أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس مدحت البياتي - سراط القلوب















المزيد.....



سراط القلوب


عباس مدحت البياتي

الحوار المتمدن-العدد: 5314 - 2016 / 10 / 15 - 21:31
المحور: الادب والفن
    


سراط القلوب

منذ نعومة أظافره تربى على مبادئ الفضيلة، والعفة، ونكران الذات، حتى أصبحت تلك السمات الرقيقة في حسها، والقوية في ثباتها، لبنات أساسية في شخصيته.
أدبه القرآن قبل أن يؤدبه أبوه والمدرسة.
وجد فيه ثروة من الحِكَم والعِبَر يكتنز منها ما يشاء، صار يغرف من بحره ما لذ وطاب، رافدا فكره وعقله وقلبه من ذلك المنهل الذي لا ينضب.
حفظ أجزاء منه.. تعلم أصول الفقه والتوحيد.

كان بمثابة الفارس الهمام في حلم أبيه، مثاليا في تصرفاته كما أراده أبوه وزيادة.
كما أن أبوه حرص على زرع أسس التربية الصحيحة في ذهن ولده منذ الصغر، حرص على بذر المثل العليا والقيم الرفيعة في ذاته، لتضفي عليه مراتب من حسن الأدب والعلم وثقة النفس.
مُثلٌ شاخصةُ بأبهائها كمصابيح نيرة، تسطع في هامة شخصيته الوقادة. كان لوالده الأثر الكبير في غرس بذورها فيه.

أنصبت جل محاولاته في مجال التربية الإيمانية، والخلقية، والعقلية، والجسمية، والنفسية، والاجتماعية، والجنسية، ليصونه من مخاطر المجتمع وانزلاقاته.
كان يدرك بأن الطفل هو ناتج أبوه ...

أي بمعنى آخر ؛أن صورة الأبن هي نسخة طبق الأصل من صورة الأب مع رتوش إضافية.
فأوصاه بالتقوى وحسن الأدب.
فقال له كقول العالم الجليل الصالح رويم لابنه: [يا بني أجعل عملك ملحاً، وأدبك دقيقاً].
أي استكثر من الأدب حتى تكون نسبته في الكثرة، قياسا إلى العمل كنسبة الدقيق إلى الملح في خلطة عجينة الخبز.
كثير الأدب مع قليل من العمل الصالح، خير من العمل مع قلة الأدب.
أراده أن يكون مثاليا يفتخر به، فتحقق له ذلك، تربى على ديدن أبيه لا يعرف الكذب ولا الغش ولا التصنع ولا الإباحة ولا التبذير.

أشبع ذهنه بخصائل المكرمين من الأولياء، والصحابة، وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
ملئ ذهنه بعبر وقصص القرآن، لتكن سلاحا آخرا بين يديه، يقه مهاوي الخطأ وما إلى ذلك من أمور مفاجئة تعتريه...
على سبيل المثال لا الحصر، كلما أراد أن يكذب ولو كانت كذبة بيضاء، تذكر قصة عالم جليل للاحاديث الشريفة، حين أنتقل من مدينة الرسول (ص) إلى البصرة ليأخذ حديثاً عن رجل سمع بأنه قد سمعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم...
بعد أن قطع تلك المسافة الطويلة لإيام وليالي جاهد بروحه وحصانه، وفي نفسه عزم وإصرار على الوصول لمأربه..... وحين وصل لغايته؛ رآه يوهم فرسه الجائعة بأن في ثوبه طعاماً، حتى أقبلت الفرس عليه لاهثة ....
حين رآه قد كذب على الفرس، عاد من حيث أتى، دون أن يسأله سؤالاً واحداً!
فقال: والذي بيده الملك، من يكذب على فرس بريئة، ليس أميناً على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أكمل محمد دراسته الثانوية، قدم لأحدى الجامعات الأمريكية على غرار صديقه عادل الذي سبقه اليها قبل سنتين مشجعا إياه. قبل فيها كطالب في قسم الهندسة المعمارية ليبدأ مشوار حياة جديدة وغريبة بأسلوبها وفكرها ورواقها.
أراد بذلك تحقيق رغبته بدراسة جادة وبعلم يقين، يتوافق مع ميوله ليخدم نفسه ووطنه، إضافة للاختلاط الذي سيكسبه مهارة في الثقافة والاطلاع واللغة.

كما أنه أراد أن يخرج عن روتين الحياة، ويتعرف على معالم العالم الخارجي، الذي هو أشبه باللغز المحير بالنسبة له. فمعلوماته محصورة على ضوء الخبر الذي يتلقاه عبر شاشة التلفاز أو الجريدة اليومية.

ومن الطبيعي الدراسة في الجامعات تكون مختلطة بين الشباب والشابات، ومن الطبيعي أن يحدث الاختلاط الأكيد بين الجنسين.
لكن محمد كان يتجنب هذه الأمور، يحاول دائما أن يضع لنفسه إطارا خاصا به يميزه عن الآخرين من الزملاء.
يحيط نفسه بـ سياج يعزله تماما عن الجنس اللطيف،
ليتجنب الهفوات والرعنات التي تزيحه عن خط هدفه، كان يتجنب كل فتاة تصادفه في طريقه، يغض الطرف عنهن، يجلس بعيدا عنهن، لا يكلمهن بحديث خاص أو عام إلا للضرورة، لا يحبذ مناقشاتهن في أمور الدراسة إلا لحاجة، حتى لقب من قبل زملائه التلاميذ بالشخصية المعقدة والمتخلفة.

لم يبالي لتعليقاتهم إطلاقا، ثقته بنفسه حصنته من شباك الخطأ، كان هادئا، ذكيا في دراسته، متمكنا من اللغة والعلم، يشغل فكره في التمعن بشتى الفِكر والغور بها والخوض بالمسائل العلمية.

أدرك أستاذه عمق شخصيته، فكال له الاحترام المبجل والتقدير العالي، كل المجتمعات لها تقاليدها الخاصة بها، كثيرا ما حاولن زميلاته التقرب منه دون جدوى حتى يئسنَّ. لم يكن يصغي إلا لباطن عقله، تلك الدائرة الكهربائية المشبعة بالأحاديث والآيات والقصص والعبر.

قبل تخرجه بسنة أغرم صديقه عادل بفتاة أمريكية شقراء، بعد أن أقتنع بها تماما أصر على الزواج منها، لكنه أصطدم بحاجز الأب الذي لم تروق له الفكرة إطلاقا.
حاول مرارا وتكرارا في إقناعه، لكنه لم يفلح بذلك، الحكمة من وجهة نظر أبيه؛ أنه أبن عادات وتقاليد شرقية، لا تطابق عادات وتقاليد الغربية، إضافة لاختلاف الدين وهيَّ مسألة جوهرية.
تلك الأسباب لا تجعل من هذا الزواج زواجا ناجحا، ربما سيفقد أبنه نهائيا، سيتطبع بعادات الغرب وسلوكياتهم، ومن ثم سيصبح واحدا منهم، فيضيع في وسط المعية كإبرة في كومة قش.

كان يريد من أبنه أن يتزوج من بنات جلدته، على الأقل يشبهنّه في الذات والتقاليد وذات الدين وذات اللغة.
لكنَّ عادل تمسك بقراره، عطّل دائرة فكره، الحب أعماه، سلب إرادته صيره لعبة دحاها بين مجاديفه، فلم يصغي إلا لفكر قلبه، الذي تجرد من واقعه وسكن خيام هيامه. القلب وما هوى.
تعلق عادل بفتاة أحلامه تعلق الروح بالحياة، لم يستطيع أن يغفل عيناه عن شبح خيالها، والذي غص برفقته حتى الولوج في رؤاه وأناته، تعلقت بذيل خياله أينما يذهب وأينما يحل لرقتها وسحرها وجاذبيتها وطيب حواراتها في جميع المجالات، رضخ لتلك الأحلام التي رسمتها أناملهم معا، لتلك البسمة الشفافة التي شغلت حياته برقة السحر وبكل ما للجاذبية من أشكال والوان ورائحة.

بنفس الوقت لن يستطع أن يحيد عن سراط تربية أبوه، أو يغفل عن رغبته، فهو ينظر له بعين الحلم الذي راوده طويلا، ليفتخر به أمام المجتمع، قدم له الغالي والنفيس، صرف عليه جل عمره في تعليمه وتهذيبه، لم يبخل عليه يوما قط، لم يقف عارضا أمام رغباته قط.
ولكن هذه الحالة تختلف، فهي حدا فاصلا بين رغبات الأب وأمنيات الأبن، لن يستطيع أن يبغض أبوه في الوقت الذي لن يستطيع أن يتنازل عن صرح منى القلب.
كانت محاولاته كمن يتسلق جبلا شاهقا عنيدا، ففي كل مرة تبوء محاولاته بالفشل، لن يستطع الوصول إلى تلك القمة الشاهقة التي تتلألأ فوقه نجمة سعده إلا بتغيير وجهته أو باستخدام الحيل.

