أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - خليل شايب - في نقد دونية المرأة الاجتماعية و الدينية قراءة في فكر أبو القاسم حاج حمد (01)















المزيد.....

في نقد دونية المرأة الاجتماعية و الدينية قراءة في فكر أبو القاسم حاج حمد (01)


خليل شايب

الحوار المتمدن-العدد: 5403 - 2017 / 1 / 15 - 02:56
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


لقد ظلت مشكلة تحرير المرأة - و مكانتها من الرجل أوّلا ثم في المجتمع ثانيا - عقبة كأداء في طريق النهوض العربي ، خاصّة مع التهميش شبه التام و الإقصاء الواضح منذ عصور و في مختلف المجـــالات -الاجتماعية و السياسية و الفكرية ...- ، و قد ساهم في هذا التهميش عقلية ذكورية استعلائية أعرابية عشائريّة نظرت للمرأة نظرة استغلال و استعباد و استبعاد ، فسلبتها حريتها و حرمتها من حقها في التعلم و حتى العمل ، و قصرت دورها على الإنجاب و رعاية الزوج و الأبناء و القيام بأعمال المنزل .
و ما زاد الوضع تأزّما تسرّب النظرة الدونية الإذلالية لكتب بعض الفقهاء و المفسرين ، فوجدنا أنها خلقت من ضلع الرجل الأيسر و الأعوج مبالغة في إذلالها ، و جعل الشيعة منها بضاعة جنسية للاستمتاع ، و نظر إليها السنّة على أنها مصدر للفتنة و مبعث للإزاغة فكانت عندهم كلها عورة حتى صوتها ، وجعل الصوفية من اعتزال النساء و مجافاتهن بابا من أبواب تحقيق الصفاء الرّوحي و الطمأنينة النفسية ، و جعلوا جميعا من القوامة وصاية إن لم نقل هيمنة . و بالمقابل و بفعل الاحتكاك مع الوافد الغربي الذي يطرح المرأة كسلعة جنسية و مادة شهوانية أذهبت للمرأة قيمتها الحقيقية رغم أنها في زعمهم استرجعت لها حريتها تبنى بعض المسلمين هذا الطرح و أخذ بمنهج التوفيق بحثا عن آيات و أحاديث تؤيّد طرحه .
في ظل هذين التجاذبين ، يطرح حاج حمد العلاقة بين الرجل و المرأة طرحا قرآنيا بعيدا عن القراءة العضينيّة التي قرأ بها الفقهاء و المفسرون القدامى آيات الكتاب العزيز و التي كرّست إلى حدّ ما العقلية الأعرابية الذكورية ، و القراءة التوفيقية أو التلفيقية التي طرح بها بعض المعاصرين الموضوع.
من هنا نطرح مجموعة من التساؤلات التي نبني عليها هذا البحث : كيف نظر حاج حمد لقضية المرأة ؟ هل ساير القرآن الكريم فعلا المنطق الذكوري و تبنى منطق تهميش المرأة ؟ هل ميّز بين الذكورية و الأنثوية في المرتبة ؟ هل الاستتباع العبودي للرجل منطق إلهي تحت منطق القوامة ؟ هل فعلا كان خلق حواء من ضلع آدم ؟ هل كان المقصد من الحجاب أخفاء المرأة أم إخفاء زينتها ؟ هل كان حصر النبوة في الأنبياء مسايرة للمنطق الذكوري ؟


