أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الصائغ - العلائق بين القيد والهواء والحب والخراب















المزيد.....

العلائق بين القيد والهواء والحب والخراب


عدنان الصائغ

الحوار المتمدن-العدد: 1420 - 2006 / 1 / 4 - 11:27
المحور: الادب والفن
    


أمطار لندن تبلل عدنان الصائغ
احتفاءً بالشاعر
العلائق بين القيد والهواء والحب والخراب
"في
ضجيجِ الطبولْ
لكَ أنْ تنتحي ،جانباً
وتؤجّلَ
ما ستقولْ"

الســـويد - مالمــــو:

بمناسبة حصوله على جائزة إتحاد الأدباء السويديين لعام 2005، استضافت الجمعية الثقافية العراقية في مالمو، الشاعر العراقي المبدع عدنان الصائغ في أمسية إحتفائية مساء 23 كانون الأول الجاري، أفتتحها السيد هادي المالكي رئيس الجمعية بكلمة رحب فيها بالحاضرين وهنّأ الشاعر على الجائزة معتبراً إياها إمتيازاً أخر تسجله ثقافتنا العراقية الأصيلة، مؤكداً على حميمية العلاقة التي توثقت بين الجمعية والشاعر لتقديم مساهمات نوعية في خدمة الثقافة والجالية العراقية. ثم قدم الباحث د. إبراهيم إسماعيل شهادة عن الشاعر أشار فيها إلى أن الجائزة تقدير للعراق الذي "لم يعد ممكنا بدونه أن نوسع في هذه العتمة الخانقة لشيءٍ من النور، أو أن نؤسس في شتات اللاجدوى لبعض من التوازن، أو أن نمنح المقاومة في زمان النكوص الأكبر ما يعوزها من جذوة الفعل، أو يجمع نثارها من هباء الهشيم ويصقلها ثانية نجم هداة! .. للعراق الذي يريدون أن ينزعوا عن روحه بهاء الثقافة ليستوطنها الخبل، وأن يصارعوا الأفكار فيه بالسواطير لا بحجة التعليل، وأن يجعلوا فيه الحكمة رأسمال الضعفاء والمفلسين، وأن يوهمونا بأن آمال رحيلنا صوب المدن الفاضلة لم تكن سوى أضغاث أحلام! ولأنها للعراق، كانت لعدنان، الشاعر الذي تحسس طريق الخروج من المتاهة واصطحبنا لنقطعه معاً.. الشاعر الذي حما بين طيات جسده المتعب ما بقي للعراق من أغصان تكاد أن تجف بعد أن اقتلعت الأعاصير ما كان عليها من خضرة وورود.. الشاعر الذي أرتضى بعذاب الجسد والروح كي لا تضيع إرادة الحرية الطاهرة.. الشاعر الذي أدرك أن استخدام التفاصيل في مقاربة الواقع وفي استقراء الغد هو من يمنح الإبداع روحاً وأصالة وإقامة دائمة في الأرض، لأن منتاه دوما كان أوضح مما هو في السياسة، انعكاساً بديهياً لدقة ارتباطه بعالم المثل.. الشاعر الذي عرف أن يحدد بجلاء موقعه في ساحة العلائق بين القيد والهواء والحب والخراب، عند حالة تناقض تناحري مع القتل وتخريب الروح.. الشاعر الذي اخترق قتامة الزنازين الخانقة بكوى متنامية من زرقة سماء طليقة، حتى وإن كانت غريبة! وعرف أن لغته المترعة بالحساسية هي وحدها حبله السري للعيون المطفأة قهراً والسواعد المثقلة بالقنوط.. هي وحدها النابضة بالأمل رغم كل ما تبديه من مرارات.. فكل مرة يرحل عدنان في القصيدة وحيداً، يأخذ معه الآخرين، وكل مرة تجيبنا فيه قصيدته تشهر علينا تساؤلاً جديداً، وكل مرة تغادرنا القصيدة نهرع إليها مذعورين كي لا نبقى يتامى أبد الدهر". ثم ألقى الشاعر الصائغ كلمة قصيرة شكر فيها الإتحاد السويدي على الجائزة والجمعية على الإحتفاء وقرأ عدداً من نصوصه الجديدة نقتطف منها:

