أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - سليم زاروبي - بين اللانهائي والمحدود في فهم الكون















المزيد.....



بين اللانهائي والمحدود في فهم الكون


سليم زاروبي
عالم فلك فلسطيني متخصص في دراسة فيزياء الكون

(Saleem Zaroubi)


الحوار المتمدن-العدد: 5386 - 2016 / 12 / 29 - 20:57
المحور: الطب , والعلوم
    


في سنوات الخمسين من القرن الماضي تأجّج صراع فكري كبير بين نظريتين في علم الكون، نظرية الانفجار الكبير (The Big Bang theory) ونظريّة الحالة الثابتة (The steady state theory). انبثقت الأولى كإحدى التطبيقات للنظرية النسبية العامة لأينشتاين التي أفترض بها أن الكون متجانس فراغيا (لا زمنيًا)، أي يبدو مماثلًا بغضِّ النظر عن المكان والاتجاه الذي نرصده منه. أما الثانية، وهي نظرية اقترحها العالم الإنجليزي فريد هويل (Fred Hoyle) وزملائه، فرضيّتها الأساسية أن الكون متجانسٌ في الفراغ والزمان، فهو لا يظهر مماثلا من أينما رصدناه فحسب بل أيضا في أي زمن رصدناه. تمخض عن الأولى أن للكون عمر محدود وله لحظة بداية. ونتج عن الثانية، بشكل تلقائي، أن الكون ابتدأ منذ الأزل وسيبقى حتى الأزل. أي أن لب الخلاف بين النظريتين هو على نهائية الكون مقابل أزليته. هذا الصراع هو مجرد فصل واحد من تاريخ سجال طويل بين مفهوم التكوين ومفهوم الوجود الأبدي.

تاريخ قصص ونظريات الكون على كل أنواعها هو تاريخ جدل وسجال، واحيانا، صراع بين فكرتين مركبتين. الأولى هي فكرة الأزلية، الديمومة واللانهائية بينما الثانية هي فكرة، البدء، الزوال والمحدودية. استَعْمَلتُ في وصفي هنا قصدًا ثلاث كلمات، تعمدت أن أميز بها بين مفاهيم نخلط بينها عادة عند التفكير بهذه الأمور، اثنان زمنيان: البداية والنهاية؛ والثالث يتناول الفراغ ومحدوديته. الأشكال التي تتفاعل به هاتان الفكرتان، في هذه القصص والنظريات، متعددة ومتباينة. فأحيانا علاقتهما جدلية تدفع الكون في عجلة تطوره وأحيانا تناحريّة بشكل واضح وصريح بحيث تنفيا بعضهما البعض. ففي الديانة البوذية مثلًا، الكون يخلق ويندثر ثم يعود ليخلق من جديد في عجلة أزلية من الصيرورة والفناء، يكمّل بها السرمدي والنهائي أحدهما الآخر. أما في الديانات التوحيدية فقصّة خلق الكون، والتي عادةً مركزها الإنسان، تتلخص في "كن فيكون" التي تعبر عن تبعية النهائي (الكون والإنسان) للسرمديّ (الله). أما في فلسفة أرسطو، التي سادت عالم المفكرين لقرون عديدة، فالكون نهائي فراغيًا. فهو مكون من عدد من الكرات ذات المركز المشترك، مركز الأرض، تقع عليها الكواكب السيارة، الشمس والقمر وتخطُّ سقف حدوده النجوم التي تقع على سطح الكرة الكونية الأخيرة، وخارجها لا يوجد هناك شيء (هذا هو أساس نموذج بطليموس الشهير). ولكن في الوقت نفسه يجزم أرسطو أن الكون مستمر منذ الأزل وسيبقى إلى الأبد. وهناك العديد من الأمثلة الأخرى، في الأديان، النظريات الفلسفية والعلوم، التي تعكس هذا السِّجال. تدفعها جميعا بغير استثناء الحاجة لفهم العلاقة بين هاتين الفكرتين المتناقضتين. أي أن علم الكون يصبو، لا محالة، إلى حسم دور كلٍّ منهما بما يلائم معطيات أرصادنا، من غير ترك ثغرات أو تناقضات منطقية في تصورنا.

