أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجحود سناء - بين المعاناة و السعادة في الحياة البشرية .














المزيد.....

بين المعاناة و السعادة في الحياة البشرية .


مجحود سناء

الحوار المتمدن-العدد: 5364 - 2016 / 12 / 7 - 09:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المعاناة و السعادة ضدان متضادان تماما لدى العامة ، هما مفهومان على جبلين لا ملتقى لهما. فالسعادة كمفهوم عند الإنسان هي حالة شعورية تمتد لمدة زمنية تصل لحياة كاملة خالية من الآلام و المعاناة، هي لحظة كمال إنساني حيث تحقيق كل الرغبات أو جلها التي تقتضيها النفس البشرية حتى لا نقول الانسانية، وطبعا فالفرق شاسع بينها وبين المعاناة ، والتي هي النقيض لكل هذا ؛ ولكن وللغرابة فعند نيتشه يتعانق المفهومان بحميمية في فلسفته ، حيث تمتزج اللذة بالألم ، وفريديريك هو أحد أكبر فلاسفة العصر الحديث شهرة و تأثيرا، حيث عرف فيلسوف ما بعد الحداثة بأفكار بطولية تتمحور جلها حول مبدأ "التغلب على الذات" و الذي يصب في ضرورة مواجهة الصعاب و تذوق المرارات و الأحزان بشغف التغلب عليها للوصول إلى ما أسماه "الإنسان الأسمى" أو "السوبر مان" ، ذاك الإنسان القابل لجس نبض السعادة الحقيقية ، وهذا طبعا هذا ما جعل نيتشه يتحسس من مبادئ المسيحية بصفة خاصة و الدين بصفة عامة، و هو الذي كان ابن لقسيس ألماني ترعرع في بيئة محافظة جعلته ينفرد و يختلي إلى جبال الألب السويسرية مستلهما بانعزاليته لضخ أفكاره، و حيث من هناك أطلق أفكاره ، ومنها وصفه القيم المسيحية بـ " قيم العبيد" فهي بنظره تذكر الناس بضعفهم، فتمهد لهم الطريق للهروب من أهدافهم . و كذا كان يرى أن الدين يواسي الإنسان في لحظات معاناته و حزنه بوعود الجزاء الحسن بعد البلاء، و نعمة التسامح و الصبر و غيرها على الأمور المريعة التي تنال من الإنسان ما يجعله راضيا مستسلما لمصير وغير محاول لتجاوزها ..

لهذا فالدين كان لدى نيتشة سوى نظام منافق لإنكار المرارة حاله حال الخمر . حيث اعتبر نيتشه هته الأخيرة مجرد مخدرات للحضارة ، وهو الوصف الذي أطلقه عليها حين قال أن الخمر مجرد مخدرات للحضارة الأوروبية ، و اعلن عن رأيه هذا بمقولته الشهيرة " لا تشربوا الخمر" و ذلك لنفس الأسباب السابقة التي من أجلها كره نيتشه الدين . فالخمور تساعد الإنسان على نسيان الآلام، و تقبل الأشياء كما هي دون البحث عن التغيير للأفضل و تحسين المزاج و شعور الإنسان .، أي هي مثلها مثل مقولة ( الدين أفيون الشعوب ) على قول ماركس ، فهو مجرد مخدرات هو الآخر .

و عموما فنيتشه لم ينهي بعد جدله مع العالم ، فبعد تلك العبارة عاد ليقول أكثر عبارته إثارة للجدل وهي " ان الله قد مات ، و نحن من قتله "و التي تم إساءة فهمها من طرف الكثيرين ، حيث اعتبرت على انها شعار لانتصار العاصفة الإلحادية التي هزت الكنيسة الرومانية آنذاك على الشعور الإيماني ، و لكن الواقع أنه و رغم تحفظات نيتشه على الديانة المسيحية و العقائد الدينية بصفة عامة، فهذا لم يمنع مدحه للاجابيات الايمان على النفس البشرية حيث اعتبر "نهاية الإيمان" امر سلبي . فالإيمان بصورة ما كان عونا للبعض في التعامل مع صعاب الحياة و تنظيمها و اكتساب فلسفة عيش سليمة اجتماعيا، وهو الأمر الذي دفع نيتشه ضريبة انعزاله .

هكذا إذن كان نيتشه عظيما و سيبقى ملهما للكثيرين رغم سيرته الذاتية و المهنية التي أدت لبعض نقاده بوصفه مختلا عقليا لكنه ليس كذلك فلسفيا ، ولكن لا يهم ، فهو سيبقى من مهد في فكره لفلسفة عميقة لفهم الحياة أبعد من كل ما كانوا قبله ، و ها هي ذا الفلسفة التي أبدعها من جديد تساعد على دراسة و مواجهة تحديات كل عصر للبشري .







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- حدث تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات وطريقة ت ...
- “بأعلى جودة سلي أطفالك” ثبت تردد قناة طيور الجنة 2025 الجديد ...
- قداس التنصيب .. البابا الجديد ليو يدعو لوحدة الكنيسة
- بزشكيان: المسلمون ملزمون بمواجهة الظلم والجور والدفاع عن الم ...
- القبلية والطائفية في المجتمعات العربية بين الترابط والتفكك
- الاحتلال يسلم 9 اخطارات بوقف العمل والبناء شرق سلفيت
- البابا ليو يتعهد بجعل الكنيسة رمزا للسلام في العالم
- “حميــدو والــراعــي الكـذاب“ تردد قناة طيور الجنة 2025 على ...
- الفاتيكان يشهد تنصيب البابا ليو الرابع عشر بحضور قادة العالم ...
- صدمة.. مدربة الشخصي لا يعلم أن عميله أصبح بابا الفاتيكان.. و ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مجحود سناء - بين المعاناة و السعادة في الحياة البشرية .