أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغاني عارف - الكتابة وملكية البياض














المزيد.....

الكتابة وملكية البياض


عبد الغاني عارف

الحوار المتمدن-العدد: 1403 - 2005 / 12 / 18 - 10:08
المحور: الادب والفن
    


ترى أيهما يسبق الآخر إلى عين القارئ وذاكرته: بياض الصفحة، أم الحرف الممدد بجغرافيته على طول- عرض البياض؟..
هل يتم التفكير فعلا في سؤال من هذا النوع ؟ ، أي في الطريقة التي تلتقط بها العين / الذاكرة الحرف باعتباره جسدا عبر الصفحة باعتبارها خريطة؟ ... ، ثم هل هناك إمكانية لضبط هذه المسافة الواصلة / الفاصلة بين لحظة الرؤية ولحظة الإدراك .. ؟ ، وفي حالة ورودها ما الميكانيزمات المتحكمة فيها والضابطة لها ..؟
إنها تساؤلات تأخذ موقعها بين عمليتي الكتابة باعتبارها إبداعا ، والقراءة باعتبارها إعادة إنتاج ، بشكل ما ، لذلك الإبداع، كما تعطي الشرعية المطلقة لطرح سؤال أكثر شمولية، ولكن أكثر دقة أيضا، وهو: ما طبيعة العلاقة التي تتوالد لحظة القراءة بين القارئ ( المستهلك ) والمبدع ( المنتج ) ؟.. .. كيف مثلا نتعاطف مع هذا النص ( والطبع مع صاحبه )، بينما نص آخر يثير " غضبنا " أو في أحسن الحالات شفقتنا ؟.. هل هناك قانون مسبق ينظم هذه " اللعبة " العلنية والسرية في نفس الآن ، نقصد لعبة اتخاذ هذا الموقف أو ذاك من نص تشتغل حروفه على مساحة بياض ما ؟.. أيهما يحاسب ، حينما يكون موقفنا – على سبيل المثال – سلبيا : الحرف الذي فض بالمداد بكارة البياض؟ ... أم البياض الذي "استقبل " – ربما خلسة – معنى ، بل معاني محملة على هودج الحروف ؟ ‼ .. وقريبا من هذا نتساءل : ما موقع الكاتب من هذه المحاسبة ؟
نطرح التساؤل بهذه الصيغة التركيبية ، اعتبارا لتصور نقدمه على شكل فرضية، وهو أن البياض ملك مشاع للجميع، لا للكاتب وحده، وبالتالي فالكاتب – أي كاتب - مطالب بأن يتأنى ويفكر مليا قبل الإقدام على " تشغيل " أدواته / حروفه في هذه الملكية الجماعية، حتى لا يجد نفسه مجابها باحتجاج القراء :
" قف... وانسحب من بياضنا ... لقد أسأت استغلاله ‼."
والكاتب في هذه الحالة ، إما أن تسعفه شجاعته فيقر بهزيمته أمام البياض ويسحب حروفه عنه مفكرا ومخططا في/ لإمكانات أخرى للتوظيف، وإما أنه يحتمي ببرجه العاجي ويتمسك بقلاع نرجسيته الإبداعية ، ضدا على أذواق و"متطلبات" القراء ، أي ضدا على حقهم في بياضهم، فيكون بذلك قاسيا على نفسه ، كما على القراء.
تأسيسا على هذا، يحق لنا الجزم بأنه لا يكفي أن يلقي الأديب شبكة حروفه (نقصد نصه) على مسافة ممتدة قصد تصيد بياضها المغري، لكي يسمى فعلا أديبا حقيقيا. إن العلاقة تشوه، بل وتفقد جديتها ودلالتها، حين تختزل في ثنائية كاتب / بياض. إن للعلاقة وجها آخر، إذ يتطلب الأمر استحضار شخصية المالك الأصلي للبياض الذي هو القارئ، بين لحظتين اثنتين : لحظة تململ وتشكل الفكرة في ذهن الكاتب، ولحظة التعبير عنها، أي تحويلها من صورتها الذهنية الهلامية إلى صورة مادية تتجسد في زفاف مدادي يتم بين الحرف والبياض. والمقصود هنا باستحضار شخصية القارئ، هو أن يوجه الكاتب، أثناء ممارسته لعملية الكتابة، اهتمامه لطبيعة الهموم التي تشغل القراء، وعبرهم تشغل المرحلة التاريخية التي ينتمون إليها. لقد مضى زمن الوهم البرناسي على مستوى الإبداع. إن الكتابة ليست آلهة تذبح لها القرابين، أي ليست مقصودة في ذاتها، بل هي مجرد أداة للمساهمة في صنع التاريخ والتعبير الصادق والواعي عن قضايا الإنسان وعصره. وحين تتخلى الكتابة – أي كتابة – عن هذه الوظيفة وتنحرف عنها ، فإنها تفقد هويتها من حيث هي كتابة، وبفقدانها لهويتها تفقد أيضا تاريخيتها، وبذلك تكون مرشحة للسقوط في عفن اللغو، وهو ما يرفضه، بلا شك، بياض قراء يحملون هم البحث عن حقهم المشروع في إنسانيتهم، بدءا من كاريكاتور مصادر بتهمة تحويل الريشة إلى إزميل تعرية وأغنية أمل ، حتى مشارف كتابات مهربة من الأسواق، ذنبها الوحيد العالق بذنبها أنها تتحدث لغة جديدة هي : لغة الإنسان ...
ومع ذلك، فكل بياض له إغراؤه..
ولكن ... وحده بياضنا له زمنه وغده ..



#عبد_الغاني_عارف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم العربي ومأزق الهزيمة
- جدلية الأرض والشهادة
- الكتابة : نداء الألم والفرح
- طقوس المداد الآتي
- الدول النامية وآثار الدين الخارجي- برنامج التقويم الهيكلي - ...
- البحث عن النصف الآخر للحقيقة - قراءة في رواية- إعدام ميت - - ...
- بنية القلق والموث في رواية - غرف الموت - للروائي حميد المصبا ...
- التربية على حقوق الإنسان وإشكالية المرجعية
- قصائد تبحث عن هوية - شعر
- عبير الذكرى - شعر
- الكتابة السجنية – قراءة في رواية - ملح وإبزار- للكاتب عزيز ا ...
- الشهيد عمر بنجلون : سيرة الذات والوطن


المزيد.....




- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب
- الفيلم الفلسطيني -الحياة حلوة- في مهرجان -هوت دوكس 31- بكندا ...
- البيت الأبيض يدين -بشدة- حكم إعدام مغني الراب الإيراني توماج ...
- شاهد.. فلسطين تهزم الرواية الإسرائيلية في الجامعات الأميركية ...
- -الكتب في حياتي-.. سيرة ذاتية لرجل الكتب كولن ويلسون
- عرض فيلم -السرب- بعد سنوات من التأجيل
- السجن 20 عاما لنجم عالمي استغل الأطفال في مواد إباحية (فيديو ...
- “مواصفات الورقة الإمتحانية وكامل التفاصيل” جدول امتحانات الث ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغاني عارف - الكتابة وملكية البياض