الرفض الدائم من قبل الأب، جعله يدخل في صراع مع النفس، دائما ما يكون منشده البال، قليل التركيز، الهم يعصف بمشاعره، حتى يكاد يختنق من دخان ثورته.
الكلمات الرنانة الأخيرة التي نطق بها أبوه لازالت ترن في أذنيه.... "إن تزوجتها فأنت لست أبني"!....
شكا ذلك مرارا لصديقه محمد فلم يجد من يسعفه ويغير وضعه، ترى إلى أين المسير؟

قال له محمد: يا أخي عادل!....
أنت أكبر مني سنا وأكثر مني خبرة في مجال الحياة، لكني لن أستطع أن أتزوج بغير مسلمة، سيكون زواجا فاشلا، لعدم تلاقي الأرواح على هدف واحد، لا توجد وشائج حقيقية بين العادات والتقاليد، فلن تلتقي في مجرى واحد إطلاقا.
ستكون العيشة مزريه، ستعيش حياتك غريبا، المشاكل ستعم هذا الزواج، ستلطخ ثوب العرس الناصع البياض، ثم كيف تود مخالفة شرع الله ((وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ )).
عادل: لمَ تنظر إلى الأمور من نافذة سوداء، أنا أحبها وهي تحبني، كلانا سنتحمل وزر البعض، سنجتاز خندق الصعاب بيسر - ألا توجد زيجات من هذا النوع قد نجحت وبنت أسر وساهمت في تقدم المجتمع؟.
محمد: بلا تفاخر.... كل له ظرفه، وأنا أعرف ظرفك جيدا، وحالتك لا تتطابق مع ما ذكرت، ماركتك الشرقية والملطخة بألوان الجذور لن تطابق أية ماركة أخرى.
يا أخي! الزواج ليس بالحب فقط، أنما بالتوازن، تذكرها جيدا بالتوازن ، لونك يختلف عن لونها كل له سراطه....
....على ما أظن أن للمشاكل أتراس مسننة حادة، تجرح وتترك أثرا بليغا في الجسد، لن تعالج بالحب أطلاقا، بل بالتلاقي الذهني والروحي، وبتلاقي العادات والرغبة.... يجب أن تدرك بأن العلاقة قبل الزوج تختلف عما عليه من بعده، كاختلاف لوني العلاقة بين الليل والنهار.... أو قل كالفرق بين الصحوة والغفوة، فلن تجد من يؤازرك، ويتحمل وزرك سوى بنت بلدك.
عادل: الظاهر كلانا غير متفقين، كثيرا ما تراودني الأحلام على أن أستقر هنا، ففي بلداننا الحرية مكبوتة، والسعادة تنقصها فضل الاستمتاع بها، ووسائل الترفيه شبه معدومة، الم تعاني أنت من هذه الأمور؟..
محمد: أظن للسعادة ألوان مختلفة، كالطيف الشمسي، ما تراه هنا سعادة، ربما تجد لها لون آخر في بلدك- دخولك السينما، والبارات، وشرب الخمر.. لا يعادل صوم رمضان في بلداننا، أو فرحة أيام الأعياد(عيد الفطر والأضحى)-- الاستمتاع بالعلاقات المزيفة والمبنية على المصالح والجنس والتعري والملذات واللعب مع النساء هنا-- لا يعادل الصدق والنية والنظافة والحشمة والحياء والألفة والجيرة وحب الخير والتصدق في بلداننا. نحن نحتفظ بالقمم وهم يحتفظون بالقمامة، يجب أن تتزوج من مسلمة.

عادل لم يقتنع بالشكل ولا بالجوهر لأفكار صاحبه، تفكيره في حبيبته يعتبر نافذة مغلقة، لن يرى من خلالها حدود علاقاته خارج مسارات القلب واتجاهه الثابت قط.
أمتنن كثرا لصديقه، لأنه فطنه على فكرة إسلامها، أنها فكرة جليلة استنبطها من خلال نقاشه-- بفكرة إسلامها ربما يغير رأي والده، أنه متيقن من حبيبته سوف لا تمانع مطلقا في مجاراته.
جمع بعض الكلمات في فكره ورنَّ على والده يهاتفه ... عادل: ألو .... كيف حالك يا أبي، كيف الوالدة العزيزة؟..
الأب: الحمد لله يا بني، فكرنا منشغل بك، ننتظر عودتك بفارغ الصبر.
عادل: أود أن أخذ رأيك في مسألة زواجي، فأنا لن أخالف رايك أبدا.... يا ترى، ما رأيك لو أنها أسلمت؟.... أتسمح لي بالزواج منها؟
قال له الأب: نعم يا بني سأسمح لك بذلك، سأفتخر بك أمام ربي، وسأكون أسعد الخلق على أن تعيش معنا لتتعلم عاداتنا وتقاليدنا.
انفرجت أساريره وتكيف مع الوضع الجديد.... لكن كيف ستسّلِمْ وتترك دينها؟ كيف سيقنعها ؟.....

ذهب أليها يخبرها بواقع الأمر.
فأخبرها بالحقيقة!.... أن العقبة الوحيدة في الزواج هو إسلامها، حسب رغبة الأب، والدين الإسلامي.... وأنه لا يريد أن يخسر أباه، فعقوق الوالدين ليس لها دواء ناجع أبدا، رضا الله من رضا الوالدين، والعاقبة للمتقين.

سألته روز: وكيف أسلم؟ علمني الإسلام أولاً.......
أقتنى لها كتباً باللغة الإنجليزية عن الإسلام، والقرآن وأحاديث الرسول والسيرة وما إلى ذلك من كتب الفقه العديدة دفعها إليها دفعة واحدة ....
قال لها: إقراءيها بتمعن ....
قالت روز: أمهلني أربعة أشهر! على أن لا ألتقيك بها، كي لا يكون لك تأثيرا سلبيا على أفكاري، أو تكون لي حجة ما عليك مستقبلا في حالة عدم قناعتي بدينك. أود أن تبزغ القناعة من بوتقة أحاسيسي وأفكاري، حتى يتغير ثوب العقل، وينظر لما حوله بقناعة ذاتية، وليس بتأثير خارجي.

كان الحب كفيلا بأن يعقدا الاتفاق بهدوء، كما تعلق بها تعلقت به روز. حبها المتيم كان كفيلا بأن تنغمس في قراءة الكتب بتيقن وإمعان عميق، لتعرف امتدادات وإرهاصات الفكرية التي تكبل من ستتزوجه بعمق ودراية تامة. انقطعت خلال تلك المدة عن العالم تماما، حتى صارت تبحث في أمور الدين عبر النت، ليتوسع مداركها.
كانت ذكية في فرض شرطها عليه، لتستطيع أن تستوعب مضمون الكتب، وكان لزاما عليها أيضا أن تبتعد عنه تماما، القناعة ضرورية كي لا تلوم نفسها، ولا أن تجد أمامها مبررات وملامة الأهل والأصدقاء.

سارت على هذا المنوال، تقرأ الكتب بعيداً عن ضغوطات الخارجية، استمرت القطيعة حتى كاد الشاب أن يجن بها، يود أن يلتقيها أن يشبع غرائزه من جمالها الفاتن، هذا الشاب عد هذه المدة بالساعات وبالدقائق، لا بل بالثواني، يبحث عنها في ذاته وفي عيون المجتمع وأرجاء المدينة الجامعية، لا بل صار يبحث عنها في الشوارع والطرقات وبين الوجوه العابرة.
فيما كانت هي الأذكى بحيث تجنبته نهائيا، لا بل صارت تتحاشى الأماكن التي طالما يتواجد بها، صارت تنظر اليه كما القمر المتخفي خلف الغيوم الداجنة، تحاشته بذكائها وبفكرها، حتى أنقضت فترة السبات الطويلة..

خرجت دودة القز من فترة سباتها وشرنقتها فراشة جميلة براقة بثوبها الجديد. لم يلتقيها؛ أنما هي التي التقته بلباس غير التي كانت تلبس، وبشكل يختلف عما تعرفت به عليه، ما عادت ترتدي القصير، ولا عادت تفرط بخصل شعرها الأصهب، صارت ترتدي حجابا بسيطا وثيابا مستورة.

