أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الصائغ - غابة الأقنعة تمويهات الخطاب المستتر أمام عين السلطة















المزيد.....

غابة الأقنعة تمويهات الخطاب المستتر أمام عين السلطة


عدنان الصائغ

الحوار المتمدن-العدد: 189 - 2002 / 7 / 14 - 09:14
المحور: الادب والفن
    


 

 

"إذا كانت لدى الضعيف أسباب بديهية ومبررة تجعله يسعى للعثور على ملجأ له خلف القناع حين يكون في حضرة السلطة فأن القوي أيضاً له أسبابه الوجيهة التي تجعله يرتدي بدوره قناعاً في حضرة الخاضعين"

-         جيمس سكوت –       

من كتاب "المقاومة بالحيلة" 

 

"أن الموت المبكر لهؤلاء (…) كان بسبب أنهم كانوا يكبتون ولا يكتبون ما يريدون"

- حميد المطبعي -               

صحيفة "الشرق الأوسط" 22/11/1998

 

 

أمام هيمنة الدكتاتورية وعنف القمع على مر العصور التجأ الفكر في أحيان كثيرة إلى الخطاب المستتر قناعاً يتقي به سيف السلطة وخطابها

المعلن.

وهذه المسيرة الطويلة للقناع ولدت نمطاً من الأدب الشفاهي والمكتوب يعد – بخصائصه الفنية من جهة ووسائله الكفاحية من جهة أخرى – تنويعاً مهماً على تفرعات الأدب بشكل عام وأدب المقاومة بشكل خاص. اذ تتجلى قيمته فنياً وفكرياً على المستوى الإبداعي والتحريضي بتواصله مع المتلقي وقدرته على إنتاج أطياف ملونة تحمل أكثر من تأويل، وتشكل  مسحة جمالية هي بالأساس واحدة من ضرورات الإبداع الفني للقناع كشكل، بالإضافة إلى تحميله بالرموز الفكرية والتحريضية التي هي غاية وجوده.

ولهذا فأن الألسنة المقموعة تبحث لها في النص المستتر عن فسحة للبوح. وقد رأت بعض الدراسات السيكولوجية التي أجراها في الأربعينات آرام كاردينر وليونيل اوفسي - كما يذكر جيمس سكوت - إن الرجل المضطهد وهو يكبح جماح غضبه أمام سيده يكون واعياً لعملية الكبح لكن قيامه بالعملية تأتي بشكل غير واعٍ. ويضيفان: "معنى هذا إنه كان منخرطاً في مسار دائم من الرقابة على الذات. لقد كان عليه أن يبقى على الدوام منتبهاً، ولم يكن يجرؤ على التصرف أو القول تبعاً لاندفاعاته الطبيعية"

ويستخلصان إلى إن: " المعضلة الكأداء التي تنطرح في أولئك الذين يكونون على الدوام عرضة للاستلاب، تكمن في الكيفية التي يتعين عليهم بها أن يكبحوا شعورهم ويحولوا دون التعبير عنه. وما الدافع الأساسي لكل هذا سوى الرغبة في تفادي الوقوع في فخ القيام بعدوان يؤدي إلى الانتقام منهم" .

وفي رواية ريتشارد رايت يصف محاولة الفتى الأسود بالسيطرة على مشاعر الغضب فيقول: "كنت أخشى فكرة إنني إذا ما اصطدمت بالبيض فإنني سوف أفقد السيطرة على مشاعري لأتفوه بالكلمات التي قد يكون من شأنها أن تكون حكماً علي بالإعدام".

وتذكر كتب الأدب العربي أن إعرابية أسيرة أدخلت على أحد الخلفاء فابتدأته بالقول: أقر الله عينيك وأكمل سلطانك. فابتهج بهذا الخطاب لكن أحد جلاسه نبهه إلى ما يضمره هذا الخطاب، فإقرار العين معناه الموت وإكمال السلطان يعني بدء زواله. وطلب أحد الخلفاء من أعرابي أن يشتم صحابياً فصعد المنبر وقال: أيها الناس أمرني الخليفة أن ألعن فلان بن فلان فعليه اللعنة وحين نزل الأعرابي همس أحدهم للخليفة بأن ما بعد الفاء يعود عليه.

