أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاح عريبي - الفرات الهادئ لقحطان المندوي















المزيد.....

الفرات الهادئ لقحطان المندوي


نجاح عريبي

الحوار المتمدن-العدد: 5353 - 2016 / 11 / 26 - 02:54
المحور: الادب والفن
    


الفرات الهادئ
الفرات الهادئ رواية كبيرة تروي الكثير عن الحياة الاجتماعية للشعب العراقي خلال فترة تاريخية ما بين 1944- 1970 بإسلوب جميل سلس بإنكليزيةٍ ذات مستوىً عالٍ. تقرأها وكأنك تقرأ رواية باللغة العربية حيث النكهة العربية المألوفة. إنها نتاج رائع، كتاب كبير الحجم، يشابه رواية "الدون الهادئ" للكاتب الروسي ميخائيل شولوخوف، ليس فقط في اسم الرواية بل أيضاً في عدد صفحاتها، حيث تحتوي "الفرات الهادئ" على حوالي 800 صفحة.
الرواية عبارة عن مجموعة قصص قصيرة مليئة بأحداث مثيرة وصور حزينة وأخرى مرعبة ومن صميم الواقع العراقي، كل واحدة منها محبوكة بشكل رائع ومرتبطة ببعضها وتدور في محور واحد مكونة هذا الإنتاج الضخم، رواية "الفرات الهادئ".
في هذه الرواية تتعرف على كثير من تفاصيل مشاكل المجتمع العراقي الذي كان يعاني من نظام الاقطاع في فترة ما بين 1944-1958 حيث تروي احداثاً غريبة ومؤلمة جدا. عندما كنتُ أسمع كلمة "إقطاع" أو أقرأها في كتاب ما، كنتُ أفهمها بمعنى نظام يتم فيه استغلال مجموعة غنية تملك أراضي كثيرة واسعة لمجموعة كبيرة من الفلاحين يعملون لهم بأجور قليلة جدا لا تساوي تعبهم ابداً. كان هذا تصوراً قاصراً، فإنْ كان لديك مثل هذا التصور فإنَّ رواية الفرات الهادئ تضعك في قلب الحقيقة وفي واقع الاقطاع وتجعلك تعيش حياة الاقطاعيين وتتعرف على مدى التمادي في الاستغلال لخدمة مصالحهم الشخصية البحتة ومدى التسخير والتآمر وحتى الجريمة الكبيرة لسبب تافة جدا، بل ربما دون سبب أصلا، أو لمجرد شكوك او لمجرد الرغبة في الاستيلاء على شابة جميلة بعد تجريدها من خطيبها حبيب طفولتها، وذلك بقتله، فرواية "الفرات الهادئ"جعلتني أفهم بشكلٍ واضح أن الاقطاعي لا يمتلك الأرض فقط بل يمتلك أيضاً ما عليها ومَن يعمل فيها من فلاحين وعوائلهم وقد يتعدّى هذا الامتلاك الى أمور أخرى أكبر. بقراءتك لهذة الرواية تكوِّن صورة أوسع لمدى التفسخ الاخلاقي والدناءة والقسوة والانانية بالتعامل مع الفلاحين وعوائلهم ومدى استغلال جاههم واموالهم للاستفادة من السلطات بأنواعها في تنفيذ مآربههم والتغطية على جرائمهم.
كما تحكي لنا الرواية شيئاً عن طباع البدو الانسانية التي يتميز بها كثيرٌ منهم، تلك الطباع التي كنا نقرأ عنها فقط، لكن الرواية تجعلنا نفهمها عن قرب، بل نعيشها.
***
قد تتعاطف احيانا مع "ريما الجسّاس"، بطلة الرواية، إلى جانب شخصية ثانية مهمة ورائعة تبقى معك مدة طويلة لإعتزازك بها، وهي شخصية "حميد العثار".
تتعاطف مع "ريما الجساس" (أحياناً) مبرراً هفواتها وجرائمها الكبيرة بتفسيرك لها بأنها قد تكون بأسباب وراثية لا سيطرة لها عليها، أي أنها ربما قد ورثت "جينات الجريمة" من أبيها أو أجدادها ممتدةً لأجيال طويلة بعمر الإقطاع، أو أنها قد إكتسبت هذه الطباع الإجرامية خلال حياتها ومعايشتها لها حيث شاهدت مرةً، وهي صغيرة، حادثة دفن شخص حي بأمر من أبيها! شاهدت الحادثة عن بعد من شرفة غرفتها في قصر والدها الفخم المطل على حدائقه الجميلة ومزارع الخضروات والفاكهة المتنوعة. رغم صغر سنها في ذلك الوقت، أثارَ الحادث بعضَ الشكوك والاستفسارات في نفسها، ثم نسيتها كما نست غيرها أيضاً، أو تتعاطف معها لحرمانها لأحضان أمها منذ الصغر، أو لكثرة المعاناة والآلام التي مرت بها في شبابها وفي تلاحق أحداث الرواية التي أسهب الكاتب كثيراً في وصفها، مثلما أطال في ذكر ووصف الحوادث الرعناء التي مر بها اخوها الوحيد، المدلل، "مجبل" فزاد ذلك من معاناتها. أو قد تتعاطف مع "ريما" بسبب جمالها وعذوبتها!