فرح بلقائها، شعر بأن قلبه يود أن يحتضنها، لكنها لم تكن عندها تلك اللهفة الجامحة التي كانت تتملكها مسبقا، لم تكن لها لهفة إليه كلهفته عليها، كانت عادية وكأنها تلتقيه لأول مرة في حياتها.
في الوهلة الأولى سلمت عليه سلام الإسلام فأصابته بسهام إيمانها في مقتله، غص في فرحٍ وجذلٍ عميقين، انفرجت أساريره، عانقت صمته واندهاشه طيور فكره المهاجرة قبل أن تفل وتهرب مرة أخرى.. قبل أن تغلق ظرف الحب بيدها للأبد.
أدركته بحقيقتها الجديدة قبل أن يثني عليها، ويعد لها وعود الفرح والزواج، أفقدته توازنه حينما اختزلت صبره الطويل بالمفاجأة المدوية، حين أخبرته بما اختزنت في داخلها من أفكار صريحة وصادقة، قائلة له:...
---:أني قد أسلمت والإسلام دين حق--- لكنني لن أستطع أن أتزوج منك!! لأنك بالمعنى الحقيقي للإسلام لست مسلماً! وإنما متجنن على الإسلام.
أنا أشكرك لأنك عرفتني عن حقيقة ضائعة، كنت أبحث عنها في دهاليز أفكاري، ما كنت أصل اليها لولا وجودك في حياتي. أنت الذي وضح لي السبل، وأنار جانب الظلمة من حياتي، كنت أعيش في عالم الكذب والخداع، الله أرسلك لي لتنقذني، لأنه يعرف المكنون الطيب في داخلي، من اليوم سأعتبرك صديق لا أكثر، ممكن أستعين بك أن واجهتني معضلة ما في المستقبل.

صدمته بواقعها الجديد، وقراراها الجديد، لم يكن ينتظر مأساته أن تحصل على يدها، أسود الكون في نظره، صار لا يرى سوى همجية القدر، لم ينم ليله، كانت ليلة ليلاء تلك التي أنشغل بها التفكير دون أن يخطو خطوة جريئة نحو مستقبله، بعد أن تجرد من حلمه إلى الأبد. بل بعد أن تهشم الصرح الذي لا أساس له.

في صباح اليوم التالي جاء يبحث عن صديقه محمد! ليفرغ همومه في جعبته، كان محمد يجلس على أريكة في فنار حديقة الجامعة، لم يكن قد سحرته امرأة قط، كان همه أن يكمل الجامعة بتفوق كما وعد أبوه، فهو لم ينسى نظرات والدته المليئة بالدعاء، حين ودعته وهي ترش خلفه طاسة الماء، تجنبا للشر والعين الحاسدة. كان منهمكا في مذاكرته وتحقيق وعوده لوالديه.
عادل: صباح الخير محمد ....
محمد: صباح النور– ما بك متجهم الوجه، لم هذه الدموع المحصورة في حدقات عينيك؟ ماذا جرى لك هل ممكن أن تخبرني؟ هل أهلك بخير؟....
عادل: أطمأن لا شيء سيء.... لقد أخلفت روز بوعدها بعد أن تعلقت أحلامي بها، لم ترضى بي كزوج.... بعد أن كانت تتأملني وتتوسل بي.
محمد: لم تغيرت؟....
عادل: بعد أن أسلمت؛ صارت تعُدَني من غير المسلمين، تغيرت نظرتها لي تماما، أثر بها الإسلام، فتغيرت زاوية نظرها لي، تبدلت النسب في تقديراتها، فوجدتني مخالفا لشرائع الإسلام.
محمد مازحا: والله لم تقل سوى الحق هههههههههه. لم أنت غاضب ياأخي هههههه –
عادل: أنا لست فاض للمزاح–أرجوك قدر وضعي.... ما هو الحل؟
محمد: قلت لك لا تحاول معهن، مقياس ثيابهن لا يليق بنا، ثم لو تزوجتها وهي غير مسلمة، ستتركك يوما ما إذا ما أسلمت، لأنها سوف تراك بمنظار آخر، فأنت واقف على الحد، بين أن تكون مسلما حقيقيا وبين أن تكونا ملحدا، الوجهين ينطبقان عليك.
يا أخي؛ أنت لونك رمادي، أنصحك أن تغسل وجهك ليبيض، للبياض سلطان في القلوب وهو سيد الألوان.

