أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بهون محمد - تطور ظاهرة اللجوء على المستوى الدولي















المزيد.....


تطور ظاهرة اللجوء على المستوى الدولي


بهون محمد

الحوار المتمدن-العدد: 5412 - 2017 / 1 / 25 - 19:37
المحور: حقوق الانسان
    


مقدمة
يعرف العالم خلال السنوات الأخيرة ظاهرة نزوح لامثيل له في التاريخ فقد وصل عدد اللاجئين لمستويات قياسية حيث يقدرون حسب المفوضية السامية للاجئين بحوالي 65 مليونا و10 ملايين بدون جنسية، 1 ،16 مليونا تتكفل بهم المفوضية الأممية السامية للاجئين و2،5 مليون فلسطيني تتكفل بهم "الأونروا" ومن بين اللاجئين المقدر ب23 مليون حوالي نصفهم ليتعدون 18 سنة وتأتي منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا الشمالية في المقدمة ثم إفريقيا فأسيا فأمريكا اللاتينية فأوروبا و اغلب اللاجئين سوريون حوالي 5 ملايين وعلى رأس الدول المستقبلة هناك تركيا حوالي 6،2 مليون وباكستان 6،1 مليون فلبنان1 ،1 مليون
إن هاته الأعداد الكبيرة التي ليست لها سابق يرجع إلى عدد البشر فوق الكرة الأرضية والذين يفوقون 6 ملايير هذا مع قلة الموارد أما الحروب والاضطهاد فقد كان ملازما للبشرية والآن يوجد الكثير من النزاعات والقمع في عدد من البلدان أهلة بالسكان وفي وقت متزامن .
لكن العقود الأخيرة شهدت حروبا ضخمة وإبادات وحروب أهلية لم يسبق لها مثيل مما افرز الأعداد الهائلة للنازحين وإذا أضحى الحديث عن ظاهرة اللجوء يتم بالمجموعات الكبيرة فان الماضي قد شهد مثل هاته الظواهر أو الحالات التي لها ملامح اللجوء.
إذا رجعنا لليونان القديمة نجد مصطلح ملجأ الذي اعتبر مكانا لا ينتهك وقد كانت معابد يلتجئ إليها الفارون من القانون وتوسع المفهوم ليعني كل هارب من خطر، لكن وفي ذلك العصر وجدت مواقف ترفض أن يوفر المعبد ملجأ للمجرمين ، أما في روما فقد كان الملجأ عبارة عن مكان فوق جبل"كبتولين" حيث بنى "روميلوس" معبدا الذي وفر ملجأ ومن هذا انتشرت أسطورة أن روما أصلا تأسست على حق اللجوء، ومع الديانات جاءت ممارسات أخرى للجوء فالعبريون كانت لديهم عادة أن من فر من متابعة قتل يمكنه أن يحتمي بمكان تقديم القرابين لكن ذلك لا يسري على القتل العمد ولدى المسيحيين كانت الكنائس في عهد قسطنطين ملاجئ لكن من أتوا بعده عملوا سواء بالحد من هذا أو توسيعه. وبالنسبة للديانة الإسلامية
يقول تعالى: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الحشر:9).
من هاته الآية يمكن أن نستنتج قواعد مهمة في معاملة من يأتي مهاجرا أو لاجئا والأمثلة عديدة حتى انه توجد أية تنص على إجارة المشركين في حالة طلبها
وبالوصول إلى عصر النهضة نجد أن لحق اللجوء أصولا في مذاهب حق الناس والحق الطبيعي فمثلا فيترويا دافع عن عالمية التجارة، بل ساد "واجب اللجوء" على اٍعتبار أن حقوق الأشخاص لم تتحقق قبل القرن 17 وشهد عصر الحكم المطلق أيضا حق الأمير في منح الملجأ و العفو أما وولف فعبر عن انه من اختصاصات الدولة ، ومع الثورة الفرنسية تم إلغاء اللجوء هروبا من القانون واعتبر هذا الأخير ملجأ للجميع.
وحق اللجوء عرف أيضا في المجتمع الأمازيغي في المغرب حيث وجدت أنواع من الحماية القبلية أو من طرف الزوايا والأضرحة خصوصا في فترات الاضطراب وقد سميت هاته الحماية بتايسة
وقد عرفت ظاهرة اللجوء تطورات مهمة من الناحية العددية والاجتماعية واثر فيها القانوني، والسياسي والاقتصادي فكيف أضحى القرن العشرين زمنا لتضخم ظاهرة اللجوء ؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه من خلال محورين النصف الأول من القرن العشرين والمحور الثاني لما بعد الخمسينات
وسيكون التصميم كالتالي :
المبحث الأول : ظاهرة اللجوء في النصف الاول من القرن العشرين
المطلب الأول: الحالة الروسية
المطلب الثاني: لاجؤو أوروبا 1936 – 1948
المطلب الثالث : قضية اللاجئين الفلسطينيين
المبحث الثاني : ما بعد الخمسينات
المطلب الأول: لاجئو يوغوسلافيا
المطلب الثاني :اللاجئون الإفريقيون
المطلب الثالث : الحالة الراهنة





بداية سنقدم تعريفا لمصطلح اللجوء
اللجوء حسب معجم "LAROUSSE" هو الاحتماء في مكان من خطر أو لحاجة والملجأ هو مكان كان مخصصا لفئات من المهمشين العجزة والمعاقين ، أما اللاجئون في المفهوم الدولي فهم فارون من الحروب والاضطهاد من طرف أنظمة دولتية أما عن الفارين من خطر لا تمثله الدولة فلم يكونوا معنيين إلى غاية اعتبار القانون الدولي الإنساني الأطراف الأخرى المشاركة في النزاع من غير الدول وحسب اتفاقية 1951 لحماية اللاجئين فان هؤلاء لكي يعتبروا كذلك لا يكفي أن يتعرضوا للاضطهاد من طرف دولة بل على دولة أن تعترف بهم كلاجئين والملفت أن ملايين ممن اعتبروا لاجئين في الحرب العالمية لم تكن تعترف بهم أي دولة.
كما أن هناك "وضعية لاجئ" التي تمنح بشكل فردي حين يستحق طالب اللجوء حق اللجوء droit d’asile






المبحث الأول : ظاهرة اللجوء في النصف الأول من القرن العشرين
بدأت ظاهرة اللجوء تأخذ بعدها العالمي مع بداية هذا القرن فقد شكلت حركات من الهجرة عرفتها أوروبا بداية التعامل مع اللاجئين بشكل اتفاقي ومن خلال قوانين وسياسات جديدة ، ومن هنا ظهر مفهوم اللجوء بمعناه المعاصر وهذه الفترة عرفت أيضا اضطرابات وحروب ضخمة تسببت في حركات نزوح لا سابق لها من حيث الكم أو الكيف
المطلب الأول:الحالة الروسية
بعد الثورة البلشفية سنة 1917 نزح ما يقرب من مليون روسي إلى أوروبا وقد كانت تشكوسلوفاكيا من الدول التي استقبلت اكبر عدد من الروس وقد عملت الدولة من خلال سياسة متميزة للجوء الروس فاهتمت بهم من الناحية الثقافية واندماجهم في المجتمع , فتشكوسلوفاكيا في هاته المرحلة "الجمهورية الأولى" عرفت نظاما ديموقراطيا حظي باحترام الحكومات الغربية آما رئيسها فقد توفر على ثقافة راقية فقد اعتبر البلد من الأكثر انفتاحا في المنطقة ، وقد تبين هذا بالمبادرة و الاستقبال الذي لا يتصور للنازحين الروس فلم تفتح لهم فقط أبوابها كما فعلت فرنسا أو الدول الأوربية الأخرى بل من خلال سياسة ثقافية خاصة بالروس تتوخى ترقية ثقافتهم ، لكن بمنهجية انتقائية تستفيد من الأنتلجنسيا الليبرالية للنظام السابق، هذا الحماس الذي دام عقدا من الزمن والذي جعل من "براغ" العاصمة منارة للأنتلجنسيا الروسية، الذي حركه أيضا الأمل أن تقود هاته الأخيرة ثورة مضادة في روسيا
وبشكل عام فالتعاطي مع المسالة الروسية حددته العلاقات الدبلوماسية للدول الأوربية مع روسيا. ومن 1921 ظهرت فكرة اتفاقية دولية من اجل هاته الحالة وفي اجتماع بين حكومي سنة 1922 ثم عقد اتفاق تلتزم به الدول بمنح وثيقة سفر خاصة للاجئين الروس الذي سمي فيما بعد "جواز نانسن" وهو أول اعتراف قانوني بوضع لاجئ
المطلب الثاني: لاجئو أوروبا خلال 1936-1948
خلال هاته الفترة عرفت أوروبا نزوح حوالي 60 مليون شخص سواء داخليا او قاريا أو دوليا وهذا الرقم خاص بالحرب العالمية
وقد تمثل هؤلاء اللاجؤون في مختلف الدول الأوروبية التي كانت تحت سيطرة النازيين فقد نزح الكثير من الألمان من ألمانيا وخصوصا اليهود وعرفت فرنسا النزوح الكبير نتيجة الاحتلال النازي لفرنسا عام 1940 وهرب الكثير من مواطني الدول الأوربية لدول مجاورة خصوصا سويسرا والى أمريكا والشرق الأوسط والمستعمرات الإفريقية أيضا ومن الأوصاف التي أطلقت على هاته الجموع المتنقلة، لاجئون، فارون، مرحلون، عديمي الجنسية، مهاجرون غير شرعيون..
والمنفيون الذين كانوا أقلية من النخبة وقد حظوا بمعاملة خاصة من أشهرهم اينشتاين وفرو يد وعلماء ومفكرون وفنانون ...
وقد عقدت اتفاقية في 1936 التي اعتبرت أن كل لاجئ ألماني هو من الذي يوجد في ألمانيا ولا يمتلك إلا الجنسية الألمانية ومعها لا يتمتع بحماية حكومة الرايخ قانونيا أو فعليا . هاته الاتفاقية تم توسيعها في فرنسا لتعني بلاجئ كل من دخل فرنسا شرعيا أو بشكل غير شرعي ولا زال يمتلك الجنسية الألمانية ولو مع توفرهم على جواز سفرهم ولا يتمتعون بحماية حكومتهم، والذين نزعت منهم الجنسية الألمانية ومنهم الأجانب المقيمون في ألمانيا المجنسون ألمانيا والذين نزعت منهم الجنسية الألمانية وعديمي الجنسية اليهود وغير اليهود الذين يتوفرون على الإقامة المعتادة في ألمانيا . هاته الاتفاقية ثم إكمالها باتفاقية 1938 خاصة باللاجئين الألمان،فلأول مرة يتم الاهتمام بأسباب اللجوء وهاته الاتفاقية صودق عليها فقط من ثلاث دول هي فرنسا المملكة المتحدة والدانمارك وقد قامت فرنسا بتوسيع الاستفادة منها للاجئين من الحرب الأهلية الاسبانية، هؤلاء أيضا من اللاجئين الذين عرفتهم أوروبا خلال هاته المرحلة وقد لجئوا إلى فرنسا لكن اغلبهم عاد بعد استقرار الأوضاع في بلدهم.
المطلب الثالث: قضية اللاجئين الفلسطينيين
بدأت قضية اللاجئين الفلسطينيين منذ حرب 1948
وتتميز هذه القضية بخصائص نلخصها في:
أولا : إن عدد اللاجئين الفلسطينيين هو اكبر عدد بالنسبة لشعبهم فإذا قلنا أن العدد هو 800 ألف من أصل مليون و400 ألف فلسطيني فان النسبة هي 57 في المائة فعملية التشريد هاته هي الأكبر في العالم إذا ما قورنت بأفغانستان أو البوسنة
ثانيا : نحن مع أطول مشكلة من هذا الحجم في العالم والتي لم يتم حلها إلى الآن فهاته المشكلة عمرها 68 عاما بينما ثم حل مشكلة اللاجئين أو فتح المجال لحلها بالنسبة لأفغانستان،الصومال، البوسنة ،والأرمن فهؤلاء لم يعد يمنعهم احد من العودة وممارسة حقوقهم المدنية والسياسية
ثالثا: إن هذه القضية مدعومة بشكل دولي وليست فقط رغبة فلسطينية فهناك إجماع في المؤسسات الدولية على حق العودة وقد صدرت عدد من قرارات أممية لم تصدر في أية قضية لاجئين .
وتتولى التكفل باللاجئين الفلسطينيين وكالة "الأونروا" في أعقاب النزاع العربي الإسرائيلي عام 1948، تم تأسيس الأونروا بموجب القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 كانون الأول 1948 بهدف تقديم برامج الإغاثة المباشرة والتشغيل للاجئي فلسطين. وبدأت الوكالة عملياتها في الأول من شهر أيار عام 1950.
وفي غياب حل لمسألة لاجئي فلسطين، عملت الجمعية العامة وبشكل متكرر على تجديد ولاية الأونروا، وكان آخرها تمديد عملها لغاية 30 حزيران 2017. وحسب الوكالة هناك 5 ملايين لاجئ فلسطيني في البلدان المجاورة .


