أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - إسلام أنور - صادق جلال العظم.. اليساري الفصيح















المزيد.....

صادق جلال العظم.. اليساري الفصيح


إسلام أنور

الحوار المتمدن-العدد: 5371 - 2016 / 12 / 14 - 09:27
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


على عكس العديد من المفكريين الماركسيين الذين تتسم كتاباتهم بالصعوبة والتعقيد ومخاطبة النخب المثقفة، تتميز كتابات المفكر السوري الكبير صادق جلال العظم بالفصاحة والوضوح والدقة في تحديد أزمات المجتمع العربي في تعامله مع واقعه وتراثه، فعبر مجموعة من الكتب والدراسات المتنوعة ما بين السياسة والدين والثقافة بمعناها الأعم والأشمل حاول العظم تحرير العقل العربي من الخرافات والأساطير المسيطرة عليه، مؤكدًا على ضرورة الكف عن إجترار الماضي بأمجاده ومآسيه والالتفات للحاضر وما يحمله من أسئلة مرتبطة بالعلم والمعرفة والعدل والحرية كقيم رئيسية لبناء مجتمع قوي وحر.

النقد الذاتي بعد الهزيمة
في كتابه الشهير “النقد الذاتي بعد الهزيمة” يقدم العظم رؤية نقدية لبنية المجتمع والثقافة العربية بعد هزيمة الخامس من يونيو 1967 راصدًا مجموعة من الظواهر الاجتماعية والسياسية والدينية التي تقود دومًا إلى الهزيمة ومن أبرزها “الجهل بالذات والآخر، والتبرير، والتلفيق، والقدرية، والهروب من المسؤلية”، وفي هذا السياق يقول العظم “ما من متتبع لأوضاع العرب قبل الحرب وبعدها إلا وقد لاحظ أن هناك نزعة عنيفة تميزنا بها، وهى إجهاد أنفسنا إلى أبعد الحدود بغية التملص من مسؤولية الهزيمة، وإسقاطها على أمور خارجية لا دخل لنا فيها مما يسمح لنا تسويغ ما وقعنا فيه من مواقف محرجة وتقصير في واجابتنا تجاه القضية العربية الأولى وتجاه تحديات الحضارة الحديثة بصورة عامة، ومع أن كل واحد منا يعرف في أعماقه أن المسؤولية في الهزيمة لا تقع في نهاية الأمر إلا علينا، فإننا نحاول دومًا في فكرنا وكلامنا أن نصون المظاهر، أو أن نهتم باللياقات والمعنويات والمجاملات والخواطر عوضًا عن تسمية الأمور بأسمائها وتحديد المسؤوليات كما يجب أن تحدد تمامًا، فنقول للفاشل لقد أخفقت وللعاجز لقد عجزت”.

ما يميز طرح العظم إصراره على مواجهة السلطة الأبوية والاستبداية للأنظمة العربية، عبر وضع الذات العربية أمام مسؤوليتها، وقيامه بالرد على الدعوات المنتشرة حينها من أقصي اليمين حيث رجال الدين الذين يهربون من تحمل المسؤولية عبر الحديث عن كونها عقاب من الله للعرب، إلى أقصى اليسار حيث حديث المفكر اللبناني حسين مروة والكاتب محمد حسنين هيكل وغيرهم عن كون أسباب الهزمية تتعلق بمجموعة من الأشخاص المقصرين داخل المنظومة الحاكمة، وليس بأزمات متجذرة في المجتمع العربي ككل!



نقد الفكر الديني
ومن الأعمال المهمة والبارزة كتابه “نقد الفكر الديني” الذي حاول فيه العظم التصدي للبنى الفكرية، والأيديولوجية الغيبية السائدة في مجتعنا، مشتبكًا مع العديد من الأسئلة المتعلقة بنشأة الكون والأديان وتطورها ومستقبلها، يقول العظم ” عندما أتكلم عن الدين، لا أقصد الدين بوصفه ظاهرة روحية نقية خالصة على نحو ما نجده في حياة المتصوفة والقديسين، وإنما من حيث هو قوة هائلة تدخل في صميم حياتنا وتؤثر في جوهر بنياننا الفكري والنفسي وتحدد طرق تفكيرنا..