الخلاف بين نظريتين أو أكثر في تفسير ظاهرة طبيعية هو أمر اعتيادي، يقطن في لب العملية العلمية. والحسم بينها يأتي من خلال التنبؤات المختلفة لكل منها حول الطبيعة. والتي بالتالي نستطيع، على الأقل مبدئيًا، دحضها أو تأكيدها بواسطة التجارب أو الرصد. هذا ما يميز النظريات العلمية عن غيرها. أي أن تنبؤ النظرية العلمية بنتائج نستطيع فحصها ودحضها هو ما يجعلها "علمية". وكما قال كارل بوبر، فيلسوف العلوم الشهير، في كتابه منطق البحث: "أولئك من [بين العلماء] الذين يرفضون أن يخضعوا أفكارهم لمخاطر الدحض [التجريبي] لا يشتركون في ’اللعبة’ العلمية". على الرغم من الأفكار الكبيرة التي تكمن من وراء النظريات العلمية والمنطق الذي تحمله، إلا أن ما يحكم صلاحيتها هي التفاصيل، الجليّة أم الخفيّة، الكامنة في طواياها وتماهيها مع ما نجده في الطبيعة. فكما يقول المثل الإنجليزي "الشيطان يكمن في التفاصيل! "

إذا فماذا تقول هاتان النظريتان وكيف تم الحسم بينهما لصالح نظرية الانفجار الكبير؟ دعونا أولا نلج في صلب مفهوم كل منهما عن الكون، ونتناول باقتضاب المنطق من ورائهما وتداعِياتهما على الكون وخواصه. وسأبدأ بنظرية الانفجار الكوني الكبير التي هي العمود الفقري ِلفهمنا الحالي للكون وتطوره.

نظرية الانفجار الكبير

كما ذكرت سابقا تعود الخطوات الأولى لهذه النظرية إلى ألبرت أينشتاين نفسه بعد أن وضع نظريته حول الجاذبية، المعروفة باسم النظرية النسبية العامة. تمخضت نظريته عن معادلة معروفة باسمه، معادلة أينشتاين، التي حاول إيجاد حلول لها لإعطاء أمثلة عليها وفحص نتائجها. إحدى هذه الأمثلة هو منظومة الكون! افترض أينشتاين بأن الكون متجانس فراغيا، أي يظهر متماثلا بغض النظر عن أي مكان ومن أي اتجاه نرصده. بكلمات أخرى لا يوجد مكان خاص في الكون! هذا الافتراض أصبح يعرف بالمبدأ الكوني (يعرف أيضا بالمبدأ الكوبرنيكي) و يعود بالأصل إلى نيوتن. بعد هذا بعدة سنوات وجد العالم الروسي ألكسندر فريدمان (Alexander Friedmann) حلا لمعادلة أينشتاين في حالة فرضية المبدأ الكوني، نتج عنه أن كوْنًا كهذا يجب أن يكون في حالة انتشار، أو انكماش، دائم.
من الجدير بالذكر، أن أينشتاين رفض في البداية قبول حلول فريدمان واعتبرها مجرد رياضيات جميلة لا تمت للكون الحقيقي بصلة. السبب الأساسي في ذلك هو اعتقاد أينشتاين بسكون وثبات الكون، لأن انتشاره أو انكماشه يشير إلى لحظة بداية أو نهاية. الذي ناقض اعتقاد فلسفي عميق لديه بأنه لا يوجد بداية للكون (سأعود لهذه النقطة لاحقا). أصدر أينشتاين عام 1917 مقالا حول منظور الكون من خلال نظريته الشهيرة وتوصل للاستنتاج، كما توصل نيوتن من قبله وفريدمان من بعده، بأن الجاذبية لا تسمح للكون أن يكون ثابتا، أي أنه متغير وبالتالي لا يستطيع أن يكون قد ابتدأ منذ الأزل. لهذا اقترح إضافة حد ثابت جديد لمعادلات النظرية النسبية العامة يعطي تأثيرا مضادا للجاذبية، أسماه الثابت الكوني، يستطيع بواسطته إلغاء ظاهرة الانتشار.

لكن في عام 1927 اكتشف العالم الأمريكي إدوين هابل انتشار الكون بواسطة رصده لبعد وسرعة المجرات، المعروفة حينذاك، بالنسبة للأرض. مما دفع أينشتاين للتصريح بأن الثابت الكوني هو "أكبر خطأ ارتكبه في حياته". أي أن إصراره الميتافيزيقي على سكون الكون دفعه إلى تشويه تحليله الموضوعي للحقائق. سأذكر بشكل عابر هنا، بأننا اليوم نعرف بأن الثابت الكوني هو في الحقيقة مفهوم مهم لفهم ظاهرة الانتشار المتسارع التي يمر بها الكون الآن.

