أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عدي عدنان البلداوي - الطائفية بين الحقد والنقد















المزيد.....

الطائفية بين الحقد والنقد


عدي عدنان البلداوي

الحوار المتمدن-العدد: 5252 - 2016 / 8 / 12 - 17:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ان مئات السنين من الجدال والنقاش والأدلة بين مذاهب المسلمين السنة والشيعة انتهت إلى نفس البداية .. ودفع الناس ويدفعون ثمن أفكار ومعتقدات وأحقاد ومصالح تتبناها جهات وترعاها دول وأنظمة كلها تتحدث باسم الله وباسم الوطن وباسم الدين والمواطن .. وكلها في نهاية المطاف مستعدة لأن تقدم آلاف الأبرياء إلى الذبح يوميا من أجل أن تبقى في كراسيها ..
أمام يقين المنادين بالمساواة بين الجميع على أساس إنساني، عملا بقول الإمام علي عليه السلام ( .. إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ..) تتلاشى محاولات الطائفيين هنا وهناك ، عندما نتذكر ونذكر
أن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز لم يكن شيعيا عندما منع سبّ الإمام علي على المنابر.. والإمام أبو حنيفة لم يكن شيعيا عندما آزر ودعا لنصرة ثورة زيد بن علي ضد حكم هشام بن عبد الملك الأموي .. والمسيحيين في العراق لم يكونوا شيعة عندما علقوا احتفالات أعياد رأس السنة لتزامنها مع ذكرى استشهاد الحسين عليه السلام .. والسيد السيستاني لم يكن سنيا عندما قال إن السنة اخوتكم بل هم أنفسكم في وقت كان العراق يشهد أحداثا طائفية كادت تودي بالبلاد والعباد.. ولم يكن السيستاني مسيحيا عندما شجب الاعتداءات على الكنائس..

ترى ما الذي دعا حمزة سيد الشهداء لأن يهجر مكة ومعابدها وآلهتها ويمضي أغلب وقته في العراء ثم يقول لابن اخيه ( انني حين اجوب الصحراء بالليل أدرك أن الله اكبر من أن يوضع بين أربع جدران) ترى ماذا كان وراء سلوكه هذا المختلف عن سلوك كثير من سادة ووجهاء مكة وهم يعيشون مثله في نفس البيئة ونفس الأجواء ..

وما الذي دفع أبو حذيفة بن عتبة أخو هند زوجة أبي سفيان إلى ترك والده حيث الثراء والسلطة والسيادة ليلتحق بحفنة عبيد مستضعفين لامكان يأويهم يحيطون بمحمد صلى الله عليه وآله ..