سوف يميز القارئ، بالتأكيد، قصة حميد العثار ويتفق معي على أنها أهم وأجمل فصل في الرواية. إنها قصة انسانية رائعة ومثيرة عندما تبدأ قراءتها تشدك فلا تقوى على وضع الكتاب جانباً ما لم تُنْهِ قراءتَه على الرغم من انه اطول فصل في الرواية تقريبا.
هذه القصة مليئة بالصور الجميلة الناطقة. تستطيع أن تسمع لهاث حميد، وتحس بحرارة جبينه وبرودته احيانا اخرى، تشعر بمدى إصراره لإنجاز أصعب مهمة في حياته، وتحس يأسَه أحياناً. إنها مهمة حياة او موت، موت محتم، حيث انه كان متجهاً الى نقطة اللاعودة ما لم يفلح في مهمته. وصف الكاتب العلاقة الحميمة بين حميد العثار وفرسه "أسمر" شيء جميل جداً يجعلك تتخيل مدى تناسق الأحاسيس بينهما وترى الانسجام والتعاطف المتبادل. تسمع وقع حوافر "أسمر" تشق الأرض، أو قلما تسمعها أحيانا أخرى وهي تغور في وحل مزارع الخضروات في هدوء الظلام المطبق. يفهم كل ما كان يدور برأس سيده وكأنه كان يسمع ويحس بتسارع دقات قلبه وما عليه إلاّ أن ينفذ ما هو مطلوب. تشم رائحة الخضروات والفواكه فتعرف أين أنت من المكان بينما تحس ببرودة الهواء يرطب وجهك في هدوء الليل. كل هذا يصفه لك الكاتب بأسلوب شعري جميل!
أما ساعة وداع حميد مرغماً فرسَه "أسمر" يفوق الوصف, ترى دموع "أسمر" مصاحِبةً آهات وحسرات حميد وأنينه لفراق أسمر.
لو انفردت بقراءة قصة حميد العثار التي تتكون من مائة صفحة تقريباً تخرج منها بقصة جامعة لكل عناصر الرواية القصيرة الناجحة، فيها وصف جميل، صور رائعة وأحاسيس إنسانية رقيقة كُتِبتْ بلغة شعرية وبإنكليزيةٍ رفيعة المستوى.
سوف تكون حذراً عند حملك لكتاب رواية "الفرات الهادئ" أو قد تضطر لتغليفة بغلاف إضافي حيث ان وزن وحجم الكتاب الكبير وعدد صفحاته الـ800 صفحة تجعلك قلقاً على تماسك الكتاب وعدم تفككه حيث أن الغلاف الورقي لا ينسجم مع ضخامة الكتاب وجودة الورق. كذلك لا اتفق تماما مع صورة الغلاف خاصة أن لغة الكتاب هي اللغة الانكليزية، فلو كنت انا المصممة، لإخترتُ صورة من صور قصة حميد العثار، مثلاً، أو لظلال بعيدة لفارسٍ يتحدى ظروفه رافع الرأس يكلم النجوم، بألوان رمادية معها لون واحد آخر جذاب على خلفية بيضاء، لتجذب قارئ الانكليزية لأن الرواية كُتبت باللغة الإنكليزية.
ملاحظات الكاتب في مقدمة الرواية مفيدة جداً لمن لا يعرف ظروف العراق بعد الاحتلال، وهي تفيد العراقي في كل ما يود أن يقوله أو يكتبه سواء في وصف وطنه المحتل وحجم الخسارة والنكسة والرجعة للوراء. إنها مقدمة رائعة جداً.
أهنئ الكاتب العراقي المندائي قحطان المندوي على هذا العمل الأدبي والتاريخي الثمين.
أتمنى أن أرى رواية "الفرات الهادئ" باللغة العربية أيضاً، فالعرب هم أولى بها. وليس أقدر على "ترجمتها" غير كاتبها، د. قحطان المندوي، فهو أيضاً شاعرٌ وكاتبٌ عربيٌ متمكن.



#نجاح_عريبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مختارات من ترجمة ناجية غافل لبعض التراث المندائي
- فارس مسرع في الريح


المزيد.....




- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نجاح عريبي - الفرات الهادئ لقحطان المندوي