بناء عليه استنتج العالم البلجيكي، الذي كان كاهنا في صفوف الكنيسة الكاثوليكية، جورج لاميتر (Georges Lamaître)، بأنه إذا عكسنا اتجاه انتشار الكون، أي عدنا بالزمن إلى الوراء، نصل إلى نقطة معينة كان بها حجم الكون صفرا، أي أن للكون بداية! من المثير للاهتمام بأّنه عندما أصدر بابا الكنيسة الكاثوليكية، بيوس الثاني عشر (Pius XII)، بيانًا عام 1951 يرحب به بنظرية لاميتر ويعدّها إثباتا على العقيدة الكاثوليكية (المشتركة لكل الديانات التوحيدية) بأن الكون خلق على يد خالق، سارع لاميتر بتحدي إعلان البابا، ونجح بإقناعه بسحبه. فقد كانت حجته بأن نظرية الانفجار الكبير هي نظرية علمية، و بكونها كذلك فهي لا تعزز أو تناقض تعاليم الدين. بحسب لاميتر ليس هناك علاقة بين العلم والدين، فقد فهم جيدًا حقل الألغام الذي يمثله مثل هذا الربط، واسقاطاته السلبية، بالأساس، على الدين.
إذا، نظرية الانفجار الكبير تقول بأننا نعيش في كون منتشر (أي آخذ في الابتعاد عن بعضه البعض) نشأ قبل نحو ال14 مليار عامًا. وكلما نظرنا إلى الماضي كلما كان الكون أصغر، ذو كثافة، ضغط وحرارة أعلى. وعندما نقترب إلى اللحظات الأولى من عمر الكون، ترتفع الحرارة والكثافة لدرجة كبيرة بحيث أن تصرف المادة يتغير جذريًا بالنسبة لتصرفها الذي نعرفه من حولنا. بالتحديد، ما يحدث هو أنه خلال انخفاض الكثافة ودرجة الحرارة منذ بدء الكون حتى الآن تخضع المادة والطاقة في الكون لعدة تحولات جذرية تعرف في الفيزياء باسم "تحولات طوريه" (transitions phase). من الأمثلة التي نعرفها جميعا لمثل هذه التحولات هو تحول الماء من الحالة السائلة إلى الصلبة عندما يتجمد، أو من الحالة السائلة إلى الغازية عندما يتبخر. بالطبع، التحولات الطورية التي يمر بها الكون تختلف عن التحول الطوري للماء. وتتغير طبيعتها في كل مرحلة من مراحل الكون تغييرًا جذريًا.

أحد أهم التحولات الطورية في تاريخ الكون، كان قد اقترحه العالم الأمريكي (السوفييتي الأصل) جورج چاموڤ (George Gamow) وزملاؤه بعد الحرب العالمية الثانية، وهو التحول الذي أدى إلى تكوّن العناصر الكيميائية الأساسية في الكون. حدث هذا التحول عندما كان عمر الكون ما بين مايكرو ثانيه (واحد من مليون من الثانية) وثلاث دقائق، أنتج الكون خلاله العناصر الأكثر شيوعًا فيه، الهيدروجين (75٪) والهيليوم (25٪). فقبل هذه المرحلة تكون درجة حرارة الكون عالية لدرجة لا تسمح بوجود عناصر، أما بعدها فتصبح كثافة الطاقة في الكون أقل من أن يستطيع تكوين عناصر أثقل من الهيليوم. يجدر التنويه هنا بأن العناصر الأكثر ثقلًا، كالأكسجين والكربون والحديد وغيرها، موجودة بنسبة ضئيلة جدا ولا ينتجها الكون في اللحظات الأولى من تكوينه، إنما تَتَكوّن نتيجة لتحول الهيدروجين والهيليوم إلى عناصر ثقيلة بواسطة التفاعلات النووية التي تحدث في باطن النجوم خلال دورة حياتها وموتها.

مثال هام آخر، أيضا من جعبة جورج چاموڤ، هو التحول الطوري الذي حدث حوالي 380 ألف عام بعد تكون الكَون، حينما تنتقل ذرات الهيدروجين والهيليوم من الحالة المتأينة إلى الحالة المتعادلة. هذه المرحلة مهمه لأنها المرحلة التي يتحول فيها الكون إلى كون شفاف يسمح للضوء بالانتقال من مكان إلى آخر بحرِّيه. فقبل هذه المرحل يكون الكون ضبابيًا يتواجد فيه الضوء في حالة اتزان حراري مع المادة ويتشتَتُ باستمرار بشكل عشوائي (كما يحدث له في داخل غمامة كثيفة)، أما بعدها فيتحول الكون إلى مكان جليٍّ واضح يستطيع الضوء الانتقال فيه بحرية. هذا التحول الطوري يأخذنا لأبعد نقطة نستطيع أن نراها بشكل مباشر بعد الانفجار الكبير، أي بعد 380 ألف عام من حدوثه، فمنها نرصد الأشعة المسماة بالأشعة الكونية الميكرونية التي هي بقايا الضوء الذي يصلنا من نشأة الكون.