ان الانتقال من مرحلة كون المرء كائنا بشريا يعيش كباقي المخلوقات يأكل ويشرب ويتناسل ، إلى مرحلة كون المرء كائن إنساني يشعر بالآخرين ويتفاعل معهم ويتحمل المسؤولية ويسعى للوصول إلى الوعي والنضج الفكري .. إن هذا الانتقال هو المطلوب من وجودنا .. وإنه لمن المؤسف أن يقف المرء عند مرحلة البشرية فيكتفي بكونه كائنا حيا يأكل ويتناسل وتمر عليه سنوات العمر ليتنهي بالموت الذي لا ذكر له بعده سوى أنه تزوج وأنجب كغيره من مخلوقات الله الأخرى .. إن الوقوف عند هذه المرحلة البشرية دون السعي للوصول إلى مرحلة الإنسانية ، كان وراء الكثير من الأحداث التي قد لانجد لها تبريرا ونحن نقف عندها ، فكون حياة المرء عبارة عن مرحلة بشرية تورث عنده حب الأنا والنزاع من أجل المصلحة الشخصية والبحث عن الامتيازات وإن كانت على حساب الآخر ، لأن الذي يشعر ويقدر الآخر هو فقط الإنسان ، والإنسان هو ذلك الشخص الواعي المدرك للمسؤولية التي تملي عليه ان يكون مبدئيا ، مقتنعا بتحقيق العدالة ولو على حساب مصلحته الخاصة .. ان الذي دعا الخليفة عمر بن عبد العزيز الى منع سبّ الامام علي هو مرحلة الانسانية التي كان يعيشها والتي كانت تملي عليه ان ينحو ذلك المنحى .. وعندما وقف الامام ابو حنيفة الى جانب زيد بن علي في ثورته ودعمها بالمال سراً، وهو يعلم بما قد يلحقه من سخط الخليفة وعقابه ، ومع ذلك انصت الى صوت العقل الانساني المسؤول فيه .. ان مرحلة الإنسانية تحوي خطوات كثيرة تبدأ بايسرها وصولا إلى أعظمها كالتي تجسدت في ثورة الحسين عليه السلام .. إن السبب الذي يدفع القذافي مثلا لأن يرتكب كل هذه الجرائم المكشوفة بحق شعبه انما هو من قناعته بجدوى مايفعل لأنه لم يرتق الى مرحلة الإنسانية وظل رهين مرحلة البشرية فهو لاينظر الى الثوار إلا على انهم ينازعونه ملكه ولايستطيع ان ينظر لهم على انهم اصحاب مطالب .. وكذا حال نظام البحرين فعندما اختار ان يرتكب كل هذه المجازر بابناء البلد فهو منبعث من احساسه البشري المجرد عن الانسانية فهو يراهم منافسين له على الحكم ولا قيمة عنده كونهم اكثرية او اقلية، اصحاب حق او متمردين ، فهذه الحسابات لاتدور الا في خلد الانسان .. والانسان هو ذلك الشخص الذي يخطب بالناس عند تعيينه خليفة عليهم ليقول :

إنّ هذه الخلافة حبل الله وأنّ جدّي معاوية نازع الأمر أهله ومَن هو أحقّ به منه عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) وركب بكم ما تعلمون حتّى أتته منيّته فصار في قبره رهيناً بذنوبه ثمّ قلّد أبي الأمر وكان غير اهل له ونازع ابن بنت رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم فقصف عمره وانبتر عقبه وصار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمّ بكى وقال: من أعظم الاُمور علينا علمنا بسوء مصرعه وبؤس منقلبه، وقد قتل عترة رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم وأباح الخمر وخرّب الكعبة ولم أذق حلاوة الخلافة فلا أتقلّد مرارتها فشأنكم أمركم، والله لئن كانت الدُّنيا خيراً فقد نلنا منها حظّاً، ولئن كانت شرّاً فكفى ذرّية أبي سفيان ما أصابوا منها، ثمّ تغيّب في منزله حتّى مات بعد أربعين يوماً..

انني اعتقد ان القرآن الكريم جاء من اجل وعينا نحن ومن أجل الارتقاء بنا نحو الانسانية ، بالاضافة الى ابراز قدرات المولى جل شأنه .. وان محمدا صلى الله عليه وآله انما واجه غلاظة قريش بخلق رفيع وصبر على الكثير من الأذى ليس لانه غير قادر على الرد وهو ابن قبيلة مشهود لها بالشجاعة ، بل لانه اراد ان يوصل لنا الوعي الذي به نعطي اعتبارات اكبر من الاعتبارات الجسدية البشرية.. وعندما اشاح علي عليه السلام بوجهه عن عمر بن ود العامري لما صرعه وسقط الى الارض وبصق بوجهه ، وانتظر قليلا ثم عاد ليقضي عليه ،وكان بوسعه ان يقتله من فوره ، انما اراد ان يوصل لنا رسالة توعية عبر تريثه هذا.. وعندما ضرب يزيد الكعبة بالمنجنيق، فانه اراد ان يتخلص بقوة الخلافة من ذلك الدين الذي يملي عليه ان يكون انسانا بينما كان يريد ان يظل كائنا بشريا يسعى لنزواته ورغباته، وكلما كان قويا كانت تلك الرغبات مجابة ولا قيمة لأي اعتبارات اخرى ..

الطائفية هي ذريعة كل من لايجد في نفسه القدرة او الرغبة في الانتقال الى

الإنسانية ..