(( مطرٌ بلندنَ.. يعبر المارون ليلي، غير ملتفتين للجرح الذي خلف الجروحِ ينزُّ من خمسين عاماً. هل أقولُ تعبتُ من نوحِ الحمامِ على غصوني جردتها الطائراتُ من اخضرارِ قصيدةٍ. ماذا يقولُ الشعرُ في هذا الزمانِ. يفصّلون مقاسَهُ بالنتِّ والشيكاتِ. أو ماذا يقولُ مؤرّخُ السلطانِ بعد الكشفِ عمّا خبّأتُهُ عجيزةُ السلطان من غازٍ وأسلحةٍ مدمّرةٍ رآها الناسُ في التلفاز: حشدَ مقابرٍ ومنابرٍ.. يا حرفُ، يا نمّامُ، هل تصلُ القصيدةُ حتفَها بالكشفِ؟.. هل حتفي سيوصلني إلى معناي، يا حلاجُ!.. أين سيوفهم عني؟.. تعبتُ من البقاءِ المرِّ. ما في القلبِ من شبقٍ ومن غصصٍ سيكفيني لعمرٍ قادمٍ في جنةٍ نحنُ اخترعناها على حجم اشتهاءاتٍ محرّمةٍ. أيعني الربُّ من تفاحةٍ سقطتْ على حواءَ من عطشٍ إلى المعنى، على Newton من عللٍ إلى المبنى، لندخلَ دورتين تعاكستْ طرقاتهن إلى التضادِ.
فأين مني خطوةٌ تفضي إليَّ...
وأين مني..
شارعٌ
يفضي إلى سوهو Soho،
وآخر نحو محي الدين بن عربي،
لا يتقاطعان،
ولا يتواصلان،
ولا يصلان بي
إلاّ إلى رفٍّ من الكتبِ القديمة عاث فيها العثُّ والأيامُ،
كانا ينبئان بخربةٍ...
أو غربةٍ لا تنتهي..
...............
.........
مطرٌ بلندن، لا الطريقُ تدلّني للبيتِ. لا جرسٌ يرنُّ بأخرياتِ الليلِ. لا ريحٌ تدقُّ البابَ. أين أضعتهم؟ أصحابَكَ الماضين بالكلماتِ، يفترشون أحلاماً ولا ينسون أياماً، قضيناها على ضوء الفوانيس الشحيحة. أين أبصرهم؟ بليفربول!؟ أو ديزفول!؟.. ما تركَ الرصاصُ من العتاب، من الصحاب، من انحشاري بين مظروفين، صوت أبي يؤنّبني لأني قد رسبتُ بمادة الكيمياء. ما الكيمياء؟.. هل أمشي؟ تعبتُ.
فمن؟ متى؟
سيعود بي..
.............
..........
تتمايل الأوراكُ.
كيف أراكِ؟
نهدٌ جائعٌ ودمي وراءَ نوافذِ الليلِ الطويلِ يئنُّ من دنفٍ. عتبتُ.. ولا أقولُ تعبتُ من حملِ الصليبِ. ولا أقولُ لمَنْ سأورثُ هذه الكلماتِ..
نهدٌ آخر يحتكُ بي، فأغافلُ السنواتِ نحو قصيدةٍ لمْ تكتملْ، ستضمنا في حانةٍ، جهشتْ مراياها لاوكسترا الحنين، يبثها وترٌ يتيمٌ يستثيرُ بي المسا. بين المطار لكي تطيرَ وبين سجنكَ دمعتان، من الأسى..
دارَ الزمانُ عليهما.. دار الزمانُ. فما نسيتَ وما نسى؟..
.............
.....
مطرٌ. سراعاً يعبر العشاقُ والمتسكعون فلا أرى إلا ظلالي في الطريق تساءل الحاناتِ عمن سوف تشركهُ المساءَ بكأسها وغنائها. فأرى القصيدةَ شبهَ عاتبةٍ، فأصحبها إلى فنجاني المعهودِ حتى الفجر. لا فجرٌ يطلُّ وراء قضبان العراق. فكم يطولُ الليلُ يا ليلَ العراقِ؟.. متى يعود المتعبون من المنافي والشتاتِ!؟ متى أرى أغصان دجلة يستظلُّ بفيئها العشاقُ؟.. هل يومٌ يمرُّ بلا قنابلَ، أو طغاةٍ، أو جنازيرٍ من الغرباء؟)) .