"وَأَمَّا لِنَفْسِهِ فَلَمْ يَجِدْ مُعِينًا نَظِيرَهُ ، فَأَوْقَعَ الرَّبُّ الإِلهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلاَعِهِ وَ مَلأَ مَكَانَهَا لَحْمًا ، وَ بَنَى الرَّبُّ الإِلهُ الضِّلْعَ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ امْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ ، فَقَالَ آدَمُ : هذِهِ الآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَ لَحْمٌ مِنْ لَحْمِي ، هذِهِ تُدْعَى امْرَأَةً لأَنَّهَا مِنِ امْرِءٍ أُخِذَتْ ، لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَ أُمَّهُ وَ يَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَ يَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا " .
انطلاقا من هذا النّص التوراتي بدأ الاستتباع العبودي الأنثوي للرجال ، و نلاحظ كيف يُبالغ هذا النص في إهانة المرأة إذ جعلها جزءا من آدم تابعة له ، أوجدت فقط لتؤنس وحشته و تُذهب عنه الوحدة ، خلقت من ضلعه الأعوج بل و تذهب بعض الأحاديث إلى القول بأنه الضلع الأيسر مبالغة في إهانتها و إذلالها و امتهان كرامتها .
و مما زاد الوضع تأزّما عقلية ذكورية عشائرية قصرت مفهوم الرجولة و القوامة في إذلال المرأة و استعبادها ، و بذلك سُلبت حقها في التعبير عن ذاتها و إبراز قدراتها و أصبحت مجرّد كائن بيولوجي مهمته الإنجاب و تربية الأولاد و القيام بشؤون الزوج و فقط ؛ فأُدخلت بذلك سِـــجْـــنَــــي الجهل و البيت ، فلا يصح لها الخروج إلا لبيت الزوجية و منه إلى القبر . صحيح أن كل ما سبق من مسؤوليّاتها لكن ما من أجل هذا فقط خلقت .
و أخذت هذه العقلية الذكورية في الامتداد التاريخي مُتطوّرة شيئا فشيئا حتى وصلت إلى العرب أهل النخوة و الغيرة و النعرة ، يقول حاج حمد : " إن تقاليد عرب الجاهلية وعرفهم التاريخي في تخبئة المرأة داخل خيمة متحركة أمر يتناسب تماما مع نظرتهم الارتيابية لجنس الأنثى ، فالمرأة في مفهومهم عورة ، و منهم من وأد هذه العورة و هي بعد طفلة ، فكيف لا يأتون بتقاليد وأعراف تحيل المرأة إلى بهيم بَــيْـــــتي أليف ، وُجد من أجل التناسل و حفظ القبيلة و ليس النوع الإنساني ، فمفهوم حفظ القبيلة عبر الكائنات الأنثوية الأليفة يرقى على حفظ النوع لديهم في جاهليتهم (...) " .
و ما زاد الطين بلة تسرّب هذه العقلية إلى تفاسير القرآن الكريم و كتب الحديث فكرّست الدونية الاجتماعية و شرعنتها لتصبح دونية دينية و تبعية مؤطّرة بإطار الوحي الإلهي الذي لا يُمكن معارضته أو الخروج عن سُلطته حتى و إن كانت سلطة موجّهة بعيدة عن روح الدين الإسلامي .
بل و يظن بعض الفقهاء نفسه يكسب ثوابا إن هو شدّد وأغلظ على البشرية فحجبها تحجبا دون تداعيات الشهوة و المعاصي ، فيما يظن هو بصرامة التشريع ، هؤلاء أو أمثالهم إنما يخلطون شيئا من العرف و التقاليد الجاهلية بشيء من التشريعات . و العرف و التقاليد ضوابط محلية ذاتية في حين أن القرآن للبشرية جمعاء ، و لمتغيرات الأزمنة و الأمكنة ، فلا يمكن أن تقيد البشرية بتراث عرفي محلي قاصر و محدود ، عربيا كان أو فارسيا أو تركيا ، فما يجب علينا فعله ؟ إن علينا التمييز بين حقائق الشرع الحنيف المتعالي المقدّس و تلبيسات العرف الاجتماعي الضيّق الأفق و الغارق في الخصوصيّة ، كما يجب التمييز أيضا بين حقائق الخطاب الإلهي المقدس لعباده وبين متداعيات الوصاية الفقهية على عقول البشر ، قال تعالى : (قل ياأيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين ( .