المبحث الثاني: ظاهرة اللجوء بعد الخمسينات
عرفت بداية الخمسينات وضع اتفاقية خاصة باللجوء لمعالجة مشكل لاجئي ما بعد الحرب العالمية وقد تم إضافة برتوكول 1967 الذي وسع من فئة اللاجئين المعنيين أي خارج أوروبا وما بعد 1951. وتأسست أيضا المفوضية السامية للاجئين في البداية لتهتم باللاجئين الفارين من الأنظمة الشيوعية وهي الآن من الوكالات الرئيسية للأمم المتحدة. بعد هذا التاريخ حدث الكثير من الحروب والنزاعات التي تسببت في موجات من اللاجئين بل أن أعداد اللاجئين قد فاقت التوقعات وتعدت الحرب العالمية حاليا والظاهرة تمس جميع القارات إما كأصل أو مستقبل،وسأكون مضطرا للمرور عبر بعض الأمثلة فقط لصعوبة التطرق هنا لكل الفداحة التي حصلت
المطلب الأول : اللاجئون اليوغسلاف 1991
في ظرف أثني عشر شهرا وصل عدد اللاجئين في يوغوسلافيا من سلوفينيا ، كرواتيا والبوسنة والهرسك.. إلى 2 مليون في حرب كانت في البدء أهلية لكي تتحول إلى حرب بين دويلات ،الأغلبية حاولت في البداية إيجاد ملجئ قريب واضعين في الاعتبار انه آمن على ارض يوغوسلافيا السابقة معتمدين على مساعدة السكان المحليين وقد استقبل حوالي 80 في المائة من طرف عائلاتهم لكن هاته الأماكن التي تصور أنها آمنة أصبحت في قلب الصراع لكي تتحول هي نفسها إلى منبع للرحيل خصوصا في البوسنة والهرسك. ومع الأزمة الاقتصادية فان تضامن السكان أصبح على المحك بعد أن كان الاجؤون محل ترحيب .
اعتبرت هاته الموجة من اللاجئين الأضخم منذ الحرب العالمية الثانية هذا النزوح جعل أوروبا أمام ضغط التعاطي مع اللاجئين ولم تكن الإنسانية هي الوحيدة المحركة للفعل الأوربي بل حضرت الاعتبارات السياسية ،كما تم التضخيم من الأحداث في وسائل الإعلام وهذا يؤثر على الناس ويصدمهم مما يدفعهم إلى صد الوافدين فالدول الأوربية وان فتحت أبوابها في البداية للاجئين إلا انه مع كثرتهم تم فرض التأشيرة وقد أبان الشعب الألماني والنمساوي عن حس الاستقبال بشكل كبير عن موقف الحكومات
المطلب الثاني: اللاجئون الأفارقة
كانت إفريقيا ودون إدخال منطقة شمال إفريقيا التي يتم إحصاؤها مع الشرق الأوسط المتصدرة لنسبة اللاجئين في العالم وذلك قبل الحرب على أفغانستان والعراق في بداية الألفية ، وبعد العام 2000 بدأت أعداد اللاجئين تتراجع لكنها تعاود الصعود لتجدد النزاعات، وتبقى القارة الإفريقية التي بها أكثر المناطق التي يوجد بها لاجئون، وتنتج ظاهرة اللجوء في إفريقيا نتيجة النزاعات الداخلية بين الدول والمجاعة لكن لهاته الأسباب مسببات ويرجعها محللون إلى الماضي الاستعماري والتدخل الأجنبي والاستغلال الاقتصادي ، وهناك من يقول بوجود أسباب ذاتية ثقافية والاستئثار بالسلطة ، ومن يرى أن الأسباب ذاتية وموضوعية، وهذا نظري أيضا فالعامل الموضوعي جاء ليكشف الكثير من الهشاشة الذاتية ، مع العلم أن هناك بلدانا تعرف نظما ديمقراطية ومستقرة.
وإذا كانت إفريقيا عرفت حالات لجوء كثيرة فهنا سنقتصر على مثالين لان المجال لا يسمح لأكثر وكي نتجنب التعميم ، الحالة السودانية والاٍيفوارية
المثال الأول : السودان (أهمية مثال السودان هو كونه بلدا اٍ فريقيا وذو أغلبية عربية ومسلمة)
إن تنقل الساكنة في السودان ظاهرة جماعية والساكنة متعددة الأعراق والديانات واللغة . أما تاريخ البلد فهو تاريخ هجرة ولجوء للعرب والمسلمين والأفارقة ولديه تشريع في حق اللجوء من الأكثر تطورا في إفريقيا والعالم العربي كما أنه البلد الإفريقي الوحيد الذي لديه قانون إسلامي مهيمن