إذا، فهناك على الأقل ثلاثة تنبؤات واضحة لنظرية الانفجار الكبير: الأول يقضي بأن كثافة الكون تقل مع الزمن نتيجة انتشاره. الثاني يقول بأن هناك الكثير من الهيدروجين والهليوم في الكون − ستكون للهيليوم بالذات أهمية في قصتنا. أما التنبؤ الثالث فينص على أن هناك أشعة، تأتي من كل اتجاه في الكون، كانت في حالة اتزان حراري في الماضي السحيق مما يجعل لها ألوان طيف خاص جدا، يسمى بالفيزياء بطيف پلانك (نسبة للعالم الألماني ماكس پلانك). في الواقع عدد تنبؤات هذه النظرية هو هائل لكني سأكتفي بهذه الأمثلة الآن لأهميتها التاريخية وسأعود لذكر تنبؤات أخرى لاحقًا.

إشكالية بداية الزمن

لكن قبل ان نكمل قصتنا دعونا نقف قليلا عند رفض أينشتاين الأوّلي لفكرة وجود بداية للزمن! ما الذي دفعه لهذا؟ كما ذكرت سابقا أينشتاين هو ليس وحده بهذا الاعتقاد، بل العديد من العلماء والفلاسفة الآخرين الذين لا يحبّذوا فكرة لحظة بداية للكون. الأسباب لهذا عديدة سأعطي أهم اثنين منها هنا.
أول هذه الأسباب هو التساؤل الفيزيائي البسيط، لماذا يرضخ الكون لتجانس فراغي، كما تنص نظرية الانفجار الكبير، وليس لتجانس زمني؟ ألم تبيّن النظرية النسبية بأن الزمن والفراغ مرتبطان عضويًا ببعضهما البعض. بل وأكثر من ذلك، فنحن نعرف أنه في ظروف خاصة جدا مثل السقوط الى داخل ثقب أسود، يتبدل تصرف الاحداثيات بحيث تصبح احداثية الزمن إحداثية فراغ، والعكس بالعكس، أي يختلط الزمان بالمكان. إذا ما الذي يميز الزمن عن الفراغ بهذا الشكل الأساسي؟

حتى إذا قبلنا أن الزمن والفراغ مختلفان. ما الذي يجعل الكون يوجد من عدم (ex nihilo) في لحظة معينة؟ ما الذي يميز تلك اللحظة عن سابقتها أو تلك التي تليها؟ أي كيف نفسر كعلماء بواسطة قوانين الطبيعة، ضرورة تلك اللحظة. إن الحاجة لتفسير لحظة النشوء وتوقيتها تخلق إشكاليات أعمق، وأصعب للفهم، من الوجود اللانهائي للزمن.

نفس هذه الإشكالية واجهها الفلاسفة على مر التاريخ. فقد ذكرنا أرسطوطاليس، الذي ظنّ بعدم وجود لحظة بداية، وفسر اعتقاده هذا بشكل مبهم قليلا قائلا بأن أيّا كانت لحظة البداية، فنحن دائما نستطيع تخيل وجود اللحظة التي قبلها! أما ابن رشد، الذي رفض أيضا وجود لحظة بداية، فقد برر ذلك بحجة منطقية ودينية دامغة تقول بأن وجود بداية ينتقص، أو يتعارض، مع كمال ولانهائية "الخالق". بينما يعتقد الفيلسوف الألماني، عمانوئيل كانط، بأن الفراغ والزمن غير محدودين لأننا لا نستطيع التفكير بمحدوديّتها وذلك نتيجة لمعرفة مسبقة انطبعت فينا، وهذا انعكاس لصفات الزمن والفراغ الحقيقيّة. نستطيع أن ندرج هنا أمثلة أخرى كثيرة جدا. كما من الممكن أن نلج في خضم نقاشات مشابهة في الأديان المختلفة.

لكنّا نتحدث هنا عن فهمنا العلمي، وليس الفلسفي، للطبيعة. فما ذكرنا من مواقف ونقاشات فلسفية مثيرة للاهتمام وآسرة للخيال هي مجرد مواقف، ما دمنا لا نربط بينها وبين ما نرصده بالطبيعة. لأنه من غير تنبؤات عينية، وأدلة موضوعية تجريبية، لا نستطيع أن نسبر لب الحقيقة. فقد رأينا مثلًا أن نظريّة الانفجار الكبير تقوم بتنبؤات عينية قابلة للرصد والتجربة، تمكننا من أن نعرضّ النظرية لمخاطر الدحض التجريبي، كما ذكر كارل بوبر. الشق الثاني من هذا المنطق هو أنه إذا رغبنا في كون بلا بداية علينا إيجاد نظرية عينية تفصيلية للكون تمكننا من أن نمتحنها من خلال حكم الواقع والتجربة. فإما أن تنجح فتعيش لتواجه امتحانات أخرى وإما أن تفشل، فتندثر مكنّفة بغياهب النسيان. هذا بالضبط ما حاول فعله فريد هويل وزملاؤه، باقتراح نظرية علمية تفصيلية، تكمن في لبّها فرضية تجانس الزمن والفراغ، تعرف باسم نظرية الحالة الثابتة.

