سيدعلي داوي
الحوار المتمدن-العدد: 5290 - 2016 / 9 / 20 - 10:00
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
مؤخرا و بعد أن شاعت مواقع التواصل الإجتماعي و الزيادة الملحوضة في الإقبال عليها، كثيرا مايجد البعض أناس يكتبون و يتحدثون عن الأمازيغ و الأمازيغية و لا يعلمون من هم الأمازيغ و ما هي الأمازيغية، لذالك سنسعى في هذا المقال للتعريف بهذا الشعب العظيم الذي ضل مقبورا لسنين بسبب الأنظمة القومية العربية التي حكمت و مازالت تحكم شمال إفريقيا.
الأمازيغ (البربر) هم السكان الأصليين لشمال إفريقيا و التي تسمى تمازغا التي تمتد من واحات سيوة بمصر إلى جزر الكناري بإسبانيا شرقا و غربا و من البحر الأبيض المتوسط إلى الصحراء الكبرى جنوبا و شمالا ، و هم يفضلون أن يسمو أمازيغ التي تعني في اللغة الأمازيغية الرجل الحر .أما كلمة بربر فكلمة لم يسموا بها أنفسهم فهي كلمة أطلقها الرومان على كل الشعوب الأخرى غيرهم و من بينهم الأمازيغ و بقيت هذه التسمية و تداولها العرب أيضا.
و يبدأ تاريخهم في هذه المنطقة من العصر الحجري حيث أن هناك العديد من الأثار لهم التي أكتشفت في مناطق متفرقة من شمال إفريقيا و نذكر من بينها النقوش الصخرية بجبال الطاسيلي في الصحراء الجزائرية، ولقد عرف هذا الشعب كما ذكره إبن خلدون بنبل أخلاقهم حيث قال "و أما تخلقهم بالفضائل الإنسانية و تنافسهم في الخلال الحميدة و ما جبلوا عليه من الخلق الكريم فلهم في ذالك أثار نقلها الخلف عن السلف"¹ فلا يخفى على أحد عاشرهم هذه الصفات، و لا تنحصر إيجابيات الأمازيغ البربر في في أخلاقهم فقط بل حتى أنهم عرفوا بعلمهم و شجاعتهم في الحروب سواءا قبل الفتح الإسلامي أو بعده فنذكر من أعلامهم قبل الفتح يوغرطة الذي كافح الرومان و أبدى مهاراته في الحرب و السياسة و منهم يوبا الثاني الذي كان محاربا عظيما و من أمهر الفلاسفة و المؤلفين،و كذالك القديس أغسطينس الذي وجد في عصر الإنحطاط الروماني الذي كان نادر الوجود علما وفصاحة و تقوى و إخلاصا و تفانيا في خدمة دينه(المسيحية) و جنسه و غير هؤلاء الكثير قبل الفتح الإسلامي أما بعد الإسلام فيكفي ذكر عواصم علمهم كتيهيرت و تلمسان و بجاية و هذا في القطر الجزائري فقط بدون التعمق في الأقطار الأخرى²
و أما مع مجيئ الإسلام فلقد يختلف العديد من المؤرخين المعاصرين في تسمية هذه الفترة فهناك من يراها فتوحات إسلامية و هناك من يرى أنها ليست سوى غزو عربي أموي للشمال إفريقيا و كل حر في نظرته لهذه المرحلة..
و لقد وجد العرب الفاتحين صعوبات كبرى في فتح هذه المنطقة مما أدى إلى إستغراق مدة كبيرة من الزمن لأن الأمازيغ معروفين بحبهم للأرض و دفاعهم الشرس عليها و بغضهم للاستعمار أيا كان نوعه و نذكر من بين أبرز هؤلاء المقاومين القائد أكسيل(كسيلة) الذي قتل عقبة بن نافع الفهري و أيضا الملكة العظيمة التي كبدت العرب خسائر كبيرة ألا و هي ديهيا (الكاهنة) لكن بعد الفتح سرعان ما تأقلم الأمازيغ مع الإسلام و خدموه ففاتح الأندلس طارق إبن زياد أمازيغي و كذالك يوسف بن تاشفين الذي وحد المغرب و الأندلس و تولى إمارة دولة المرابطين³، ولقد أسس الأمازيغ العديد من الدول كالدولة الفاطمية و دولة المرابطين و الموحدين ...
ولقد بقت هذه الدويلات منفصلة تماما أو شبه منفصلة عن المشرق العربي، و مرت الإستعمارات سواء الخلافة التركية التي مست كل بلدان شمال إفريقيا إلا المغرب، و كذالك الإستعمار الفرنسي و الإسباني حيث قدم الأمازيغ العديد من الأبطال في ثوراتهم ضد المستعمر نذكر لالة فاطمة نسومر و مصطفى بن بولعيد في الجزائر، و عبد الكريم الخطابي في في الريف،و عسو أوبسلام في المغرب كل هؤلاء الابطال ضحوا بالغالي و النفيس من أجل تحرير بلدانهم من المستعمر الغاشم و منهم من استشهد و من هم من نفي.
وبعد إنتهاء الإستعمار التقليدي و إستقلال كل بلدان شمال إفريقيا إستلم أو بمعنى أصح إستولى الققوميون العرب بدعم مصري على الحكم في هذه البلدان حيث كانت أول أهدافهم تعريب الأخضر و اليابس ولقد لقيت الهوية و اللغة الأمازيغية التهميش و لقد وصل القمع في فترة حكم هواري بومدين في الجزائر إلى منع التحدث بالأمازيغية في الأماكن العامة و لقد قمع و قتل و عذب كل من طالب بحقه في الهوية و اللغة حيث دم الأمازيغ الكثير من الشهداء من أجل قضيتهم الأمازيغية من بينهم سعيد سيفاو الملقب بالمحروق في ليبيا و معطوب الوناس في الجزائر و مبارك أولعربي الملقب بنبا بالمغرب و ليعلم القارئ ان هؤلاء الشهداء ليسو سوى فنانين أتقنو الأغنية السياسية أو كتاب و شعراء، و مؤخرا فقط سنة 2001 قتل 127شاب في عمر الزهور في منطقة القبائل بالجزائر لا لشيئ سوى أنهم طالبو بلغتهم و هويتهم و الديمقراطية في بلدهم ..و ماذكرته ليس سوى إختصار للأحداث و الأعلام التي ناضلت من أجل الأمازيغية فلا تكفي هذه السطور لذكرها كلها، و الشيئ المفرح في هذا كله أن هذا النضال بدء يلقي ثماره حيث رسمت الأمازيغية في المغرب سنة 2011 و في الجزائر هذه السنة 2016 ،رغم أنها شحيحة لكن مع المزيد من النضال و التضحيات فسيصل الأمازيغ إلى مبتغاهم و يعيشو لغتهم و ثقافتهم و حريتهم في أوطانهم التي هي لهم.
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