الدراسة تمت من دجنبر 1991 اٍلي فبراير 1992 كانت في الشرق والخرطوم نظرا لخطورة الذهاب اٍلى أماكن أخرى مع وجود حرب و قامت الباحثة بسؤال الحكومة والناس ورؤساء القبائل والزعماء والجمعيات والمختصين في الهجرة والمنظمات الدولية وطالبي اللجوء ..
و من النتائج العامة للبحث الميداني أن ممارسات توفير اللجوء من الحكومة أو الساكنة أكثر إنسانية من القوانين و تعامل الحكومة يعتمد على القانون الدولي بالأساس.
تاريخيا قبل مجيء الأوروبيين الذين ادخلوا مفهوم الحدود وبالتالي الحد من تحركات الساكنة التي كانت تتحرك بحرية مما غير تقاليد منح اللجوء أيضا ، فان الساكنة التي جاءت للسودان كانت بالأساس من الحدود الغربية والشرق ومتوجهة نحو الشمال، ومن الأرشيف الوطني السوداني خلال الفترة لم يكن هناك تمييز بين المهاجر واللاجئ فالمهاجر كمصطلح استعمل للاجئ، لكن بعد الاستقلال شهد البلد هجرة من الجنوب اٍلى الشمال كانت اغلبها للاجئين ومتنقلين وبداية التمييز بين المهاجر واللاجئ .
ومن القديم عرفت السودان هجرة إليها من عرب ومسلمين وأفارقة بالأساس من الغرب إلى الشرق للهجرة اٍلى مكة مثلا أو المعتقدات حول الهجرة الإسلامية كمحفز ، وبقي كثيرون في السودان، وبالنسبة للأسباب السياسية فقد تمثلت في الهروب من الاستعمار الأوروبي بتحفيز من الحركات الإسلامية المقاومة نحو الشرق دائما، إما الأسباب الاقتصادية فهي النمو الذي عرفته السودان حيث فضل المهاجرون البقاء فيها ، كذلك شهد البلد هجرات بسبب الجفاف ونتيجة الصراعات في البلدان المجاورة ، ومع ذلك فاللجوء في السودان لم يكن يطرح مشكلا لأخذ البلد بالقانون الإسلامي الذي يعتبر الأرض لله ويمكن الدخول والإقامة بحرية فرغم أن المستعمر بدا التأثير في التقاليد فان ذلك ظل جزئيا في هاته الفترة.
استمرت السودان بعد الاستقلال في الخمسينات في منح اللجوء لكنها أيضا أصبحت منتجة للاجئين ومن الاستقلال بدا التحول يتعمق فنتيجة مخلفات الاستعمار من سعي نحو الاستفراد بالسلطة والنزاعات الأهلية أو حروب التحرير التي كانت لا زالت مستمرة، أجبرت الكثيرين إلى اللجوء لجنوب السودان وغربه وخصوصا الشرق. فطيلة 20 عاما من الاستقلال ظل السودان ارض الاستقبال للاجئين المنحدرين من الدول المجاورة حيث أنهم متنوعون وموزعون على مناطق متفرقة، في الجنوب الزائيريون والأوغانديون وفي الشرق الأيريتيريون والأثيوبيون و في الغرب التشاديون.
أما داخل السودان فقد بدأت جذور الحرب الأهلية قبل الاستقلال حيث أن "الأنيانيا" نظموا حربهم ذات 7 سنوات في الجنوب وقد استمرت الحرب إلى سنة 1972 وانتهت بعقد اتفاق، ولكنها اندلعت في 1983 حين تم خرق الكثير من مقتضيات الاتفاق وأهمها فرض الشريعة الإسلامية على كل البلاد ،ووفق كاتب سوداني من الجنوب فان الحرب الأولى اندلعت بسبب انعدام التواصل بين الشمال والجنوب (وهذا بسبب الاستعمار) وتختلف أسباب الحرب فعند البعض هي حرب دينية أو اٍثنية وعند آخرين هي نضال من اجل الديمقراطية ، لكن الأسباب تبقى متعددة... وقد انفصل الجنوب عن السودان في 2011 ولازال يشهد صراعات داخلية وعدد ألاجئين في جنوب السودان اٍلى غاية 2015 حوالي 700.000 وفي السودان حوالي 600.000.
المثال الثاني: ساحل العاج
