أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل عبد الرحيم - تجربتي مع تروتسكي















المزيد.....


تجربتي مع تروتسكي


كامل عبد الرحيم

الحوار المتمدن-العدد: 5304 - 2016 / 10 / 4 - 14:44
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تجربتي مع تروتسكي.....
((بوحٌ حر إلى إبني الأصغر جعفر ومن يود مشاركته))
عندما بلغتُ العشرين من عمري ،أيقنتُ ان الحزب الشيوعي بجناحيه (اللجنة المركزية والقيادة المركزية) لايلبيان جموحي وإنبهاري بالأفكار الثورية ، وكانت لي ميزة ربما بقيت بعضُ جذوتها للآن وهي الإندفاع وراء صوت قوي غير تقليدي ،فأتركُ كل شيء وأمضي خلفه متخففاً من حمولتي الطبيعية ، وفي ذلك العمر الغض قررتُ ان أنتمي للثورة العالمية ،وكانت في فترة مد.. تجلت ببوادر إنتصار الثورة الفيتنامية على أكبر جيش في التأريخ وكذلك الثورات في أمريكا اللاتينية وتجذّر المقاومة الفلسطينية وغيرها من الشواهد ، فقررت ترك دراستي ،حيث كنتُ طالبا في كلية الهندسة التكنولوجية ،وتفرغتُ للقراءة ،وأمام معارضة عائلتي التي تفخر بتفوق ابناءها العلمي ،قمتُ أيضاً بإدارة المحل التجاري الذي يعود للعائلة والكائن في الشورجة وفي قلب شارع الرشيد ، كنتٌ أسرقُ الوقت للإنعزال أما في المكتبة الوطنية أو في مقهى البرازيلية أو مقهى فتاح أو الجزائر لأقرأ ما يتسنى لي ،وقد شهدت أوائل السبعينات فترة ازدهار بالنشر والترجمة ،وضعي المادي الجيد جعلني أشتري كل كتاب جديد ،وكان سعرالكتاب رخيصاً ومدعوماً على كل حال ، أول كتاب وقع في يدي وهزني هو كتاب (نتائج وتوقعات) ، الثورة الدائمة لليون تروتسكي ومن ترجمة فواز طرابلسي وقد نشره طرابلسي بإسم مستعار (بشار أبو سمرا) وقد كان وقتها يقود مع محسن إبراهيم وغيرهم (منظمة العمل الشيوعي اللبنانية ) ، وجدت في هذا الكتاب ،ولا زلت ، أغلب الأجوبة للتساؤلات الملحة في ذهني الغض ، وقد قادني هذا الكتاب إلى الكتابين الآخرين اللذين غيرا ووجها قناعتي بشكل حاسم ، أقصد كتابي (ستالين) لإسحق دويتشر وتأريخ الثورة الروسية لتروتسكي ،لتبدأ حمى ،قادتني منساقاً ، فقرأتٌ (الثورة المغدورة) و(الإرهاب والشيوعية) و(الأدب والثورة) و(دراسات في الفاشية) وجميعها لتروتسكي بإستثناء الأخير حيث يشتركُ معه مجموعة من الباحثين وتوسع الأمر ليشمل كل الكتب التي تدور حول هذا الموضوع والماركسية عموماً ،كنتُ قد تعرفتُ قبلها على الشهيد رياض البكري وقد خرج تواً من محبسه الأول وتوثقت علاقتنا ليسافر إلى لبنان عام 1974 فلقد كانت تنتظرهُ توصية خاصة من الشهيد غسان كنفاني الذي أُعتيل عام 1972 ، تقضي هذه التوصية بإدارة مجلة (الهدف) واسعة الإنتشار آنذاك والناطقة باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، مافعله الرفيق جورج حبش ،والذي أحبَّ رياضاً كمناضل ومقاتل في الأردن عام 1970 ، هو جعل رياض (الشاعر المتميز)مسؤولاً عن الملف الأدبي للهدف ،وهو شأن ليس باليسير ، وكنا أتفقنا ،رياض وأنا ، أن ألحق به على عنوان عائم في بيروت وفي مخيم صبرا وشاتيلا عند إمرأة فلسطينية (ختيارة) تُدعى أم أحمد وهي من كوادر الجبهة الشعبية مع ابنتها ، كان هدفنا هو إعادة ترميم تنظيم القيادة المركزية الذي تلقى ضربات مؤلمة في ذلك الوقت عبر الإتصال بكوادرها المنضمين إلى تنظيمات المقاومة الفلسطينة ، وخلال فترة سفر رياض ،كنتُ قد أعلنتُ قطيعتي مع القيادة المركزية كونها لم تُحدث القطيعة اللازمة مع الستالينية وقد سمعتُ بوجود تنظيم تروتسكي في العراق حاولتُ الوصول إليه عبثاً ، وعندما نجحت في السفر إلى لبنان الذي سقط تواً في اتون الحرب الأهلية بصعوبة والنجاح بالعثور على الرفيقة الحاجة أم أحمد في مخيم صبرا ، كان كابوسي هو كيف أشرح لرياض قناعاتي الجديدة وإفتراقي عنه ، بعد ساعات طويلة من الإنتظار جاء رياض فتعانقنا وذهبنا الى غرفته الصغيرة في مخيم برج البراجنة ، وبعد حمام سريع خرجنا إلى الروشة ، والمفارقة هو ان رياض كان أيضاً محرجاً من شيء ما ، فلقد توصل رياض إلى نفس القناعات التي وصلتُ إليها وذلك من خلال تعرفه على الناشط (جلبير الأشقر) ، الآن أستاذ زائر في جامعات ألمانية وبريطانية في الفكر السياسي ، وعندما عرفنا أن كلينا توصل إلى ذات النقطة الصعبة وبطرقه الخاصة ،غمرتنا فرحة كبيرة فتعانقنا مجدداً وفي اليوم التالي كان موعدنا مع جلبير الأشقر .....يتبع
قبل الإسترسال في سرد الأحداث التأريخية وفق رؤيتي وذاكرتي ورغبتي طبعاً ، أود ان أُشيرَ إلى بعض النقاط ،فانا عندما أكتب هذا البوست وغيره ليس بدافع تمجيد وعبادة الشخصية وإستبدال معبود بمعبود وصنم بآخر ، فنحن تعرفنا على تروتسكي وغيره بدافع من الروح النقدية التي هي من مستلزمات الموقف الثوري ،بل والإنساني ، وأنا شخصياً عملت تنظيمياً لفترة ليست بالطويلة ،وكان إعدام رياض البكري وغيرها من الظروف جعلتنا نتكيف مع هذه المتغيرات تحت وضع قمعي مرعب ،ولازالت تلك الروح النقدية تجعلنا على مسافة معقولة من التمجيد الأعمى لتروتسكي أو غيره ، وكانت تعليقات الأصدقاء ثرية جداً وتدفعني كي أكون دقيقاً وبالمقابل أن لاأبالغ بقدرتي على الإجابة على تلك القضايا الإشكالية، أشارصديقي الأستاذ جمعة اللامي على ضرورة التفريق بين تروتسكي كمفكر وبين التروتسكيين ،أي بشكل أدق الحركة التروتسكية وأنا ببساطة أتفق معه ، صديقٌ عزيز آخر تساءل عن الثورة الدائمة وهو المفهوم الذي إرتبط بتروتسكي وان كان ماركس قد استخدمه قبله ولكن بمفهوم آخر والحق يقال ، وقد تم تبسيط هذا المفهوم وتشويهه على انه دعوة لإشعال الحرائق في كل مكان وفي كل وقت ، والحقيقة ان المفهوم قد تم تفصيله مبكرا في كتاب تروتسكي (نتائج وتوقعات) والذي هو محاولة لإستخلاص الدروس من ثورة 1905 في روسيا ، وهو بتبسيط ، ان الرأسمالية وهي تدخل مرحلتها الإمبريالية فانها سوف تحرم وتمنع بورجوازيات الدول التابعة (وهذا كان ينطبق على روسيا من 1905 حتى 1917) ،تمنعها من التطور الطبيعي حتى إنجاز ثورتها الوطنية وإقامة دولتها ،بل ستكون تلك البورجوازيات وبشكل مطلق( وهذا ما أثبته التأريخ بشكل حاسم) تابعة للرأسمالية العالمية وقد توحشت وازدادت جشعاً ،ما يجعل مهمة إنجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية على كاهل الطبقة العاملة مهما كانت ضعيفة التطور شريطة وعيها لهذا الدور وتبلور أدواتها من حزب ثوري ونقابات وغيرها ،وستكون لنا عودة مع إستفاضة