أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم العطري - أين الجثة ؟














المزيد.....

أين الجثة ؟


عبد الرحيم العطري

الحوار المتمدن-العدد: 1403 - 2005 / 12 / 18 - 10:40
المحور: الادب والفن
    


كثيرا ما أرقني سؤال الصداقة في الأيام الأخيرة ، كثيرا ما لاح أمامي السؤال ذاته عميقا و حارقا جدا ، لم أجدني فيما مضى أقلب التفكير في الصداقة كمعنى محتمل للأخر و الأنا ، لم أتعب نفسي قط بالبحث عن معناه أو لا معناه ، ربما لأنني مثقل بالأصدقاء ، أو ربما لأنني لا أحوز صديقا واحدا بالمرة ، أحيانا نكتشف أننا غارقون في البلاهة و التفاهة ، عندما نتيه في هذا الزمن الصعب بلا معنى الأشياء .
لكن دوام الحال من المحال ، كل شيء يتغير و ينمسخ أيضا ، و لا عجب إنه زمن المسخ و الانهيار الفادح ، عندما يلذغنا الوقت ، يستيقظ فينا السؤال الغائب ، تماما كما الألم الكريه ، يستمر الوخز في الأعماق ، يدفعنا الألم نحو تعنيف السؤال و التحرر و لو بشكل مؤقت من مقارباتنا الكسولة ، بحثا عن معنى الصداقة ...
في أحلك اللحظات يلوح البدر ، و في قيعان الألم و الأزمة تنجلي الحقائق ، و تنكشف الأشياء ، فالمعنى لا يوجد إلا خلف الظاهر ، و لا يصير الوصول إليه ممكنا إلا برفقة العذاب و التشظي ...
عن الصداقة يقولون هناك في الضفة الأخرى ، هناك بالضبط في مدينة الأنوار بأن الصديق حقا هو من تأتيه في وقت متأخر من الليل ، و تقول له و أنت ترتجف خوفا و ربما ندما بأنك قتلت ، فيقول لك مباشرة و من غير تردد أو أدنى ارتياب في أمرك أين الجثة ؟ ، حتى يساعدك على التخلص منها ، و بعدها يمكن أن يمطرك بعبارات اللوم و التأنيب ، ذلكم هو الصديق الذي لا يخذلك في عز الضياع ، ذلكم هو الصديق الحقيقي الذي لا يوصد الباب في وجهك و ينضم إلى جوقة المتهمين و المطالبين برأسك و لو كنت مظلوما ....
هنا و الآن ، في ظل زمن متعفن ، تتأسس فيه العلاقات على النفعية و المصلحية كم من صديق يمكن أن يقول لك أين الجثة ؟ من الأفضل ألا يتعب المرء نفسه بالبحث عن جواب لهكذا سؤال ، ربما لن يجد واحدا بالمرة يسأله ذات السؤال ، و بالمقابل سيجد كل الأصدقاء حوله يلعبون دور الجلاد دونما إعمال لأدنى تفكير في إمكان البراءة مما نسب إلى المرء ، كلهم سوف يديرون ظهورهم عنه و يتركونه وحيدا في العراء ، بعد أن كانوا حتى عهد قريب يتملقون إليه و يتنافسون فيما بينهم من أجل كسب وده و عطفه ، فبمجرد وقوع غير المتوقع يتفرق من حوله الأصدقاء و يلتحقون على التو بطابور الأعداء و الجلادين ....
وفقا لهذا الفهم الأنواري للصداقة حاولت في زمن غير بعيد أن أكتشف عدد الأصدقاء من حولي ، و الذين بمقدورهم أن يسألوا عن الجثة ، الغريب في الأمر أنهم لم يطرحوا ذات السؤال ، بل طرحوا أسئلة بلهاء من قبيل: كم أسأت لنا ؟ ألم تبلغ الشرطة ؟ ما كان عليك أن تفعل هذا الجرم الشنيع ؟ ...لهذا أحذر دوما من طرح سؤال الجثة ، و من سؤال الصداقة ، و من معناه القصي ، فمن الأفضل ألا أبحث عنه هنا و الآن حتى لا أنصدم أكثر ، و أعي جيدا أنني وحيد وسط الصقيع .. حقا أهاب الوحدة و الفقدان ، لهذا أمنه نفسي مؤقتا من طرح سؤال الصداقة .....



#عبد_الرحيم_العطري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوم . إيكار
- تكريما لروح بول باسكون
- في لقاء حميمي مع المبدع المسرحي العراقي جواد الأسدي
- حوار مع القاص المصري محمد عطية محمود
- التلقيح السوسيو سياسي بالمغرب :عقاقير سياسية لتسكين التوتر ا ...
- سؤال الدعارة الرخيصة..تراجيديا الأجساد المتهدلة!
- سكن هامشي أم سكان مهمشون؟
- هل تصير الأسرة بسبب التوقيت المستمرمجرد مؤسسة بيولوجية للإنج ...
- السوسيولوجيا معرفة تعيش حالة الاستثناء
- من يضع الملح فوق جراح البيضاء؟
- صيف حار بالرباط: تعديل حكومي في الأفق .. لا تعديل في الأفق
- ما بعد 16 ماي: الكتابة بالإبر فوق العيون: هل سيتوقف البحث عن ...
- أحداث 16 ماي من زاوية أخرى : حصاد الهشيم أو صناعة الكاميكاز
- الباحث الاجتماعي عبد الرحيم العطري في حديث للأحداث المغربية: ...
- النخبة المثقفة بالمغرب : من سنوات الجمر إلى التدجين و التبخي ...
- حوار مع الوزير المغربي الأسبق في التعليم العالي الدكتور نجيب ...
- حوارمع كاتب الدولة الأسبق في الرعاية الاجتماعية والأسرة والط ...
- سوسيولوجيا الشباب : من الانتفاضة إلى سؤال العلائق
- حوارمع كاتب الدولة الأسبق في التضامن و العمل الإنساني الأستا ...
- العلاقات المغربية الجزائرية : من يجني ثمار تعكير الأجواء ؟


المزيد.....




- “العلمية والأدبية”.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الثانوية العام ...
- تنسيق كلية الهندسة 2025 لخريجي الدبلومات الفنية “توقعات”
- المجتمع المدني بغزة يفنّد تصريح الممثل الأوروبي عن المعابر و ...
- دنيا سمير غانم تعود من جديد في فيلم روكي الغلابة بجميع ادوار ...
- تنسيق الجامعات لطلاب الدبلومات الفنية في جميع التخصصات 2025 ...
- -خماسية النهر-.. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
- لهذا السبب ..استخبارات الاحتلال تجبر قواتها على تعلم اللغة ا ...
- حي باب سريجة الدمشقي.. مصابيح الذاكرة وسروج الجراح المفتوحة ...
- التشكيلية ريم طه محمد تعرض -ذكرياتها- مرة أخرى
- “رابط رسمي” نتيجة الدبلومات الفنية جميع التخصصات برقم الجلوس ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرحيم العطري - أين الجثة ؟