عادل: لن أستطع أن أبقى هنا، سأرجع للسعودية بمجرد استلام شهادة تخرجي، فأنا بحاجة إلى النسيان.

أصبح عادل عبرة له، بقي محمد على حاله خلال السنتين الأخيرتين بعيدا عن عالم النساء والخمر، وهو الذي لا يحتاج لعبر كي يلتزم بأدبه وأخلاقه....
بقي على حاله لم يتغير طوال مدة دراسته، يتجنب النساء، وخاصة زميلاته داخل قاعات الدراسة، متحفظا بعلاقاته ومحتفظا بعاداته وتقاليده المشبعة بقيم الدين الإسلامي.

أستاذه الدكتور؛ قرأ صفحته بعناية، فأحترم رغبته، حاول مرارا أن لا يضعه في أي موقف محرج يجعله يحتك بهنَّ أو يكلمهنَّ، لا بل أنه تفهم وجهة نظره جيدا، حينما بين له محمد الحقيقة التي يقتنع بها، بل هو أحب محمد على حسن أخلاقه وتربيته الفاضلة، فصار من المقربين لديه، صار ممن يستعين بهم لمعرفة خفايا الشرق وجوهر الدين..... سارت الأمور على هذا المنوال إلى أن وصل إلى المرحلة النهائية..
وقبل أن تنتهي السنة الدراسية؛ أخبره الدكتور المشرف بآلية العمل قبل التخرج.
فقال له:.. أحترم رغبتك في عدم الاختلاط بالفتيات، ولكن هناك عرف لابد منه، وعليك التكيف معه في الفترة المقبلة. ألا وهو الاشتراك كمجموعة في بحث التخرج. العمل سيكون مشتركا.. أي أنكم ستقسمون إلى مجموعات، وكل مجموعة ستقوم ببحث مشترك، وهذه المجموعات ليس لي دخل في تقسيمها، ستكون مختلطة بين الذكور والإناث، تتناقشوا، وتكتبوا بحثكم الخاص بكم، وسيكون الدليل الوحيد لعبوركم المرحلة، وستكون ضمن مجموعتكم فتاة أمريكية، لا بد أن تتعامل معها وتتعاونوا كمجموعة.

