أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالكة بنت حجاج عسال - في فمي تدي من نار














المزيد.....

في فمي تدي من نار


مالكة بنت حجاج عسال

الحوار المتمدن-العدد: 5247 - 2016 / 8 / 7 - 04:13
المحور: الادب والفن
    


في فمي تدي من نار
غمره اعتقاد ملتبس ،تنزّلَ على حدّ الظن من الملائكة ،بأمْر من الله ورسوله ،أن من يستشهد ،يزين له الله الجنة بكواكب من نور ،وأنهار من كوثر،تتعدد النِّعَم ،وتحوطه حور عين مخلدة بأباريق وأكواب من ذهب ،سار في نفق هذا الطرح دون فهم كلمة استشهاد ،ولا إعطائها بعدا نظريا معقولا ،لقد تدحرجت الكلمة من عصور السلف ،فاتخذها تميمة في خيط سحري علقه بين عيني التنفيذ ، موظفا الظروف التقليدية الباهتة الصارخة بالموت الموت ،ولو مع قتل الابرياء ،وإزهاق أرواح الأطفال،وتشريد النساء .فكل مَن تطايرَت مِن بين أيديه حفنة من الأرواح في خضم الاستشهاد ،وتمرغ بأشلائه على سطح جثثها،أصبح من الأوائل في الجنة وبئس المصير، لايسمع فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيل سلاما سلاما ..أذهان اتقدت بالهمجية ،واشتعلت بالغي الوحشي ،وتسلحت بحكم الإعدام في مَن زحزحتهم اللحظات المتعوسة إلى بؤَر الموت ...
استفحلت هذه الجرثومة الخبيثة وصارت تتغول يوما عن يوما، مادّة أطراف الأذى ،وأنياب الدم ،ومخالب الفتك في صفوف بني البشر، بدعوة إسلامية عفوا /إرهابية نازفة /ناسفة ، تتفنن في أساليب القتل ، تلتذ بطرق سادية في تعذيب الإنسان ،راقصة على خيوط الدموع الحارقة ،مبتسمة للآهات الموجعة ..تصلي في محراب الآثام الكبرى ،راسمة بفوضى فاقدِ الاتجاه هدفَ القتل في أبشع صوره ،لملء جعبة التفكير الطائش والتخطيط المتخلف بأكبر عدد من الضحايا ،والأيتام والأرامل ..هي بطولة في القتل ،وفوز عظيم في الفتك وإسالة الدماء ،وإزهاق الأرواح ..وللتمويه ،وزرع الحبة المرَضِية السوداء في جميع الأنحاء ،ألبسوا هذه الجريمة البشعة النكراء حلة الدين، بجسده المشوه باهت الملامح ،فاقد البصر والبصيرة ،فصار كل من يبتغي رضاء رغبته ،والقبض على بوصلة تحقيق مصالحه الشخصية ، يحتمي بقناع مزيف من الدين ،لاعلاقة له بأصوله وأحكامه ،فينتهجون طرق القصاص دون أدنى جرم لايغتفر ...هكذا كانت تبدو له الحقيقة ملتمعة بعيون الشمس ،متأكدا من أن هذا العمل من رسم الجهَلة الذين لايفقهون في الدين شيئا ،..وكان يردد بين الفينة والأخرى أن هؤلاء الأبرياء ليسوا هم من مارسوا الشطط على الضعفاء وصَنّفُوهم في خانة الجياع على هذه البسيطة، و ليسوا هم من نهبوا حقوقه ..بل هذه الأعمال من جملة مايكرهها البشر في ملكوت الله ،غير أن الذهن الذي اشتعل أمس بالحق ،يلحسه اليوم طلسم التيه ، فيسقط في جب التناقض عازما على أن ينفذ مهما حصل، ومقامه في الجنة بإذن الله القهار .. تقدم بعينيه المنفلتتين المشاكستين ،موشّحا بحزامه الناسف ،وكأنه وسام شرف ورثه عن أجداده ،أو تقلده ذات عمل مشرف، ليطبع جبين التاريخ بقبلة مَجْد، ستظل أبد الدهر تلتمع في مرآة الذاكرة .. يتحسس صاحبنا حزامه بأنامل مرتعشة ، مُردّدا ((الحياة المؤلمة التي ترضعنا حليبا مسموما بمرارة القطران ، يستحسن أن نستأصل عروقها من الجذور ..ما فائدة الاستمرارية بتدي من نار في فمي ،أترنح على مهد الخسارات بين ألهبة الإقصاء، والتهميش، والفشل الذريع في تحقيق أهداف نبيلة ؟؟؟..أشرطة باهتة ملونة تتراقص بين عينيه بأسئلتها الجامحة ،تارة مطرزة بأيام القهر والغبن ،مليئة بالبؤس والأسى ،يرى فيها نفسه ذئبا بين ألسنة النار،وأخرى موشحة بالفرح والابتسام يتخيل فيها نفسه أمير زمانه على سرر مرفوعة، وفاكهة لامقطوعة ،محاطا بعصافير بألوان قوس قزح ،ملفوفا في دمقس حريري،تزُّفه الملائكة أمام أبواب الجنة ..دوي مثل الرعد هزّ ضباب جذعه المتردد ،ارتطام ،جدران تتساقط ،دخان يتصاعد ،نار تلتهب ،ضجيج، ركض ،وجري ،صراخ متلاحق ...رمى بالحزام الناسف أرضا وفر هاربا بوجه هلوع ...
مالكة عسال
بتاريخ 29/07/2016







الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟
- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مالكة بنت حجاج عسال - في فمي تدي من نار