وفي هذا الكتاب يتصدى العظم أيضًا لمروجي الخرافات من رجال السلطة والدين الذين يخدعون ويضللون شعوبهم، وفي هذا السياق يشير العظم لمحاولة النظام الناصري استخدام الدين بصورة فجة عن طريق الترويج لظهور مريم العذراء فوق إحدى الكنائس عقب هزيمة 1967 “تصوير الأطياف الروحانية وربط تحرير القدس والصمود في وجه العدو بظهور العذراء جاءت على لسان أجهزة إعلام بلد يعتبر نفسه ثورياً اشتراكياً كان يجب أن يضع إمكاناته الإعلامية في خدمة الشعب بغية تثقيفه لا بغية تضليله والشطط في متاهات الهلوسات الدينية وتزيين الخرافات بمظهر الحقائق العلمية، لو كانت الصحافة المروجة لهذه الموجة المحمومة من الهوس الديني هى صحافة بلد عربي رجعي يريد تغطية عجزه المادي والعقلي في مواجهة تحديات المعركة تحت ستار الدين وربط النصر والهزيمة بقوى غيبية خارجة عن نطاق القدرة البشرية لهان الأمر، ولكنه المفجع حقًا أن تضطلع بهذه المهمة الصحافة التي يشرف عليها وعلى توجهيها الإتحاد الإشتراكي العربي”.

الربيع العربي
رغم تجاوزه الخامسة والسبعين من عمره وقت اندلاع ثورات الربيع العربي إلا أن صادق جلال العظم ظل محافظًا على روحه الثورية ورؤيته النقدية ومواقفه الفصيحة فدعم تلك الثورات، وكان رأيه أن “الربيع العربي هو ببساطة عودة السياسة إلى الناس وعودة الناس إلى السياسة بعد اغتراب وابتعاد طويلين بسبب من المصادرة والاحتكار المديدين لكل ما هو سياسي في مجتمعات عربية من جانب نخب عسكرية ومن لفّ لفّها من مصالح طبقية وتجارية وبيزنسية أغلقت الدائرة على نفسها وتحولت إلى ما كنت أسميه سابقاً “بالمجمع العسكري- التجاري”.

وتصور العظم أن “من أهم النتائج التي أفصحت عنها هذه العودة الربيعية للناس إلى السياسة: أولاً الهزيمة الكاملة والنهائية لفكرة إنشاء سلالات حاكمة في بلدان مثل مصر وليبيا والعراق واليمن عبر نقل السلطة بشكل آلي ومباشر إلى أبناء الحاكم أو إلى أخوته وأقاربه، وثانياً الانتصار، من حيث المبدأ، لقاعدة تداول السلطة ديمقراطياً وانتخابياً وليس تداولها عائلياً وسلالياً. ومعروف أنه تمّ التعبير عن ذلك كله في الصيحة الشعبية المدوية للربيع العربي: “لاتمديد، لا تجديد، لا توريث، أفصحت هذه العودة الشعبية المتبادلة إلى السياسة عن تطور هام يمكن تسميته بـتجربة ميدان التحرير الجديدة على المجتمعات العربية إن كان ذلك في القاهرة (حيث محور هذه التجربة ومركزها) أو في تونس العاصمة أو في صنعاء أو في بنغازي، ولكن ليس في حمص، سوريا لأسباب معروفة للجميع. ومنذ زمن بعيد لم يحدث أن تركزت مطالب ميدان التحرير وشعاراته ونداءاته وصيحاته وأهدافه على قيم المجتمع المدني التي تدور جميعها حول الحرية والحقوق، والكرامة الوطنية والكرامة الشخصية، التعددية والديمقراطية والشفافية والمساواة والعدالة الاجتماعية”.

سيرة ذاتية
يُذكر أن صادق جلال العظم، المولود بدمشق سنة 1934، هو مفكر وأستاذ فخري بجامعة دمشق في الفلسفة الأوروبية الحديثة. درس الفلسفة في الجامعة الأمريكية ببيروت، وتابع تعليمه في جامعة ييل بالولايات المتحدة، وعمل أستاذاً جامعياً في الولايات المتحدة قبل أن يعود إلى سوريا ليعمل أستاذا في جامعة دمشق، ثم انتقل للتدريس في الجامعة الأمريكية في بيروت بين 1963 و1968. وعمل أستاذا في جامعة الأردن ثم أصبح سنة 1969 رئيس تحرير مجلة الدراسات العربية التي تصدر في بيروت.
حُوكم العظم بسبب كتابه “نقد الفكر الديني” الصادر عام 1969 إثر نكسة 1967، وصدر عليه حكم بالسجن مطلع عام 1970 لكن المحكمة أعلنت براءته لاحقا في العام نفسه.

تولى العظم وظائف ومسؤوليات عدة، إذ درّس في جامعات مختلفة، وأسنِدت إليه عام 1969 رئاسة تحرير مجلة الدراسات العربية التي تصدر في بيروت، كما عمل باحثا أيضا في مركز الأبحاث الفلسطيني، وله العديد من المؤلفات من أبرزها ” النقد الذاتي بعد الهزيمة، ونقد الفكر الديني، وفي الحب والحب العذري، وذهنية التحريم، ودفاعًا عن المادية والتاريخ، ودراسات يسارية حول القضية الفلسطينية، والإسلام والنزعة الإنسانية والعلمانية، والاستشراق والاستشراق معكوساً”.



#إسلام_أنور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - إسلام أنور - صادق جلال العظم.. اليساري الفصيح