لم يبدي امتعاضا من الوضع الجديد، استمرت اللقاءات بينهما في مناقشة البحث على طاولة واحدة، فكان دائما ما يغض النظر عن الفتاة، إن تكلمت كلمها دون أن يركز بنظره إليها، إذا أعطته ورقة ما، أخذها منها دون أن يلتفت إليها، دون أن يبتسم معها أو يلاطفها أو يحتسي شيء معها. كأنه بتصرفه هذا لا يعير إليها أية اهتمام، هذا ما كانت تشعر به وأغاض مشاعرها.
فيما هو كان يجد حرجا من وجودها جالسة بجانبه ،عملا بقوله تعالى{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} صدق الله العظيم.
صبرت الفتاة على مضض، المرارة تلوك في نفسها وفي فمها، يكاد الأمر لا يطاق بعد أن تكدرت الألفة بينهما، شعرت بتصرفه هذا؛ تصرف أهوج وإهانة لها، شعرت بأنه لا يكن لها احتراما أو قيمة ما. باتت العلاقة تتأود وتنحني نحو التصادم..
أنما للصبر حدود لا يمكن تجاوز هذه الاستفزازات التي شعرت بها، طاقتها محدودة، مرة تلو المرة تراكمت في ذهنها نفايات تلك اللقاءات وبلادة إجهاضها. فلم تعد تحتمل أعباء قسوة النظرة، وهشاشة أرضية الاحترام.
وفي يوم مغبر من حياتها، أتقدت شرارة قرفها، علا الصخب هواجس ظنها، فهبت به كالريح العاصف، أقلعت كل وشائج الصمت والصبر من الجذور، حطمت جدار الاحترام الواهي، أقصت الزمالة بعد أن يئست من ترميمها، جعلت ما بينه وبينها هوة، صحراء قاحلة، صعب أن تخترقه النوايا.
نزلت كالصاعقة على قفا رأسه حتى جعلته متقوقعا بصمته، صارت تسبه، تشتم به، تسب العرب والإسلام، تنعته بالقبح والتخلف وقلة الذوق....الخ ومما قالته.
..أنتم حثالة، لا تحترمون النساء، ولستم تعرفون من الحضارة شيء، بل أنكم منحطون، سفلة، أغبياء....الخ
لم تدع شيئا في قاموس السب إلا وذكرته وكنته به...... حلت عليه كالغمامة السوداء ترعد، وتبرق سبا وغلا.... أمطرته بكل أنواع القسوة، وهو جالس ينتظر أن تفرغ مخزونها دون أن ينبس بشفة، دون أن يرفع نظره إليها...
حتى وجدت نفسها قد زلت كثيرا .. فأنكشف سترها فلم تعد تستطع أن تلم ساقيها....
لم يخرج عن طبع الهدوء الذي تقمصه منذ الصغر، .... تركها على سجيتها تلفظ النار من براكين حدقات عينيها، حتى استكانت وهدأت ثورتها، باتت أشبه بالرماد الذي تذرها الرياح في العراء لا تعرف السكينة.... أصابها خجل أصفر لعدم رده عليها ولو بنظرة.... ودت أن تعتذر منه دون أن تجد مخرجا من حرجها.
بعد أن هدأ بركانها قال لها
....: أهدئي يا ليما!...... أشربي قليلا من الماء، سأجلب لك عصير الليمون ليهدئ أعصابك....،
بعد أن جلب لها العصير قال لها....
...: سأوضح لك ما عانيت منه، نحن لسنا مثل ما تصورت وذكرت .... نحن أرقى بكثير مما يخطر في بالك ....
حين إذ انتبهت له، وأصغت له، أفلجت حدقات عينها الواجفة والصمت يملئ فمها الفاغر المفتوح بغرابة لما تسمع وتندهش لما قال........
قال: لو كان عندك قطعة من الألماس الغالية؛ ماذا ستفعلين بها؟ .... ألا تضعينها في قطعة من المخمل بعناية تامة وحرص شديد، ثم تضعينها داخل الخزانة بعيدا عن أعين الغرباء، إلا تحفظينها بعيدة عن الأعين التي تتلذذ بجمالها خوفا من أن تحيطها خيوط الشر.... ألا تتزينين بها في المناسبات لتزيدك بهجة وإشراقا......
قالت ليما: بلا! من الطبيعي أن أفعل ذلك، لأنها جوهرة.
قال: نحن كذلك ننظر للمرأة كالجوهرة.... فهي غالية جدا، بل أغلى شيء يمكن أن يحتفظ به الرجل في حياته. ومن المفروض أن لا تكشف وجهها، وجمال جسدها إلا لزوجها....هي لزوجها فقط، وزوجها لها فقط، لا علاقات جنسية قبل الزواج، ولا صداقات مزيفة.... كل طرف يحافظ على الآخر بصدق وثقة تامة، كما يحافظ الشخص على عينيه، وجوهرته – يجمعهما الحب والاحترام.
فلا يجوز للمرأة أن تنظر لغير زوجها.... وكذلك الزوج لا ينظر لغير زوجته، وهو يفتخر بها في المجتمع، وهي كذلك تفتخر به.
قالت ليما: ألهذا السبب تغض النظر عني؟
قال: نعم .... عندكم المرأة كسيجارة الحشيش، كل يأخذ منها نفس أو نفسين ثم يمررها إلى صديقه، وصديقه يمررها إلى الآخر حتى تنتهي ثم ترمى بين الأرجل لـتسحق وتداس، ثم بعد ذلك يبحث عن سيجارة أخرى وهلم جرا.
نحن لا نريد المرأة أن تكون كسيجارة تحترق، ومن ثم تطفأ بعد فترة وجيزة، نحن نعشقها كالجوهرة، كلما مر عليها الزمن تزداد بريقا ولمعانا وقيمة، تبقى محافظة على جمالها وقيمتها ورقتها في البيت وفي المجتمع.

بعد ذلك النقاش؛ انقطعت ليما عن المجموعة لمدة أسبوع تقريبا.. فلم يفكر بها، ولم يسأل عنها، وكأنها لا وجود لها..
وذات يوم وخلال محاضرة الأستاذ، جاءت امرأة متحجبة وجلست في آخر الفصل.. استغرب الجميع!! لأنه لم تكن معهم طوال السنة الدراسية في الجامعة أي امرأة محجبة.