وفي الأدب الهندي القديم يلفت نظرنا هذا النص: "يا أبي إن عبيدنا يبدون بتصرفاتهم الجسدية أموراً وبكلامهم أموراً أخرى لكن في أذهانهم أموراً ثالثة" وهذه الشفرات الثلاثة هي ما تتعب الحاكم في الوصول إلى حقيقة ما يضمره الخطاب المستتر وكلما أزداد شكه وكثرت مخاوفه عمد إلى زيادة مخبريه وتشديد الضغط على جماهيره كقناع آخر يختفي خلفه.

وقد لاحظ ريتشارد هوغارت إن أبناء الطبقة العاملة البريطانية كانوا في تقديم ولائهم المزيف أمام شخص من طبقة عليا "لا يكفون عن مخاطبته بكلمة: سيدي. في الوقت نفسه الذي يعرفون إن اللعبة كلها لعبة احتقار"

لكن هذا الاحتقار والرفض الذي يخفيه القناع إلى متى يبقى مضغوطا ؟

والسلطات تبعا لهذا قد لا تعرف ما وراء قناع الجماهير وقد تعرف من خلال مخبريها وأساليبها . قد تكتفي أحياناً بما تراه من مظهر القناع الخارجي وقد لا تكتفي طبقاً لمدارات هيمنتها ولأيدلوجيتها في السلخ

لهذا من الضروري علينا – نحن المثقفين خارج أسوار الدكتاتورية الآن – أن نفهم تصرف تلك الجماعات المضطهدة داخل الأسوار وعلاقاتها مع بعضها ومع الحاكم وسلطته فهماً داخلياً يتأتى من التجربة نفسها لا إسقاط قناعاتنا وتنظيراتنا عليها، وأن نفهم رموزهم المستترة ووسائل التمويه التي يستخدمونها كقناع يتفاوت سمكه وشكله طبقاً لتفاوت درجات الرعب المسلط عليهم، اذ تتنوع الأقنعة بجذرها التاريخي وفقاً لمستويات القمع والجمال والسلطة والفكر والجماهير والمبدع ذاته.

 

 

 

 



#عدنان_الصائغ (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تزاحم الأضداد
- ديمقراطية المسدس الثقافي
- زمن السقوط
- مرايــا
- مجردُ احتفال.. مجردُ سؤال.. مجردُ ألم.. مجردُ قصيدة
- كرة القدم والأدب


المزيد.....




- شاهين تتسلم أوراق اعتماد رئيسة الممثلية الألمانية الجديدة لد ...
- الموسيقى.. ذراع المقاومة الإريترية وحنجرة الثورة
- فنانون يتضامنون مع حياة الفهد في أزمتها الصحية برسائل مؤثرة ...
- طبول الـ-ستيل بان-.. موسيقى برميل الزيت التي أدهشت البريطاني ...
- بين الذاكرة وما لم يروَ عن الثورة والانقسامات المجتمعية.. أي ...
- كيف نجح فيلم -فانتاستيك فور- في إعادة عالم -مارفل- إلى سكة ا ...
- مهرجان تورونتو يتراجع عن استبعاد فيلم إسرائيلي حول هجوم 7 أك ...
- بين رواندا وكمبوديا وغزة.. 4 أفلام عالمية وثقت المجاعة والحص ...
- المعمار الصحراوي.. هوية بصرية تروي ذاكرة المغرب العميق
- خطه بالمعتقل.. أسير فلسطيني محرر يشهر -مصحف الحفاظ- بمعرض إس ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان الصائغ - غابة الأقنعة تمويهات الخطاب المستتر أمام عين السلطة