أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد شودان - حلب وإعلام البيترودولار














المزيد.....

حلب وإعلام البيترودولار


محمد شودان

الحوار المتمدن-العدد: 5373 - 2016 / 12 / 16 - 17:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أولا، وقبل البدء لا بد من التصريح ـ على هواننا ـ بأن قلوبنا مفجوعة على ما سام ويسوم أهلنا بالشام واليمن والعراق، وبحرقة يصعب على أبجدية اللغة وصفها نحاول النبش عن الأسباب، وندفع الدعايات المغرضة، والصور الكاذبة، ولْتَحِقَّ لعنة الله على من يبيع دماء إخوته، ويتاجر بمستقبل أهله، ويراهن بالكل على كرسي ورثه، أو مال سيجنيه.
إن ما يحدث في حلب يندي الجبين الحرة دما لا عرقا، ولكن الذي يعرف حلب اليوم ربما لا يعرف تاريخها. اسألوا التاريخ وسيحكي لكم عن أيام هذه المدينة، ودورها في الحروب الصليبية من قبل، ومن سخرية الأحداث أن الوقائع تتشابه غاية التشابه، ولو بعث رجال بلعتهم الأرض الحلبية قبل ألف عام من الآن لضحكوا منا حتى الموت، كانت الرقعة الإسلامية تحت رحمة حاكم صوري/أسطوري هو الخليفة العباسي، وليكن اليوم المقابل الرمزي له هو جامعة الدول الإسلامية و/أو العربية، والحاكم الحقيقي كان هو السلطان التركي السلجوقي، وربما قابله اليوم أوردوغان تركيا، وكل مدينة أو مجموعة مدن كانت تحت رحمة أمير أو ملك فرعي سلجوقي أو مملوكي أوغيره، وكانت حلب تحت رحمة رعديد يدعى رضوان وابن الزنكي من بعده قبل أن تؤول لصلاح الدين... وقد كانت مجموعة إرهابية محكمة البناء في الأرجاء، وهي أشبه ما يكون بداعش اليوم، وهم الحشاشون، وكان موقعهم بقلعة ألموت الحصينة، ومن غريب الصدف أن الحشاشين كانوا على علاقة بالمحتل الفرنجي من جهة وبكل الكيانات والممالك من جهة أخرى، ما يجعلها أطبق مشابه لدواعش عصرنا.
أما في جزيرة العرب فكان الملوك كما اليوم، لا يحركون سيفا لمحاربة العدو، ولكن يساهمون بالأموال، فيصالحون ويعاندون الأطراف الأخرى تماشيا مع مصلحة أمنهم الخاص وسلامة عروشهم لا غير، ويوقدون نيران الخصومة بين الجميع.
ولو شئنا الإسهاب في البحث عن التشابه بين صفحات تاريخ المدينة لطال الحديث فتلك الشام تركت لحالها، والأندلس انقطعت عن أوصال خارطة الإمبراطورية ومسلمو الشرق تركوا نهبا للبوذيين والمغول، ولكن إمام الجمعة والأعياد كان يدعو بطول عهد الحاكم وقوة مدده، والشعوب كانت في غليانها، تعيش على ما يصلها من أخبار كما اليوم تماما.
ما أشبه اليوم بأمس ! وها نحن نتلقى من الصور والأشرطة القادمة من حلب ما لا يعد ويحصى، وإن الألم الذي يعتصرنا فتت الأكباد، وها نحن نلاحظ الأثر الراجع عن هذه الصور: مظاهرات في الشوارع، وتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي تدين وتتفجع... والحق أن هذا أضعف الإيمان، وإدانة هذه المجازر هي أدنى عمل إنساني يمكن فعله سعيا لإيقاف هذه الفاجعة لأن أجمل ما في الحرب نهايتها. ولكن، ما مصادر الصور والأشرطة والخطابات والتدوينات والمقابلات المتلفزة وهذا الكم من الرسائل القادمة من حلب؟ إنه الإعلام، والإعلام كما تعلمون مؤسسة لصناعة الرأي العام، وهذه المؤسسة الحساسة غالبا ما توضع خدمة لإيديولوجيا مالكيها، وكما هو معروف فالذي يملك الإعلام يملك رقاب الناس، ولو جردنا معظم القنوات التي نأخذ منها هذه الصور المؤثرة(أغلبها قنوات تلفزية ومواقع التواصل الاجتماعي) سنجدها إما ملكا لحكام الخليج، أو تمولها إمبراطوريات البيترول الخليجي، أو مملوكة للدول الغربية التي لها مصالح في بعثرة أوراق الشام وتدمير محيط إسرائيل بأي ثمن.
إن ما يحدث حقا لا إنساني، ولكن الذي يقف خلف المصورة ليس بريئا وهو أيضا يساهم في تضييع الحقيقة، ولا أدري كيف سأخرج فكرتي دون أن أُتَّهَمَ بالتشفي في دماء إخواننا، ولكن بصراحة تامة، ودون مكياج لغوي، إنها الحرب مهما أدينت، وحلب كانت موقعها، والمدنيون هم الضحية ويا للأسف. أما أطراف العراك فكانت دمشق وإيران وحزب الله كتوجه طائفي (جيشا ولوجيستيك)وروسيا ودعم معنوي من الصين(سلاح) من جهة، والخليج السني (ماليا)مع تركيا(لوجيستيكيا) بالإضافة إلى الدول الغربية/أغلبها (تسليحا)من جهة أخرى، ونتيجة الحرب تتأرجح بين النصر والهزيمة كما هي العادة، ولو لم تفجع حلب الشرقية لكانت الكارثة ستحل في شقها الغربي وأما النتيجة المحصلة في كلتا الحالتين ما كانت لتختلف، ولكن الإعلام كان سيصور الورود وشراب الانتصار لا الجثث كما هو الحال الآن. وببساطة سنجد أن الحرب الظاهرة طائفية، أما الحرب الحقيقية فاقتصادية، والدليل على ذلك الانتعاش الاقتصادي الغربي الذي أتبع الحرب ويرافقها، ولكن غباء العرب ما له حدود، يقتتلون على الأرض ويتفاوض الروس والأمريكان على الطاولات، ويجنون ملايير الدولارات... ويا للأسف.
إن هذه الحرب لمدنسة حقا، وغاياتها غاية في الحقارة، وما الإعلام إلا واحد من أسلحتها، بل والأشد فتكا منها جميعا، وإننا إذ ندين المجازر الحلبية، لا يفوتنا أن نوجه الأنظار إلى أطفال صنعاء الذين يبادون بطائرات السعودية والخليج.
في الختام، ولو أن ما لهذا الموضوع من نهاية، إن الإنسانية في حاجة للسلم والحب أكثر من البغضاء والحرب، أدعو إلى تمحيص الاخبار، ونبش الصور وتحري الحقيقة، وعدم قبول كل ما يصلنا من خلف الشاشات كما هو فإن ابتلاعه بشوكه وسمه خطر علينا.