كانت تعيش في سلام واستقرار لتتحول إلى حرب أهلية دامية ، فبعد استقلالها في 1960 عرفت نموا اقتصاديا وصف بالمعجزة وهاجر إليها الكثير من البوركينافيين وضرب بها المثل في السلام والاستقرار، ويرجع الفضل في ذلك إلى أول رئيس للبلاد متنور استطاع تحقيق التعايش لفدرالية تضم حوالي 60 اثنية ونسبة 25 في المئة من الأجانب بالاعتماد على نظام اقتصادي احتكاري سياسيا ولكن يراعي في التوزيع مختلف التوازنات الجغرافية والعرقية والسياسية.. ثم جاءت الأزمة ونقص ثمن المواد الأولية في السوق العالمية وتراجع النمو ولم تعد الدولة تسدد ديونها الخارجية ، لكي تضطر الدولة إلى الدخول في تقويم هيكلي من طرف البنك الدولي في الثمانينات، وأقدم الرئيس الجديد مع تقلص الثورة على منح الثورات فقط لمن هو أفواري بالجذور مما حرم مناطق من الاستفادة ، هذا خلق "كزينوفوبيا" xenophobie وتوالت التشريعات التمييزية في هذا الاتجاه وانتهت هاته المرحلة بانقلاب عسكري في 1999، ثم انتخب الرئيس غباغبو الذي غير نظام الاستفادة فقط بتغيير المستفيدين مما فتح باب الحرب الأهلية سنة 2002 .
المطلب الثالث : الحالة الراهنة
ممارسات كانت فقط استثناءات أصبحت تنحو لتصبح القاعدة إنها تذكر بوقائع لم يكن عليها ان تحدث في تاريخ البشرية ، من كان يتصور أن طوني بلير في 2003 اقترح على أوروبا تنقيل مساطر اللجوء إلى دول أخرى بتقريبهم من البلدان الأصلية للهجرة ووضعهم في مخيمات، ومن كان يتصور أن المفوضية السامية للاجئين المفترض فيها أن تحمي اللاجئين تصرح أن الاقتراح يتطلب دراسته بل أكثر حينما هدد بلير نفسه بالانسحاب من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان أو اتفاقية 1951 الخاصة باللاجئين في حالة استمرار انتقاد سياسة بلاده في المجال ،ومن كان يتصور أن استراليا ستشتري جزرا لوضع مخيمات اللاجئين فيها، أو أن الغرفة السفلى للبرلمان الهولاندي تهدد في 2004 بطرد 26 ألفا رفض حقهم في اللجوء واقتيادهم الى المخيمات قبل ان يختاروا الرحيل طواعية او طردهم . حقيقة تعتبر معالجة حالة اللاجئين البوسنيين والكسوفيين بشكل مؤقت بداية تهيئ العقول لتقبل تغيير في التعامل مع المسألة كما أن "البلوكاج" الذي عرفته الهجرة في السبعينات قد جعل من حق اللجوء مجالا للتوترات .
هذا يبين أن هناك تحول في التعامل مع اللاجئين ، ذلك لأنه حدث تضخم لدى عدد من البلدان الأوربية و هناك من يرى أن هذا التحول ناتج عن صعود المحافظين والمنغلقين في أوربا وذلك قد يحمل جانبا من الحقيقة في عدد من الوضعيات، لكن بلير كان من حزب العمال كما أن اليسار في فرنسا يقدم على إجراءات في حق الأجانب يمكن أن توصف في الماضي باليمينية ، وإنجيلا ميركل التي كانت أكثر سخاء مع اللاجئين السوريين هي من الحزب الديموقراطي المسيحي . نلاحظ أن التعامل بتشدد لا يقتصر على اللجوء ولكن على الأجانب بشكل عام لكن ليس كل الأجانب بنفس التعامل فسويسرا التي اعتبرت أنها دولة لجوء كانت تميز بشكل واضح في منح هذا الحق حيث أن الأووربيين ومن أمريكا الاتينية لهم الحصة الأكبر مقارنة بالعرب والمسلمين والأفارقة ، وظاهرة اللجوء تتأثر بظاهرة الهجرة وقد تخلط الدولة عن قصد كما حدث في فرنسا في الماضي للاستفادة من اللاجئين كمهاجرين وتجنب واجبها اتجاههم. كما أن اللجوء يتأثر بظواهر كالإرهاب والأزمات الاقتصادية.