فمنطق الوصاية الفقهي قد تجاوز بالناس كثيرا حدود التشريع الإلهي، فإن هؤلاء الذين جعلوا من أنفسهم أوصياء على المجتمعات المسلمة مارسوا القدرة من دون رحمة، و ماسوا العلم من دون حكمة ، فاستجهلوا العلم ، واستغلظوا القدرة ، حتّى إن بعضهم أباح ما منعه الله بحجة الحفاظ على المسلمين ، فأباحوا التجسّس حيث أشاعوا به الفاحشة ، و جاؤوا بما لم يقله كتاب الله مثل جريمة سمّوها الشروع في الزنا ، يقول فيهم حاج حمد هؤلاء كذّابون منافقون أحلّوا ما حرّم الله ، و حرّموا ما أحلّ الله ، فحسبهم جهنّم و لبئس المصير . حتى إنهم قد أسقطوا العرف الاجتماعي التاريخي و مفاهيم العبودية علي المرأة فجعلت دونية و تابعة للرجل و تخيروا من القرآن حيث جعلوه ( عضينا) بمعزل عن وحدته العضوية آيات دالة علي هذه الدونية , من ضمنها ما يجعل الرجل في مقابل أربعة من النساء حيث التعدد المطلق في الزواج , و كذلك عدم التكافؤ بين الرجل و المرأة في الشهادة و الميراث , فحظها في الشهادة نصف الرجل و كذلك حظها في الميراث , و جعل الشيعة منها بضاعة (استمتاع) بوقت و أجر معلومين , و كلاهما السنة و الشيعة جعلوا الطلاق بعصمة الرجل مطلقة دون شروط و تقييد , و تأولوا قوامة الرجل علي المرأة بمنطق ( الوصاية) و ( الهيمنة) و أكدوا أن الخطاب الإلهي في القرآن موجه للذكر أساسا دون الأنثى , و أن لاحظ لها في ( الولاية الدينية ) و هي أخطر من الولاية السياسية العامة . و أن المرأة كلها عورة يلزم سترها بالحجاب , و إن من حق الرجل ضربها .
لقد جاء القرآن الكريم ليؤسّس للحرية بمختلف صورها ، لذلك جعله كائنا مُطلقا مزوّدا بقوى الو عي الثلاثي تماما مثل الطير الــمُحلّق في جو السماء لا يكبت حرّيته أحد ، فلم يجعل عليه سلطانا إلا سلطانه تعالى و حرّره من كل عبودية إلا عبادته عزّ و جلّ ، و كسر قيود الاسترقاق العرقي و العصبي و الدموي ، قال تعالى : ( وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) ؛ ثم تبرّأ من عبودية البشر لبعضهم بعض ، موضّحا علاقة العبد المملوك بسيّده ثم علاقة العبد بربّه فقال :( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقًا حَسَنًا فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْرًا هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لَا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) فالمملوك البشري ( أبكم ) لا يحق له التعبير عن نفسه , و محروم من حرية التصرف لا يقدر علي شيء , و حيثما يوجهه مالكه لا يأتي بخير . و عبد الله – بما فيه المرأة – نقيض ذلك , فشرط الحرية و القدرة على التصرف هما مدخل العبودية لله خلاف العبودية للبشر .
ثم نقد سبحانه الاستتباع في الرأي فقال : ، أما في المجتمع فقد نقد الله اتباعية من يدعون العلم ( السادة) و من يتعالون بمكانتهم الاجتماعية ( الكبراء) فقال :( وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ) .
فإذا تأكد كل ما سبق ثبتت حريّة المرأة و استقلاليتها عن استعباد الذكر ، كما تثبت قيمتها ككائن فاعل و مُفعّل في حركة التغيير ما دامت لا تختلف على الرجل في أصل الخلقة ( وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) و مساوية له في الدرجة .
و خلافا لما راج في كتب المُفسّرين و الــمُحدّثين يذهب حاج حمد إلى أن المرأة لا تمثل امتدادا للرجل ، بل و ليست فرعا منه ، و لا تابعا له في أصل الخلقة ، و ذلك انطلاقا من وحدة النّفس البشرية قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) .
و عليه فإنّه لا فرق و لا تمييز بين الرجل و المرأة في الخلق انطلاقا من الآية التي تجعل النفس البشرية واحدة بمعنى أن الذكر و الأنثى متكافئان في أصل الخلق من نفس واحدة ؛ أما التّزاوج بينهما فيُعبّر القرآن عنه بالجعليّة لا بالخلقيّة ؛ و الخلق هو الإيجاد على غير مثال سابق أمّا الجعل فصيرورة في الخلق و ليس بداية له ، قال تعالى : (
هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) فإذا تحقّق هذا فلن يكون آدم أوّل البشر و لن تكون حوّاء مخلوقا من ضلعه الأيسر و الأعوج انطلاقا من قول الله : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ، قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) فآدم بنص الآية ليس أوّل البشر ، و خلافته ليست عن الله و إنما عن بشر متوحشين همج سِــمتهم القتل و الإفساد و سفك الدّماء .