في المستقبل ، وقد توقفنا في الجزء الأول عند الرفيق جلبير الأشقر ،فلقد كان في قمة نشاطه وهو يقود تنظيماً (تروتسكيا) اسمه (التجمع الشيوعي الثوري) مركزه في لبنان وله فروع في دول أخرى منها العراق وكذلك مصر ،حيث كان يعمل باسم (تجمع مصطفى خميس الثوري) تيمناً بالشهيد الشيوعي مصطفى خميس الذي أعدمه جمال عبد الناصر ، وكان هذا التنظيم مرتبطاً بالأممية الرابعة والتي كان مركزها في بروكسيل ولها فروع في دول أوربية عديدة وكذلك في دول العالم الثالث واتذكر ان لها في سيري لانكا(سيلان) فرعاً مؤثراُ في عقد السبعينات من القرن الماضي ، وقد كانت في تلك الفترة دورة للكادر بإشراف مركز الأممية الرابعة ،دخلنا فيها فورا ،رياض البكري وأنا ، وفيها تعرفنا على رفاق مهمين مثل الفقيدة مي غصوب وكذلك كميل قيصر داغر الذي ترجم ثلاثية اسحق دويتشر (النبي الأعزل والمسلح والمنبوذ) ، وكان التنظيم في العراق يعمل أيضاً بنفس الإسم (التجمع الشيوعي الثوري) ويقوده شخص يدعى (مزاحم التكريتي) وأغلبية أعضاءه من القوميين والبعثيين الذين تجذرت أفكارهم وتجردت أرواحهم فتبنوا الماركسية الثورية ، ومنهم (مزاحم التكريتي) الذي كان في زيارة إلى مصر للتنسيق مع تجمع مصطفى خميس ،وقد تم كبس التنظيم فألقيّ القبض على العديدين ومنهم (مزاحم) ،لذا لم يتسنى لنا رؤيته أو التنسيق معه ، الشخص الثاني في التنظيم شخصية محترمة أسمه (أحمد) ويعمل في البنك المركزي وقد كانت لي مهمة التنسيق معه عند عودتنا في بغداد ، أحمد هذا إغتنم فرصة إيفاده إلى فرنسا ليبقى هناك ،سيما انه كان يتعرض أيضا إلى مضايقات ،وبعد عام 2003 شغل منصباً رفيعا في البنك المركزي ،وقد يكون هو ذاته (أحمد البريهي) ،لستُ متأكدامن ذلك ونحن نتحدث عن عشرات السنين الحافلة بالأحداث والخسارات ، وسنعود إلى رياض البكري الذي كتب عنه السيد حسين الهنداوي كتاباً ،لديّ العديد من الإعتراضات عليه ، فعن عمد تتم محاولة إلغاء وحذف تلك الفترة الحاسمة من حياته ، أقصد بها العمل في التنظيم التروتسكي ،وتجييره بالكامل لتراث القيادة المركزية ،وهو تراثٌ ثوري حافل ،ورياض دفع حياته ثمناً لهذا الإختيار ، ففي أثناء عملنا مع التنظيم التروتسكي ،كانت لنا ،رياض وأنا ،نشاطات متعددة في الإتصال بالعديد من كوادر القيادة المركزية دون الإفصاح عن توجهنا ، وفي عيد العمال عام 1975 ، وفي إحتفال بالمناسبة أقامته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وفي مخيم تل الزعتر الذي سيسقط بحصار بعد أسابيع من هذا الإحتفال ليتعرض للمجزرة المعروفة بعد ذلك ، قمنا ،رياض وأنا بتوزيع بيان يتعرض إلى النظام الديكتاتوري في العراق ويدعو لإسقاطه ، وباسم (أنصار القيادة المركزية) ،وكذلك كانت حادثة إعتقال الكاتب عبد الستار ناصر بسبب قصته القصيرة (سيدنا الخليفة) وفيها تعرية وفضح لرموز النظام الديكتاتوري ،فقمنا بإستنساخها من مجلة (الموقف الأدبي) وتوزيعها كمنشور ،كانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين آنذاك تمر بشهر عسل مع النظام البعثي العراقي ،فاعتبروا ما قمنا به طعنة في ظهورهم ،ولم يكتفوا بطرد رياض من مجلة الهدف بل أصدروا أمرا بإلقاء القبض علينا ، فتركنا