|
بقلم أحمر، يمكننا تصويب الخطأ.
محمد الورداشي
كاتب وباحث مغربي.
(Mohamed El Ouardachi)
الحوار المتمدن-العدد: 5379 - 2016 / 12 / 22 - 03:33
المحور:
الادب والفن
شعبة الأدب العربي. مما نعلم جميعا، أن الكتابة عالم خصب، و منقذ ينتشلنا من حالة الدمار، إلى النشور من جديد، و نعلم كذلك، أننا، بالكتابة نحارب الظلم، و بالقلم نتخطى المستحيل. إذن:
متى يحق لنا أن ندعي أننا نحسن الكتابة؟
بدأت القراءة شيئا فشيئا ثم غدوت أتذوق النقد و محاورة كل ما رأته عيناي، و تمتم اللسان به؛ لكن ما تبين لي أنه بين الكتابة و البيان علاقة وجودية، تحمل ما تحمله من سحر في الكلمات، و رصانة في الأسلوب، و رقة في الطبع، ثم جودة و خبرة في حسن السبك و الحبك. ما رأيت يوما نصا في ما ينشر من لدن أشخاص لا يستحقون صفة كاتب أو أديب مغمورين. منهم من يكتب عن اللاشيء، و باللاشيء. حيث الكلمات منشورة بين السطور، بعيدة في المتخيل و المنظور، لا صرامة في المبنى، و لا بيان في المعنى. ترى لمن يكتبون، علما أنهم لا يقرأون. قد أكتب حتى و إن لم أقرإ الكثير، فالكتابة ليست مرتبطة كل الارتباط بالقراءة؛ لأنه يكفيك أن تتذوق لذة الأدب و رصانة في القراءة، و بعدئذ تترك المجال بإفساح إلى قريحتك و ما تفديك به، من أحاسيس، و من أساليب أدبية، مما يجعلها ترقى إلى مستوى الأدب. اسمعوا و عوا-معشر الكتاب- و اعلموا يقينا أن الأدب علم، قائم الذات، و عور لا يدخله شبق؛ فإن كنت تهوى المرأة بشغف، و تكره الرجال في نفور؛ فاعلم أنك في الطريق إلى الأنثى. ستكتب عنها كل الكلمات، و تجعل القراء الشاغرين يتأملون في طيشك و رعونتك، و أنت بدورك نسيت أن المرأة قيمة إنسانية في ذاتها و لذاتها؛ و قد تحمل تلاوين عدة، كالأمة، و الوطن، و المجتمع. فلا تستهن بها أيها المتطفل على الأدب، و اترك مكبوتاتك و شبقك، و شهواتك الجنسية و رغباتك العارمة، و أقم حدا بينك، و بين المرأة، فلا تجعلها و نفسك في محك مع الساحة الأدبية. اسمع- رحمك الله- و اعلم أن الشاعر لا يكون شاعرا، و لا يشعر بموهبة الشعر و الشعراء، حتى يقيم حدا فاصلا قاطعا، بينه و بين حياته الشخصية؛ كأن يأتيك من يدعي الشعر و الكتابة، فيسألك في غباء و سوء أخلاق: متى سأتزوج؟ و من منكن ترغب في قضاء الشبق الذي تستشعره تجاه الحرمان العاطفي. و كذا تلبية رغبتها الجنسية الجامحة؟ ما موقع القراء من خربشاتكم هذا، علما أنكم تدعون الشعر، و تنتحلون صفات الشاعر و الكاتب الفحل؟ إلى كل طلبة اللغة العربية، بمختلف شعابها و تخصصاتها، مجالاتها و تقاطعاتها مع باقي العلوم المعرفية، إن أملنا في التغيير يقف عليكم، و مازلنا ننتظرون ثورتكم على كل المتحايلين على الشعر، و ما هم بقائلين شعرا فصيحا، و لا معتمدين لفظا أنيقا، و لا أسلوبا بليغا؛ حتى و إن كانوا طلبة يدرسون معكم في الشعبة نفسها. قليلا من الموضوعية، لا يعقل أن تكتب عن نفسك و عن الآخرين، و أنت ما تزال تعاني من خلال عاطفي، و ضعف جنسي. قد لا تعلم معنى الموضوعية إن لم تكن موضوعيا مع ذاتك قبل الابداع. إن الكلام طبقات، كما أن الناس طبقات، و حسن اللفظ الرصين، و موضعه من المعنى، إنما هو تابع للمقام. فلا تدع قولك فنذ، و شعورك رونق و زيف، فتطفل على الأدب بشتى أنواعه. قد نختلف في طريقة النسج، و في كيفية اختيار الكلمات، زد إلى ذلك، التيمات و هي تعمل في نفوس حاملها، في مجتمعها و مجالها؛ إذ أن الكاتب المتمرس يخاطب العقول، و يكتب كي لا يموت، إنه منقذ العامة و سيدها، هذا، إن كان يكتب عنها، ويجعل كلامه مرآة ينظر إليها كل من لا يدرك الكتابة، و لا يتقن فن القول و الخطابة، فيجهل الخياطة و أدواتها، و خبايا النصوص و بحورها، ثم اتساقها و انسجامها، و مكوناتها و خصوصيتها. فلنكتب لهم، لعلهم يقرؤون حياتنا في كتابتنا، و يعلمون أن الإبداع كالغيث؛ فإن كان الإبداع سلسا مقبولا في النفس، سليم التيمات، و جاد مبناه، و حسن معناه؛ فتلك علامة الإبداعية. و هذه مكونات الإبداع الجيد، إذ يسري في النفس، كسريان النار في الهشيم، و يفعل في الأرض؛ كالغيث الكريم، و الذي تزدان به الأرض. إن النقاد عامة، القدامى منهم و المحدثون، تحدثوا عن الناقد الجدير بالنقد، و عن الأدب المحبوك، الذي يقبل النقد بصدر رحب، إذ لا ينقص منه، و لا يضيف- بمعنى النقد- له شيئا.
#محمد_الورداشي (هاشتاغ)
Mohamed_El_Ouardachi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءة في الفصل الأول من كتاب: المصطلح اللساني و تأسيس المفهو
...
-
دراسة موجزة حول: تاريخ اللسانيات الغربية الحديثة
-
إشارات في علم اللغة
المزيد.....
-
-باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
-
فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|