نظرية الحالة الثابتة

بعد اكتشاف قانون هابل وانتشار الكون، أصبح واضحا، كما اعترف أينشتاين، بأنه لا مكان لنظرية الكون الساكن التي كانت الملاذ لمن يعتقد بأنه لا يوجد بداية للكون. لكن في عام 1948 قام ثلاثة علماء بريطانيين، هويل، چولد وبوندي، بنشر مقال اقترحوا به مخرجًا جديدًا لفكرة التجانس الزمني والكون الذي ليس له بداية. في هذا المقال عرض هؤلاء فكرة خلاقة زعموا بها بأن انتشار الكون لا يعني أنه ابتدأ بلحظة معينة، بل هو انتشار كان وسيبقى إلى الأزل. لكن كيف يمكن هذا؟ في الحقيقة الظواهر التي يوجد بها حركة، ولكنها لا تُحدث تغييرًا تملأ الطبيعة. ولعل أوضح الأمثلة على ذلك هي مياه تجري في نهر هادئ فنحن نعلم أنها جارية ولكنا لا نرى تغييرًا ظاهرًا. إذاً، نظرية "الحالة الثابتة" تقضي بأن الكون متجانس زمنيا وأنه في حالة جريان "هادئ"، ودائم تبتعد به كل نقطة عن جارتها بوتيرة ثابتة.
ولكن مهلًا، ألا يعني انتشار الكون بأن كثافته تتغير؟ ذلك لأنه إذا أخذنا وحدة حجم ثابتة في الكون، فإن كمية المادة الكامنة بداخلها ستقِّل مع الزمن لأن بعضها سيخرج من هذا الحيّز المعيّن. ولكن نظرية الكون الثابت تقول بأنه ليس هناك تغير مع الزمن! لحل هذه الإشكالية قام هويل، چولد وبوندي بإضافة فكرة لنظريتهم تقضي بأن هناك طاقة كامنة في الكون تتحرر كل الوقت وتتحول إلى مادة. وتعوض هذه المادة الجديدة بدورها عن الكثافة التي يخسرها الكون نتيجة انتشاره. تحرر مثل هذه الطاقة يشبه ظاهرة الحرارة الكامنة التي تنطلق عند تحول الماء من صلب إلى سائل من غير تغيير بحرارته. إذا فهذا أول فرق من الممكن رصده بوضوح بين هذه النظرية ونظرية الانفجار الكبير. فالأولى تقضي بأن كثافة الكون ثابتة لا تتغير بينما تقضي الأخيرة بأنها كانت أكبر في الماضي.

النظريات العلمية ومخاطر الدحض التجريبي

الطريق أمام أي نظرية فيزيائية هي طريق وعرة مليئة بالمخاطر والإخفاقات. في سنوات الخمسين من القرن الماضي انقسم علماء الكون بين هذين الخيارين، فإما كَوْن وُجد فجأة وإما كون كائن منذ الأزل. لكلتا النظريتين ايجابياتها ونواقصها، فما العمل إذا؟ لن ادخل في تفاصيل كثيرة هنا ولكني سأنوّه مجددا بأن ما يحسم بين النظريات المختلفة هو الرصد والتجربة التي تمكننا من دحض أو امتحان تنبؤاتها. لكن في الحقيقة هذا أعقد مما يبدو بكثير. فأولا هناك أخطاء عديدة التي يمكن أن تحدث في عملية الرصد أو التجربة أي أن النتيجة التجريبية قد تكون خاطئة أو مفهومة بشكل خاطئ. أيضا قد يكون لَبْس في تحليل بعض جوانب النظرية التي قد تؤدي إلى تناقض بالظاهر مع النتائج التجريبية. إضافة إلى ذلك، وجود مثل هذه التناقضات لا تعني بالضرورة بأن النظرية خاطئة، بل قد تعني فقط بانها غير كاملة أو ناضجة بعد. ثم هناك إشكال أساسي أكثر بكثير، القيام بأي تجربة أو رصد يتضمن بين طواياه فرضيات نظرية كثيرة ترتكن على آرائنا المسبقة حول ماهية الظاهرة الطبيعية. أي أن تجاربنا، كما يسمونها في فلسفة العلوم، "محملة بالنظريات" (theory laden). هذه قضية أساسية يجب أن نتوخى الحذر منها. فيما يلي سأعطي أحد الأمثلة عن التباس حدث نتيجة خطأ تجريبي بقياس قانون هابل أوقع نظرية الانفجار الكبير في مأزق في تلك الفترة.