خاتمة
يتبين مما سبق أن اللجوء سلوك قديم مع اختلاف أسبابه وعمل الإنسان على تأطير هذا السلوك عبر التاريخ وحاليا جعله حقا وميزه عن الهجرة، هذا فرض على الدول التزامات دولية اتجاه اللاجئين لا تتوفر للمهاجرين أي عدم صدهم وليس كما المهاجرين حين الاعتراف بهم الذين يحظون حينها بحقوق أكثر من اللاجئين ، لكن المشكل انه رغم هاته الحماية والمؤسسات التي أنشأت فان الظاهرة لم تتقلص، صحيح أن هاته التشريعات والمؤسسات هي للحماية بالأساس وليست للحد من الأسباب التي تخلق حالات اللجوء التي تتحملها الدول والمنظمات الأخرى، لكن ألا يمكن من خلال تدبيرها لتدفق اللاجئين والحرص على تطبيق التزامات الدول وخصوصا الدول الغنية أن يتم الحد من معاناة اللاجئين وعدم اضطرارهم إلى التنقل بعيدا ؟ ثم إن المفوضية السامية للاجئين _والتي لا تتكفل بأغلبية النازحين في العالم نظرا لغياب الإمكانيات وممارسات الدول التي قد لا تساهم في إحصاء عدد طالبي اللجوء _ هي مؤسسة أممية وليست جمعية خيرية فالمفترض ان تتوفر على مساطر زجرية وهذا فقط للتخفيف من حدة ظاهرة . لتبقى فقط إرادة المنتظم الدولي في القضاء على أسبابها التي ستحدث الفرق خصوصا وان الظاهرة إذا استمرت في التوسع حاليا مقترنة بالهجرة، فدول متقدمة كثيرة ستتضرر وعلى هذا فليس إغلاق حدود هاته البلدان هو الحل كما أثبتت التجارب ذلك، لان مد النزوح لن يتوقف لأن أوروبا بالخصوص ليست معزولة عن أكثر المناطق المصدرة للهجرة ، وفي عالم معولم فالدول المتقدمة كلها ستتأثر ، فمساعدة دول المنبع والعبور من مصلحتها كما ان أوروبا قطعت أشواطا في حقوق الإنسان وحدث ذلك بإرادتها المتحفزة مما يقيد تشددها فلا يعقل أن يتم رفض استقبال ومساعدة اللاجئين.