بعدها قرأ المقدم نص قرار الإتحاد السويدي بمنح الجائزة للشاعر الصائغ، ومما جاء فيه أن الإتحاد يمنح الجائزة لعدنان الصائغ "لشعره الحاد كالنصل والذي امتزج بشجاعة كبيرة، حين حفره بالأظافر خلال رحلته التي تلازمت مع الملاحقات السياسية والمخاطر الجدية. كافح عدنان الصائغ بسلاح الكلمة، وبلا هوادة ضد الحرب والإضطهاد وإنتهاك حرية التعبير. ومن أجل ذلك كله واصل رسم قصائده رغم كل ما يهدد حياته. لقد قال الشاعر يوماً: الشعر هو أن ترسم لوحة بالكلمات
ففي غاليري قصائده الأصيل، ألوان حملها من مختلف الأمكنة، بأحساس يدين خلاقتين، كان قد عرضها ليراها العالم كله.
في جميع اللوحات، ترى الإنسان دوماً.. شجاعاً، واثقاً من نفسه...
وفيها جميعا يتحد المتلقي بشخوص اللوحة."

بعدها قدم الشاعر العراقي حسن الخرساني شهادة عن الصائغ نقتطف منها "حين يتأبطك المنفى تستيقظ على أنفاس الوطن، لذلك واجب عليك أن تحترم الصمت لو دخل مدينتك المهاجرة. من هنا ينبغي على واحد مثلي الوقوف على قساوة وشفافية الصائغ وهو ينحت من الهواء قلباً يشترط له عذوبة ربما تجعلك أن تستقر على حروفها أو تنزلق من توهج ألوانها التي تضطرك أحيانا إلى الصعود إليها كي تشتعل مع ألم عراقي المذاق ورؤيا كربلائية التربة".
كم قدم الفنان علي النجار شهادة جاء فيها "تخبرنا كتب التاريخ التنبؤية, بما أن تواريخنا تنبؤية وليست موضوعية. إنه من علامات ظهور صاحب الزمان (وهو هنا يمثل العدل المطلق) أن باستطاعة الديك القفز من سطح إلى سطح منزل آخر ومن مدينة النجف إلى مدينة الكوفة. أنا الآن لا أستطيع أن أعرف هل اتصلت السطوح هذه، أم لم تتصل؟
ولكن ما أدريه أن الديك وبمناسبتنا هذه, هو صلة رابطة الأدب, ومنه الشعر بالذات, التي تربط شعراء الكوفة بالنجف كنسيج واحد, رابطة لم تستطيع سنوات القمع أن تفصمها.
سنوات القمع أو الفجيعة, وفجيعتنا مستمرة, تناسلت في قصائد الصائغ. تشابكت جزئياتها على امتداد زمن إبداعه. كنت أبحث عن غزل أو رقة ما, و نادراً ما أجد ذلك في نتاجه للحد الذي صارحته يوما. لِمَ لا تغازل ما يثيرك فيما تجده من تفاصيل رقعة وطننا؟.. ربما لكوني أبحث عن تلاوين ضيعت معظمها فيما مضى, وأحاول البحث عنها في أشعاره.
شعر الاحتجاج, كما أود أن أسمي شعر الصائغ, يضج بتفاصيل لا تني تحيلنا لزمننا الصعب. أما نشيده (أوروك) فهو بحد ذاته، يشكل واحداً من نتاجات مهمة للامعقولية كوارث زمن حروبنا الدونكوشوتية. هذا النص الذي يمتد بتشعباته بادراك، وبلا إدراك، حد لعنة أيامنا أو مصائبنا تلك. لم يكن الصائغ وقتها وحيداً في هذيانه, لقد كنا قطيعا بكامله نهذي و لا ندري أي حد لهذا الهذيان أو الجنون. ما الشاعر في هذا النص ونصوصه الأخرى إلا قارئاً متبحراً لخارطة الوجع العراقي الذي نأمل كلنا أن نحد من طغيانه".
ثم عاد الصائغ لقراءات مختارات من شعره نقتطف منها:

ريح

للحزنِ نافذةٌ ـ في القلبِ ـ سيدتي
وللمساءاتِ.. أشعارٌ ومصباحُ
معتّقٌ خمرُ أحزاني.... أيشربهُ
قلبي، وفي كلِّ جرحِ منه أقداحُ
تسافرُ الريحُ ـ ويلي ـ في ضفائرها
ومَنْ يطاردُ ريحاً كيفَ يرتاحُ!؟

* * *

حنيــن

أنتِ أحلى.. وكلُّ نبضي اشتياقُ
أنتِ أحلى.. وفي دمائي العراقُ
أنتِ.. هذا الصباحُ.. يأتي بهياً
في بلادي.. فللعذابِ انعتاقُ
شَعركِ الحلو.. غابةٌ من أمانٍ
كمْ تغنّى بفيئها.. العشاقُ
روعةُ النخلِ.. أم قوامُكِ هذا
والمساءُ الشفيفُ.. أم أحداقُ
أنا هذا الفراتُ.. نبضٌ.. وشعرٌ
ونخيلٌ.. وزورقٌ.. .. وأتلاقُ
لكِ قلبي.. لكلِّ نخلِ بلادي
لكِ عمري.. وكلُّ عمري عناقُ


