صاحبة السترة ذات اللون الواحد!

رائد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 5370 - 2016 / 12 / 13 - 12:45
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    

تختار أنغيلا ميركل، المستشارة الألمانية، لونا واحدا لكل سترة ترتديها في ظهورها الرسمي. في الغالب، هكذا تبدو أمام العدسات. هل لهذا علاقة بوضوح الرؤية واتقادها كوهج نار؟ لربما.
مؤخرا، وقفت ميركل أمام البرلمان الألماني تحذر، خلال نقاش حول الموازنة العامة لسنة 2017، الأمة الألمانية من تفشي ظاهرة الخطاب الشعبوي، وخطاب الكراهية. لافتة للدور الخطير للوسائط الإلكترونية، غير المضبوطة، في شيوعهما.
دقت المستشارة الحاذقة، ناقوس خطر يتهدد استمرار التفوق الالماني، والأوروبي الغربي عموما، بل يتهدد مصير هذا العالم المرهون للحظة يقدم فيها أحد المجانين من اليمين المتطرف القادمين لسدد الحكم باندفاع كبير في الغرب هذه الأيام.
في كلمتها، ذكرت المرأة التي نشأت في الكتلة الشرقية المنهارة، بالأسس التي قامت عليها ألمانيا الموحدة العصرية: خطاب العقل والعلم، ومباديء الحرية والديمقراطية والقانون، لا تجيش العواطف والشعارات الرنانة، وتحريك النعرات العرقية الطائفية، وكل مفردات ومفاعيل الخطاب الشعبوي.
الخطر أصبح داهما، المهووس " ترامب" يحضر أمتعته ليقطن البيت الأبيض.
فتغول الرأسمالية على مدار الثلاثة عقود الماضية، والأزمة الاقتصاديةـ التي عصفت بالعواصم الغربية في السنوات الأخيرة، من نيويورك وحتى أثينا مرورا بلشبونة ومدريد وروما، وما خلفته من فقر وبطالة طالت المكون العرقي الرئيس" البيض"، الذي طلما بقي في منأى من عثرات الزمان. فضلا عن أمواج المهاجرين المتدفقة، وما أثارته من قلق وجودي في صفوف ذلك المكون. كلها عوامل منحت مروجي النقاء العرقي والثقافي، وعنصريي القوميات الخالصة، وغيرهم من مخابيل الغرب، الذين كانوا في سبات لعقود، قبلة الحياة ومناصرين كثر، انتكسوا على أعقابهم، ويصوتون بكثافة لأحزاب اليمين المتطرف.
تقول ميركل متحسسة الخطر، إن قاعدة القيم المشتركة المتمثلة في الحرية والديمقراطية والقانون، لم يعد ينظر لها في ألمانيا، على أنها شيئ بديهي. مشددة على ضرورة أن تتعامل الأوساط السياسية مع هذا التطور الخطير.
النادلة، والأكاديمية، والسياسية المخضرمة، البروستانتية، التي اقتحمت معقل الكاثوليك السياسي في ألمانيا العظيمة، حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، وأنهت عقودا من هيمنة الرجال على زعامته، هل تنجح في إنقاذ ألمانيا وطليعة العالم المتقدم أوروبا، من هذه الردة الشعبوية الذكورية الرجعية المخيفة، هل تستقود صاحبة الملامح الباردة، والسترة ذات اللون الواحد، المؤمنة بتعدد الألوان الثقافية والعرقية، جبهة المقاومة العالمية للفكر الشوفيني المتطرف الصاعد، وتحمي الإنسانية من عته يتهدد استمرار وجودها؟.. آمل ذلك.

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل