أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مؤيد عبد الستار - يوم 8 شباط يوم استباحة العراق بامتياز















المزيد.....

يوم 8 شباط يوم استباحة العراق بامتياز


مؤيد عبد الستار

الحوار المتمدن-العدد: 392 - 2003 / 2 / 9 - 05:54
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 
لا يستطيع من شهد ذلك اليوم المشؤوم يوم 8 شباط أن ينساه . وأذكر أن الحياة السياسية كانت مأزومة وأن الشارع السياسي العراقي كان على درجة عالية من الغليان ، لدرجة أن الإضراب الذي قام به سواق سيارات الأجرة وإضراب الطلبة الذين أجبر العديد منهم على ترك مقاعد الدراسة بالقوة من قبل القوى المعادية لثورة 14 تموز  وقيادة الزعيم عبد الكريم قاسم  ، شل الحياة العامة ببغداد ، كما أذكر يوما كنت أسير فيه في شارع الرشيد مساء ، وكان الوقت يقارب الساعة السابعة مساء ، وإذا بالزعيم عبد الكريم قاسم  يقطع الشارع بسيارته العسكرية وهو في المقعد الخلفي ، وكان وجهه مشرقا ، لأن ضوء السيارة كان منيرا في داخلها ، وكانت السيارة تسير بهدوء ، فوقفت على الرصيف من جهة أورزدي باك أصفق له وحدي ، وعلى الجانب الآخر من الطريق وقف صباغ أحذية يقف إلى جانب صندوقه الخشبي يصفق له أيضا ، وكان الزعيم ينتقل في حوض سيارته على الجهتين يحيي الجماهير ، ولكن الناس كانوا في شغل عنه ، فعجبت من هذا الموقف حينه ، ولم أتوقع أن يكون الزعيم عبد الكريم قاسم دون جماهير مثل ذلك اليوم ، وهو عكس اليوم الذي شاهدته فيه يوم 8 شباط ، إذ بعد أن عرفنا بنبأ الانقلاب ، من الراديو خرجنا إلى الشارع ، وكان بيتنا في شارع الوثبة ، الواقع بين شارع الرشيد وشارع الجمهورية ، في منطقة حافظ القاضي ، خرجنا إلى شارع الجمهورية ، وكان الشارع يغص بالناس  ، البعض منهم من جاءوا من شارع الكفاح  والمناطق القريبة  مثل عقد الأكراد ، الصدرية ،   الدهانة ، أبو سيفين ، القشل ، رأس القرية والتسابيل …الخ
كان البعض يحمل العصي والسكاكين ، ولم يكن لديهم سلاح ، ولما كانت الساعة  العاشرة أو أكثر قليلا ، اخترقت شارع الجمهورية السيارة التي  يستقلها الزعيم عبد الكريم قاسم ، فتبعناها مع الجماهير ، ولم استطع رؤيته ، ركضنا خلف سيارته غير مدركين أننا نودعه الوداع الأخير ، كنا نظن أنه أقوى من أن يموت ، ولم نكن نحمل حركة الانقلاب على محمل الجد . توجهت السيارة التي تقله بسرعة إلى وزارة  الدفاع   .
بقينا في شارع الجمهورية ، ننظر إلى السماء التي تشق عنانها طائرات تقصف وزارة الدفاع ومعسكر الرشيد ، ولا نعرف ما نصنع ،  فقررنا التوجه إلى وزارة الدفاع ، وحين وصلنا إلى شارع الأمين ،وكان الوقت  ظهرا ، التقينا دبابات قادمة من الكرخ ، فراودتنا الشكوك حولها لأنها قادمة من منطقة الكرخ ، إذ كانت الكرخ معقلا للقوميين  الناصريين والمعادين للزعيم عبد الكريم قاسم ، أردنا مهاجمتها ولكن الصور التي رفعوها كانت صور عبد الكريم قاسم  ، وبسببها أحجمت الجماهير من مهاجمتها ، وارتفع جدل ولغط حول  منعها من المرور إلى وزارة الدفاع ، كانت دبابات خفيفة  ذات دواليب مطاطية ، وليست مجنزرة ، تقرر السماح لها بالمرور ، وكنت شككت بتوجههم ، وبسبب صغر سني آنذاك ، فقد كنت في سن السادسة عشر من العمر ، لم أستطع معرفة من قرر السماح لهم بالمرور ، ولكن شكوكي في  توجههم جعلتني أحزن على السماح لهم بالمرور وأغضب ، فعدت أدراجي إلى شارع الوثبة ، بينما أكمل بعض معارفي وزملائي السير إلى وزارة الدفاع ،  بقينا في الشارع إلى ما بعد الظهر  ، وفي المساء جاءوا ببعض الجرحى من زقاقنا ، الذين أصيبوا قرب وزارة الدفاع . ولما لم تكن هناك امكانية نقلهم إلى المستشفى ، فقد قمنا بفتح باب مدخر الأدوية الموجود في منطقتنا وجلبنا بعض الأدوية والقطن لمعالجتهم ، كان أحدهم مصابا بساقه ، ثم حل المساء وتقرر المقاومة والدفاع عن الجمهورية ، ولكن من أين السلاح ؟!
لقد رفض الزعيم تزويد الجماهير بالسلاح ، احتشد الشباب في شارع الكفاح ، عقد الأكراد ، وحصلوا على بعض الأسلحة الخفيفة  ،أخرج البعض سلحتهم الشخصية  ، وعلمت ان أحد أصحاب الدكاكين في شارع الكفاح جلب حقيبة مسدسات ، ووزعها على الشباب ، كان أحد المقاومين الأبطال محمد جعفر ، وهو أخ الدكتور علي بابا خان الذي توفي قبل عامين في باريس ، كان محمد جعفر من معارفنا ، استطاع النجاة بعد مقاومة باسلة وهرب فيما بعد إلى الاتحاد السوفيتي ، ثم عاد إلى العراق أيام الجبهة ثم اضطر إلى الهروب مرة ثانية إلى فرنسا ، وتوفي في ظروف غامضة هناك أواسط الثمانينات ، وتحوم الشبهات حول السلطات العراقية في تصفيته ، لانه كان مقارعا عنيدا لسلطة النظام الصدامي .
استمرت المقاومة في عقد الأكراد والكاظمية ، ثم استسلم الزعيم بسرعة محيرة ، تاركا المقاومة لوحدها في الميدان ، فأصيب الناس بخيبة أمل كبيرة ، مما أدى إلى سقوط قلاع المقاومة بسرعة واستسلام الكثير من العسكريين والسياسيين الذين كانت الجماهير تتوسم فيهم النجاة ، ولكنهم للأسف خيبوا ظنها . وكما شهدنا فان مقاومة عقد الأكراد استمرت حنى بعد سقوط وزارة الدفاع ليومين متتاليين ، مما حدا بقوات الحرس القومي تطويق المنطقة ، بالدبابات ، والمدافع الرشاشة ، وقصفوا أحد البيوت بقذيفة مدفع ، وأخيرا وبعد ثلاثة أيام من المقاومة استطاع المقاومون الأبطال التسلل من الحي ، فدخلت قوات الجيش والحرس القومي المنطقة بحذر شديد ، ثم احتلوا البيوت والأزقة ، وقد قال ناظم كزار فيما بعد لأحد أبناء الحي ، وقد كان معه في كلية التجارة ، انهم كانوا يخشون الدخول إلى عقد الأكراد ، لمدة اكثر من شهر  بعد سقوطه  .
ان تلك المقاومة تفسر حقد النظام العفلقي على الأكراد الفيلية ، وهو سبب من أسباب تهجيرهم .
مما يؤسف له ان حزب البعث لم يحفظ أي مبدأ من المبادئ التي تشدق بها منذ استلامه السلطة عام 1963 حتى اليوم ، وقد تسبب في إلحاق الأذى والكوارث بوطننا وشعبنا ، ولم يرعوي الكثير من قادته وكوادره ، باستباحة الحرمات ، وهتك الأعراض ، وممارسة التعذيب ، على كافة المستويات فلم ينجو حتى الأطفال من شرور التعذيب والاغتصاب ، وسيسجل التاريخ أبشع إدانة ضدهم ، ولن ينسى لهم شعبنا ما قاساه  على أيديهم من ويلات ومصائب وحروب .



