أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليم نصار - بين مونتريال والناصرة.... بين الناصرة وبيروت














المزيد.....

بين مونتريال والناصرة.... بين الناصرة وبيروت


وليم نصار
مؤلف موسيقي ومغني سياسي

(William Nassar)


الحوار المتمدن-العدد: 1413 - 2005 / 12 / 28 - 10:26
المحور: الادب والفن
    


وبين الناصرة وبيروت .. أسلاك شائكة ..
سفارة .. وعسس.
هذه ليست بداية وحي شعري، إنه الألم الذي لا يجد وطنا يسكنه
.
في مونتريال، مدينة العهر المقدس، أجلس في مقهى رصيفي وأسد أذني حتى لا أصاب بالسكتة الدماغية من تعدد اللغات والألوان البشرية، وأطير مع فرح لا أعرف
من أين يأتي
.
أحاول إقناع روحي المتعبة بأنني جالس في مقهى الويمبي بشارع "الحمرا" في بيروت
.
أفلفش أوراقي على طاولة واضحة المعالم والحدود، أكثر من خارطة وطني، وأفكر بفبركة مؤامرة ضد صخرة الروشة أو ضد الكآبة، بالكأس ... والسيجارة وموسيقى الروح، فأخاف أن يتهمني رجال الدين، المؤمنون وغير المؤمنين، بالزندقة. ثم أخاف أن تكتب منظمات حقوق الإنسان العربية تقريرا مخابراتيا بي، لنيل البركة الرسمية، أتهم فيه بالإرهاب لكتابتي رسائل حب محرمة لمدينة أعشقها
.
أتلفت حولي كمجنون بدون منى عطية، الفتاة الجنوبية اللاجئة من بلدة الخيام إلى بيروت، بيروتنا، المدينة التي جمعتنا غريبين، فأضحت لنا حبا أنجب شتلة تبغ وأغنية
.
يا أصدقائي .. أنا من الغاوين.
لو كانت "منى" معي الآن لاعتذرت عن كل مواعيدي، حتى لو كانت مواعيد العودة للناصرة
.
ثلاثة عشر عاما، وأنا أضاجع المدن تلو المدن، إلا أن مونتريال كزهرة الدحنون، تأتيني ليلا كامرأة بيروتية، فاتحة ذراعيها والشعر منسدل على الكتفين كدوالي الناصرة
.
لكن الناصرة مستحيلة، وبيروت بعيدة ومحاصرة بمليون جلاد وسوط.
ويا كأس الفودكا الأكثر دفئا من وطني، ترجل عن قلبي المتعب قليلا لأرتاح.
هل صار لزاما على قلمي أن أكتب رسالة حب إلى ضابط الأمن العام اللبناني، أو القنصل، أو السفير، كي أعطى إذنا لرؤية بيروت من جديد؟.
هل صار لزاما على قلبي أن يخاف الكتابة، أو يشهر حبه للمخيم؟
هل صار لزاما علي أن أصلي لأرزة الرب، وأن أتوضأ بصوت فيروز في السر؟
.
أمي هناك .. وأحن إلى صدر أمي وأهل المخيم.
أين دماؤنا، أين أحلامنا، أين أطفالنا؟
أيها الآب السماوي أين أنت؟
ألا ترانا نذبح مرتين، مرة بسقوط أحلامنا ومرة بمنعنا عن بيروت.
أنا الفلسطيني .. اللبناني، صوت صارخ في البرية بوجه الله:
إيليا .. إيليا
لما شبقتني.
* * *
في المقهى البارد، أكتب على الغيم رسائلي، وأرسل السلام لكل من أعرفهم وكل من لا أعرفهم، لكل من أحبهم ولا يحبونني، ولكل من يحبونني وأحبهم، ليعلموا أن بيروت وجع موخز في القلب منذ بدايات القلم، والوتر.
ولأني مجنون بيروت، ولأن لي حبا تركته هناك، فأنا يا أيها السادة أصحاب القرار لن ألتزم، ولن أقف على أبواب سفاراتكم، بابي وحده موئل عزي، وبابي هو الناصرة أو بيروت.
من زيّن بيروت في أحلامه بالورد والنبيذ والزعتر الأخضر أكثر مني؟
من أعطى بيروت حبا أعظم من حبي؟
لكم بيروتكم ولي بيروتي.
بيروتكم يا سادتي أصحاب القرار، بضجيجها الحضاري المستعار مسرحية بغير نص، بغير مخرجين ولا متفرجين.
بيروتكم يا أولياء الأمر، صندوق فرجة على كازينو على كاباريهات الزيتونة واشتهاء الفقير رائحة الخبز الطازج.
أما بيروتي أنا، فهي المرأة التي سوف أعشق، قلمي الأول، قيثارتي الأولى والثدي الأول.
بالمختصر...
لن تستطيعوا نزع بيروت من صدري، فأنا لي وطن واحد أحبه، لكن هناك لجوء واحد أحلى من وطني، هو بيروت.
كم أشتهي أن أحب هذا الوطن العربي الكبير دون أن يغتالني.
كم أحلم بأن أرتاح في لجوء واحد، على سرير واحد، في صدر امرأة واحدة، وتحت شجرة لوز واحدة
.
مذ كنت في رحم أمي وأنا أبحث عن وطن ولو ممنوع فيه الفودكا والموسيقى والشعر والحب. عن وطن لأحبه، كوجه حبيبتي الأسمر، الأجمل من بياض الياسمين. أبحث عن وطن لأحبه كشعر حبيبتي، فأرى الناصرة كجديلة طفلة تشرب من عينيها مياه القسطل، أو نبع الدردارة الجنوبي
.
من يدلني على الناصرة فأدخله معي ملكوت الآب.
من يسلم لي على بيروت لأتنازل له عن الروح القدس.
أنا هو الجليلي المعمد بمليون مذبحة وصمت، أدير وجهي نحو الفجر صارخا:
الناصرة حبيبتي .. وبيروت امرأتي
دمع القلب .. وحبات العيون
محاصر أنا بهما .. لكني لا أرفع الراية البيضاء
أنسى وجه أمي
والحليب الأول
لكنني لا أخون
وعلى خشبة صليبي أغني
إيليا .. إيليا
لمن أسلمت وطني
كيبيك سيتي - 1997.



#وليم_نصار (هاشتاغ)       William_Nassar#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...
- عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وليم نصار - بين مونتريال والناصرة.... بين الناصرة وبيروت