مرثية لدمشق














المزيد.....

مرثية لدمشق


علاء عابد محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5418 - 2017 / 1 / 31 - 00:05
المحور: الادب والفن
    


ربيع بسيط، رائحة خبز تفوح بين عصفورتين نائمتين ،
وصبية يسيل من شعرها نبع من الياسمين
الحب فكرة وشعورا وكلمات تتردد بين الجهات
لا شئ يعكر صفو هذا الجمال الدمشقي
لكن العالم وحش ثقيل الظل
والحياة الم والم والم
تطبق على انفاس الطفل الوحيد
يا امنا الصابرة
كل شئ صار اسود
الهواء اسود، البنفسج اسود، الاغاني سوداء
والطير اسود ، والجمال الإلهي لا يرى
يبحث الطفل الصغير عن ابيه في انقاض بيت الطفولة
يبحث الاب عن طفله الصغير في بيت آخر إذ ان كل البيوت انقاض
الدم اسود، القلوب سوداء كأحلك الليالي
دم على كراسة الرسم
ترى بماذا كنت تفكر يا صغيري قبل ان تصير رفات ..
هل كنت شاردا تحملق في فكرة التحليق ابعد عن ساحات المدرسة ، أم رأيت نفسك في حلم أمك بعد عشرين عاما فعانقتها .!
دم فوق ضفائر الصبية !
يا صبية ، يا بنت النبع والشمس
-أي اغنية كنت تغنيها وأي جمال هذا الذي تحملينه في عطر رئتيك !
- كنت احلم بعرس بسيط ، وتاج من الياسمين
ويدين تصافحان وحدتي !
الان كل شئ صار اسود
إهربي يا فتاتي
فلو رآك الموت لجر ضفائرك الذكية
إلى ظلمة التوابيت!
قاسية تلك الحياة
حين ينام الطفل البرئ في حلكة الاقيبية
وتنعم عيون القتلى بوديان من ضياء!
كفى ، كفى ، كفى !
إنني ابصق فوق وجوه القتلى
إنني ابصق فوق الوجوه التي ترى الجماجم وتختبئ في الظلمة !
إنني ابصق فوق الاصابع التي تطفئ ضياء الارض بالرصاصات !
كفى !
إن الموتى يصرخون !
دم فوق كرة الشوارع ، دم فوق مقاعد الباصات ، دم في عروق الهواء ،
- إعطني يديك يا صاحبي
وخذني بعيدا
- إن لم نمت بالرصاصات سيقتلنا البحر ، دع جسمك واستسلم للجحيم المر
دم فوق المصاحف ، فوق التوراة والانجيل
لا فرق !
يوحدنا الموت
يتردد صداه عبر الجهات
فتتعانق الاخت والام
ويتعانق الاب والابن
وتتعانق كل البيوت
وتتشابك اذرع الحلم
وتبكي العيون معا
وتخفق القلوب معا
لماذا لا توحدنا الحياة كما يوحدنا الموت
سيأتي الان !
وتصبح كلمات الحب ذكرى ترويها الاجيال
ويصبح العشاق صورا فوتوغرافية!
هكذا هي الحياة
الم الم الم
علينا ان نعيشها كالعميان
كي نراها على حقيقتها
سوداء كأحلك الليالي
لا تستجيب لخفقة قلب
ولا تبتسم لأغتيات درب
كل ما فيها
موت ، موت ، موت
يقول استاذ لتلميذه
ما هو الاخ؟
فيرد ، هو الشخص الذي يصوب رشاشه في صدر امي وفي صدري،
وهو الذي يفجر بالقنابل البيوت البريئة
ويطبق انفاسه فوق النبضات السريعة
فتأخذني عشرون رصاصة
من حضن امي ومن دربي
إلى موتي و قبري!
إنني ابصق فوق القلوب النتنة كالبراز
انني ابصق فوق الوجوه التي ترى الدم يسيل كالمطر
ولا يغلي دمها كالبركان
إنني ابصق فوق صورتي لانها تذكرني بعروبتي
إنني ابصق فوق كل وجه حاكم عربي
وفوق احذية الجنود الذين يحطمون الوردة الناعمة
المقابر تقول هل من مزيد
والحياة تضحك ساخرة
من الفتيات المثخنات بالجراح وبالندى
تلك الوسائد كانت وسائدهم وهذا الثوب الملطخ بالدماء ، ثوب لعرس كان هنا !
وكانت هنا اغنية قصيرة
عن الموت البعيد الذي لا يقصدنا
وعن الحياة الزرقاء كعيون الفجر
الان كل شئ اسود
يموت الفقيد ام اعين زوجته
فلا تجد وقتا لذرف الدموع
إذ في دقيقة واحدة
يحملها الموت اليه اليها الينا !
يا اساي المخيف
اي كره هذا الذي تكنه الارض
للمخلوقات البريئة
،
فلنتقيأ
عليك ان تصرخ احتجاجا امام الموت البشري
وتبني حلمك الشخصي خارج حدود المكان !
فلا فرف بين اخي وعدوي
فكلاهما يقتلان
هكذا هي الحياة
الم
الم
الم .....



#علاء_عابد_محمد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في رثاء شهداء 25 ينابر


المزيد.....




- من بنغلاديش إلى فلسطين.. جائزة الآغا خان للعمارة تحتفي بمشار ...
- ملتقى الشارقة للراوي يقتفي أثر -الرحالة- في يوبيله الفضي
- بعد عامين من الحرب في السودان.. صعوبة تقفّي مصير قطع أثرية م ...
- أبرز إطلالات النجمات في مهرجان البندقية السينمائي 2025
- أبو حنيحن: الوقفة الجماهيرية في الخليل حملت رسالة الالتزام ب ...
- ميغان تشوريتز فنانة جنوب أفريقية عاشت الأبارتايد ونبذت الصهي ...
- السنوار في الأدب العالمي.. -الشوك والقرنفل- من زنازين الاحتل ...
- شعوذة.. طموح.. حب.. موسيقى وإثارة.. 9 أفلام تعرض في سبتمبر
- قصة ملك ليبيا محمد إدريس السنوسي الذي أطاح به القذافي
- كيف أصبح مشروب شوكولاتة للأطفال رمزا للاستعمار الفرنسي؟


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علاء عابد محمد - مرثية لدمشق