قانون هابل يقضي بأن هناك تناسب طردي بين بُعْد المجرات و سرعة ابتعادها عنا، يربط بينهما ثابت تناسب يسمى بثابت هابل. يعطينا هذا الثابت بدوره، وبشكل تلقائي وطبيعي، تقديرا لعمر الكون. لكن عندما اكتشف هذا القانون كان هناك خطأ منهجي في قياس بعدنا عن المجرات، لأن قياس بُعد الأجرام السماوية هو من أصعب القياسات في فيزياء الفلك. أدى هذا الخطأ إلى قياس مغلوط لقيمة ثابت هابل (5 أضعاف قيمته الحقيقية تقريبا). تمخض عنه أن عمر الكون أقلّ من عمر نجوم كثيرة فيه. وهذه نتيجة مستحيلة، فعمر الكون لا يمكن أن يكون أصغر من عمر محتوياته. يجدر التنويه بأن هذا القياس لا يشكل مشكلة بالنسبة لنظرية الحالة الثابتة التي بحسبها عمر الكون لا نهائي، لهذا لا يمكن أن يتناقض مع تقديرنا لعمر النجوم. بالطبع نحن نعرف الآن بأن المشكلة كانت في القياس وليس في النظرية، ولكن هذا لم يكن واضحا في حينه.

للتلخيص، ذكرنا بأن نظرية الحالة الثابتة تتنبأ بأن كثافة الكون ثابتة بينما نظرية الانفجار الكبير تقضي بأن كثافته تتغير وتصبح أقل مع مرور الزمن. ذكرنا أيضا بأن نظرية الانفجار الكبير تتوقع وجود كمية كبيرة من الهيليوم في الكون (25٪ بالوزن) بينما بالنسبة لنظرية الحالة الثابتة فالمكان الوحيد الذي ينتج به الهيليوم هو في بطون النجوم التي لا نتوقع أن تنتج هذا الكم من الهيليوم. أما التنبؤ الثالث فيتعلق بالأشعة الميكرونية التي تأتي من كل اتجاه، ففي نظرية الانفجار الكبير تنشأ هذه الأشعة من التحولات الطورية في الكون كله أما في نظرية الحالة الثابتة، فتطلقها النجوم الواقعة على أبعاد سحيقة لذلك صفات هذه الأشعة مختلفة تماما.

عند الامتحان يكرم المرء أو يهان: اكتشاف الأشعة الميكرونية الكونية

في عام 1964، عثر بطريق الصدفة العالمان الأمريكيان أرنو پنزياس (Arno Penzias) وروبرت ويلسون (Robert Wilson)، على أحد أهم الاكتشافات العلمية على مر العصور. وذلك في مختبرات شركة بل (Bell Labs) حيث كانا يعملان على تلسكوب لرصد الفضاء بواسطة الأمواج الميكرونية. وهذه أمواج كهرومغناطيسية طولها يتراوح بين ال-0.1 سنتمتر والمتر الواحد − أي أن تسميتها، ميكرونية، لا تمت بصلة لطول موجتها. لاحظ حينها پنزياس وويلسون بأن أجهزة التلسكوب ترصد تشويشا غير متوقع يأتي من كل اتجاه، ظنا في البداية بأنه نتيجة عطل في أجهزة الرصد. حاولا عبثا فحص مصادر أخرى لهذا التشويش لكن دون جدوى، فمصدر هذا التشيوش الغريب الذي يأتي من كل اتجاه بقي مجهولا. لكن بعد بحث طويل وسؤال بعض علماء الكون، فهما بأن نظرية الانفجار الكبير تتوقع أن تأتينا أشعة ميكرونية من ماضي الكون السحيق من جميع الاتجاهات. وهي أشعة حرارية لها طيف پلانك نستطيع بواسطتها قياس حرارة الكون اليوم، وهي 2.73 درجة حرارة مطلقة (نحو ال 270 درجة تحت الصفر).

