أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عدنان الصباح - العرب ومتلازمة الخوف من الفرح














المزيد.....

العرب ومتلازمة الخوف من الفرح


عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)


الحوار المتمدن-العدد: 5387 - 2016 / 12 / 30 - 21:32
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كلما جلجلت ضحكة العربي عالية همس بصوت خافت خوفا وهلعا " اللهم استر " أو " اللهم اجعله خير " أو خير اللهم اجعله خيرا " أو سترك يا رب " كل ذلك خشية أن يتبع الضحك والفرح سوءا أو شرا وأبدا لا يستمتع العربي بفرحه بل على العكس من ذلك هو يستكين كثيرا للتشاؤم والحزن والخوف وبالتالي فهو يرفض الفرح في أعماقه ولا يسعى إليه وإذا فعل فانه لا يستطيع الاستغراق بفعل الفرح ولا الاستمتاع به وهاجس الشر والسوء يلاحقه.
غريب هو قبول العربي بالبقاء حيث هو خشية لمفاجئ جديد وكأن كل ما هو جديد مرتبط جذريا بما هو سيء ويبدو أن الهزائم المتكررة والتراجعات والخسائر التي مني بها العرب على مر التاريخ هي الأساس التي جعلت العربي يخشى كل ما هو جديد ويتمسك بماضيه كما هو على اعتبار أن مع كل جديد تراجع جديد وهزيمة جديدة وان الفوز والنجاح والانتصار باتت سمات لا تقترن على الإطلاق باسم العرب والعروبة وبذا وجدوا أنفسهم يقبلون اقتران اسمهم بالشتيمة بل ويمارسونها ويطلقون النكات مستهزئين بأنفسهم وتاريخهم فكيف يمكن لأمة تتندر بتاريخها وتعدد مساوئه بل وتعلن فشلها في الأدب والفن والتراث.
يقول مظفر النواب في أشهر القصائد السياسية وأكثرها شيوعا في العالم العربي
" ما أقذرنا ... ما أقذرنا
ونكابر ما أقذرنا "
ويختتم هذه القصيدة بخطاب على شكل نبوءة قائلا
" سنصبح نحن يهود التاريخ ونعوي في الصحراء بلا مأوى "
وقدم نزار قباني نموذجا اخر في شتيمة الذات العربية في قصيدته " مواطنون بلا وطن "
" نحن بغايا العصر
كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن
نحن جواري القصر
يرسلوننا من حجرة لحجرة
من قبضة لقبضة
من هالك لمالك
ومن وثن إلى وثن
نركض كل ليلة كالكلاب
من عدن لطنجة. "
ويصرخ محمد الماغوط بأعلى صوته قائلا " أيها العرب يا جبالا ً من الطحين واللذة ويا حقول الرصاص الأعمى أتريدون قصيدة عن فلسطين عن الفتح والدماء؟ " ويشتم احمد مطر حتى دعاة الثورة في العالم العربي بما هو أسوأ قائلا:
" إذا كان الثوري نظيفا
فلماذا تتسخ الثورة
وإذا كان وسيلة بول
فلماذا نحترم العورة "
وانهي أمثلتي بما قاله احمد فؤاد نجم
" بشرى لأصحاب الديول
والي له أربع رجول
بشرى لسيادنا البهايم
من جمايس أو عجول "
" خير اللهم اجعله خيرا " همسة العربي بعد كل ضحكة هي شعار العاجز الخائف غير الواثق من غده الغيبي لإدراكه انه ممتنع أصلا عن النهوض لاستجلاب غد مشرق بفعل قادر على دفعه للاحتفال بانجاز يدفع به إلى الأمام, وهو بالتالي قابل بهذه المكانة في أسفل سلم البشر رغم إدراكه لها والأسوأ من ذلك رغم تكرار شتمه ورفضه لها لفظا إلا انه بفضل الاحتفاظ بسلامها الكاذب, وهذا تناقض عجيب حين تعرف السيء وترفضه بالقول وتعيش عمرك خائفا من حدوثه وفي نفس الوقت تقبل به فعلا كأمر واقع لتصبح كمن وضع نفسه بقيود لا فكاك منها ثم استكان لمقولة ليس باليد حيلة, حالة عجز وخواء وخوف وتردد نهرب منها للتشبث بما نعرف مهما كان سيئا خشية ما لا نعرف مهما حلمنا به لإدراكنا التام أننا خارج دائرة الفعل وان مهنة المتلقي العاجز لن تأتي لصاحبها إلا بسوء من يصنعون غده من الأعداء وكأنهم قدرنا ولا حيلة لنا بأمرهم.
فوبيا أو متلازمة خوف العربي من الفرح تأتي كنتاج طبيعي للخوف من المستقبل فالفرح مرتبط عادة بخبر سار أو قادم ايجابي مادي كان أو معنوي ولان العرب اعتادوا منذ زمن على الهزيمة تلو الهزيمة فان ارتباط الفرح بالمستقبل صار مستحيلا وبذا فهم يسارعون للتنازل عن خوفهم أو للاستعاذة منه خشية أن يأتيهم بالغد الذي صار مقترنا تلقائيا بما هو سيء وضار وتراجع جديد عن واقع الحال فكل ارتباط بغد هو ارتباط بتراجع وخسارة وسوء حال على الصعيد الجمعي العربي وهو ما انسحب حتى على الفرد بشكل تلقائي.



#عدنان_الصباح (هاشتاغ)       ADNAN_ALSABBAH#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشافهة ثقافة المستبد والمرتجف معا
- تبييض المستنقعات الاستيطانية أم طمس لوننا
- قضايا أم لهايات؟
- حلب طريق الغاز لا طريق الجنة
- الاتحاد السويسري وسيط أم نموذج
- علم الجبر في جبر الحال العربي
- سنة فلسطينية لم تأت بعد
- العرب ... بين المؤتمر السابع والمهام السبع
- السماء لا تمطر حرية مجانا
- الامبريالية هي المشكلة وليس الاسلام
- ترامب العاقل وبرامج الأغنياء المجنونة
- المؤتمر السابع وبوصلة الوحدة
- متى قاومنا المحتل آخر مرة ؟
- الاستغوال أبشع مراحل الامبريالية (23)
- القيم المدنية رافعة السلم الأهلي (9)
- القيم المدنية رافعة السلم الأهلي (8)
- القيم المدنية رافعة السلم الأهلي (7)
- القيم المدنية رافعة السلم الأهلي (6)
- القيم المدنية رافعة السلم الأهلي (5)
- القيم المدنية رافعة السلم الأهلي (4)


المزيد.....




- ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي ...
- -كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم ...
- وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55 ...
- السعودية.. حرب بين قرود أبها والطائف!
- ناطق باسم الجيش الإسرائيلي يرد على أنباء مقتله بفيديو: -لست ...
- بسبب ترامب.. -الغارديان-: زيلينسكي قد يغيب عن قمة -الناتو- ا ...
- دول الترويكا الأوروبية تعرب عن استعدادها لمواصلة المفاوضات م ...
- غروسي: تلوث إشعاعي في منشأة -نطنز- النووية
- كنايسل: التصعيد بين واشنطن وطهران لم يصل إلى مواجهة شاملة وا ...
- ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عدنان الصباح - العرب ومتلازمة الخوف من الفرح