المراجع والمصادر

-Droit d’asile et des refugiés colloque de caen. Edtions A.pedone 1997

- MARIE-CLAIRE caloz-tschopp les etrangers aux frontieres de l’Europe et le spectre des camps la dispute 2004
- Khadija elmadmad . asile et réfugiés dans les pays afro-arabes. éditions eddif 2OO2.

- Mirjanamorokvazic revue européenne des migrations internationales.la guerre et les refugiés dans l’ex Yougoslavie vol 1992 PDF.

- د.محسن محمد صالح مدخل لقضية اللاجئين الفلسطينيين مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات _بيروت الطبعة الأولى 2014PDF
- https://www.unrwa.org
-https://www.youtube.com/watch?v=foD_00QQlcg Conférence: Migrants et réfugiés africains en Europe par Bernard Conte Economiste Université de Bordeaux - Laboratoire les Afriques dans le Monde (LAM) – Sciences Po Bordeaux 2015.

-http://www.al-forqan.net/articles/2993.html
- https://s3.amazonaws.com/unhcrsharedmedia/2016/2016-06-20-global-trends/2016-06-14-Global-Trends-2015.pdf.



#بهون_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...
- العفو الدولية تطالب بتحقيقات دولية مستقلة حول المقابر الجما ...
- قصف موقع في غزة أثناء زيارة فريق من الأمم المتحدة
- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - بهون محمد - تطور ظاهرة اللجوء على المستوى الدولي