أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - زكرياء بغور - ثنائية ماركس و برودون: أفق جديد لفهم أزمة اليسار














المزيد.....

ثنائية ماركس و برودون: أفق جديد لفهم أزمة اليسار


زكرياء بغور

الحوار المتمدن-العدد: 5245 - 2016 / 8 / 5 - 22:17
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


لقد تتبعت عن كثب و لفترة طويلة الصراع المحتدم الذي كان دائرا بين ماركس و جوزيف برودون خصوصا من خلال ثنائية فلسفة البؤس و بؤس الفلسفة و آثاره الكبيرة على التيار الإشتراكي آن ذاك و بعده، و السبب الرئيسي الذي دفعني للتطرق إلى صراع ماركس و برودن في هذا المقال هو اعتقادي التام بفكرة كان قد طرحها جوناس هيلمر في إحدى مقالاته سنة 2000 و التي تقول بأن:
1 – سيعتمد مستقبل اليسار على رغبته لإطلاق ثقافة متسامحة للنقاش داخل اليسار و داخل المجتمع ككل، أي تفادي الھجمات الھائجة مثل ھجوم ماركس على برودون ، و عوضا عن ذلك تفحص مقولات بقية
المجموعات ، الحركات و الأفراد .
2 – و فقط في جو من مثل ھذا النقاش، تكون الموافقة على الوسائل و الأساليب المختلفة على الطريق نحو مجتمع بديل ممكنة . الانتقال إلى مجتمع بعد رأسمالي – في طريقه منذ عام 1968 – لا يمكن إنجازه من خلال الوسائل البرجوازية لحزب ما أو لجنة مركزية ما بل من خلال إستراتيجية متعددة الأبعاد لتحويل "حركات أعداء النظام" ( إيمانوييل فالشتراين ).
يبدو أن كارل ماركس لم يكتب بؤس الفلسفة ليحارب جوزيف برودون و يهزمه أو ليعتلي قمة الحركة العمالية العالمية كما هو الإعتقاد السائد بين أوساط الإشتراكيين آن ذاك. الدليل على ذلك أن كارل ماركس لم يتطرق لتفاصيل كتاب برودون بل اكتفى بشرح أفكاره في سياقها العام.
ينطلق جوزيف برودون من عملية وصف و شرح تصنيع بلاده فرنسا حيث أنه يخضع الحقائق لسلسلة مما يعرف بالتناقضات ( تناقضات غير قابلة للحل ) ، المرتبطة مع بعضها لكنها مع ذلك المدمرة لذواتها، و تتأسس هذه التناقضات على مجموعة من المقولات الإقتصادية الأساسية كتقسيم العمل و الآلة ، المنافسة و الاحتكار ، من بيين أشياء أخرى – و آلييات تطورھا التي ستلغي كل دخل لا يأتي من العمل – الفائدة ، الربح ، الإيجار – و التي ستعطي وسائل الإنتاج إلى الطبقة العاملة ، منتجة تبادلا عادلا لمنتجات منتج واحد أو منتجين متعاونين. شكلت هذه السيرورة عند برودون قانونا طبيعيا.
كارل ماركس، من جهته، افترض مسارا تاريخيا رآه عبارة عن قانون طبيعي و مفاده أن الطبقة العاملة يجب أن تأسس مجتمعا لا طبقيا و من ثم تمر لتستولي على السلطة السياسية و هو ما جاء في البيان الشيوعي. رغم أن ماركس كان اقتصاديا لا يشق له غبار، فإن القارئ المتمعن لبؤس الفلسفة سيلاحظ أن التحليل الماركسي للإقتصاد السياسي كان لا يزال سطحيا لكن اللافت للنظر في نهاية الكتاب هو الفكرة اللامعة التي سلم بها ماركس حيث اعتبر أن البنية الاقتصاديية للرأسمالية تنتج نزاعا طبقيا غير قابل للتسوية بين الطبقة العاملة و البرجوازية بحيث أنه على الطبقة العاملة أن تحله بقيادة الصراع الطبقي ضد البرجوازية ، حتى يتم تأسيس المجتمع غير الطبقي، و من هنا بدأ يتبلور مشروع ماركس الإقتصادي للبحث.
في نفس الوقت انطلق ماركس في هجومه على برودون و كان السبب الأول لھذا أن ماركس حاول أن يغطي التأثيير الذي مارسه برودون عليه، رغم أنه كان ما يزال يطري برودون كمنظر للطبقة العاملة. إلى ھذا الوقت كان برودون قد تعامل مع مشكلة القيمة الزائدة، من بين أشياء أخرى. لقد أوضح أن الاستيلاء غير المدفوع على "القوى الجماعية" للعمال المأجورين هو واحد من مصادر القيمة الزائدة . علاوة على ذلك فقد سمح نقد برودون الشامل للملكية الخاصة لماركس بتجاوز فلسفة فيورباخ وأن ييكتشف البنية الاقتصادية للرأسمالية ، كأساس فعلي للمجتمع. في عامي 1847 – 1846 كان برودون بالإضافة إلى ماركس ، الذي كان تحليله للرأسمالية ما يزال سطحيا، يدعم نظرية العمل للقيمة لدفيد ريكاردو: أن قيمة المنتج تتحدد بوقت العمل الضروري لإنتاج ھذا المنتج.
في بؤس الفلسفة لم يقم ماركس باقتباس أفكار برودون فقط بل تجاوز ذلك إلى تحويرها و التلاعب بها لكي يسهل عليه نقدها بالشكل الذي يراه مناسبا له و ليظهر أن أفكار برودون عبارة عن تناقضات خصوصا في مفهوم القيمة مما كان قد مكن ماركس من طرح برنامجه السياسي على أنه البرنامج المطلق.
الملاحظة الهامة في هذا الصراع هو أن كلا من ماركس و برودون هدفا إلى تحقيق مجتمع لا طبقي لكن الطرق اختلفت، فماركس بتحليله التاريخي النقدي بشر بالثورة البروليتارية المناضلة أما برودون فقد تأسس مشروعه على تأسيس جمعية تقدمية توحد المنتجين و جزء من البرجوازيين حيث اعتقد أن هذه الجمعية ستلغي الربح و ستدفع الشركات الرأسماليية للتوقف عن العمل من خلال بيع المنتجات بسعر التكلفة.
لقد كانت هذه هي لحظة الإنشقاق بين ماركس و برودون. الأول اعتمد صيغة دولتية ديكتاتورية تلعب فيها النخبة – الطليعة الدور المركزي في تسيير الدولة أثناء المرحلة الانتقالية نحو إلغاء الطبقات و الدولة كما شاهدنا في المثال الستاليني و الثاني اعتقد بصيغة تشاركية تقوم على تولي المنتجين أنفسهم من خلال مؤسسات قاعدية ديمقراطية تنظم التسير الذاتي للعمال و للمنتجين تلغي الانقسام الطبقي الانقسام بين حكام و محكومين.
انشطر التوجه الإشتراكي في منعطف حاسم تطلب نوعا من مقاربة الرؤى لمواجهة المد الرأسمالي و هو ما كانت له عواقب واضحة على مسار النضال اليساري. الشاهد هنا هو أن اليسار المعاصر يتخبط في نفس المشاكل اليوم. تتعدد التوجهات و تتعارض حتى لتفرق شمل اليسار و هذا هو تفسيرنا لأزمة اليسار المعاصر.



