أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد الأطلسي - في مديح العزلة














المزيد.....

في مديح العزلة


رشيد الأطلسي

الحوار المتمدن-العدد: 5389 - 2017 / 1 / 1 - 13:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن الرجال الأقوياء هم الأكثر عزلة، هكذا قال الشاعر الأمريكي العظيم شارل بوكوفسكي،وهو قول فيه الكثير من الحكمة وتتفق حوله الكثير من العقول الجبارة. ولا أدل على ذلك من أن كل عظماء التاريخ إلا وكانوا أشخاص منعزلين، وليس المقصود هنا بالعزلة، العيش وحيدا في جزيرة وسط البحر كما فعل الحي بن يقظان، ولكن المقصود منها أن الذات يجب عليها أن لاتنصهر كلية في الجماعة، وتذوب أصالتها فيها، فتصبح هي الكل ولا أحد.فالعزلة تعني تحقيق الذات لوجودها الأصيل، كما يقول هيدجر،أي وقوف الذات أمام مصيرها، وعدم نسيانها له، وبالتالي نسيانها للحظة الموت، إن العزلة تعلمنا أن نبقى في حضور دائم أمام مصيرنا وأمام سؤال الموت، إنها تعلمنا أن نتذكر باستمرار الأسئلة المصيرية والمحيرة.لهذا كل لحظة ابداع أصيل، لابد لها من لحظة عزلة عن العالم والأشخاص. والعودة إلى الذات واستكشافها والتأمل فيها، للحصول على الحقيقة الباطنية التي لايمكنها أن تنكشف في الضجيج، ووسط الجماهير المغفلة، التي في كثير من الأحيان تنحاز كلية الى عقيدة القطيع، وتركن الى المشترك بين الجميع،الجماهير لاتفكر،إنها تفضل العادي والبسيط.
لهذا تعتبر العزلة طريقا نحو اكتشاف حقيقة الذات والعالم، فالمفكرين العظام والفنانين،إلا وانعزلوا لحظة كتابتهم وابداعهم،فحينما أراد يكارت ان يؤسس لميتافيزيقاه انعزل في الريف الألماني، ومارتن هيدجر كان له كوخ في توتنانوبرج ينعزل فيه، ونيتشه بدوره.وحتى الأنبياء قبل أن ينشروا رسالاتهم إلا وانعزلوا لمدة حتى تبينت لهم أهم الخيوط لأفكارهم ورؤاهم، فمحمد مثلا عاش عزلته الوجودية في غار حراء مدة من الزمان، فكان يبتعد عن جماعة قريش ليتأمل في الكون وفي الهواجس التي تعتمل في نفسه، إنه عاش أزمة وجودية، مرتبطة برفضه لعقائد البدو ورغبته في تجديد الفلسفة التي كانت سائدة في المجتمع،بعد ذلك سيؤسس محمد لايديولوجيا التغيير التي توصل إليها بعد انعزاله هذا.كما أنه على مر التاريخ نجد تجارب كثيرة لنساك وزهاد ومتصوفين وملهمين كبار اتخدوا من فترات العزلة الطويلة أو القصيرة ملاذا لهم لصياغة تصوراتهم وفلسفاتهم، بل أحيانا انعزلوا كلية عن الآخرين، وهناك بعض التجارب الأخرى التي قام بها البعض من أجل الهروب من المجتمع المعاصر والمعقد، كما فعل مثلا الفيلسوف الأمريكي هنري ثورو الذي اعتزل المدينة وعاش في الغابة لمدة طويلة،بدون مظاهر الحضارة المعاصرة وقد كتب بعدها كتابا حول تجربته هذه.
وهناك من الأشخاص من يجدون راحتهم في الابتعاد عن الآخرين، ويبدعون أكثر وهم لوحدهم.وفي نظري ان الانعزال هو لحظة لتحقيق اصالة الذات، ولكن لايجب فهم العزلة بمفهومهما المرضي، حيث لايشتطسع الفرد تحقيق مشاركة مع الآخرين والتواصل معهم، لكن العزلة المقصودة هنا هي العزلة بمفهومها الايجابي حيث يتم الاستقلال النسبي عن الجماعة، ويتحقق الفرد بشكل ميتافزيقي، لأن الفرد هو الأساس الذي تبنى عليه الحداثة بكل تجلياتها، السياسية، حيث يتم تأسيس المجتمع السياسي على أساس التعاقد بين الحاكم والمحكومين،والتعاقد في حاجة الى الارادة الفردية ليأسس، وكذلك المجتمعية، حيث تنتشر فكرة الحرية داخل المجتمع ويتمتع فيه الفرد بقدر كبير من استقلالية قرارته، وتجاوز منطق القبلية والأبوية والوصاي الدينية،كما أن المجال الديني يصبح مجالا معلمنا، تتأسس فيه العلاقة بين الفرد الحر مع معتقده، وبذلك يتأسس الدين بمفهومه الفردي، ويتم تجاوز الدين الذي يمتد الى حرية الفرد ويقوضها،الى دين فردي ومنفتح وكوني.

كاتب مغربي



#رشيد_الأطلسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموسيقى روح العالم:
- النقد الفلسفي والنقد الايديولوجي:
- النزعة الظلامية ورهان التنوير:


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - رشيد الأطلسي - في مديح العزلة