|
في ماهية التحكم :
احمد فاضل النوري
الحوار المتمدن-العدد: 5285 - 2016 / 9 / 14 - 22:03
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
لابد أن المصطلح الرائج بين الأوساط السياسية في الوقت الحاضر هو " التحكم " ، فأغلب الأحزاب تعتبر هذا الأخير – التحكم- هو العدو اللدود الذي يجب محاربته ، لكن لا أحد له القدرة على شخصنته بشكل مباشر فتارة يُنعت بالتمساح و تارة بالعفريت ، تارة يلعب دور الدولة الموازية /العميقة و تارة حكومة الظل ، فهو الذي تَرَصد أعضاء التوحيد و الإصلاح و أوْقَع بهِما ، هو الذي يتحكم في الإعلام و يقص أظافر المنابر الإعلامية التي تنافي خطه التحريري – محاكمة علي أنزولا ، المهداوي و المنصوري ...- هو الذي يصنع مثقفين يعيشون في أبراج عاجية يتعالون عن قضايا الشعب و في مقابل يصطاد و يحاصر كل مثقف عضوي –معطي منجب ، الفقيه البصري...- ، هو الذي يوشح كل صوت نشاز يسبح بحمده و يمنع سواه – رشيد غلام حاليا و حسن المغربي سابقا...- . سنحاول من خلال هذا المقال أن نقف على كل عنصر من عناصر التحكم على حدى . أولا عد أنفاس المواطنين : أقرب نوذج لتبسيط هذا العنصر هو فكرة سجن " البنابتيكون" panopticon التي أسسها جيريمي بينثام في القرن ال 18 ، وكانت الفكرة الأساسية هي قهر السجناء نفسياً بجعلهم يشعرون بأنهم مراقبون طوال الوقت ، وذلك بإستخدام بناء مصمم خصيصاً لهذة التجربة ويتولى مهمة المراقبة شخص واحد مختفي عن أعين السجناء ، حيث يظن كل سجين في نفسه أنه مراقب ، غير أن هذا المراقِب (المُختفي) لا يستطيع مراقبة سوى أعداد قليلة ، ويقول عن ذلك "جيريمي بينثام " سنجعلهم يُصابون بهاجس المثالية " ، حيث أن كل سجين سيدعي المثالية المفرطة من أجل لفت نظر المراقب إلى حسن سلوكه وأدائه ، لكن فكرة "جيريمي بينثام " لم تتوقف عند هذا الحد وإمتد لتشمل المصانع ، حيث عندما سافر إلى بروسيا حيث مصانع أخية هناك ( لأنه من عائلة غنية ) لاحظ أن هناك تكاسل واضح للعمال بالإضافة لإستجار العديد من موظفي ( مراقبة العمال ) ما يكلف مجهودا و مالا أكبر مع نتائج نسبية ، فكانت الفكرة هي بتصميم المصانع بحيث يوضع فيها برج للمراقبة يراقب منه شخص واحد فقط ويتابع أداء العمال ، وكذا هو الحال مع العمال كما هو الحال مع فكرة السجناء ، حيث يستشعر كل عامل بأنه مراقب من قبل شخص آخر ، . هذه الفكرة تحديدً تم إستثمارها بعد ذلك وتطويرها بشكل إلكتروني فيما بالـ cctv أو دوائر المراقبة التلفزيونية الداخلية ، أو دوائر الرادار أو الكاميرات المراقبة بصفة عامة ، فعندما ينظر الشخص إلى الكامير يستشعر أنه مستهدف أو مراقب وبالتالي سيتصرف بمثالية . لهذا نجد المخزن يسهر على تقوية جهاز المخابرات و التحكم في أجهزة الإعلام بشتى تلاوينها حيث لا يتكلم المواطن في مواضيع سياسية حساسة إلا هامسا أو متواريا عن الأنظار مرددا " للحيطان آذان" ثانيا "البام pam" أو الحزب الوحيد : نقدم رواية 1984 التي صورت بطريقة تنبؤية، مجتمعاً