* * *
15 صلاة... وحلاج
(1)
يالـ..."الناطقُ
باسم
الله"!!
لا ترهبْني
ربي، لم يحتجْ سيفَكَ
كي تقنعَني

*
(الحلاج، ثانيةً)

مَنْ ينقذني من بلواي
ما في الجبةِ إلاّهُ
وما في الجبةِ إلاّيْ
وأنا الواحدُ
وهو الواحدُ
كيفَ انجمعا
كيف انفصلا اتحدا
في لحظةِ سكرِ
بين شكوكي فيهِ
وتقواي
(2)
ربي واحدْ
لا كاثوليكياً
لا بروستانتياً
لا سنياً
لا شيعياً
مَنْ جزّأهُ
مَنْ أوّلهُ
مَنْ قوّلهُ
من صنّفهُ
وفقَ مذاهبهِ، ومطالبه
ومصالحهِ
ودساتره
وعساكره
فهو الجاحدْ

(3)
خلفاءٌ أربعةٌ
تركوا التاريخ
وراءَهمُ
مفتوحَ الفمْ
وبقينا، للآن، ننشّفُ عنهم
بقعَ الدمْ
عجبي..
كيف لنصٍّ
أن يُشغلَ بامرأةٍ تحملُ أحطاباً
ويغضَّ الطرفَ
لمَنْ سيؤولُ
الحكمْ
(4)

مَنْ يكشفُ هذي الغُمّةْ
عن رأس الأمةْ
والنصلُ القاطعُ، مربوطٌ بخيوطٍ من كلمةْ
(5)
......
بل
كيف يُردُّ الحيفْ
وهمُ
ما حكموا
واحتكموا
إلا
بالسيف
وللسيف
........
يا.. ربي
كيفَ نمايزُ بينهما
وجميع نصوصكَ، قابلةٌ للتأويل،
كألوان الطيفْ
(6)
كيف رأينا اللهَ
بنسْغِ الشجرةْ
وتركناهُ
نسيناهُ
لكي نتقاتلَ
من أجلِ الثمرةْ
(7)
فلتتعلمْ
من حكمتهِ
فنَّ الصفح...
وكيمياءَ الحبْ
لا بسيوفِكَ
لا بخيولِكَ
لا بقنابلك التفخيخيةِ
يُؤخذ حقٌ
أو يُعبدُ ربْ
يُعبدُ هذا الربْ
بل بالفكرِ
وبالرحمة
وبالقلبْ
(8)
يا هذا الفانْ
ولتنظرْ
كيف تحاورََ ربُّكَ والشيطانْ
أكثيرٌ أن تتعلمَ
كيف تحاورُ انسانْ
(9)
آياتٌ
نسختْ
آياتْ
وتريدُ لرأسِكَ أن يبقى
جلموداً
لا يتغيرُ والسنواتْ
(10)
لم ترَ ربَكَ
إلا بالنصلِ
وبالدمْ
وأنا أبصرهُ...
في الكلْمةِ
في النغمةِ
في زرقةِ عينيها،
واليمْ
(11)
لا ناقوسَ
ولا مئذنةً
- يا عبدُ -
لماذا
لا تسمع
ربَكَ
في
الناي
(12)
سبحانَكَ
أنزلتَ كتابَكَ
مرآةً
لأولي الألبابْ
تتلّونُ فيه
الآياتُ
الأحكامُ
الأطيابْ
لكنَّ البدو الأعرابْ
لم يروا فيه سوى:
سيفٍ
وحجابْ
(13)
كيفَ اختصروا اللهْ
لفّوهُ باقماطِ وصاياهم
وأشاروا:
تلك
وصاياهْ
(14)
زوجاتٌ أربعْ
أشبعتَ جنوني
- سبحانك -
لكنْ...
مخلوقتك الأبنوسية
كي ستقنعْ
......
...
القسمةُ ضيزى، مولاي
وعدلك أوسعْ!
(15)
وحكمتَ لها
بالنصفْ:
ميراثاً
وشهادةْ
هل حقاً،
ياذا الحكمة
واللطفْ
يرضى عدلك هذا العسفْ)).