#مؤيد_عبد_الستار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حمار الرئيس _ من الحلقة الأولى إلى الحلقة الأخيرة من الفصل ا ...
- بلاد الكرد الفيليين مهد الحضارة
- حمار الرئيس _ قصة في حلقات 1 إلى 10
- حمار الرئيس _ قصة في حلقات 1 إلى 9
- حمار الرئيس _ قصة في حلقات 1 إلى 8
- حمار الرئيس _ قصة في حلقات 1 إلى 6
- الغول القديم يعصف بالعالم الجديد


المزيد.....




- حظر بيع مثلجات الجيلاتو والبيتزا؟ خطة لسن قانون جديد بمدينة ...
- على وقع تهديد أمريكا بحظر -تيك توك-.. هل توافق الشركة الأم ع ...
- مصدر: انقسام بالخارجية الأمريكية بشأن استخدام إسرائيل الأسلح ...
- الهند تعمل على زيادة صادراتها من الأسلحة بعد أن بلغت 2.5 ملي ...
- ما الذي يجري في الشمال السوري؟.. الجيش التركي يستنفر بمواجهة ...
- شاهد: طلاب جامعة كولومبيا يتعهدون بمواصلة اعتصامهاتهم المناه ...
- هل ستساعد حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الجديدة أوكرانيا ...
- كينيا: فقدان العشرات بعد انقلاب قارب جراء الفيضانات
- مراسلنا: إطلاق دفعة من الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه مستوطنة ...
- -الحرس الثوري- يكشف استراتيجية طهران في الخليج وهرمز وعدد ال ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مؤيد عبد الستار - يوم 8 شباط يوم استباحة العراق بامتياز