أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرح محمد آمال - برقية عزاء














المزيد.....

برقية عزاء


فرح محمد آمال

الحوار المتمدن-العدد: 5373 - 2016 / 12 / 16 - 16:28
المحور: الادب والفن
    


فرأيته يخرج من غرفته التى لم يفارقها منذ زمن بعيد، و يخرج من جيبه ورقة و قلم، ثم يجلس على الأرض منحنيا و يكتب برقية عزاء لا أعرف إلى من سيرسلها، و لكن كانت على وجهه ابتسامة عريضة و كأنها ابتسامة قد اعدها ليحسن استقبال الموت..عينه منكسرة و قلبه يرقص..دموعه سائلة و هواه يهلل..جسده نحيف و عقله قوى..به العديد من التناقضات تحتاج فيلسوف ليدركها..ارى الروح تخرج منه و جسده ينكمش، ثم استجمع قواه و وقف يقبل فتاة جميلة و كأنه يودعها..تبدو على ملامح الفتاة أنها سبق و عرفته جيدا، و لكنى لم أرى آدم يحسن استقبال احدا هكذا من قبل، فلا ريب أن آدم لن يضحك إلا برؤية ملك الموت أمامه..ثم اقتربت منه الفتاة أكثر و زاد الخوف بعينيه و لكنها احتضنته..احتضنته بجمالها الساحر و ملامحها الفتانة و لكن أول ما لمست أصابعها ظهره، ظهرت مخالبها و ابتسمت و رأيت جمالها يتحول..ثم ابتعد عنها و قال: "بما آذيتك لتصنعي بى ما فعلتى؟ جعلتينى أركض ورائك ركض الوحوش فى الغابة لامتلكك و احتضنك و ادرك جمالك الساحر..لقد كنتى شىء يسعدنى، ثم تحولتى لشىء يفتت قلبى..و ها أنا هنا أكتب آخر كلماتى فى هذه الدنيا على برقية عزاء، أكتب آخر كلماتى لأتوازن، لأفرغ همومي المتكدسة في داخلي، لانتهي من حملها و أطردها بعيداً عن نفسي. أكتب لأرد برسالة شكر على هذه الرسالة القصيرة التى جائتنى منك تقول: "ما أحمقك يا ابن آدم"..حينها أدركت أنك الدنيا..الدنيا التى خدعتنا جميعا كالحمقى...رسالتك هزت بدنى و غيرت ملامحى. أكتب و أنا أعلم أن جرحي لا يؤلم احدا في الوجود غيري. أكتب و أنا أبكى و أعلم أن اثمن الدموع و أصدقها هى التى تسقط فى صمت دون أن يراها أحد، و أنا الآن وحدى. أنا بقايا إنسان دمرته أمواج الحياه..اتظاهر أننى على قيد الحياة و أنا لست كذلك..آكل و أشرب و أتنفس بقوة الدفع..مشيت فى جنازتى و بكيت على مرارة نفسى العديد من المرات و لكننى فى كل مرة لا أجد قبر يحتوينى..أنا من مشاعرى خالفت مشاعر البشر فوصفنى الناس أنى بلا مشاعر..أنا من كنت ارسم فى طفولتى على جدران غرفتى الصغيرة أشجار و ورود ملونة و الآن ارسم على جدران بيتى المهجور الذى يقع فى وسط المحيط، عيون مكسورة و دموع مائلة لا تعرف لها صاحب..أنا من فى قلبى دموع و على شفتي ابتسامة و فى عيني نظرة انتقام..أنا من صمتى يوارى كسرتى و عويلى..أنا من أنحنى أنحناء العاجزين..أنا من ظل طموحى ممنوعا من الصرف، حتى تحطمت احلامى و صارت كالهشيم..أنا من لم يعلمنى أحد كيف اعزف أو اضحك، لكن علمونى كيف اصرخ، و اجادوا تعليمى..أنا من أروى كلمات بلا جدوى لبشر بلا رحمة..أنا من اركض وراء السراب لابحث عن شىء جديد يبث الروح فى قلبى.
إن جرحى أعمق من أن اكتب شعرا يعبر عن وجعى! فكلما اقتربت من هذه الدنيا اختنقت، و كلما ابتعدت عنها احترقت. اتركينى اعيش آخر لحظاتى بكل أوجاع روحى..بغلظة قلبى..بحرقة نفسى، فبكل حدتى التى ادارى فيها وهنى ما زلت أريد الحياة.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- رسومات وقراءات أدبية في -أصيلة 46- الصيفي استحضارا لإرث محمد ...
- أنجيليك كيدجو أول فنانة أفريقية تكرم في ممشى المشاهير بهوليو ...
- -حين قررت النجاة-.. زلزال روائي يضرب الذاكرة والروح
- لا خسائر رغم القصف.. حماية التراث الثقافي وسط الحرب في طهران ...
- “فعال” رابط الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2025 دور اول ...
- مهرجان أفينيون المسرحي الفرنسي يحتفي بالعربية ويتضامن مع فلس ...
- “برقم الجلوس والاسم فقط” الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية ...
- بعد أغنيته عن أطفال غزة.. الممثل البريطاني المصري خالد عبدال ...
- ريتا حايك تفند -مزاعم- مخرج مسرحية -فينوس- بعد جدل استبدالها ...
- الترجمة من العربية إلى اللغات الأجنبية بالجزائر.. آفاق واعدة ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرح محمد آمال - برقية عزاء