أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد العزيز الشناوي - عفوا يا سادة... ليس بالإرهاب، يٌواجه الإرهاب















المزيد.....

عفوا يا سادة... ليس بالإرهاب، يٌواجه الإرهاب


عبد العزيز الشناوي

الحوار المتمدن-العدد: 5323 - 2016 / 10 / 24 - 16:28
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


ما تشهده مصر والعالم العربي، من إرهاب وقتل باسم الدين، ليس مجرد عنف جسدي، بل هو عنف جسدي وعنف فكري في ذات الوقت، ولعل العنف الفكري أقوى وأشد وأسبق. إذ أن الإرهابي لا يستحل دم إنسان ما لم يكن قد كفره أو أوجد من النصوص الدينية ما يستحل بها دمه.
من هنا، فنحن أمام فكر خرج عن سياق الدين السوي، وتطرف كثيرا في اتجاه رفض الآخر، وتشدد في الرفض حتى اعتبر نفسه هو ممثل الإله، وما دونه هو عدو الدين واجب القتل حفاظا على الدين.
ولمواجهة هذا الفكر الذي يتخذ من العنف وسيلة لإرهاب غير المؤيدين له، لابد من معالجة العقول المتشبعة به، وفي نفس الوقت، تحصين العقول الأخرى ضد التشبع به.
فلا يعقل أن نحارب فصيلاً متطرفاً، ونترك غيره فريسة له ليجنده في صفوفه.
إذن نحن في حاجة إلى منهجين يتم انتهاجهما توازياً، الأول لتنظيف عقول المتطرفين، والثاني لتحصين عقول المستهدفين بالتطرف.
ثم، يأتي إلى جانب المواجهة الفكرية، مواجهة أمنية - ملتزمة تمام الالتزام بالقانون -، لكل من يحمل سلاحاً أو يتورط في دم جراء تلك العمليات الإرهابية.
إن ما خرج به العالم من الحرب العالمية الثانية، هو أن الشعوب لا تستطيع العيش طويلا في ظل هذه الحروب وهذا الاستنزاف البشري الذي أودى بحياة الملايين في الحربين الأولى والثانية، ولذلك، اتجه العالم إلى وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ليضمن أن حياة البشر مصونة وأن لهم حقوق لا يجوز المساس بها.
هكذا وضع النص المجرد، ولا يخلو عمل بشري من أخطاء، ولا يخلو تطبيق بشري من تجاوزات.
ولكن، جاء الإعلان حافظاً للحياة الإنسانية، وما تلاه من عهود واتفاقيات مفسرة له، وملزمة للدول الموقعة عليها، كان بمثابة تشريع عالمي لحقوق الإنسان يضمن له الحفاظ على حياته، وأمانه، وكرامته، وفكره، وعقيدته، ووجدانه، وماله، ويساويه بغيره من البشر ولا سيما مواطني دولته.
استقر الفكر البشري الجمعي عبر العصور، إلى أن الفكر والوجدان البشري هو سبيل التقدم والنماء، وأن اللعب في العقل البشري وتغذيته بالأفكار المتطرفة هو السبيل الأسرع للتدمير والخراب.
فاهتمت الدول التي خرجت منكوبة ومدمرة من الحرب العالمية كاليابان، بتربية العقول وبناء الفكر الإنمائي في عقول شعبها، فكانت أولى الدول في التقدم العلمي والتكنولوجي.
وحين أرادت أمريكا مواجهة روسيا عن بعد، غذت العقل بالتطرف وأنتجت تنظيم القاعدة الإرهابي وحركة طالبان، ومولتهما لمواجهة الاحتلال الروسي لأفغانستان، وبالفعل استطاعوا إخراج روسيا، ولكن كان العقل قد تشبع بحب التدمير فما كان من سبيل لإيقافه وتمدد وتغول حتى طال أمريكا من شره في سبتمبر 2001.
نعود لحالتنا المصرية.. فنحن أمام إرهاب ينمو ويتمدد ويجد البيئة الخصبة للاستمرار في ظل الجهل والفقر المتفشيان في ربوع مصر. وفي ظل غياب العدالة الاجتماعية، وفي ظل التعامل الغير رشيد مع الإرهاب.
إذا كان المستهدف المنطقي من مواجهة أي جريمة، هو إعادة تأهيل المجرم ومنع انتشار الجريمة إلى غيره من الأسوياء، فإن هذا المستهدف غير موجود إطلاقاً في استراتيجية مواجهة الإرهاب حالياً.
نحن نواجهة الإرهاب بالإرهاب، نواجه القتل بمزيد من القتل المضاد.. نواجه الفكر المتطرف بفكر متطرف معاكس.
ثم، نصدر تشريع قانون مكافحة الإرهاب، ونقمع به أي رأي معارض، ونقيد به الحريات، ونعطل به الدستور، ونخالف به المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، فنكون بهذا القانون كمن يحرث الأرض ويمهدها لينجح زارعو الإرهاب في زراعتها بفكرهم المتطرف المعادي للوطن.
عفوا يا سادة... ليس بالإرهاب يٌكافح الإرهاب.
نحن نستصلح للإرهاب الأرض، ليرمي بذوره دون عناء.
نترك الإرهابيين دون محاولة استقطابهم للصف الوطني، ونترك مؤيديهم دون محاولة جذبهم للوطن، ونترك غير المؤيدين دون تحصين.
