أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد جبر الريفي - حول ثورة التكنولوجيا وحضارة القمع














المزيد.....

حول ثورة التكنولوجيا وحضارة القمع


محمد جبر الريفي

الحوار المتمدن-العدد: 5397 - 2017 / 1 / 9 - 06:58
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



ان ما يعانيه العالم الغربي الرأسمالي من أزمات سياسية اقتصادية وأخلاقية هي في الحقيقة أزمة الحضارة الغربية البرجوازية القائمة أساسا على نتاج الحضارة الإغريقية والمسيحية الغربية والنظرة المادية وهكذا امتزجت الوثنية بالمسيحية الغربية يحكمها معا القانون الروماني كما يقول دريبر في كتابه بين العلم والدين ذلك أن الحضارة أية حضارة في التاريخ لا تستطيع كبح غرائز الإنسان لأسباب خلقية فحسب بل ولأسباب اقتصادية ايضا عند ذلك يأخذ مبدأ التناقض كما قال فرويد بين مبدأ اللذة ومبدأ الواقع الامر الذى يجعل الإنسان الغربي في ظل حضارته القمعية الاستهلاكية يتوق إلى نظام جديد وأيديولوجية جديدة وحضارة متحررة من كل أشكال القمع وهو الهدف الذي عجز النظام الصناعي التكنولوجي المتطور عن تحقيقه والذي لا يمكن الوصول إليه بمجرد الرفض والرفض المطلق لقيم هذا النظام بل بجعل هذا الرفض ضروريا لأحداث التغيير المنشود عبر رؤى حضارية جديدة.

لقد كلفت الحضارة الغربية في تطورها الفلسفي والطبيعي على النحو الذي سارت عليه خاصة بعد الحرب العالمية الأولى والثانية البشرية اشياء كثيرة من الحزن والآلام وعلى هذا الأساس يمكن القول أن هذه الحضارة لم تستطع أن تحل معضلة الإنسان الفرد في أن ينمو نموا كاملا بعيدا عن كل أشكال القمع السياسية والاقتصادية والنفسية واذا كان للنهضة العلمية والصناعية التي انبثقت عن مكونات العقل الغربي اثرها في عالم اليوم وذلك بما أحدثته من تحولات متعددة الجوانب بداية بتطور القانون الطبيعي وسيطرة العلم التكنولوجي وانتهاء بمظاهر الرفض لقيم النظام البرجوازي في العالم الغربي فإن هذه النهضة لم تكن في واقع الامر إلا انتقالا من كمية صناعية إلى كمية أخرى اكثر تطورا منها وتقدما، فقد خلقت الحضارة الغربية في تطورها المادي تناقضات رهيبة عجزت التحولات الكبيرة التي احدثتها في جميع نواحي الحياة عن امتصاصها بل عملت هذه التناقضات على إغراق الإنسان في محيط عالمه المادي حتى وصلت في ظل حركة المجتمع الصناعي والتقدم التكنولوجي إلى مزيد من التأثير على عالمه الروحي والعقلي وبهذا تجاوز ما أحدثته هذه الحضارة من أزمات حدود الزمان والمكان مما دفع الفرد بالتالي إلى البحث عن نظريات إنسانية شاملة تبدو صلاحيتها لحياته المعذبة وانتزاعها من طوق المادية الخالصة إلى نزعة إنسانية شاملة.