ثم قدم الفنان والكاتب د. حسن السوداني شهادة عن الشاعر الصائغ جاء فيها "في حضرة الشعر يتوقف دفق الكلمات وتتباطأ لغة التعبير فما تسطره خارج عيونه المحدقة يبقى حراً لا تقيده أغلال الضبط وشروط البحر... أو ركاكة المباشرة.
في حضرة الشعر... يترك الكلام المسجوع في عتمته والحركات والأوزان في أدراجها.
نعم هي شهادة ليست في جمال الكلمات أو ضبط الأنساق وتشفير الدال والمدلول... بل هي شهادة في التجربة المغموسة بألم الحرب... والحب..
"اجلسي ريثما تسترد القصائد أنفاسها
فأحكي لعينيك
حتى يحط على شرفة الرمش
طير النعاس
سأبدأ من أول الحرب
أو آخر الحب.."
ظروف ملتبسة.. بل شاذة وداكنة في ذات الوقت.. دفعت جيل الثمانينات، أو جيل عدنان، أو جيل الحرب، أو جيل الشتات.. سمه ما شئت.. إلى نوع من العدمية إو التورية، دفع هذا الجيل إلى نوع من التهويمات اللغوية التي ترقص حول نفسها كرقص الدراويش.. تدور في حلقة مفرغة لا تعكس غير نوع محدد من المفاهيم.. تغريب، عبث، لا لا جدوى، لا معقول، غربة، ضياع. في أحايين كثيرة كنا نتهامس فيما بيننا ونحن نقرأ بعض قصائد هذا الجيل.. نبتسم أو نقهقه كثيراً لفشلنا في حل تلك الرموز الهيروغليفية أو السنسكريتية، تلك الرموز أو المعاملات التي لا يفقهها غير أولئك الذين كتبوها فقط. ربما هذا يفسر لنا الجهد النقدي المحدود لتجربة هذا الجيل بالقياس إلى الجيل السبعيني إو الستيني، فعندما لا يشير الدال إلى المدلول تصبح مهمة الناقد تجميع أوصال خزفية عتيقة في ظلمة دامسة.
ولكن... من الذي وقع في شرك العناكب، ومن تفادى الخديعة. سؤال يبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، من الشعر. شعر عدنان... أو كلماته كحياته تماما لا تميل ولا يميل إلى الوعورة أو فقاعة اللون.. هي بسيطة كهو لكنه يقودها إلى سياقها الصحيح فتأخذ دلالة جديدة وبعداً جديداً... هي كلمات محسوبة وربما مكررة لكنها ليست في سياق ثابت، لقطات سريعة لمخرج مجرب. وأنا أقرأ لعدنان... كنت أتابع تلك النقاط المسطورة بين كلماته... كنت أراها جزءاً من المسكوت عنه. ولكني بدأت أرصد كيف تقلصت النقاط ،واتسعت دائرة الكلمات البواحة.. لم يعد عدنان يلتفت إلى الوراء ويخفي كلماته تحت طائلة الرقيب.. أو تطأطأ كلماته هاماتها خوفا من مسببات عدة، تبدأ من كل التابوات، ولا تنتهي مطلقاً.... هل هو نموٌ صحيحٌ يعقد الصلة بكل جذور ما سبق؟ هل هو انفلاتٌ من سلطة المحاذير، وتشمّتٌ بالرقيب؟ هل هو احتجاج؟ هل هو امتزاج؟
هل هو؟... هل هو...؟ كثيرة هي الأسئلة .. لكن أجوبتها تبقى محلقة مع الشاعر الحالم كزرقة البحر".
هذا واختتمت الأمسية بحوار بين الشاعر والجمهور.



#عدنان_الصائغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال الحريم الشعري.. أمام قرننا الواحد والعشرين
- ثلاث قصائد
- ملتقى عن الديمقراطية في العراق
- ثلاث أمسيات لعدنان الصائغ في العراق
- العراق في لقاء الشعر والموسيقى في السويد
- القال والقيل في الثقافة العراقية
- إلى الدكتور الفاضل علوش من عدنان الصائغ
- نشيد أوروك..
- آهٍ.. على العراق
- غابة الأقنعة تمويهات الخطاب المستتر أمام عين السلطة
- تزاحم الأضداد
- ديمقراطية المسدس الثقافي
- زمن السقوط
- مرايــا
- مجردُ احتفال.. مجردُ سؤال.. مجردُ ألم.. مجردُ قصيدة
- كرة القدم والأدب


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الصائغ - العلائق بين القيد والهواء والحب والخراب