سكننا في مخيم برج البراجنة مجبرين وأختفينا في منطقة عين المريسة عند رفيق تروتسكي عراقي أثوري كان في طريقه للهجرة إلى أمريكا لم أسمع به بعد ذلك ، وكان ناشطاً آنذاك في تلك الفترة (الرفيق أنور) وهو كادر كردي شاب من مجموعة برزت حديثاً باسم (وحدة القاعدة) تدعو لبث الروح في تنظيم القيادة المركزية هو ومجموعة من الرفاق ،وقد التقيتُ معه بعض مرة ،الرفيق أنور والذي سيغير قناعاته بعد ذلك ليلتحق بصفوف الحزب الديمقراطي الكردستاني هو نفسه المرحوم (سامي شورش) عضو مجلس النواب العراقي والكردستاني ووزير ثقافة كردستان بعد عام 2003 ،والذي توفي قبل سنوات جراء إصابته بداء عضال ، وقد كان للرفيق أنوردورٌ مهم في تغيير وجهة الأحداث أو على الأقل بالمصير المأساوي لرياض البكري ........................................ يتبع
بسبب القمع الإستثنائي الذي تعرضت له التنظيمات التروتسكية ،من داخل الأممية الرابعة(تأسست...1938) أو خارجها ، تم إستحداث تكتيكات تنظيمية وعملية ،منها (الدخولية) وتقضي تلك بإمكانية العمل كأفراد أومجموعات في تنظيمات يسارية أو عمالية أو حتى ليبرالية ،دون الإفصاح عن التوجه الحقيقي ،لتفادي ما سميّ ب(مرحلة إجتياز الصحراء) وحتى نضوج الظروف التي تسمح بإشهار العمل كتنظيمات تروتسكية ، وخير مثل على هذا التوجه هو المناضل العتيد (تيد غرانت...مناضل تروتسكي بريطاني من أصول جنوب أفريقية 1913 _2006) والذي أختار العمل خارج الأممية الرابعة وانضم إلى حزب العمال المستقل وكان قريباً من الحزب الشيوعي أيضاً وله نشاطات مستقلة أخرى ، وقد كان هذا الخيار (الدخولية) على مائدة الحوار الجاد بين رياض البكري وبيني وقد التحق بنا أيضاً صديقي (أبو رياص..شرق حسون كريم المياح ..تولد ـ 1950)(صديقي شرق وعند عودتنا من بيروت منفصليّن ،كان علينا أن ننقل أدبيات التنظيم التروتسكي وهي مالا تتسع له إلا حقيبة ملابس كبيرة ،وكان علينا الإختيار بيني وبينه ،فاختار هو القيام هذه المهمة التي لو كّشفت في نقاط التفتيش فستعني الإعدام بلا شك) وكذلك رفيقنا من اللجنة الثورية /الحزب الشيوعي العراقي ..تحسين الشيخلي (يحيى العراقي ..تولد 1946 والذي إغتالته مخابرات صدام في بيروت عام 1981 وقد اشترك معنا في النقاش بشكل منفرد في بيروت وفي بغداد الرفيق أحمد الذي تحدثت عنه في الجزئين السابقين وهو الموظف المرموق في البنك المركزي ،وكذلك تمت إستشارة الرفيق جلبير الأشقر ، وتقضي تلك المداولات بأننا ومادام التنظيم التروتسكي في العراق قد تعرض إلى ضربة قاصمة بإعتقال رأسه الأول (الرفيق مزاحم التكريتي) ومادمنا غير محترقين أمنيا ،وبسبب أصولنا الفكرية ،كوننا عملنا جميعاً في تنظيمات القيادة المركزية للحزب الشيوعي العراقي ، فمن الممكن ان نعمل على الإتصال بالكوادر المتبقية وغير المشتبه بها من القيادة المركزية ، وكان الشهيد رياض البكري رأس الحربة في هذا العمل ،نظراً لعلاقاته المتعددة وسمعته النظيفة لدى هذه الكوادر وكذلك علاقاته والثقة المتبادلة بينه وبين أغلب تنظيمات المقاومة الفلسطينية ،التي سنحتاجها كغطاء لعملنا ، كُلفتُ أنا بالتنسيق مع الرفيق أحمد في بغداد بشكل خيطي ، وأُطلع الرفيق جلبير الأشقر بالتطورات وعدنا إلى بغداد منفردين ، أنا أول العائدين ، شرق مع حقيبة الأدبيات بعدي ،رياض يعود بعد ترتيب أوضاعه في بيروت وتهيئة مكان له في بغداد ، تحسين الشيخلي يعود مستقلاً بعد ذهابه إلى لندن للقاء الأب الروحي لتنظيم اللجنة الثورية (المناضل المخضرم سليم الفخري) ،وقد كنتُ رفضتُ تكرار اللقاء مع الرفيق أنور (سامي شورش) في بيروت لإعتقادي بعدم أهميته ، وتركنا رياض وهو تحت تأثيره (الرفيق أنور) وقد ترافق ذلك مع بوادر خلافات بين رياض البكري والرفيق جلبير ،وقد كان هذا متوقعاً للتنافر الواضح بين الشخصيتين رغم إنجذابهما القوي في البدء ، وقبل تناول المنعطف الذي مرت به علاقة رياض البكري بأنور ، من المهم جداً إستعراض تجربة القيادة المركزية بعد الضربة القاصمة التي تعرضت لها بعد إعتقال امينها العام (عزيز الحاج) وأغلب قيادتها عام 1969 ،فلقد قام بمهام السكرتارية (إبراهيم علاوي.توفي 2014 ) ،وقد حصلت إنشقاقات كثيرة على تلك القيادة ومنها مجموعة (مصلح مصطفى) وهو شيوعي كردي سرعان ماتم إعتقاله ومن ثم اعتزل العمل السياسي بعد إعترافه للأجهزة الأمنية ،لكن مجموعته ظلت تعمل بشكل مستقل وبالضد من مجموعة ابراهيم علاوي ، وقد كان من أبرز ناشطيها هو رياض البكري طبعاً ولكن يجب المرور بالأخوين (داغستاني) (عامر ورديف) والذي كان لي تجربة العمل معهما وبشكل مستقل ،حيثُ كانا يعملان منفصلين أيضاً ، وقد تعرفتُ عليهما عن طريق رياض البكري ، وقد كانت أساليب عملهما تقليدية وتوجههما يمينياً ولا يتوافق مع أُفقنا الأممي التروتسكي ، لكن كان لابد من المرور عبر حاضنتهما لعلاقتهما المميزة مع رياض البكري على الأقل ، في بيروت تعمّقت العلاقة بين رياض البكري والرفيق أنور ،وتحت وطأة خلافات رياض مع جلبير ،وقدرة الرفيق أنور على الإقناع ،إنضم رياض إلى تنظيم (وحدة القاعدة) وهو تنظيم جديد للقيادة المركزية كان من وجوهه البارزة ،الرفيق أبو دعير الذي توفي في بولونيا والكاتب عبد الحسين الهنداوي والرفيق أنور ، وهو بلا وزن بدون كاريزما رياض البكري وخبرته النضالية وعلاقاته ،وقد انطفأ هذا التنظيم بعد إعتقال رياض البكري وإعدامه (1978) ،عدتُ إلى بغداد وأعدتُ صلتي التنظيمية مع مجموعتي الأخوين داغستاني ، بعد الإتفاق مع الرفيق أحمد وكذلك أبي رياض (شرق) ، وانتظرنا عودة رياض البكري ، الذي عاد أخيراً بصحبة الرفيق أنور وقد غير وجهته نهائياً باتجاه وحدة القاعدة ، ذهبا إلى كردستان في مهمة وعادا وتحت إلحاح من رياض ، إقترح رياض عليّ لقاء الرفيق أنور في موعد ،لرغبة الأخير الشديدة ، كان من المفروض ان يكون اللقاء في كورنيش الكاظمية ،هذا الموعد الذي سوف لن أذهب إليه لحصول تطورات ..انتهى بإلقاء القبض على رياض البكري .........يتبع
