آسيا رحاحليه
الحوار المتمدن-العدد: 5210 - 2016 / 7 / 1 - 09:26
المحور:
الادب والفن
طبق الموت ..
سعيدٌ في هذا المساء كما لم يكن أبدا ..
سعيدٌ مثل طفل فقير عثر على حبّة حلوى في جيب قميصه الرث ..
يقلّب مذكور قطع " الفطر " في المقلاة ، و هو يدندن بأغنية .
يطعم بيديه ابنته الوحيدة ملاك..
" كلي ، كلي حبيبتي
منذ زمن لم تتذوّقي طعم الشواء ..كلي هذه القطعة أيضا ..
أترين كم هي لذيذة و طرية و شهية ؟
لا تهتمي لوالدتك ..لا ترغب بالأكل ..
تقول إن الطعم غريب .. لنأكل و نتلذّذ أنت و أنا إذا . "
ممدّد بين الموت و الحياة ..معلّق إلى الوجود بخيط بلاستيكي رفيع موصول بكيس " السيروم"
جبينه يتفصّد عرقا ،جسده متخشّب ، وجهه شاحب مخضّر، بلا تعبير ..
يفيق لوهلة ثم يسافر في الغيبوبة من جديد ..
أعضاؤه تنازع ، دماغه يصارع
السمّ يسري مفعوله بسرعة ..
يتوزّع في شرايينه كما يتوزّع الماء في جذور نبتة في الصحراء .
= = = =
" لذيذ يا أبي .. هل هذا لحم ؟ "
" نعم ..لحم تنبته لنا الأرض ، تطعمنا إياه مجانا ..
كُلي نكاية في الفقر و في الأغنياء الذين يطعمون كلابهم اللحم المعلّب ..
كلي يا حبيبتي ملاك ، امضغي جيّدا ..
أريدك أن تكبري سريعا ..يا ملاكي ..
أن تصبحي طبيبة ..
سأفخر بك وسط أصحابي و أهل مدينتي ..
وقتها لن أستمر في بيع السمك ..و بيع الشاي للمارين على الرصيف..
و لن أشحذ الدراهم لكي أشتري لك علبة ياغوورت أو لوح شكولاتة ..
يومها يا حبيبتي سأرتدي بذلة جديدة و حذاءً جديدا ، وقد أشتري ربطة عنق أيضا
و سيصبح اسمي سي مذكور.. والد الدكتورة ملاك .."
= = = =
حول سريره الأصحاب مجتمعون ، يحبسون الدمع ، يذرفون الحزن ، يتهامسون ..
" هس " يقول صديق ..لا تذكروا أمامه ملاك ..
سيجن لو يعلم برحيلها ..
حول ملاك تطوف الملائك ..و تصعد بها ..تصعد بها عاليا في السماء .
مذكور يجري خلفها.. يلحق بها .. يمسكها من يدها الصغيرة ..
انتظري حبيبتي ملاك ..
هل نسيت وعدي لك بأن نعيش معا أو نموت معا ؟
لن أتركك .
أنا آت معك .
#آسيا_رحاحليه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