أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين ابو الجود - قصة قصيرة / الناجي الوحيد














المزيد.....

قصة قصيرة / الناجي الوحيد


محمد حسين ابو الجود

الحوار المتمدن-العدد: 5281 - 2016 / 9 / 11 - 10:00
المحور: الادب والفن
    


كل ما كنت أتمناه هو الخروج من هذا المكان
على يميني يتمدد نهر تطفو فيه طحالب غريبة الشكل وصبغة حمراء قانية تكاد تغطي وجه النهر الذي كان غنياً بالثروة (البشرية) يومها ..
الجزّار ملثم ، خائف ، رغم انه يرتجف الا أنه كان سريعا في عمله ،، ربما العمل الموكل أليه اكبر من طاقته البدنية ،، لكن عليه ان ينجز ما بدءه فلطالما عاهد نفسه على تثبيت حكم الرب .. والى اليسار .. منصة حجرية مرتفعة ،، يقف عليها رجل بديّن طويل القامة بيده قضيب حديدي يضرب به الضحايا المكبلين بالحبال الذين يساقون الى ضفة النهر الاسمنتية .. ملثم هو الاخر لكن عيناه المحمرتين تفوح منهما رائحة (العدم) ،، ايقنت أنه مخلوق لابادة الحياة فقط ..
يا آلهي .. هدوءه المجنون ،، واسترخائه ..
اضن انه مشارك بعشرات المجازر سابقاً وما يراه ليس الا شريط روتيني ممل .. حيث ينتشي بمشهد جز الرقاب الطريّة وتشظي الرؤوس .. ويزداد تفاعله مع تسرب الدم الرهيب من الضحية الذي يُقتل .. البعض لا يقطر منهم الا قليل من الدم ،، لشدة خوفهم تجمدت دمائهم في احشائهم وعروقهم ..
الوقت كان الظهيرة .. لا احد يسمع صرخاتنا وآهاتنا .. كأنّ ما يحصل هنا في جزيرة معزولة تماماً عن العالم .. همست في جوفي ؟ بوسع الله ان يرسل لنا شيئا لينهي المأساة هذه !
لم لا يفعل ؟ لا اريد تصديق ما يحدث امامي ..
انا ادرك ما يجري بكامل عقلي .. لكن (غريزتي الحيوانية) ترفض تصديق ما يحدث !
انه محض كذب !
او مجرد كابوس بشع
أو لا أعلم ما هو بالضبط ؟!
المشهد مضطرب ،، كل شيء مضطرب وقلق ألا ذاك الجلاد الضخم ..
السكين تصدر صوتاً عند معانقة النحر ..
الماء يصدر صوتا مؤلماً حين يلتهم جثة ..
اصتكاك الاسنان له صوت مقلق ..
رصاصاتهم لها صوت مبحوح ومحقون ..
الشمس حارقة .. والتراب ملتهب .. والدم الاسود يلطخ المسرح !
يا آله الشمس ،، يا خالق الدم .. انقذني .. خلصني من آكليّ لحوم البشر .. انا (صنيّعتك) خلصني من اعدائك !
الخوف حينها سيد الموقف .. انضح عرقاً والوثاق سبب ليّ اورام مثخنة .. وما يدور في نفسي يصعب عليّ تفسيره .. من غير المعقول ان تنتهي حياتي البائسة القصيرة هكذا !
أنا ومن معي .. لم نفعل شيئا يستحق هذه الموت القاتم !
لي آمل بصيص في النجاة .. لا أعلم كيف ومتى ؟
أغمضت عيني قليلا لأهرب من هذا الكابوس ،، ارى وجه عجوز جالسة في فناء البيت والشيب قد آستولى على شعرها ..
أنها أمي !!!!! لقد تبدلت محاسنها الجنوبية المليئة بالجمال بهذه التجاعيد الطاعنة ،، رباااه هذه امي بعد 20 عام او اكثر ..
سمعت صوتها المختنق يندب أسمي .. وتعقد وشاحها الاسود المحليّ ( الشيّلة ) وتتمتم بكلمات حزينة ودمعاتها حفرت مجراها في تلك التجاعيد الزاهية ..
وفجأة تلاشت تلك الصورة وانقشع المشهد .. كانت الضربة المفاجئة على قفاي بحذاء أحد الجلاوزة ،، ( هي السبب ) .. كان متحمسا حينها ..
قال لي بالحرف الواحد : يا رويّفضي تدعي ربك الحسين ؟
لم استوعب كلامه ،، فضَربتهُ حطمت اخر ما تبقى من افكار في رأسي .. اتذكر انه عربيّ من لهجته وسمار بشرته .. يرتدي سروالا .. و زيا ً مرقط عسكري كملابس الدراويش والافغان .. ولحيته طويلة مصبوغة بلون يشبه دمائنا .. وبيده رشاش امريكي كأنه مصنوع للتو .. وشاب أخر الى جانبه نحيف عليه ملامح المدينة ( المحلية ) يصور بعدسة نقاله ما يحصل من فناء لمجاميع البشر .. انتقل صاحبنا المتحمس الى مجموعة اخرى منبطحيّن على بطونهم جميعاً ،، مقيدين الى الخلف .. واختار احدهم .. لمحته من بعيد كان صبياً .. ثم طلب منه ان يركض أمامه .. أراد الصبي ان يتوسله لكن سارع اليه بكعب السلاح على وجهه فجعله يركض أمامه وهو يرفع يديه للاعلى .. والعربي يصيح : انت لا تساوي عند الله حتى نعامة .. وما ان ابتعد الولد هاربا مذعورا 4 امتارً حتى رشقه بزخم ناري وأرداه قتيلا ..
وقتها كنت اقف على مسافة ( 3 ضحايا ) فقط من النهاية ..
ثم تشاهدتٌ في قلبي .. وقام احدهم بسحبي من شعر رأسي وانا منكوس الرأس مقيد اليدين ألى ان ركعت على ركبتاي امام الجلاد المكلف بمجموعتنا .. فحينما رفعت رأسي ورئيته .. قلتٌ في نفسي : وصل دوري لأموت !
نلتزم الطوابير لنحصل على الماء الملوث للشرب .. ولنحصل على اجازة بناء بيت من الطين والسعف ..
انه البلد الوحيد الذي تلتزم فيه بطابور حتى تموت ..
لم يكن الامر طويلا ،، فهي رصاصة واحدة افرغت شهوتها في رأسي .. وانتهى كل شيء .. لقد سكن كل الالم والقلق والخوف والامل الذي يهلوّس في صدري ،، قام رجلان بسحب ما تبقى مني و رُميت في خندق ترابي دون مستوى الارض .. وتحتي وفوقي الكثير من اللحوم البشرية ،،، بعضهم ما زال يأنّ من الالم ولم يمت .. اما انا ميت تماما .. وفجأة سمعت صوت جراف زراعي يحثّ التراب على الخندق .. حتى غطانا تماما ولم نعد شيئاً ،، قضيتٌ الليلة الاولى وانا مشتاق لامي وابني الصغير .. وفكرتُ حينها كيف لي ان اخرج من هنا واعود الى المنزل مرة أخرى !





#محمد_حسين_ابو_الجود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد حسين ابو الجود - قصة قصيرة / الناجي الوحيد