لم أذهب إلى الموعد الأخير ،كما اسلفت ، مع رياض البكري والذي كان من المفروض ان يكون في كورنيش الكاظمية ، وربما يعود الفضل إلى وشالة علاقاتي مع بقية المجموعات الثورية ، وكنتُ قد اتفقتُ مع صديقي شرق المياح ، ان يكون تنسيقي مع مجموعة (رديف الداغستاني / يعقوب زامل الربيعي، أبي ظفار) منفرداً ، وقد جائني التحذير من رديف بالذات ، وسيقال الكثير عن إلقاء القبض على رياض البكري ،ومن هو المسؤول عن ذلك ،وهل كان كميناً مدبراً أم صدفة عاثرة ، لكن المؤكد ان الأجهزة الأمنية لم تعرف الصيد الثمين الذي بين يديها ، فلقد تم القبض عليه بجواز سفر لبناني باسم (سالم) ،ورغم التعذيب الشديد ،فلم يفصح رياض عن اسمه الحقيقي ،وبالتالي عن أي اسم من رفاقه ، وكان اعتقاله واعدامه مرافقاً لإعدام مجموعة الشهيد (بشار رشيد) اللاعب الدولي وقضيته المعروفة ، وعندي ما يثبت ان رياض أُعدم باسم سالم اللبناني ، وهناك رواية تقول ان رياضاً قد هتف باسم الحزب الشيوعي اللبناني وهو على منصة الإعدام ،كي يبقى سره مكتوماً ، وعلى الأغلب ليسخر في سره من جلاديه ، كان أبو رياض لايعرف غيري من أصدقاء رياض ، وكان محل عملي في الشورجة مفضوحاً ومميزاً ، وقد زارني (ابو رياض) ذات مرة ليقول لي ،ان الأمن جاءوا ليسألوا ان كان يعرف لبنانياً باسم سالم ،وهل كان ضيفاً عليهم ، وكانت المعاناة المهولة عندما اقتادوه إلى مشرحة الطب العدلي ليتعرف على جثة اللبناني سالم،وكان يسألني باكياً بحرقة (شسوي) ،وكان وضعي صعباً ، هل أهرب أم أعتمد على غريزتي التي تقول لي بان رياضاً سيمضي وحيداً دون ان يكشف عن أي سر أو اسم من رفاقه ، في نهاية الأمر أعترف أبو رياض بان الجثة تعود لإبنه رياض ، حيثُ استلمها وحيداً ليدفنها في كربلاء ، أبو رياض لم ينجح في الإستمرار طويلاً بعد ذلك ،حيثُ مات بعد اشهر تحت وطأة احزانه الهائلة ، كان إعدام رياض البكري في شهر آب من العام 1978 ، لكنه كان كافياً ليسود الصمت والصدمة والإنتظار الجميع ، وتحت إلحاح بعض اصدقائي اختفيتُ في الأردن لبعض الوقت ، ثم عدت وانا انتظر تداعيات إعدام رياض البكري ، لكن مجموعتنا التروتسكية الصغيرة استمرت بعملها المتباطئ بسبب التغيير الحاسم في الأجواء السياسية الناجم من انهيار الجبهة الوطنية بين الحزب الشيوعي والبعث ، وكنا قد كسبنا في تلك الفترة إلى مجموعتنا (إسماعيل زاير) ،والذي كان يتحرك ببقايا (كاريزما) أخيه الفقيد (ابراهيم زاير) ،ورغم كونه نائب ضابط في القوة الجوية ومثابرته على الانتظام في الدوام المسائي لمعهد الفنون الجميلة ، وكانت علاقتنا به مجازفة كبيرة لأنه (فضيحة تمشي على قدمين) كما يسميه قتيبة التكريتي ،هذا الأخير ورغم كل ما يقال عنه كان ينسق معي حتى اعتذاره بعد ما قرر الشراكة مع ابن عمه (أرشد ياسين ) مرافق صدام حسين ، كان قتيبة مسؤولاً عن مجموعة قريبة من توجهاتنا (التروتسكية) ،لكنه في النهاية قال لي ( كامل بعد ما أعرفك ولا تعرفني راح أتشارك مع ابن عمي ارشد ياسين ) ،فكان ان استولوا على مطبعة (تعود لإيراني تم تسفيره ،كما أشيع وقتها) ، وكانت تلك المطبعة ليست بعيدة عن مكان عملي ، فكان قتيبة يمر من أمام المحل مع ابن عمه أرشد وهو يرتدي الزي العربي ولا يسلم علي ، لم تُمهل الحياة قتيبة كثيرا ليتجاهلني أكثر ،فمات مبكراً بسبب اصابته بسرطان الدماغ ، أما اسماعيل زاير فلقد تحول إلى مشكلة لي ولرفيقي شرق ، وفي النهاية ساعدناه على الهرب إلى شمال العراق ليعود بعد عام 2003 ، حيثُ لم نتعرف على صديقنا القديم وكأن قطاراً محملاً بالثورة المضادة سحقه ،ومنذ عام 1979 وعام 1980 واندلاع الحرب العراقية الإيرانية ،حيث تم سوق