شمولياً يخضع لديكتاتورية فئة تحكم باسم "الأخ الكبير" الذي يمثل الحزب الحاكم، ويبني سلطته على القمع والتعذيب وتزوير الوقائع والتاريخ، باسم الدفاع عن الوطن والبروليتاريا. حزب يحصي على الناس أنفاسهم ويحول العلاقات الإنسانية والحب والزواج والعمل والأسرة إلى علاقات مراقبة تجرد الناس من أي تفرد وتخضعهم لنظام واحد بطل الرواية وينستون سميث خمسيني يعيش في لندن ضمن حدود دولة أوقيانيا، والتي يسيطر عليها حزب وحيد يقوده الأخ الأكبر، والذي يحمل ملامح ستالينية لا يمكن أن يخطئها القارئ، الأخ الأكبر تتمحور حوله عبادة الشخصية كما ظهرت في الفترة الستالينية، وصوره في كل مكان من الدولة، وتحتها العبارة الشهيرة (الأخ الأكبر يراقبك)، وطيلة الرواية لا ندري هل الأخ الأكبر موجود أم لا؟ ربما يكون ميتاً منذ زمن بعيد، ولكن عبادة الشخصية تحوله إلى كائن أسطوري خالد، وتمحور كل شيء حول شخصه، ، نتعرف مع وينستون على الحالة الغريبة التي وصل إليها ذلكم المجتمع الشمولي، حيث أربع وزارات تدير البلد، وزارة السلم وهي المسؤولة عن الحرب، وزارة الوفرة وهي المسؤولة عن الاقتصاد، الذي نعرف من خلال الرواية أنه بعيد تماماً عن الوفرة، وزارة الحقيقة وهي مشابهة لوزارة الإعلام ولكنها متخصصة في نشر الأكاذيب والشائعات، وأخيراً وزارة الحب وهي الوزارة المرعبة التي تشرف على شرطة الفكر، وعلى عمليات التعذيب المنهجية للمعارضين، والتي تتابع الناس من خلال شاشات الرصد الموجودة في كل مكان حتى في منازل أتباع الحزب. ما هو المشترك بين البام و الحزب الوحيد الذي تحدث عنه جورج أورويل في روايته هذه ؟ إعلاميا : إطلاق إلياس العمري لمشروع آخر ساعة الذي كلفه 7 ملايير سنتيم إيديولوجيا : إستقطاب شباب عشرين فبراير و رفع شعار الدفاع عن الكادحين سياسيا : التحكم في الوزارات الحساسة "الداخلية" ، "التعليم" ، "الأوقاف و الشؤون الاسلامية" و الفلاحة في الأخير مقول أن هذا المقال ليس إلا غيضا من فيض التحكم. الذي يصعب الإحاطة بعناصره
#احمد_فاضل_النوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحرية و الدين عند روسو :
المزيد.....
-
أمريكا تعلن عن مساعدات إلى لبنان بقيمة 157 مليون دولار
-
ترامب يقول إن على إسرائيل -ضرب- المنشآت النووية الإيرانية
-
-حزب الله- يكشف حقيقة صور طلبها نتنياهو وكلفت إسرائيل عشرات
...
-
السفير الروسي لدى واشنطن يؤكد عدم جدوى إرسال الأسلحة الغربية
...
-
مسيرات في عمّان تضامنا مع فلسطين ولبنان
-
-بلومبيرغ-: البنتاغون سينفق 1.2 مليار دولار لتجديد مخزون الأ
...
-
اتفاق جديد بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بشأن نفقات ا
...
-
باسيل يحدد -سبيلا- لـ-انتصار- حزب الله ويؤكد أن المشكلة ليس
...
-
غارات إسرائيلية عقب إنذارات جديدة لسكان الضاحية الجنوبية في
...
-
فيلتمان للحرة: يجب أن يكون اغتيال نصر الله دافعا لتوحيد اللب
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|