#زكرياء_بغور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديفيد ريكاردو تحت المجهر: في نقد الإقتصاد السياسي
- نمط الإنتاج الرأسمالي: نهاية الهيمنة الأمريكية
- في نقد الفكر الليبرالي الحديث
- نحو أممية معاصرة
- جوزيف برودون و نظرية القيمة: في نقد اﻹ-;-شتراكية المث ...
- شركات التنظيم الأفقي و ارتفاع الميل الحدي للإستهلاك


المزيد.....




- العراق يؤكد رفضه وجود حزب العمال الكردستاني على أراضيه
- ماذا يعني إعلان حزب العمال الكردستاني الانسحاب من منطقة زاب؟ ...
- قرار مجلس الأمن الدولي حول الصحراء الغربية، الإمبريالية تُجم ...
- إلغاء الديون العمومية: الطريق للتحرر من الإمبريالية وتحقيق ا ...
- الصين وإسرائيل، الشكل و المضمون
- كوهي سايتو: ”  يجب علينا ابتكار أنماط حياة قابلة للتعميم“ (م ...
- German Works Council in 2026: 6 Strategies Against The Far-R ...
- The Ultimate Goal of Jewish Settler Violence in the West Ban ...
- When Scandal Meets Structure: The Interlock of Epstein and E ...
- America’s Peril: The Rot of Anti-Intellectualism and Demagog ...


المزيد.....

- الأسس المادية للحكم الذاتي بسوس جنوب المغرب / امال الحسين
- كراسات شيوعية(نظرية -النفايات المنظمة- نيقولاي إيڤانو& ... / عبدالرؤوف بطيخ
- قضية الصحراء الغربية بين تقرير المصير والحكم الذاتي / امال الحسين
- كراسات شيوعية(الفرد والنظرة الماركسية للتاريخ) بقلم آدم بوث2 ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (العالم إنقلب رأسًا على عقب – النظام في أزمة)ق ... / عبدالرؤوف بطيخ
- الرؤية الرأسمالية للذكاء الاصطناعي: الربح، السلطة، والسيطرة / رزكار عقراوي
- كتاب الإقتصاد السياسي الماويّ / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(النمو السلبي: مبدأ يزعم أنه يحرك المجتمع إلى ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (من مايوت إلى كاليدونيا الجديدة، الإمبريالية ا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كراسات شيوعية (المغرب العربي: الشعوب هى من تواجه الإمبريالية ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - زكرياء بغور - ثنائية ماركس و برودون: أفق جديد لفهم أزمة اليسار