نحن، نقدم للإرهاب أعظم الهدايا يومياً، بالقمع والقتل والتعذيب والتلفيق والفقر والجهل والمرض والفساد والاستبداد.
إننا نحتاج، إلى إطلاق حرية الإبداع والتثقيف والتنوير لمواجهة التطرف والإظلام.
إننا نحتاج إلى سيادة القانون والمساوة وعدم التمييز، لمواجهة ظاهرة العداء بين الدولة والمواطن.
إننا في حاجة إلى العلم والمعرفة لمواجهة الجهل الذي هو بذرة التطرف والجريمة.
إننا بحاجة إلى إقرار العدالة الاجتماعية الفعلية، لمواجهة الفقر الذي يدفع المواطن ليكره وطنه ويفعل أي شئ ليسد جوعه. وبحاجى إلى مواجهة التمييز الذي يُكسب الدولة أعداء جدد كل يوم.
إننا بحاجة للإنسانية لنقضي على أعداء الإنسانية.
ماذا أعددنا لنرفع الغطاء عن الإرهاب، ونجتذب المؤيدين له من حوله ونعيدهم إلى بوتقة الوطن؟!!! ... لا شئ، بل نحن نُكسب الإرهاب مؤيدين جدد كل يوم بسياسات معادية للعديد من فئات المجتمع ونتركهم فريسة سهلة له!!!
ماذا أعددنا لتحصين الشباب ضد الفكر المتطرف؟!!! ... لا شئ، بل نحن نقاضي من يدعو _ مجرد دعوة _ للتجديد وتنقية التراث الديني ونسجنه، ونشهر به ويخرج علماء رسميين ليكفرونه على الهواء ليل نهار، فنغذي التطرف في عقول الشباب ونقدمهم هدية للإرهاب!!!
ماذا أعدت مصر الرسمية، من خطط لاجتذاب الشباب وتنمية الروح الوطنية لديهم واحتواء إبداعهم الفتي وتوجيه طاقاتهم في اتجاه يخدم الوطن؟!!! ... لا شئ، بل نعاديهم ونتهمهم بالعمالة ونزج بمن ينشط سياسياً منهم في السجون ونترك الآلة الإعلامية تنهش فيهم وتخلق منهم أعداء محتملين للوطن!!!
لقد أصدرنا تشريعا مخصوصا لمواجهة تظاهرات الشباب، والزج بهم في السجون كلما تظاهروا يطالبون بالحرية والكرامة، بل تم سجن من دافع عن مصرية أرض مصر، وذلك وفق قانون التظاهر المخالف للدستور ولمواثيق الدولية!!!
ماذا قدمت مصر الرسمية، لمنظمات المجتمع المدني _ غير الدينية _، من تسهيلات حتى يقوموا بدورهم في مواجهة الجمعيات ذات العلاقة المباشرة بتمويل الإرهاب وجذب المؤيدين للإرهاب والتطرف الديني؟!!! ... لا شئ، بل تعادي الدولة منظمات المجتمع المدني، وتتهمها بالعمالة والخيانة ومحاولة تخريب مصر، ولا ينجو منها إلا منظمات تابعة للتيارات الدينية تبث أفكارها بين الناس وتصرف المليارات سنويا من أجل كسب تأييدهم بتوزيع السلع الغذائية في غياب تام من الدولة، وأغلبها مصادر تمويلها مشبوهة ولكن دون حساب من الدولة!!!
لمواجهة الإرهاب أُسُس لابد أن تُتبع........
استراتيجية واضحة، على محاور متوازية، في ظل سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، قائمة على نشر العلم والمعرفة، وإقرار العدالة الاجتماعية.
إعداد المناهج الثقافية التي تخاطب مؤيدي الإرهاب لاجتذابهم في الصف الوطني، ومحاولة استتابة الإرهابيين أنفسهم.
رعاية الشباب، وحمايتهم من التطرف، والعمل على استمالتهم نحو الوطن، واحتواء شططهم المتوقع بحسب المرحلة العمرية، ومنحهم الفرص للإبداع والتفكير، والاستفادة من أفكارهم في خدمة الوطن.
تجفيف منابع الإرهاب، فكرياً وتربوياً واجتماعياً وسياسياً، أولى من تشريع التشريعات المغذية له.
ما لم نتعلم من أخطاء الماضي، وتجارب الغير، فنحن نمهد للإرهاب من حيث نظن أننا نحاربه.
عاشت مصر،،،

عبد العزيز الشناوي
باحث سياسي وحقوقي
24 أكتوبر 2016



#عبد_العزيز_الشناوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلنواجه الإرهاب في مَبْعَدٍ عن صانعييه


المزيد.....




- أثار مخاوف من استخدامه -سلاح حرب-.. كلب آلي ينفث اللهب حوالي ...
- كاميرا CNN داخل قاعات مخبّأة منذ فترة طويلة في -القصر الكبير ...
- جهاز التلقين وما قرأه بايدن خلال خطاب يثير تفاعلا
- الأثر الليبي في نشيد مشاة البحرية الأمريكية!
- الفاشر، مدينة محاصرة وتحذيرات من كارثة وشيكة
- احتجاجات حرب غزة: ماذا تعني الانتفاضة؟
- شاهد: دمار في إحدى محطات الطاقة الأوكرانية بسبب القصف الروسي ...
- نفوق 26 حوتا على الساحل الغربي لأستراليا
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بها
- الجيش الأمريكي يختبر مسيّرة على هيئة طائرة تزود برشاشات سريع ...


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - عبد العزيز الشناوي - عفوا يا سادة... ليس بالإرهاب، يٌواجه الإرهاب