الانسانية تلك المرحلة التي املت على توماس كارليل ان يقول في كتابه الابطال :

( لقد أصبح من أكبر العار، على أي فرد متمدن من أبناء هذا العصر أن يصغي إلى ما يظن من أن محمداً خداع مزور وآن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال ، فإن الرسالة التي أداها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر قرناً لنحو مائتي مليون من الناس أمثالنا، خلقهم الله الذي خلقنا، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة التي عاش بها، ومات عليها هذه الملايين الفائتة الحصر. أكذوبة وخدعة؟ أما أنا فلا أستطيع أن أرى هذا الرأي أبداً )…

والذين يستخدمون الدين غطاء يمررون من ورائه نتاجات مراحلهم البشرية ويسوقونها الى الناس على انها من معطيات الدين ويصدرونها الى العالم الغربي عبر المفخخات والتفجيرات وتبني الإرهاب ، ليرسموا في مخيلة العالم صورا سيئة عن الدين الإسلامي بعد ان فشلوا في التطور صوب الانسانية وارادوا من خلال كينونتهم البشرية ان يبدوا امام العالم انهم انسانيون ، مما جعل نظرة الغرب تتلخبط حول الإسلام ..الامر الذي دفع بقس امريكي إلى رغبته في إحراق المصحف امام الملأ معتبرا انه يرمز لدين الإرهاب والقتل والعنف والاضطهاد .. و صار الغربي يسأل العراقي هناك هل انت سني ام شيعي .. بينما انتفض علي عليه السلام عندما شاهد ذميا يمد يده للحاجة وامر بصرف راتب له من بيت المال ، هكذا هو الدين الإنساني عندما يطبقه انسان ، وليس كذلك عندما يطبقه كائن بشري يبحث عن نزوة ورغبة ، فطلحة والزبير لم يكن اي منهما سنيا عندما خرجا على علي عليه السلام في معركة الجمل ، بل وجد كل منهما ان انسانية علي تتعارض مع بشريتهم الطامحة الى منفعة شخصية ، والتي تتقاطع مع نظرة علي عليه السلام للمصلحة المشتركة لعموم الناس ..

الانسانية هي معيار المفاضلة وليست الانتماءات الحزبية والطائفية .. بالانسانية علينا ان نواجه ظلام الجاهلية المعاصرة التي يعيشها بعض القادة والحكام والرعاع .. ان حجم المعاناة كبير جدا ، بكبر ما بلغناه من خطوات في مرحلة الانسانية .. مرحلة المسؤولية والاحساس بها والنظر الى الاخر على انه كائن انساني دون النظر في دينه او مذهبه ، بل التركيز على عمله وانتاجاته في المجتمع ..

الطائفية بعد كل هذا ليست خلافا سنيا شيعيا قدر ما هو نزاع مرحلتين في عمر الانسان ، بين بداية التكوين البشري والنمو التدريجي في هذه المرحلة وبين التقوقع فيها .. بين التحرك نحو الارتقاء بالكيان البشري الى مستوى الانسانية ، وبين خطوات النمو في هذه المرحلة .. بين الشد والجذب بين المرحلتين .. ان مرحلة الانسانية تتطلب نموا عقليا وتهذيبا نفسيا ووعيا فكريا واحساسا يقظا بالمسؤولية وبحثا مستمرا عن تغذية روحية وفكرية ونفسية بالاضافة الى التغذية الجسدية ، بينما المرحلة البشرية لاتحتاج سوى البحث عن التغذية الجسدية فقط ..



#عدي_عدنان_البلداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!
- الفصح اليهودي.. جنود احتياط ونازحون ينضمون لقوائم المحتاجين ...
- مستوطنون يقتحمون مدنا بالضفة في عيد الفصح اليهودي بحماية الج ...
- حكومة نتنياهو تطلب تمديدا جديدا لمهلة تجنيد اليهود المتشددين ...
- قطر.. استمرار ضجة تصريحات عيسى النصر عن اليهود و-قتل الأنبيا ...
- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عدي عدنان البلداوي - الطائفية بين الحقد والنقد