أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد زيان - الموت مرآة الولادة














المزيد.....

الموت مرآة الولادة


خالد زيان
(Khaled Ziane)


الحوار المتمدن-العدد: 5407 - 2017 / 1 / 19 - 04:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وقفت مؤخرا لوهلة على صورة تداولتها بعض صفحات المواقع الاجتماعية، فشدّتني إليها وكأنها لوحة لفنان اسباني....للأسف.

الصورة أتت في نوع من المقارنة من شقين، شقها الأول لبعض تلاميذ إحدى المدارس الأمريكية في خرجة تربصية لمعاينة طائرة، والشق الثاني منها وكما بدأت "للأسف" كان لتلاميذ أو طلاب إحدى الدول الخليجية أمام قبر في صحراء مقفرة يتدارسون الأبعاد والوضعيات التي يجب أن يُسنَد عليها الميت...وربما حتى يحدثهم عن الأقرع، ذلك المعلم ذو العباءة البيضاء!

من الطبيعي أن يأتي يوم و تخذلنا أجسادنا لنخرج من هذا العالم، لكن قبل ذلك، نتساءل: هل منا من جرب الموت أو عاد منه؟ أم هي بعض التراكمات والترسبات لأفكار عالقة عنه؟ هل منا من يذكر ساعة تكوينه وخروجه لهذا العالم، وهل يتذكر شيئا من آلام ذلك المخاض أو تلك الولادة؟ أليس يوم التكوين كيوم الفناء؟...

على امتداد الحضارات الإنسانية تبلورت أفكار اعتنقتها معظم الديانات التوحيدية لتصبح ركيزة أخلاقية راسخة، وهي فكرة الحياة بعد الموت أو المشهد الثاني لهذا الوجود، أين ناقشها فرويد في كتابه "قلق في الحضارة" وأطلق عليها اسم الشعور الأقيانوسي Oceanic feeling الذي يتنكر فيه الإنسان للفناء، آملا بوجود حياة أخرى مثالية، يحياها بموته، فكرّست هذه الفكرة الكسل والخمول لدى هذا الإنسان وهيمنة رجال الدين على عقله، ووجّهته في المسالك التي تريد ؛ مِن "كفى بالموت واعظا" إلى مطرقة نيتشه في هكذا تكلم زرادشت "لقد أراد هؤلاء الكهنة أن يعيشوا كأشلاء أموات، فسربلوا جثثهم بالسواد، فإذا هم ألقوا مواعظهم انتشرت منها رائحة اللحود". وهناك مأزق آخر يواجه الأديان الغير التوحيدية كالبوذية والهندوسية التي تؤكد على وجود حياة بعد الموت عبر تناسخ الأرواح ويقع تحت هيمنة الكارما Karma وهي صيرورة من الدورات الوجودية، ما إن تنتهي دورة حتى تبدأ أخرى جديدة، ولا اختلاف بين دورة وأخرى، فإن الوجود كلَّه صورة واحدة تتكرر بلا انقطاع، في الزمان اللانهائي؛ وهي تشبه لحد ما العود الأبدي Eternal return عند نيتشه.

الاستفهام المطروح هنا: لماذا يعتقد الإنسان أن هناك مشكلا وآلاما في الموت؟ مع العلم أنه لحد الآن لا توجد دراسات جادة تطرح الحالة الشعورية للموت، هي فقط بعض الفرضيات والاجتهادات التي طغت عليها الترسبات الدينية.

تجنُّب الموت والخشية منه هو بالأحرى تجنب للحياة، والقلق منه هو تنغيص لها، فتُفسد المرئي، المعاش الملموس من أجل غير المرئي، البعيد، المبني على فرضيات...والذي لن يحدث على الشكل الذي توقعته. يقول الفيلسوف اليوناني إبيقور "لماذا أخشى الموت؟ فطالما أنا موجود فإن الموت لا وجود له وعندما يوجد الموت فإنني لست موجودا، فلماذا أخشى ذلك الذي لا وجود له عندما أكون موجودا؟" وفي نفس السياق يضيف الكاتب الأمريكي مارك توين "أنا لا أخاف الموت، نظراً لأنني كنت ميتاً من قبل، لبلايين البلايين من السنين التي سبقت ولادتي، و لم أعانِ خلالها من أي إزعاج مهما قلّ شأنه".

استقبال الحياة في الولادة ثم الطفولة بكل ذلك المرح والبهجة والحب، عليه أن يكون أيضا استقبالا للموت في الشباب والهرم، لإضفاء إبداع أكبر، وإعمار أوفر، فالموت لا يقل أهمية عن الولادة وهو جزأ لا يتجزأ من الحياة. يقول الكاتب البير كامو وهو رائد المدرسة الفلسفية العبثية في جدليته عن الحياة والموت والحب " الموت هو ما يعطي للحب شكله مثلما يعطي للحياة شكلها، محوّلًا كل ذلك إلى قدر".

ويلخص عالم النفس كارل يونغ كل هذا في الفيديو الشهير له عن الله والموت "من ينظر إلى الخارج يحلم، ومن ينظر إلى الداخل يستفيق".



#خالد_زيان (هاشتاغ)       Khaled_Ziane#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نداء الروح...ام نداء الجسد؟!


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - خالد زيان - الموت مرآة الولادة