أحدث هذا الاكتشاف ثورة في مفاهمينا. النتيجة الأولى له كانت انتصار واضح لنظرية الانفجار الكبير، لأن للأشعة الميكرونية نفس الصفات التي توقعتها هذه النظرية. ومنذ اكتشافها أصبحت هذه الأشعة أشبه بالأوزة التي تبيض ذهبًا بالنسبة لعلماء فيزياء الكون، فما باتت تزودنا بكنز من المعلومات تلو الآخر عن تاريخ كَوْنِنا وتطوره. وليس صدفةً بأن لجنة نوبل للفيزياء أعطت حتى الآن جائزتها مرتين لأربعة علماء يعملون في هذا المجال، اثنين في عام 1978 واثنين آخرين في عام 2006.

بعد اكتشاف الأشعة الميكرونية الكونية، أخذت نظرية الحالة الثابتة بالانحسار تدريجيا. بالإضافة إلى ذلك تبلور أيضا الإدراك بأن كمية عنصر الهيليوم في الكون لا يتوافق معها بل هو مطابق تماما توقعات النظرية المنافسة. وتدريجيا تفاقمت الدلائل في صف نظرية الانفجار الكبير، مثل تغيير كثافة الكون مع الوقت، الذي نرصده الآن بشكل روتيني. كما تطورت نظرية الانفجار الكبير فأصبحت تحوي تفاصيل أخرى تفسر نشوء المبنى المركب في الكون وتكون المجرات وغيرها من كم كبير من الظواهر. للتلخيص، نظرية الانفجار الكبير اليوم هي نظرية ناجحة جدًا، إذ أنها تفسر ظواهر وخواص الكون بشكل دقيق جدًا وتعد من أهم إنجازات الإنسان العلمية والفكرية على مر العصور.

وتدور العجلة مجددا

أحد العناصر الذي أضيف لنظرية الانفجار الكبير هو ما يسمى بالتضخم الكوني (cosmic inflation) وهو تحول طوري يحدث في مرحلة مبكرة جدًا من عمر الكون، عندما كان عمره جزءاً ضئيل جدًا من الثانية. ففي هذه المرحلة يكبر الكون في خلال ومضة عين نحو ال 1030 مرّة (واحد وبجانبه 30 صفر). وكانت هذه المرحلة قد اقترحت في بداية سنوات الثمانين على يد العالم الروسي ألكسي ستاروبنسكي (Alexei Starobinsky) والعالم الأمريكي آلان جوث (Alan Guth) بشكل مستقل. وبالرغم من غرابة هذه المرحلة في تاريخ الكون إلّا أنها ضرورية لحل عدد من المشاكل الأساسية التي كانت تواجه نظرية الانفجار الكبير. ومن أهمها هو كيف أنشأ الكون التموجات الصغيره جدًا في كثافة الماده، التي تكبر ببطء على مدى عمر الكون لتكِّون لاحقا المجرات والنجوم والكواكب السيارة. أو لماذا للكون درجة حرارة واحدة أينما نظرنا إليه وغيرها. سأعود لشرح هذا الموضوع في مقال قادم.
في العقود الأخيرة طور العلماء الذين يدرسون الكون المبكر، عددا كبيرا من النماذج الممكنة لتضخم الكون، جزء منها بسيط نسبيًا، وجزء مركب. أهم هذه النماذج هي نماذج تتكلم عن تضخم من غير توقف، يولد من خلاله عدد لانهائي من الأكوان (multiverse). ومن المذهل حقًا أن قياسات الأشعة الميكرونية اصبحت دقيقة جدا بحيث أنها دحضت جميع النماذج البسيطة للتضخم الكوني. وبقي فقط النماذج التي تتنبأ بوجود عدد لانهائي من الأكوان التي تولد كل الوقت. هذا لا يعني بأن هذه النماذج صحيحة ولكنها النماذج الأساسية التي نملكها في الوقت الحاضر.

عدنا إذا من حيث بدأنا! الكون الذي نعيش به نشأ بحسب نظرية الانفجار الكبير في لحظة معينة، وله بداية بالزمن. لكن بحسب نظرية توالد الأكوان، كوننا هو مجرد واحد من عدد لانهائي من الأكوان إبتدأت بالنشوء لربما منذ الأزل وستبقى تنشأ إلى الأزل. أي أنه على الرغم من خسارة نظرية الكون الساكن و نظرية الحالة الثابتة إلا أن الفكرة الأساسية من ورائهما، فكرة تجانس الزمن ولانهائيته، في الماضي والمستقبل، ما زالت حية ترزق. هذا الرقص الكوني بين اللانهائي والمحدود ما زال يؤرّقنا ويتحدّانا.