الجميع إلى المحارق ،تغيرت الأولويات ،فكان البقاء وجودياً ، وعدم الإشتراك جهد الإمكان في تلك الحرب أو عدم التطويع الإجباري في قواطع الجيش الشعبي هو الأساس ،وقد فُرضت علينا مهمة جديدة ،وهي مساعدة عاثري الحظ من الشيوعيين الذين أضطروا للإختفاء بعد كشفهم وملاحقتهم بعد انهيار التحالف المشؤوم ، ليتطور بعد ذلك إلى مساعدة الأفراد والخلايا التي عادت لبناء تنظيمهم في عقد الثمانينات ، وهي مهمة محفوفة المخاطر لكثرة العملاء والمتعاونين والمندسين ،حيثُ كان الكثيرون من النازلين من الجبل ،لايعرفون غير عنواني المميز (نفق الشورجة ،رأس شارع السموأل) ،ورغم الإختلاف الفكري الكبير بيني وبينهم ، كان التعاون بلا حدود ، ومن ناحيتي ورغم إنشغالات الحياة وظروف الحرب والقمع ،فان عملي التجاري أخذ بالتوسع ،وهذا لم يمنع من التأمل بالوضع الحقيقي للتجمعات التروتسكية في بلد مثل العراق (على الأقل) ،حيث سيتحول الوضع إلى مايشبه الأقليات الدينية المضطهدة كالبهائية أو الأخويات الباطنية كالماسونية ،وهو ما يتنافى مع شخصيتي المحبة للحياة والضوء والسباحة وسط الناس ، فخرجت بتوليفة خاصة بي ،وهي تقديس العمل ،أقصد العمل النضالي ، فالمهم هو ان تعمل وبامكانك ان توصل افكاراً صعبة (مثل الثورة الدائمة) وبقية افكار تروتسكي أو غيره من المفكرين والثائرين ، وبحكم التجربة والممارسة وجدتُ ان أخطر مرض يُصيب الأفراد والأحزاب والجماعات بل وحتى الشعوب ،هو العزلة ، فكنتُ رغم كل النكسات والهزائم لاأكفُّ عن رمي نفسي مرة أخرى في الزحام والضوء ، وحتى بعد عام 2003 ، وعندما جاء مندوبون من الأممية الرابعة وهم يبحثون عن تروتسكيّ ضائع يحمل إسمي ولون بشرتي ، مثل الفقيد نبيل أو الصديق سلام حمزة ، فكان جوابي هو التعاون الفكري ، أما الحياة ....فهي لم تعد درباً ضيقاً لدعاةٍ باطنيين ،فالأفكار نزعت معطفها القديم وأصبح الهاجس العالمي مثلما أوجزه (دينغ هسياو بينغ) مهندس نهضة الصين الجديدة ( ليس المهم ان يكون القطُُ أسوداً أم أبيضاً ،المهم انه يأكل الفئران) ،وهذا ليس بالضرورة براغماتياً ....الإشتراكية هي خياري ،بل هي خيار العالم إذا ما اراد ان يتجاوز نهايته الهالكة ...لكن مع الإشتراكية ...هناك الحرية ...حرية الإنسان ...وهذا ما يهمني بما يتبقى من قواي ....هل أقول الخائرة !!!



#كامل_عبد_الرحيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصدر لـCNN: مدير CIA يعتزم زيارة إسرائيل مع استمرار مفاوضات ...
- بيروت.. الطلاب ينددون بالحرب على غزة
- أبو ظبي تحتضمن قمة AIM للاستثمار
- رويترز: مدير المخابرات الأميركية سيتوجه لإسرائيل للقاء نتاني ...
- البيت الأبيض: معبر كرم أبو سالم سيفتح يوم الأربعاء
- البيت الأبيض يعلن أنه أوعز لدبلوماسييه في موسكو بعدم حضور حف ...
- شاهد.. شي جين بينغ برفقة ماكرون يستمتع بالرقصات الفولكلورية ...
- بوتين رئيسا لولاية جديدة.. محاذير للغرب نحو عالم جديد
- الجيش الإسرائيلي ينشر لقطات لاقتحام دباباته لمعبر رفح
- بالفيديو.. الجيش الكويتي يتخلص من قنبلة تزن 454 كلغ تعود لحق ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كامل عبد الرحيم - تجربتي مع تروتسكي