وبعد انتهاء المحاضرة؛ تقدمت منه وتحدثت معه، فكانت المفاجئة، أنها لم تكن سوى تلك الفتاة الأمريكية ليما!.... والتي كانت من ضمن مجموعتهم لكتابة بحث التخرج.... تقدمت منه منحنية الرأس، وكأنها تود أن تعتذر عما حصل، وبدر منها فيما مضى من تهجم بلا مبرر.
قالت: أنا آسفة لم أكن أفهمك....
قال: لا عليك ياليما.... أنا لم أسمع ما قلتِ، ولم أفكر بكلامك إطلاقا – أنها لحظات عابرة وقد مرت.
قالت: أود أن أعلمك بأني أود دخول الإسلام–وأودك أن تساعدني، وأن تعلمني كيف ابدأ، وكيف أخطو خطواتي الأولى.
قال: يا بشراك! .... يا رب! .. تهدي من تشاء وتظل من تشاء – ثم علمها الشهادة.. شهدت أمامه (أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله) ثم صار يتواصل معها يوما بعد يوم، حتى تقوت الوشائج وزادت الألفة.
دخلت في الإسلام لأنها وحسب قولها، قد هزتها تلك الكلمات التي قالها محمد، فصارت تلتقي به كل يوم، حتى تخضب بها مبادئ الإسلام..
أقتنى لها بعض الكتب الدينية بلغتها، صارت تدرس الدين، وتزداد تعمقا به، أصبح لقاءاتهما شبه يومية، حتى استوعبته تماما، اقتنعت بالدين وبفكر محمد.
وبعد التخرج وقبل أن يفترقا عرضت نفسها عليه للزواج منه......

ليما : بعد أن هديتني لا تتركني – أريد الزواج منك! فأنت سيد الشباب، لقد غيرتني فأعجبتني في أدبك، ووسامتك وأخلاقك ودينك الحنيف سأخلص لك ما حييت.
قال: وكيف لك أن تتركي واقعك وعاداتك وبلدك وأهلك، فأنا لن أمكث هنا سأرجع إلى بلادي بعد التخرج مباشرة.
قالت: سأكون كما ترغب، مثالية، مطيعة، أتبعك أينما ترحل!....
قال: شرطي الوحيد هو موافقة والديَّ، عليك أن تنتظري ردهم....
أرسل صورتها لوالديه عبر الحاسب الآلي، وذكر لهم تفاصيل قصتها بالكامل، وبعد مداولة يومين أتصل به أبوه وقال له –
الأب: يا بني على بركة الله، أحرص عليها، فلك أجر إسلامها، وأجر زواجها وهدايتها، فتوكل على الله.

لم يتأخر عن قرار أبيه، أتصل بالدكتور وزملاء الدراسة، عمل فرحا صغيرا بمعية أسرة العروسة ليما والزملاء.
طوق سواعدها وجيدها بالذهب الخالص.
تغيرت مفاهيم زملائه، لم يصدقوا ما حدث، صار شخص جليلا في نظرهم، الكل يكن له الاحترام والتقدير، لقد فرض نفسه واحترامه دون عناء أو تكلف.
دعاهم للحفل الكبير على حسابه الخاص، الذي سيقيم طقوسه بين أقرانه وأصدقائه وأهل بيته وعشيرته في بلده ليرفع من شأن زوجته أمام أهلها وزملائها.
سيكون فرحا مختلفا عما تفعله أمريكا، ستبرز فيه القيم والمبادئ العربية بتقاليدها وأصولها.
النبتة تثمر في أرضها، ستبرز القيم الحقيقية للمرأة، فهي القمة في سلم المجتمع، تلك هي مكانتها الرفيعة في المجتمع الإسلامي، لبى عددا كبيرا من المدعوون رغبته، حضروا الحفل المبجل بتقاليد عربية صرفة.
على أثر ذلك الحفل البهيج القيم بعد أن عج بالحضور والفضول والكرم، أسلم عدد من أصدقائه برغبة جامحة ومن بينهم أستاذه الفاضل.



#عباس_مدحت_البياتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟
- شاهد: فنانون أميركيون يرسمون لوحة في بوتشا الأوكرانية تخليدً ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس مدحت البياتي - سراط القلوب