و إذا ثبتت وحدة النفس البشرية التي هي قوّة كونية تتلبّس الجسد ، فإن لها حريّة الاختيار لا بإرادتها فقط و لكن بحكم تكوينها القائم على ثنائية التركيب المتقابل و المتفاعل جدليّا ، قال تعالى: (‏ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* ) فقد بين الله أنه قد كون النفس من ثنائيات كونية متفاعلة جدليا و متقابلة لتعطي الناتج النفسي . فجعل في الطرف الأول من الجدلية المتفاعلة (السماء و الشمس و النهار) و جعل في الطرف الثاني المقابل (الأرض و القمر و الليل) , و من تفاعلهما الثنائي كون (النفس) ؛ و الثنائية قابلة للانقسام و بالتالي للاختيار خلافا للتركيب الأحادي .
و من خلال ما سبق يمكن القول أن قوة النفس الأنثوية الكونية هي نفسها قوة النفس الذكورية الكونية ، فلست المرأة إذا ناقصة عقل و دين ، و لا ضعيفة نفس ، و لا تابعة للرجل تبعيّة قصرية ، و إلا انطبقت ذات الصّفات السلبية أو ذات النّواقص على نفس الرّجل استنادا إلى أن النفس البشرية واحدة .
ثم إن الله تعالى زوّد المرأة كما الرّجل بقوة الوعي الثلاثي دون تمييزٍ لأحدهما على الآخر ، قال تعالى : ( وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) فمن حلال قوّة الوعي الثلاثي - السمع و البصر و الفؤاد - يحلق الرجل و المرأة كالطير في جو السماء , بكامل حرية النزوع و التطلع , دون محدودية في العلم أو النزوع الإنساني اللامتناهي و المطلق في حد ذاته لا فارق و لا تمييز جنسي أو فيزيولوجي بينهما .
كما أنّ الله تعالى لا يستخدم كلمة زوجة إلا على علاقة تبلغ كما التكافؤ العادل بين الطرفين ، قال الله تعالى: ( وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ) ، فلو وُجد أي اختلال في هذا التكافؤ أو نقص يتّسم به طرف عن الآخر لعدل القرآن استخدام لفظ الزوجية بين آدم و حوّاء ، و هذا دليل آخر على المساواة في الخلق و عدم تبعية حواء أو بالأحرى عدم تجزُّئها عن آدم عليه السلام ، بل كانت مساوية له في الخلقة ؛ بل استعمل القرآن الزوجية حتى في تعبيره عن التكامل الطبيعي النباتي فقال : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ) ، فإذا اختل أي معيار من المعايير عدل تعالى عن اسم الزوجة إلى المرأة أو غيرها من المفردات سواء في حالة عدم التكافؤ العضوي كما في حالة إبراهيم عليه السلام ، أو عدم التكافؤ الأخلاقي كما في حالة نوح عليه السلام .
المصادر و المراجع :
- سفر التكوين ، الإصحاح :2 ، الآية : 21 -24 .
- أبو القاسم حاج حمد ،تشريعات الأسرة في الإسلام ، دار الساقي ، بيروت لبنان ، ط1 ، 2011 ، ص 214
- سورة النحل ، الآية : 108-109 .
- حاج حمد ، تشريعات الأسرة في الإسلام ، المصدر نفسه ، ص 218 .
أبو القاسم حاج حمد ، المرأة المسلمة و دونيات مفهوم الخلق الأسطوري الإسرائيلي و العرف الاجتماعي العربي، الخرطوم – السبت :15 جمادى الأولي 1425ه، ص 2 – 3 .
- سورة النحل ، الآية : 78-79 .
- سورة النحل ، الآية : 75 – 76 .
- أبو القاسم حاج حمد ، حرية الإنسان في الإسلام مصدر سابق ، ص 41 – 43 .
- سورة الإسراء ، الآية : 36 .
- سورة الأحزاب ، الآية : 67 – 68 .
- سورة النّساء ، الآية : 01 .
- سورة الأعراف ، الآية : 189 .
- سورة البقرة ، الآية : 30 .
- أبو القاسم حاج حمد ، العالمية الإسلامية الثانية جدلية الغيب و الإنسان و الطبيعة ، دار الساقي ، بيروت ، لبنان ، ط 3 ، 2012 ، ص 333 – 339 .
- سورة الشمس ، الآية : 1-8 .
- حاج حمد ، أبستمولوجية المعرفة الكونية ، أبستمولوجية المعرفة الكونية إسلامية المعرفة و المنهج ، دار الهادي ، بيروت ، لبنان ، ط 1 ، 2004 ، ص 269 – 270 .
- سورة النحل ، الآية : 78-79 .
- سورة البقرة ، الآية : 35 .
- سورة الشعراء ، الآية : 7 .
- أبو القاسم حاج حمد ، حرية الإنسان في الإسلام ، مراجعة محمد العاني ، دار الساقي ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، 2012 ، ص 55 – 57 .



#خليل_شايب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر: الإفراج عن 18 شخصا معظمهم من النساء بعد مشاركتهم بوقفة ...
- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...
- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - خليل شايب - في نقد دونية المرأة الاجتماعية و الدينية قراءة في فكر أبو القاسم حاج حمد (01)