هناك سبب آخر للعديد من العلماء لتبني نظرية الأكوان المتعددة وهو سبب فلسفي يسمى بالمبدأ الأنثروبي (The Anthropic Principle)، سأحاول شرحه ببساطة و اقتضاب هنا. من الواضح بأن الكون الذي نعيش به يملك شروط مواتية لنشوء الإنسان. وحين نتمعن في الكثير من صفاته، كقيمة ثوابت الطبيعة أو كتل الأجسام الأولية فيه، نرى بأنها خاصة جدًا. لهذا يسأل السؤال، ما الذي جعل كوننا يحمل هذه الصفات الخاصة التي تسمح بوجود الإنسان؟ أحد الأجوبة لهذا التساؤل هو أنها مجرد صدفة. ولكن هذا جواب لا يفضله العلماء، لأنه من ما بين ما لانهاية من الإمكانيات اختارت الصدفة تلك الصفات المعينة جدا التي تسمح بوجودنا! إجابة منطقية أكثر هي بأن هناك عدد لانهائي من الأكوان منها الأصغر والأكبر، ومنها ما يحمل هذه الصفات الفيزيائية أو تلك. في هذا الكم اللانهائي من الأكوان هناك بعضها، كَكَوْنِنا الذي نعيش فيه، الذي يحمل خواص فيزيائية تسمح بتطور حياة ذكية، مثل الإنسان، فيه.
هناك نقاش حاد بين علماء الكون حول مثل هذه النظريات، لأن ما نملكه الآن هي مجرد دلائل أولية وليست أدلة قاطعة. فحتى إذا كانت نظرية الأكوان المتعددة صحيحة، فما هي عملية الرصد التي نستطيع أن نقوم بها لنعرف ما إذا كان هناك عدد كبير جدا من الأكوان؟ فهي في نهاية المطاف أكوان أخرى ليس لدينا وسائل للوصول إليها أو حتى معرفة وجودها. فهذا ينقض الشرط الأساسي من وراء تعريف النظرية العلمية الذي ذكرناه سابقًا، أي أنها تحوي إمكانية دحضها. هل نضحي بمفهومنا الأساسي لما هو علم لكي ننقذ قناعتنا بتجانس الزمن، أي أن خلق الأكوان ابتدأ منذ الأزل. السجال مستمر!

إنه من المذهل حقاّ أننا كعلماء نستطيع العودة إلى الوراء، إلى المراحل الأولى جدا من عمر الكون بما نرصده على الأرض. والأكثر إثارةً من ذلك هو أنه باستطاعة العلم فهم الكون وتطوره بمثل هذه الدقة والتفصيل. للعلم في وقتنا قصة واضحة عن مجريات الأمور منذ بدء الكون وحتى وجودنا الآن. فنحن الجيل الأول من البشر الذي يحظى بمثل هذه المعرفة والفهم لكوننا، تاريخه ومكاننا فيه. هذا بالطبع لا يعني بأننا نعرف كل شيء عن الطبيعة وقوانينها، بعيداّ عن ذلك، ولكن العلم وأدواته يحفزنا بالاستمرار في سبر غور واقعنا وعالمنا، حتى نستمر على طريق الاكتشاف والمعرفة. فلربما يكون من حظنا حسم هذه العلاقة المذهلة و الرقصة الكونية الرائعة ما بين اللانهائي والمحدود.



#سليم_زاروبي (هاشتاغ)       Saleem_Zaroubi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هناك حياة ذكية غيرنا في الكون؟
- أتسمح لي بسؤال: هل أنت مسلم أَم مسيحي؟ قصة ووجهة نظر (الجزء ...
- أتسمح لي بسؤال: هل أنت مسلم أَم مسيحي؟ -- قصة ووجهة نظر (الج ...
- مئة عام على النظرية النسبية العامة لأينشتاين
- الدين وصناعة العلم


المزيد.....




- واتساب أعمال بميزة جديدة!.. تنزيل وتساب أعمال whatsapp busin ...
- اكتشاف مذهل: السرطان قد ينشأ دون حدوث طفرات جينية
- ماذا كشفت صور الأقمار الاصطناعية عن المقابر الجماعية في مستش ...
- غزة: ماذا نعرف عن المقابر الجماعية عند مجمع ناصر الطبي؟
- حتى يقبل جسمها كلية خنزير.. شاهد ما فعله جراحون لمريضة كلى
- تشكل بحيرات في مناطق دبي تظهرها صور الأقمار الصناعية (صور)
- استطلاع: الأهل يعانون من الإرهاق الشديد والعزلة والوحدة.. ما ...
- الصين تتهم الولايات المتحدة بتشديد العقوبات وفرض حصار تكنولو ...
- Vivo تطلق ساعة مميزة يمكنها الاتصال بالشبكات الخلوية
- فوائد تناول الأسماك الزيتية للصحة


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - سليم زاروبي - بين اللانهائي والمحدود في فهم الكون