إن الآلة الفكرية في الغرب لم تستطع من روسو إلى سارتر في أن تحقق القيم المثلى للإنسانية وهذا يظهر في الغرب أكثر منه في أي منطقة أخرى في العالم فالتمييز العنصري والاستغلال الاقتصادي والروح السلطوية والجرائم والفضائح الأخلاقية وعدم اتخاذ موقف عادل من القضايا الدولية (الكيل بمكيالين) كلها من مظاهر المجتمعات الرأسمالية الغربية الاكثر تقدما وإذا كان هناك من مصدر لهذه الظواهر فهو يتمثل اساسا في الحضارة الغربية ذاتها التي قامت على ماديات الجنس والغرائز والتي تعني روح القمع والعنف والتعصب وإثارة الصراعات بين الشعوب والأمم بهدف إضعافها لاستمرار عملية نهبها وباختصار فإن أزمة الحضارة البرجوازية الغربية تتجلى الآن أكثر ما تكون في تلك المعاملة التي يعامل بها الغرب الرأسمالي شعوب العالم الثالث النامية فهو لم يحجز الحرية والرفاهية عن تلك الشعوب لعقود طويلة فحسب بل وما زال يقاوم بالتدمير والعنف والحصار والعقوبات الاقتصادية الجائرة كل دولة تحاول اللحاق بالتطور والتقدم الصناعي والتكنولوجي خاصة امتلاك التكنولوجيا والعلوم النووية واختصار مراحل التخلف الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، الأمر الذي يبقي على التفاوت الحضاري بين الشمال المتقدم والجنوب المتخلف وهو تخلف كان سببه في الواقع حقيقة الاستعمار الغربي الرأسمالي في هيمنته وسيطرته وفرضه لأشكال متعددة من التبعية تحت جملة من الأيديولوجيات والأحلاف والمعاهدات ويبدو لأول وهلة أن الطلاب والمثقفون الغربيون هم أكثر الفئات الاجتماعية احتجاجا على سياسات الدول الصناعية الغربية الكبرى وعلى القيم البرجوازية وطغيان التكنولوجيا وأكثر الناس تعاطفا مع انتفاضات العالم الثالث مما أدي إلى ظهورهم كقوة اجتماعية فاعلة بعيدا عن قواعد المعادلة الاستهلاكية ويعود هذا الدور للطلاب خاصة في البلدان الرأسمالي المتقدمة إلى ما حققه العلم من تطور تكنولوجي هائل حيث أصبح في ظل التطور الاقتصادي قوة منتجة مما يجعلهم يشكلون فئة إجتماعية لها خصائصها المميزة التي اكتسبتها في ظل هذا الوضع الذي يتشابه إلى حد كبير مع خصائص الطبقة العاملة فهم لا يمتلكون وسائل الإنتاج مثلهم في ذلك مثل العمال لكنهم في نفس الوقت يسهمون في خلق رأس المال لأرباب العمل بعتبارهم منتجين لفائض القيمة.



#محمد_جبر_الريفي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -انعطف يمينا ثم يسارا-.. طيار بشركة دلتا يعتذر للركاب بعد -م ...
- ثلاثون عامًا بعد وفاته، البناء مع إرنست ماندل
- إرنست ماندل، قبل رحيله: ينبغي أن نمنح التاريخ الوقت لإنجاز ع ...
- م.م.ن.ص// -لن يمروا!- -لن يمروا!-....شعلة تتجدد في صرخة الثو ...
- في ذكرى تأسيس الحزب: العراق بحاجة إلى الشيوعية أكثر من أي وق ...
- حول قرار ما يسمى “بالعباءة الزينبية” زياً رسمياً في بغداد، ا ...
- حول قرار ما يسمى “بالعباءة الزينبية” زياً رسمياً في بغداد، ا ...
- صفحات من التأريخ: الحزب الشيوعي العراقي ، 14 / تموز /1958 و ...
- محتجون في ميلان يطالبون بمقاطعة إسرائيل ووقف المجاعة بقطاع غ ...
- محتجون في ميلان يطالبون بمقاطعة إسرائيل ووقف المجاعة بقطاع غ ...


المزيد.....

- الإمبريالية والاستعمار الاستيطاني الأبيض في النظرية الماركسي ... / مسعد عربيد
- أوهام الديمقراطية الليبرالية: الإمبريالية والعسكرة في باكستا ... / بندر نوري
- كراسات شيوعية [ Manual no: 46] الرياضة والرأسمالية والقومية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- طوفان الأقصى و تحرير فلسطين : نظرة شيوعيّة ثوريّة / شادي الشماوي
- الذكاء الاصطناعي الرأسمالي، تحديات اليسار والبدائل الممكنة: ... / رزكار عقراوي
- متابعات عالميّة و عربية : نظرة شيوعيّة ثوريّة (5) 2023-2024 / شادي الشماوي
- الماركسية الغربية والإمبريالية: حوار / حسين علوان حسين
- ماركس حول الجندر والعرق وإعادة الانتاج: مقاربة نسوية / سيلفيا فيديريتشي
- البدايات الأولى للتيارات الاشتراكية اليابانية / حازم كويي
- لينين والبلاشفة ومجالس الشغيلة (السوفييتات) / مارسيل ليبمان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - محمد جبر الريفي - حول ثورة التكنولوجيا وحضارة القمع