بقلم محمد شودان



#محمد_شودان (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاجة إلى الوعي بالذات الجماعية
- ملامح المستقبل، نظامنا التعليمي إلى أين؟
- -اللغة العربية في منظومة التربية والتكوين- تدريس المؤلفات، ا ...


المزيد.....




- بعد إزالة آخر سد.. شباب السكان الأصليين يستعيدون نهرهم التار ...
- مصر.. الداخلية تكشف ملابسات فيديو -سرقة أسوار حديدية من الطر ...
- وفد ديني من القدس يتفقد كنيسة العائلة المقدسة في غزة بعد الق ...
- غزة: مقتل 32 فلسطينيا على الأقل وإصابة أكثر من 100 آخرين أثن ...
- أفول الهيمنة الأميركية.. صعود الصين والمأزق في الشرق العربي ...
- القسام تبث مشاهد لعمليات استهداف آليات وقتل جنود إسرائيليين ...
- بعد الحرب.. إيران تعلن فشل خطة تدمير برنامجها النووي بالكامل ...
- لجنة الانتخابات بالكاميرون تبدأ استقبال ملفات المترشحين للرئ ...
- خبير عسكري: مقاومة غزة بدأت تستخدم تكتيكات جديدة وذكية في عم ...
- فسيفساء بومبيي الإيروتيكية.. كنز سرقه النازيون قبل 80 عامًا ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد شودان - حلب وإعلام البيترودولار